خلال الأشهر القليلة الماضية تصاعدت حملة الشائعات التي تطلقها جماعة الإخوان الإرهابية، بهدف زعزعة استقرار الدولة المصرية وإثارة البلبلة في الشارع، وتأتي هذه الشائعات كجزء من استراتيجيات الجماعة المستمرة لمحاولة التأثير على الرأي العام المصري، بعد أن باتت وسائل المواجهة التقليدية للجماعة أقلّ تأثيراً، في ظل الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية لمحاربة أنشطة الجماعات الإرهابية، وبينما تروج جماعة الإخوان لأخبار مغلوطة وأكاذيب تهدف لإثارة مشاعر القلق والسخط، جاءت ردود فعل الدولة المصرية مدعومة بتصريحات رسمية لإيضاح الحقائق للمواطنين، إضافة إلى جهود إعلامية لرفع الوعي بأهداف تلك الشائعات.
الشائعات الأخيرة التي استهدفت مصر
ركزت جماعة الإخوان في شائعاتها على القضايا الاقتصادية والسياسية، وروّجت لأخبار عن "تدهور الأوضاع الاقتصادية" في مصر بشكل مبالغ فيه، واختلقت شائعات عن انهيار المؤسسات الاقتصادية وهروب الاستثمارات الأجنبية. شائعة أخرى طالت مصر مؤخراً تتعلق بزيادة أسعار المواد الأساسية ونقص السلع، ممّا سبب بعض المخاوف في أوساط المواطنين، وارتكزت الجماعة في هذا النوع من الأخبار على بثّ معلومات غير دقيقة عن الأزمات الاقتصادية العالمية وإسقاطها بشكل مبالغ فيه على الحالة المصرية، ممّا يجعل المواطنين يشعرون بحدة الأزمة أكثر ممّا هي عليه، بحسب صحف محلية.
وطالت الشائعات أيضاً أموراً تتعلق بالنسيج الاجتماعي المصري، مثل ادعاءات بحدوث اضطرابات طائفية ومشكلات اجتماعية تتعلق بالتمييز، وقد سعت الجماعة إلى إثارة مشاعر الغضب والانقسام من خلال ترويج أخبار كاذبة عن انتهاكات لحقوق فئات معينة من المجتمع، واستغلت الجماعة في بعض الأحيان وسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق حملات شائعات موجهة تستهدف جذب تعاطف المتابعين، متخذة من قصص مزعومة لمواطنين عاديين ذريعة لإضفاء نوع من الواقعية الزائفة على الأخبار الكاذبة.
أسباب تكثيف الشائعات في الوقت الراهن
يرى خبراء ومحللون أنّ جماعة الإخوان كثّفت شائعاتها في هذا التوقيت لأسباب عدة؛ أبرزها محاولة استعادة حضورها في الشارع المصري في ظل تراجع التأثير التنظيمي لها. فالضغط على الدولة المصرية بمثل هذه الشائعات يتيح للجماعة فرصة لإثارة الرأي العام من ناحية، ومن ناحية أخرى تشويه صورة الدولة المصرية أمام المجتمع الدولي. ويشير الباحثون إلى أنّ الجماعة تعمل على استغلال أيّ توتر عالمي، مثل الأزمات الاقتصادية المتكررة، لتزيد من زخم حملاتها الدعائية.
هشام عبد العزيز، رئيس حزب (الإصلاح والنهضة): "الدولة المصرية نجحت خلال الأعوام الـ (10) الماضية في الانتقال من مرحلة "شبه الدولة" إلى مرحلة استعادة قوة المؤسسات الوطنية بفضل القيادة الواعية والتخطيط الاستراتيجي ثم الانطلاق نحو إحداث التنمية الشاملة."
ويرى الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي، أنّ جماعة الإخوان تسعى لاستغلال تزايد الضغوط الاقتصادية على الحكومة المصرية، مؤكداً أنّ مثل هذه الظروف تمثل فرصة سانحة للجماعة لزعزعة الاستقرار الداخلي وخلق حالة من القلق الشعبي. ويضيف العمدة أنّ الجماعة تعتمد أيضاً على ضعف المعلومة لدى فئات من الشعب المصري لتضخيم الأزمات، ممّا يزيد من حجم التأثير السلبي الذي تحاول الجماعة تحقيقه. من جانبه، يرى الباحث أحمد سلطان، المختص في الإسلام السياسي، أنّ تكثيف الشائعات في هذا التوقيت مرتبط بمحاولة الجماعة لكسب دعم داخلي وخارجي عبر استغلال مشاعر السخط التي تولدها مثل هذه الأخبار الزائفة.
رد مصر على الشائعات
اتخذت الدولة المصرية عدة خطوات لمواجهة حملة الشائعات، سواء عبر وسائل الإعلام الرسمية أو من خلال بيانات وتصريحات صادرة عن الأجهزة الحكومية، وقامت المؤسسات الرسمية بنشر حقائق وتوضيحات لتفنيد المعلومات المغلوطة التي تروجها الجماعة، وخاصة على المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تُستخدم كقنوات لبث الشائعات، علاوةً على ذلك، اتجهت الدولة إلى زيادة حملات التوعية من خلال وسائل الإعلام المحلية، حيث تم تخصيص برامج تلفزيونية وإذاعية لتوضيح مدى خطورة الشائعات على استقرار البلاد، وأكد مسؤولون مصريون أنّ الدولة ستتخذ إجراءات قانونية صارمة بحق من يروج لمثل هذه الأكاذيب، خاصةً إذا كانت تهدف لإثارة الفوضى وتقويض استقرار الوطن، وشددوا على أهمية تعزيز التعاون بين المواطنين والجهات الرسمية للوقوف في وجه هذه الحملات المغرضة.
كذلك أعربت عدة أحزاب وقوى سياسية عن ضرورة التصدي لحملات الشائعات التي تطلقها جماعة الإخوان بهدف نشر الفساد الفكري وتقويض الثقة بين الشعب والحكومة، ممّا يسعى لهدم الدولة المصرية وهويتها الوطنية. وقد أشاد رئيس حزب (الإصلاح والنهضة) هشام عبد العزيز بإنجازات الدولة خلال العقد الماضي، حيث تحولت مصر من مرحلة ضعف المؤسسات إلى قوة مدعومة بالاستراتيجيات الواعية، مما مكّنها من تحقيق تنمية شاملة وتجاوز تحديات اقتصادية وسياسية، وأكد أهمية تكاتف المجتمع للتصدي لحروب الجيل الرابع التي تستهدف زعزعة الاستقرار عبر نشر الأكاذيب.
وأوضحت جيهان مديح، رئيسة حزب (مصر أكتوبر) أنّ الجماعة الإرهابية تعمل بشكل منهجي على زعزعة الاستقرار من خلال استغلال الدين لبث الفرقة والتشكيك في مؤسسات الدولة، محذرة من أنّ الجماعة ما تزال تمثل تهديداً أمنياً لمصر، وأكدت على ضرورة بقاء الشعب متحداً مع قيادته لمواصلة مسيرة البناء والتنمية، رغم محاولات الجماعة تقويض الإنجازات.
ومن جانبه، شدد حزب (المستقلين الجدد) على أنّ مواجهة الشائعات خلال مرحلة بناء الدولة تُعدّ أصعب من مرحلة استعادتها، وقد عملت القيادة السياسية على إعادة هيبة الدولة في ظل تحديات إقليمية واضطرابات أثرت على دول الجوار. وأكد رئيس الحزب هشام عناني ونائبه حمدي بلاط أنّ مصر، رغم الأزمات، استطاعت استعادة دورها الإقليمي بفضل الثوابت الوطنية، ممّا يجعل التكاتف الوطني أمراً ضرورياً لدعم استقرار الوطن في مواجهة هذه التهديدات المتواصلة.
ويمكن القول إنّ الشائعات التي تروجها جماعة الإخوان تمثل تهديداً لأمن واستقرار المجتمع المصري، حيث تسعى الجماعة إلى استغلال الأزمات وتحريف الحقائق لخدمة أجنداتها، ومع أنّ الدولة المصرية تمكنت من احتواء هذه الحملات، فإنّ الحاجة تبقى ملحّة إلى تعزيز الوعي العام وتطوير وسائل التواصل بين الحكومة والمواطنين للوقوف أمام هذا النوع من التهديدات.