سياسيون لـ"حفريات": إسرائيل تشن حرباً على غزة وعلى فلسطينيي 48

سياسيون لـ"حفريات": إسرائيل تشن حرباً على غزة وعلى فلسطينيي 48

سياسيون لـ"حفريات": إسرائيل تشن حرباً على غزة وعلى فلسطينيي 48


12/11/2023

زادت الحرب في غزة من المخاطر التي تواجه المجتمع العربي في إسرائيل، في ظل وجود حكومة أقصى اليمين التي ينادي وزراء فيها بقصف غزة بقنبلة نووية، كما يوزع أحدهم السلاح على المستوطنين في الضفة الغربية، ويترأس واحدٌ من أشدهم تطرفاً وزارة الأمن القومي التي تتبعها الشرطة.

وقال سياسيون يعيشون في فلسطين المحتلة عام 1948 لـ"حفريات" بأنّ إسرائيل تشن، في الوقت نفسه، حرباً على غزة وعلى الفلسطينيين داخل ما يعرف بـ"الخط الأخضر". ولفتوا إلى أنّ صعود دور المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل خلال العقدين الأخيرين، بات يشكل هاجساً أمام المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة.

وجاء اعتقال قادة المجتمع العربي المشاركين في وقفة ضد الحرب في غزة، ليكشف عن إمعان إسرائيلي في استغلال حالة الحرب ضد المجتمع العربي، الذي لم يسلم يوماً من التمييز والترصد.

اعتقال القادة العرب

قامت الشرطة الإسرائيلية بفض الوقفة التي نظمتها لجنة المتابعة العربية في الداخل، واعتقلت عدداً من المشاركين، من بينهم رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة، ونائب الامين العام للتجمع يوسف طاطور، والنائب السابقة حنين زعبي.

يوضح القيادي في حزب الجبهة ورئيس بلدية الناصرة السابق، سهيل دياب، بأنّ لجنة المتابعة العليا كان لها موقف مسؤول منذ بداية الأحداث، ودعت دائماً لاحترام القانون والتصرف بمسؤولية والحفاظ على العلاقات بين المواطنين العرب واليهود وإنهاء الحرب.

إيهاب جبارين: حملة تنكيل ضد العرب في إسرائيل

وأبلغ لـ"حفريات" بأنّ اعتقال الشرطة أعضاء لجنة المتابعة هو خطأ كبير ومرفوض، ولا يخدم الدعوات للتهدئة، ويخدم النوايا المبيّتة لبن غفير واليمين المتطرف لجرّنا لصدام يرفضه غالبية المواطنين العرب واليهود. 

كما وصف بيان حزب التجمع ما حدث بأنّه استمرار من الشرطة في "سياستها العدائية ضد أي موقف أو تعبير عن موقف أخلاقي وإنساني ضد الحرب ومع وقفها." بعد يوم واحد، مساء الخميس الماضي، فضت الشرطة الإسرائيلية وقفة ثانية نظمها الحزب الشيوعي ونشطاء يساريون إسرائيليون ضد اعتقال قادة العمل السياسي العربي، وما وصفوه بالفاشية والترهيب الذي يطول المجتمع العربي في إسرائيل.

 

جاء اعتقال قادة المجتمع العربي المشاركين في وقفة ضد الحرب في غزة ليكشف عن إمعان إسرائيلي في استغلال حالة الحرب ضد المجتمع العربي

 

بدوره، يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية، إيهاب جبارين، بأنّ المجتمع العربي في الداخل في وضع عسير، سواء إذا خسرت إسرائيل الحرب أو فازت بها. ونوه لـ"حفريات" إلى أنّ هناك نقاشاً كثيراً داخل اليمين الإسرائيلي حول المجتمع العربي، لافتاً إلى أنّ اليمين المتطرف أنتهى دوره السياسي، لكن لن يكون ذلك دون تقديم شيء ينشغل به مثل الاستيطان وربما المجتمع العربي. يتخوف جبارين من حملة تنكيل ضد العرب في إسرائيل.

يضيف القيادي الجبهاوي، سهيل دياب، بأنّ تأثير الحرب متعدد على المجتمع العربي، بدايةً من زيادة الخناق على الفلسطينيين بالحد من حرية التعبير، وإمكانية شطب أحزاب سياسية تاريخية، وتنظيمات المجتمع المدني، والنيل من لجنة المتابعة العليا، وملاحقة رجال العلم والصحافة والاعلام. نوه دياب إلى أنّ هذه الملامح بدأت منذ اندلاع الحرب، فقد تم اعتقال أكثر من 400 ناشط سياسي واجتماعي بحجة تأييد الارهاب، ومنع المظاهرات المطالبة بإيقاف الحرب، إلى جانب ملاحقة الإعلاميين والمحللين والكتاب والمحاضرين العرب.

في السياق ذاته، أخبر مدير مركز الهيئة العربية للرابطة الطلابية، يوسف طه، موقع "سكاي نيوز عربية" بأنّ الجامعات الإسرائيلية أصبحت تلعب دور الحاكم والشرطي بدلاً من دورها كمؤسسة أكاديمية، وحوّلت الطلاب الإسرائيليين إلى مُخبرين لديها للإبلاغ عن زملائهم الفلسطينيين الذين يتشاركون معهم مقاعد الدراسة. وبحسبه تضرر أكثر من 150 طالباً عربياً وعدد من الأساتذة بسبب موقفهم من الحرب في غزة.

المخاطر السياسية

كانت مواقف الأحزاب السياسية العربية من الحرب في غزة مراعية للموقف الصعب الذي يوجد فيه العرب في الداخل، وتنوعت تلك المواقف. جاء موقف الحركة الإسلامية الجنوبية والقائمة العربية الموحدة، بقيادة النائب في الكنيست منصور عباس واضحاً في إدانة أحداث السابع من أكتوبر، بينما جاء موقف حزب الجبهة محمِلاً المسؤولية عن الهجوم على مستوطنات غلاف غزة لحكومة نتنياهو واليمين المتطرف، في حين التزم حزب التجمع الصمت ولم يُعلق على الأحداث، وإن نشط في مواقفه لمواجهة الملاحقات الأمنية للعرب في الداخل.

سهيل دياب: خطة لدى اليمين لاستهداف العرب سياسياً

يذهب القيادي في حزب الجبهة، سهيل دياب، إلى أنّ آثار العدوان الاسرائيلي على غزة ستطال كل المجتمع في إسرائيل، لكنّ الضرر الذي سيقع على المواطنين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، سيكون الأكبر والأشد خطراً، وصولاً إلى إمكانية محاولة تنفيذ نقل للفلسطينيين إلى الجانبين الأردني واللبناني، وتنفيذ الحلم الصهيوني القديم بتصحيح ما يرونه خطأ وقع عام 1948، بعدم تنفيذ تطهير عرقي شامل للفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب.

على المدى القريب يتخوف دياب من وجود خطة لدى اليمين لاستهداف العرب سياسياً، عبر تحويل صلاحيات محكمة العدل العليا بشأن الانتخابات إلى لجنة الانتخابات المركزية، ذات التركيبة السياسية المحضة، وخاصة بشأن إقرار القوائم الانتخابية للكنيست. 

 

السياسي في فلسطين 48 سهيل دياب لـ"حفريات": الحكومة الإسرائيلية تستغل حالة التجييش العنصرية المعادية للعرب بعد الحرب لتفكيك المجتمع الفلسطيني في الداخل

 

ويلفت السياسي العربي إلى أنّ إسرائيل شهدت في كل حملات الكنيست الانتخابية شطب قوائم عربية لأسباب سياسية في لجنة الانتخابات المركزية، مثل قوائم الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وحزب التجمع الوطني وغيره، مضيفاً أنّ استقلالية محكمة العدل العليا كانت دوماً تعيد القوائم العربية إلى الانتخابات. وبحسبه "في حالة سنّ مثل هذا القانون، من الممكن أن نصل إلى برلمان إسرائيلي دون تمثيل قوائم عربية على الإطلاق".

الاستهداف الاقتصادي

عقب عملية "طوفان الأقصى"، قامت إسرائيل باعتقال العمال العرب في الداخل الوافدين من قطاع غزة، ثم أطلقت سراح جزء منهم ورحلتهم إلى القطاع، لكنّ تلك التبعات لم تقف على الفلسطينيين من القطاع، بل طالت العرب حملة الجنسية الإسرائيلية. وذكر القيادي الجبهاوي، سهيل دياب، أنّ هناك ملاحقات تطال العمال العرب في أماكن العمل اليهودية، وعمليات فصل تعسفي. يقول "باختصار، هم يعتبرون الفلسطينيين خطراً ديمغرافياً".

وبحسب دياب، فإنّ صعود دور المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل خلال العقدين الأخيرين، بات يشكل هاجساً أمام المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة. تابع بأنّ استهداف المجتمع المدني طال ست مؤسسات مدنية كبيرة، بزعم أنّها تحصل على تبرعات من مؤسسات عالمية تؤيد مقاطعة إسرائيل الاقتصادية.

ويذهب دياب إلى أنّ الحكومة الإسرائيلية تستغل حالة التجييش العنصرية المعادية للعرب بعد الحرب، لتفكيك المجتمع الفلسطيني في الداخل، ومحاولة إما؛ تدجينه لصالح المؤسسة الحاكمة، أو نشر الاجرام المنظم داخله، وإذا تعذر كلاهما فالترحيل هو أحد السيناريوهات الجاهزة.

اعتقال ساسة عرب شاركوا في وقفة لجنة المتابعة

أما في الجانب الاقتصادي، فأشار السياسي سهيل دياب إلى أنّ المواطنين الفلسطينيين في الداخل هم الشريحة الأكثر فقراً في المجتمع الاسرائيلي، حيث يعيش 52% منهم تحت خطّ الفقر، بينما النسبة بين المواطنين اليهود هي 18%.

ونتيجة للحرب الجارية، تتكلف إسرائيل مئات ملايين الدولارات يومياً، والتي مست جميع شرائح المجتمع. وطرحت وزارة المالية خطة لتعويض المنشآت المتضررة من الحرب، لكن في ظل وجود الوزير المتطرف سموتريتش على رأس الوزارة، فمن المستبعد أنّ يصل تعويض إلى المواطنين العرب.

ويسلط السياسي سهيل دياب الضوء على التداعيات الاقتصادية على المواطنين العرب، ويوضح بأنّ غالبية المواطنين العرب يعملون في القطاعات الأشد تأثراً بالحرب، مثل البناء والسياحة والفندقة والمطاعم. ومع وجود مناخ عام معادي للعرب فإنّ فرص حصول المواطنين العرب على وظائف باتت عسيرة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية