رغم محاولات التشويش.. البرلمان التونسي الجديد يواصل عمله

رغم محاولات التشويش.. البرلمان التونسي الجديد يواصل عمله

رغم محاولات التشويش.. البرلمان التونسي الجديد يواصل عمله


15/03/2023

على الرغم من صيحات الاستنكار الإخوانية، دشنت تونس يوم الاثنين 13 آذار (مارس) الجاري، برلماناً جديداً، بصلاحيات مختلفة، وبدون حركة النهضة الإخوانية، للمرة الأولي منذ ثورة كانون الأول (ديسمبر) 2010.

وعقد المجلس الجديد، الذي انتخب في دورتين في كانون الأول (ديسمبر) 2022، وكانون الثاني (يناير) 2023، جلسته الأولى في المقر التقليدي للمجلس التشريعي في باردو، إحدى ضواحي العاصمة تونس. وبث التلفزيون الرسمي وقائع الجلسة، ولم يُسمح إلا لوسائل الإعلام الرسمية بتغطية الجلسة. حيث قال مسؤولون للصحفيين، إنّ التلفزيون والراديو الحكوميين فقط هم من سوف يسمح لهم بتغطية الحدث.

دستور جديد بصلاحيات مغايرة

جدير بالذكر أنّه تم انتخاب البرلمان الجديد، بعد إقرار الدستور الجديد في استفتاء 25 تمّوز (يوليو) العام الماضي، وذلك بعد عام بالضبط من قيام الرئيس قيس سعيّد بتجميد الهيئة التشريعية السابقة، وإقالة الحكومة التونسية، قبل تولي سلطات واسعة النطاق؛ للمضي قدماً في إزالة تداعيات وتبعات فترة حكم حركة النهضة.

الدستور الجديد وضع عدة ضوابط للعلاقة بين السلطات، حيث وضع الدستور الجديد نهاية للنظام الذي يقوده البرلمان والذي تم وضعه في أعقاب سقوط نظام زين العابدين بن علي، في كانون الثاني (يناير) عام 2011. والذي مكن حركة النهضة، والحزام السياسي الانتهازي، المتحالف معها، من إدارة الدولة لأغراض وأجندات خاصّة، ما جعل البرلمان ساحة لتمدد الإخوان وهيمنتهم.

دشنت تونس يوم الإثنين 13 آذار (مارس) الجاري، برلماناً جديداً، بصلاحيات مختلفة، وبدون حركة النهضة الإخوانية

بموجب الدستور الجديد، يكاد يكون من المستحيل على البرلمان ممارسة نفس السياسات، ولا يمكن عزل الرئيس تحت أي ظرف من الظروف، بوصفه اختياراً جماعيا من الشعب، لا يعزله إلّا الشعب. وستكون هناك حاجة لعشرة مشرعين لاقتراح مشاريع قوانين، وستعطى الأولوية لتلك التي يطرحها الرئيس.

صعوبة تكوين الكتل الحزبية

يضم المجلس الجديد 161 عضواً، ولكن لم يتم شغل سوى 154 مقعدا حتى الآن - من بينهم 25 نائبة.

الرئيس سعيّد أكد قبيل افتتاح أعمال البرلمان الجديد، أنّ "البرلمان لن يكون كما كان في السابق". ولفت إلى أنّ "التشريعات يجب أن تعبّر عن الإرادة العامّة، لا عن إرادة بعض الجهات التي مازالت تحنّ إلى العشرية الماضية وإلى البرلمان الماضي"، مشدّدا على أنّ "زمن تكوين الكتل البرلمانية قد انتهى".

جدير بالذكر أنّ معظم الأحزاب قاطعت الانتخابات، وتمّ إدراج المرشحين في أوراق الاقتراع دون انتماءات حزبية، ولذلك فإنّ معظم أعضاء البرلمان الجدد هم سياسيون مستقلون.

وضع الدستور الجديد نهاية للنظام الذي يقوده البرلمان والذي تم وضعه في أعقاب سقوط نظام زين العابدين بن علي، في كانون الثاني (يناير) عام 2011

وفازت في الانتخابات الأخيرة، أربع قوى سياسية هي: حركة "شباب تونس الوطني"، المعروفة بحراك 25 تمّوز (يوليو)، وائتلاف "لينتصر الشعب"، وحزب "حركة الشعب"، وجبهة "الشعب يؤسس"، بالإضافة إلى مجموعة من المستقلين.

زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب (القومية)، قال إنّ الحركة حصلت على 31 مقعداً في البرلمان، مشيراً إلى وجود مشاورات مع نواب فائزين في الانتخابات التشريعية، من أجل تشكيل كتلة برلمانية تضم 45 نائباً. لكن يبدو أنّ الأمر لن يتم بسهولة، في ظل عدم وجود كيانات حزبية واضحة داخل البرلمان.

البرلمان يختار رئيسه

هذا وقد حافظ البرلمان التونسي على تقاليده، حيث رأس الجلسة الافتتاحية أكبر الأعضاء سناً، بمساعدة أصغرهم، وخصصت لأداء النواب الجدد اليمين الدستورية، والتصويت كذلك على انتخاب رئيس للبرلمان ونائبيه الأول والثاني.

البرلمان التونسي الجديد انتخب رئيسه في جلسته الأولى، حيث تمّ انتخاب إبراهيم بودربالة، الرئيس السابق لنقابة المحامين، رئيساً. بودربالة من أشد المؤيدين لمسار 25 تمّوز (يوليو)، والإجراءات الإصلاحية، التي دفعت بحركة النهضة إلى خارج المشهد السياسي.

وقال النائب صالح المباركي، الذي ترأس الجلسة الافتتاحية: "واجبنا كممثلين للشعب، هو العمل بالشراكة مع السلطة التنفيذية من أجل وحدة الدولة".

محاولات التشويش

تحركت جبهة الإنقاذ الوطني، التي يهيمن عليها الحزام السياسي الموالي للنهضة، فور بدء أعمال البرلمان الجديد، وقالت في بيان رسمي، إنّها لن تعترف بالبرلمان، كما حرضت على الاحتجاج، حيث تجمع الصحفيون المحتجون على استبعادهم من تغطية الجلسة، وتجمعوا عند مدخل البرلمان وهتفوا: "الصحافة تحت الحصار".

الدستور الجديد وضع عدة ضوابط للعلاقة بين السلطات

بدورها وصفت أميرة محمد، نائبة رئيس نقابة الصحفيين لوكالة "رويترز" للأنباء، عدم السماح للصحافيين المستقلين، بأنّه فضيحة وانتهاك خطير لحرية الصحافة، وزعمت أنّ ما حدث أمر يضر بصورة تونس، ويمثل في رأيها انتهاكاً لحق المواطن في وجود إعلام حر وتعددي. وأضافت: إنّ "ما يحدث هو أمر خطير، ويعكس عدم ثقة السلطات غير المبررة في وسائل الإعلام".

بدورها أصدرت حركة النهضة، المحرك الرئيسي للاحتجاجات ومحاولات التشويش، بياناً ترفض فيه الاعتراف بالمجلس التشريعي، واصفة إياه بأنّه "خالٍ من أي شرعية".

وقالت كتلة "النهضة" في البرلمان المنحل، في بيان حمل توقيع رئيسها عماد الخميري، إنّها "لا تعترف بمجلس نيابي فاقد للمشروعية، انبثق عن انتخابات قاطعها ما يزيد عن 90 بالمئة من التونسيين". مضيفة أنّها تؤكد تمسكها بدستور 2014، وتعتبره "مصدراً وحيداً للشرعية". كما جددت الحركة رفضها القاطع ما وصفته بـــ "القرارات الأحادية الجانب، التي تنتهجها سلطة الأمر الواقع".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية