سنغافورة تجيز استهلاك اللحوم الصناعية.. ماذا تعرف عن اللحوم المُستنبتة في المختبر؟

سنغافورة تجيز استهلاك اللحوم الصناعية.. ماذا تعرف عن اللحوم المُستنبتة في المختبر؟


22/12/2020

في سابقة هي الأولى من نوعها، أجازت وكالة الأمن الغذائي في سنغافورة، مؤخراً، استهلاك وبيع لحم دجاج صناعي أُنتِجَ مخبرياً من خلايا حيوانية، الأمر الذي أُعتبر محطة تاريخية لمصنّعيه الذين يأملون تخفيف أثر استهلاك اللحوم على بيئة العالم.

وتقول شركة "Eat Just" التي حصلت على تصريح استنبات اللحوم في سنغافورة، إنّه تمت الموافقة على بيع لحومها، وهذه الأخبار تُمثّل "طفرة في صناعة الأغذية العالمية".

ظهرت فكرة استنبات اللحوم لأول مرة عام 2013، حيث اقترحها العالم مارك بوست، بهدف الحصول على اللحم دون إيذاء الحيوان أو الإضرار بالبيئة
 

وقال "جوش تيتريك"، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة: "أنا متأكد من أنّ موافقتنا التنظيمية على اللحوم المزروعة في المختبر ستكون الأولى من بين العديد من الموافقات في سنغافورة وفي دول حول العالم"، وفق ما أورد موقع "سكاي نيوز".

 ما الذي نعرفه عن هذه اللحوم؟ 

ظهرت فكرة استنبات اللحوم لأول مرة في مؤتمر عام في لندن عام 2013، حيث اقترحها العالم مارك بوست، بهدف الحصول على اللحم دون إيذاء الحيوان أو الإضرار بالبيئة، عبر تخفيف الضغط  على مزارع الأبقار والماشية، وكذلك في إطار الجهود المبذولة لمكافحة الفقر وحل أزمة الغذاء العالمية، نظراً لقلة المراعي الطبيعية التي لا تتناسب مع الزيادة الكبيرة في عدد سكان الكرة الأرضية، الذين من المنتظر أن يرتفع عددهم إلى نحو 8.9 مليارات نسمة، بحلول عام 2050.

 لحم دجاج صناعي أُنتِجَ مخبرياً من خلايا حيوانية

وشهد العام نفسه، إنتاج أول لحم صناعي من قبل فريق من العلماء الهولنديين عام 2013، وكان إنتاج لحم برغر في المختبر بتكلفة إجمالية بلغت 330 ألف دولار.

كيف يُصنَّع هذا اللحم؟

تتم صناعة "اللحم المخبري" أو "اللحم المُستنبت"، عبر أخذ بعض الخلايا الجذعية، المسؤولة عن تكّون العضلات، والتي تنشط غالباً بعد حدوث إصابات لتُجدد الخلايا التي لحقها ضرر، ويتم وضع هذه الخلايا في وسطٍ مُغذٍّ غنيٍّ بالأكسجين، بغية تحفيز التكاثر عن طريق محاكاة طريقة عمل الأوعية الدموية.

ومن الممكن نظرياً زراعة كميات هائلة من اللحم في المعمل من خليةٍ جذعيةٍ واحدة، وهذا أشبه بحصادِ ملايين البذور من ثمرة نبات نَمَت من بذرةٍ واحدة.

تستهلك اللحوم المزروعة في المختبر نصف الطاقة التي تحتاجها اللحوم العادية، وتنتج ربع كمية الغازات الدفيئة
 

وتمثل ظروف المختبرات عاملاً مهماً في إثبات مزايا اللحوم المزروعة في المختبر، مقارنة مع البروتينات الحيوانية التقليدية؛ إذ تزرع اللحوم في بيئة معقمة، فضلاً عن أنّ هذه الظروف لا تسمح بنمو البكتيريا الخطيرة مثل السالمونيلا أو الإشريكية القولونية، فيبقى المنتج آمناً من التلوث بها.

لماذا اللحوم المُستنبتة؟

تشير الدراسات إلى أنّ الحصول على قطعة "برغر" وزنها حوالي 100غرام عبر الطرق التقليدية يتطلب حوالي 700 غرام من الحبوب لتغذية الماشية، و52 غالون من المياه للشرب وري محاصيل الأعلاف، و74 قدماً مربعاً من الأراضي للرعي والنمو، و10 وحدات حرارية من الوقود الأحفوري لإنتاج الأعلاف ونقلها، وهو ما لا تحتاجه عملية استنبات اللحوم.

لا تستهلك اللحوم المرزوعة في المختبر الأراضي الصالحة للزراعة، وتُقلِّل من الماء المستخدم لتربية المواشي وزراعة الأعلاف

وتحتاج اللحوم التي يتم زرعها في المختبر إلى نصف الطاقة التي تحتاجها اللحوم العادية، وتنتج ربع كمية الغازات الدفيئة، ولا تستهلك مساحةً من الأراضي الصالحة للزراعة، وتُقلِّل إلى حدٍّ كبيرٍ من الماء المستخدم لتربية المواشي وزراعة الأعلاف.

كما وتسهم هذه التكنولوجيا الجديدة في مكافحة التغيّر المناخي الناجم عن ارتفاع درجة حرارة الجو نتيجة الغازات الدفيئة؛ إذ إنّ 14.5 بالمئة من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم تنتج عن تربية الماشية، التي تصدر غاز المیثان، كما أنّ تجهيز الأراضي لهذه المواشي وتسميدها لإنتاج العشب والطعام لها يصدر كميات كبيرة من الكربون.

يمكن أن يكون اللحم المزروع في المعامل أكثر صحةً لأنّه لا يحتاج إلى مضاداتٍ حيوية

ويمكن أن يكون اللحم المزروع في المعامل أكثر صحةً لأنّه لا يحتاج إلى مضاداتٍ حيوية، كما أنّه يتمتع بجانب آخر مفيد لصحة الإنسان، وهو إزالة أو تقليل الدهون المشبعة؛ إذ تستطيع الخلايا الجذعية صنع الأحماض الدهنية "أوميغا 3" التي لها فوائد صحية للإنسان، وفق ما أورد موقع "الباحثون المصريون".

وفي ضوء تطوير العلماء تقنية اللحوم المزروعة في المختبر سريعاً، سنرى هذا النوع من اللحوم إلى جانب الأنواع التقليدية في الأسواق خلال المستقبل القريب، للحفاظ على أسلوب أكثر استدامة لإنتاج اللحوم، بدلاً من الوسائل التقليدية للثروة الحيوانية وتأثيراتها على البيئة.

هل يختلف طعم اللحم المُستنبت عن طعم اللحم العادي؟

يختلف طعم اللحم المُصنع في المختبر عن طعم اللحم العادي، ذلك لأنّ الأخير يتكون من خليطٍ من الأنسجة، مثل العضلات والدهون التي تكسبه الطعمَ المميز والليونة التي يتمتع بها، أما اللحم المحضر في المختبر، فإنّه ينمو من أنسجةٍ عضلية، لذلك يختلف طعمه عن طعم اللحم العادي، وهو ما يُشكّل تحدياً أمام قبول المستهلكين لهذه اللحوم، وفق ما أورد موقع "المعرفة".

يختلف طعم اللحم المُصنّع في المختبر عن طعم اللحم العادي؛ لأنّ الأخير يتكون من خليطٍ من الأنسجة التي تُكسبه الطعمَ المميز والليونة التي يتمتع بها
 

وتُعدّ الدهون من العناصر الأساسية في تحديد نكهة اللحوم وملمسها وغيرها من الخصائص المرغوبة كالطراوة، فمن الضروري أن تحتفظ اللحوم المزروعة بالمحتوى الدهني، سيما الأحماض الدهنية "أوميغا 3" التي تُعدّ صحية أكثر من الدهون المشبعة، ولا بد من إيجاد توازن بينهما، لأنّ نسبة كبيرة من أحماض "أوميغا 3" تجعل طعم اللحم مشابهاً لطعم السمك.

هناك بعض الأبحاث التي استطاعت دمج العضلات مع الدهون

لكن هناك بعض الأبحاث التي استطاعت دمج العضلات مع الدهون؛ فقد استطاع العالم "موزدزياك "من جامعة ولاية كارولينا الشمالية وفريقه اكتشاف بعض الخلايا من لحم الديك الرومي يمكن أن تقترن لتُشكّل الدهون مع العضلات عند تعرّضها لظروفٍ معينة، ويمكن تعديل العملية لدمج العضلات والدهون وتكوين التناسق المطلوب، لتعطي شكل وطعم اللحم الطبيعي.

يشار إلى أنّ الطلب على البدائل اللحمية يزداد يوماً بعد يوم؛ إذ تتوقع بعض الدراسات ارتفاع الطلب على اللحوم بنسبة 70 بالمئة بحلول العام 2050، الأمر الذي يستدعي إيجاد بدائل لحمية أكثر استدامة.

وتعمل عشرات الشركات الناشئة على مشاريع لحم صناعي في العالم، لكن الإنتاج لا يزال قيد التجارب.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية