رغم عُقود من المُواجهة: لماذا لا يَختفي التّطرف؟

رغم عُقود من المُواجهة: لماذا لا يَختفي التّطرف؟


18/11/2021

أحمد زغلول

شهدت العديد من الدول العربية حضورًا جهاديًّا على مدار عقود تنوعت خلالها صور تهديده ومستويات شراسته. وبعد مرحلة من تسيّد الأدوات الأمنية، كأداة حَسم، تَنامت أفكار  المُراجعات وبرامج دّمج المُتورطين في مُمارسات عُنف، وإعادة تَأهيل المسجونين منهم، وتحسين أوضاعهم مع وعود بالإفراج عنهم. الأمر الذي شهدته عدة تجارب عربية كما في الجزائر، ومصر، والسعودية، والمغرب، والأردن. وهو ما مثّل تراكمًا معرفيًّا وعمليًّا تجاه كيفية التعامل مع تلك الظاهرة

إلا أنه في المقابل، وجدنا بعض التنظيمات قادرة على تجديد قواعدها الداعمة من وقت لآخر، ولو في الحدود الدنيا في الكثير من الأوقات، رغم حدة المواجهات. هذا بالإضافة إلى نجاح بعضها الآخر في التطور والتكيف بالانتقال من نشاط محلي إلى  نشاط معولم. وهو ما يعني استمرار فرص تطوير نشاطاتها؛ ومن ثم قدرتها على التهديد المستمر للمجتمعات المستهدفة. ويثير هذا تساؤلاً حول أوجه القصور في برامج مكافحة الإرهاب ونزع التطرف في ظل عدم قدرة أي منها على القضاء على مصادر العنف القائمة.

سياقات برامج نزع التّطرف

لم تكن الأولوية أمام الدول في المراحل الأولى لمواجات العنف سوى للأدوات الأمنية بدرجة رئيسة؛ وذلك بهدف كسر حدّة الصّراع وإجهاض التّنظيمات المتطرفة وداعميها عبر رصدها واختراقها وتفكيكها. لذا، كان أي حديث عن تفعيل حقيقي لأدوات أخرى أمرًا غير مُجدٍ على الأقل في ظل حدة الاشتباك. وبالتوازي مع بدء انكسار موجات العنف أمام وطأة المواجهة الأمنية، بدأ التفكير في إيجاد السبل للحيلولة دون عودة تلك المواجهات مرة أخرى. وكان المعنيون بالأمر أمام بديلين. 

تمثل البديل الأول لتحقيق الغاية في استخدام مجموعات إسلامية لضرب مجموعات إسلامية أخرى أكثر تشددًا. على سبيل المثال، مع تنامي العنف الجهادي في مصر في الثمانينيات والتسعينيات، كان توجه الاستراتيجية الأمنية يميل إلى ترك مساحات للعمل للتيارات السلفية الدعوية لتفكيك أطروحات الجهاديين الفكرية، وأيضا إلى غض الطرف عن الحضور السياسي للإخوان المسلمين في المجال العام بدعوى التأكيد على عدم عداء النظام للإسلام وأنه نقطة الخلاف هي استخدام العنف ضد المجتمع وتكفيره.

أما البديل الثاني، فقد كان الموافقة على تفعيل المراجعات الفكرية داخل السجون للجماعات؛ وذلك بهدف تفكيك مرتكزات العنف ذاتيًّا بالتوازي مع لقاءات فكرية مع مفكرين ودعاة إسلاميين مُستقلين عن الدولة، وإزالة الشبهات الفكرية. جاءت هذه المراجعات في مقابل تعديل أوضاع المسجونين وتسريع الإفراج عن المؤمنين بتلك المراجعات. كان هذا واضحًا في المراجعات التي قامت بها حركتا “الجماعة الإسلامي” و”الجهاد الإسلامي.”

ومع النتائج الإيجابية لتلك السياسات، والتي تمثلت في كسر حدة العنف الجهادي، وتجحيم تمدده في البلاد، إلا أن تجربتي المراجعات عمليًّا لم تمنع مسببات العنف. كذلك لم يبدو لتلك المراجعات تأثير على المتبنيين لأفكار الجهاد؛ حيث كان سياق إنتاج العنف ما زال قائمًا في الوعي الجهادي. واستطاعت بعض الخلايا التكفيرية والجهادية المتشرذمة إعادة ترتيب أوضاعها، ونفذت عمليات عنف متعددة عبر خلايا فرديّة أصغر؛ كتفجيرات منطقة وسط القاهرة في أبريل 2005، ثم طابا وشرم الشيخ في يوليو 2005، ثم منتجع دهب أبريل 2006، وغيرها. 

ومن خلال تلك الحالة الجهادية، تبلورت تنظيمات جديدة كـ”أنصار بيت المقدس.” ولاحقًا، كان المجال العام لتلك الأفكار مُهيّئًا لانخراط فَصيل من الإخوان المُسلمين المصريين في العُنف المُسلح، بعد عزل الجماعة عن الحكم 2013. بل وجدنا انتكاسة لبعض السابق خضوعهم لتجربة التأهيل ونزع العنف. 

وعلى الرغم ما حققته التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب من نتائج، في ظل تنويع برامج الدعم والتأهيل؛ حيث أعلن تراجع 90% من المتطرفين السعوديين الخاضعين لبرامج التأهيل عن أفكارهم، وأن أقل من 2% منهم قابلين للعودة للعنف ومسجلين، إلا أننا نجد نموذج “سعيد الشهري” الذي اجتاز برنامج نزع التطرف يخرج ليدبر تفجير السفارة الأمريكية في صنعاء. ورغم ما بدا من ترسيخ مراجعات الجماعة الإسلامية في مصر، نجدها في 2012  تعلن عن «استشهاد 3 من أعضائها في سوريا أثناء قتالهم في صفوف الجيش السوري الحر»  كذلك مقتل قائد جناحها العسكري السابق “رفاعي أحمد طه” في قصف جوى على سيارته بسوريا عام 2016. وقيل إنه كان في طريقه لمحاولة التوحيد بين “جبهة النصر”، وحركة “أحرار الشام”، اللذين يُقاتلان قوات النظام السوري.

أزمات التطبيق: العوامل الأعمق للتطرف العنيف

تعكس مختلف مسارات مواجهات الدول للعنف أزمات أعمق لم يتم التعامل معها بصورة جدية في ظل ما نراه من ضغوط اللحظة على القائمين على إدارة الصراع، وعدم توافر الكثير من المعلومات المهمة، ووسائل الدعم المساعدة بجودة مقبولة. تؤدي هذه الوضعية المختلة إلى إنتاج فرص مُتعددة لتفلّت بعض الخَاضعين لتجربة التّأهيل؛ سواء بإعلان المُراجعة دون إيمان داخلي بها للتخفف من تجربة السجن، أو بنكوصهم لاحقًا عن المراجعات بسبب تكرار ظروف انخراطهم في تلك التجربة سابقًا. وهنا نرى تلك الأزمات على مستويين: 

المستوى الأول يتعلق بـ”السياق العام لنشاط حالة العنف” في ظل وجود العديد من العوامل التي تساعد على إعادة الانخراط في مسارات العنف ويحول بقائها دون القدرة على القضاء الفعلي عليه خاصة وأنها هي نفس العوامل التي مثلت مغذيا لسابق وجود نشاطات الجهادية المختلفة وأبرزها:

أزمات الدولة العربية الحديثة: والتي تتعلق بطبيعة نظم حكم والأوضاع الاجتماعية والإقتصادية، وبنية المؤسسات وهو ما ساهم في أزمات لكثير من مكونات المجتمع. فمع غياب مسار اندماجي حقيقي للتيار الإسلامي، فاقم هذه الحركات من أزماتها في ظل ما يراه من نبذ متعمد لها. وعمّق ذلك غياب دور حقيقي للمجتمع المدني القادر على تقليل مثل تلك الفجوات.

سيادة الرؤية الأمنية في التعامل مع الإسلاميين مع هامشية الاندماج السياسي الاجتماعي: عبر النّظر إليهم كفاعلين عُنف مُحتملين، ثم استمرار إقصاء المُتورطين منهم فعليّا في ممارسة العنف، رغم الانخراط في أطروحات الدمج والمراجعة الفكرية. ويَحول هذا النهج دُون تَفكيك مُسببات العُنف في ظل خُفوت كل من الحل السّياسي والاجتماعي. وفي حال حضوره، نجده غير كامل وقصيرَ الأجل. 

فوقية التطبيق من الدولة والدفع بالقواعد للقبول: غالب التجارب التي تم إقرارها، وإن كانت بمبادرات تنظيمية أو عبر مُؤثرين في المجال الديني، تمت عمليًّا بصورة فوقية، وفق رؤية مُنفردة من الدولة. وهذه العملية، وإن كانت مُقبولة سياسيًّا في ظل حالة الصراع القائمة بين الطرفين، إلاّ أنّها تحمل جانبًا من عوامل القُصور في التّطبيق، في ظل هامش المصداقية الضعيف والمتحقق للمنخرطين في تلك المراجعات. وهو ما يضعف من أي تاثير مستقبلي لهم على كثيرين من المنتمين لتلك الأفكار نظريًّا، في ظل تصوراتهم الذاتية بأن انخراط السابقين في المراجعات تم بصورة جبريّة دون اقتناع حقيقي، في ظل طبيعة سياقات الحدث وتعمق أزمات السجن والاعتقال والمحاكمات وتردّي مُجمل أوضاعهم.

بنية العقل التعليمي: ترتبط جودة تفعيل المراجعات واستمرار تأثيرها من عدمه بطبيعة النّظام التّعليمي القائم ومستوى جودته. ومع تعمق أزمات التعليم في العالم العربي ومركزية التّلقين، وتعاظم سلفية العقل النّصي، تظل هناك قابلية عالية لانخراط قطاعات متعددة في مثل تلك التنظيمات في ظل غياب العقل النقدي والقبول المطلق بحرفيّة النّص، وعدم القدرة على تفكيك أطروحات التأويل، وإسقاطاتها التبريرية على الواقع.

التعامل المركب مع خصوصية التنظيمات المتطرفة 

المستوى الثاني مُرتبط بـ”الطبيعة الذاتية لتلك التنظيمات” من حيث بنيتها وأفكارها ومشروعها. فعلى الرغم من تراكم الخبرات المطروحة لمكافحة الإرهاب إقليميًّا ودوليًّا، إلا أنها ما زالت عمليّا غير فعّالة في ظل ما يبدو من تجاهل لخُصوصية كل نموذج عنف يتم مكافحته، بل وتباين استراتيجيات المكافحة لتنظيم ما من وقت لآخر. لذا، فما يصلح في دولة ما قد لا يكون بنفس الفاعلية في دولة أخرى. وما كان له فاعلية في إضعاف تنظيم في وقت ما، لا يمكن أن يكون فاعلاً في إضعاف نفس التّنظيم في وقت آخر. 

تمثل حالة الخصوصية تلك في مضمونها إشكالية تتعلق بمسببات بقاء ظاهرة التطرف وتنظيماته بدرجات دون القضاء التام عليه. ونجدها تتنوع ما بين نمطين من الخصوصية -“سياسية” و”تنظيمية.” وقد ساهم النمطان عمليًّا في تشكيل سلوك العنف لتلك التنظيمات على الرغم من تباين دوافعها().

تتعلق “الخصوصية السّياسيّة” بأمرين؛ أولهما “بنية النظام السياسي للدولة” ومقوماته، وبيان مواقف التنظيمات منه من حيث نظرتهم إلى مدى شرعية الحاكم في بنية النظام السياسي والدستوري. هل له شرعية يعترفون بها وإن يخالفون سياساته؟ أم يرفضون شرعيته ويرون أنفسهم مشروعًا بديلاً له في إدارة الدولة. لذا، فتداعيات وجود الحاكم ذي الشرعية الدينية في الدستور يختلف عن الحاكم المدني(). 

وثانيهما “موقع الدين” -مُؤسسةً وخطابًا- من الدولة. يتباين تفاعل التّنظيمات الدينية مع المؤسسة الدينية وفق موقعها من الدولة وجهازها الإداري، ومدى استقلالها أو تبعيتها للحاكم. فعدم الاستقلالية حقيقةً أو اختلاقًا يُسهم في تعميق حضور التّنظيم عبر طرح نفسه بديلًا مُنضبطًا شرعيًّا في ظل رفضه الاجتهادات الرسمية في الفتوى ومرجعيتها الفقهية. كما أن تنوع الخطاب الديني من عدمه يُؤثر في واقع التنظيمات، ولكل من هذين الطرحين تكتيكاته في التعامل.

يعكس تنوع الخطاب الديني قُدرة النُظم على التعايش عمليًّا معه. وبالتالي، قد يحدث استخدام سياسي لتلك الخطابات لضرب تنظيم بآخر. وهو الأمر الذي يمنح فُرصًا لمزيد من الحضور لتلك التّنظيمات. أما في حال أحادية الخطاب الديني، وحظر الدولة تلك التعددية، فقد يصبح هذا عاملاً مُغذيًّا لبعض التنظيمات التي قد تعمد إلى إظهار تمايزها عن الدولة في حين، واستخدامها من قبل الدولة لتقييد التنظيمات الأخرى في حين آخر؛ وذلك في سبيل حماية الرؤية الدينية الرسمية المسموح بها وحدها. فعلى عكس الحال مصر والسعودية والأردن، نجد المغرب «دائمًا  تستبق بالمواجهة أيَ طرحٍ ديني يمكن أن يؤثر على الرؤية الدينية التي تتبناها.»()

أما “الخصوصية التّنظيميّة،” فتتعلق بطبيعة مُمارسي العنف وسياقات ظهورهم ومرجعياتهم ومشروعهم المعلن وغير المعلن. فهل تبنت تلك التنظيمات العنيف في البدء؟ أم حدث تحول لها باتجاه تبنيه سواء لمنازعة شرعية الحاكم أو تقويمه؟ هل تكون التنظيم نتيجة أزمات سياسية داخلية أم خارجية أم على هامش تحولات اجتماعية داخلية؟ 

أيضًا من المهم معرفة رؤية تلك التنظيمات الذاتية للهدف من وجودها؟ هل هو  تغيير مرجعية وشكل النظام؟ أم تعديل بعض ملامحه؟ هل العمل كتنظيم موازي للدولة أم إدارة الدولة فعليا؟ وذلك مع النظر إلى التغييرات الحادثة في رؤى الحضور الجهادي بعد الإقرار الفعلي للدولة الإسلامية “داعش” في العراق، ثم طالبان في أفغانستان.

 كذلك، فإن تَحديد “مُستوى حدة النشاط” العَنيف وبيان قُدرة التّنظيم على تَطويره من عدمه يعد مُؤشرًا هامًا على ملامح استراتيجية التعامل المضاد له. يختلف، مثلاً، عن التعامل مع تنظيم استطاع استهداف رئيس الدولة كحال الجماعة الإسلامية في مصر، عن تنظيم آخر كانت عملياته وأهدافه محدودة كمًا ونوعًا. وكلاهما لا يكون على مستوى تنظيم استهدف مؤسسات عالمية ذات رمزية كبيرة كبرجي التجارة العالمي في أمريكا في أحداث 11 سبتمبر. وبالتالي، وفقًا لمدى حدّة النّشاط، تتفاوت وتتباين استراتيجيات المُكافحة، كذلك حُدود فعاليتها. أيضا يُمثل حَجم انتشار التّنظيم ووسائله مُؤشرًا على طبيعة قدراته. فالانتشار رأسيًّا في مراكز القوة في المجتمعات يختلف عن الانتشار في مُستويات فئوية ضَيّقة، والقدرة على الانتشار في بيئات مُختلفة أفقيًّا تختلف عن التمركز في مساحات صغيرة غير قادرة على التّمدد.

العنف كحركة اجتماعية

وفي ضوء السابق، نرى أن فعالية أي برنامج لمكافحة التطرف تكون بالنظر إلى تنظيمات العنف كحركات اجتماعية من أجل التّفكيك الجّدي لفُرص نَشاطها. ونجد أن مختلف تلك التنظيمات توافرت لديها مطالب وموارد وسياق سياسي بما أسهم في استمرارها وتمددها. يتمثل الركن الأول في توافر “المطلب” وهو الدعوة لإقامة الدولة الإسلامية ومحاربة الأعداء؛ إما العدو “البعيد” كأمريكا أو إسرائيل أو “القريب” كالأنظمة الحاكمة. 

ومن الضروري الأخذ في الاعتبار أن “المطلب” يتفرع عنه ثلاث صُور؛ “البرنامج“ ويتضمن تأييدًا/مُعارضة مُعلنة لمُجمل التّحركات الفعليّة لمُختلف التنظيمات الدينية؛ و“الهوية” عبر إبراز صورة التنظيم كممثل للمُستضعفين والمدُافع عنهم. وأيضًا هناك مطلب “المكانة” وهو ما يبدو في السَعي المُستمر لتلك التّنظيمات لإيجاد روابط وتشابهات مع فاعلين آخرين عبر مُداعبة مَشاعر عُموم التّيار الإسلامي وغير الإسلامي تجاه قضايا رمزية حَشدية إما بدافع المَصلحة الدينية لرمزيتها كعدو – أمريكا وإسرائيل- أو بدافع الوطنية وحقوق الشعوب في الاستفادة من قدراتها المختلفة، أو كمدافع عن ضحايا الأنظمة سواء عموم المواطنين، أو أبناء التّيار الإسلامي الذين يتعرضون لمُواجهات أمنيّة وقَانونيّة نتيجة أفكارهم. 

أما الركن الثاني من مَصادر قُوة حَركات العُنف، فيتمثل في “السّياق” الذي نَشأت واستمرت فيه تلك التنظيمات سواء كان هذا السياق انفتاح سياسي رافقة سيولة جهادية أو تأزم سياسي خلق سلسة من الأزمات شكلت إطار لبروز ونشاط تنظيمات العنف كأداة مقاومة. 

أيضا توافرت للكثير من تنظيمات العنف عدة “موارد ساهمت على بقائها بدرجات  في المشهد الحركي على صورتين؛ موارد “رمزية” تتمثل في طرح التنظيمات لنفسها كملاذ للمستضعفين باعتبارها القوة الحقيقية التي تسبب خسائر للنظام والتي تستطيع  مواجهة ممارساته تجاه المجتمع. ونجد مثلاً أن التنظيمات المحلية تحرص في خطاباتها على اللّعب على وتر رغبة الانتقام من المُضارين من النّظم، وتَرسيخ خِطاب “المَظلومية الإٍسلامية” لجذبهم لصفوفها سواء كأعضاء فاعلين أو داعمين لُوجستيين.  

وتتمثل المَوارد “الـماديّة” في قُدرة تلك التّنظيمات جَذب قِطاعات إجتماعية دَاعمة من عموم “المُجتمع الدّاخلي” مُتبنيين لأفكاره أو راغبين في الإنتقام، أو لترابط المَصالح المَاليّة والرّوابط القَبليّة. أيضًا كان هناك دَعم من “المُجتمع الخَارجي،” والمُتمثل في الحضور المركزي لتنظيمات العنف المعولم في مسارات التنظيمات المحلية المتبنية لخطها الفكري عبر صور الدعم المختلفة سواء بالمُقاتلين أو التسليح والتدريب في ظل سيادة فكرة أن الجميع أمة إسلامية واحدة لا وجود للجنسية والحدود بينهم.

ختامًا، يشير هذا إلى أن برامج مكافحة التطرف في العالم العربي تحتاج إلي إعادة بناء تقتضي إنتاج سياسات أكثر قدرة وكفاءة في التعامل مع العوامل المركبة التي تفضي لإنتاج العنف. ولا يمكن أن يحدث هذا بالتركيز على العنصر الأمني في المواجهة مع التطرف العنيف وحركاته في المنطقة. فهذه الحركات، وإن تشهد أفولاً، فإن عوامل صعودها مجددًا ما زالت متحققة.

عن "مركز الإنذار المبكر"

الصفحة الرئيسية