دول الخليج تعيد لبنان إلى "دائرة الاهتمام العربي".. فهل يراجع اللبنانيون حساباتهم؟

دول الخليج تعيد لبنان إلى "دائرة الاهتمام العربي".. فهل يراجع اللبنانيون حساباتهم؟


10/04/2022

مع إعلان السعودية والكويت واليمن عودة سفرائها إلى بيروت، تستعيد العلاقات اللبنانية - الخليجية حيويتها بعد أشهر من أزمة دبلوماسية طاحنة مع دول خليجية، بسبب تصريحات أدلى بها وزير لبناني في شهر آب (أغسطس) الماضي حول الحرب في اليمن.

ترحيب واسع

ولاقى قرار دول الخليج إعادة السفراء إلى بيروت ترحيباً واسعاً في لبنان، وسط تشديد على أهمية الخطوة، والتعويل عليها لتشكل صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية الخليجية، فقد حيّا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في تغريدة على "تويتر" تلك الخطوة، وكتب إنّ لبنان "يفخر بانتمائه العربي ويتمسك بأفضل العلاقات مع دول الخليج"، واصفاً إياها بأنها "كانت وستبقى السند والعضد".

في وقت رحّب فيه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بالقرار، مؤكداً، في بيان له، أنّ "العودة الخليجية العربية تؤسس لمرحلة جديدة من الأمل والثقة بمستقبل لبنان، عربي الهوية والانتماء، والمتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، وبقية الدول العربية الشقيقة، والتزامه بتحقيق الإجراءات المطلوبة استجابة وتجاوباً مع المبادرة الكويتية الخليجية".

اقرأ أيضاً: لبنانية "حزب الله" والاحتلال الإيراني

ورأى المفتي أنّ "العودة الخليجية العربية إلى ربوع لبنان تزامنت مع إعلان التوصل إلى اتفاق مبدئي بين لبنان وصندوق النقد الدولي، ما أشاع أجواء إيجابية على الساحة اللبنانية كان لها صدى لدى اللبنانيين الذين ينتظرون بوادر الانفراج للتوجه نحو الخطوات الأولى".

 ثمن السفير السعودي العائد إلى لبنان جهود رئيس الحكومة في سبيل حماية لبنان في هذا الظرف الصعب وإعادة العلاقات اللبنانية-السعودية إلى طبيعتها

وتلقى ميقاتي أيضاً اتصالاً هاتفياً من سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، العائد إلى بيروت، وهنأه فيه بحلول شهر رمضان المبارك، ووجه إليه الدعوة إلى حفل إفطار يقيمه في دار السفارة.

وقد ثمّن السفير "جهود رئيس الحكومة في سبيل حماية لبنان في هذا الظرف الصعب وإعادة العلاقات اللبنانية-السعودية إلى طبيعتها".

اقرأ أيضاً: لبنان: عودة خليجيّة ودوليّة ... واستنفار إيراني!

وكان الاتصال مناسبة "لتأكيد عمق علاقات لبنان العربية وتقدير الرئيس ميقاتي للخطوة الخليجية والسعودية بشكل خاص بعودة السفراء إلى لبنان كمقدمة لاستعادة هذه العلاقات عافيتها كاملة". كما تم "الاتفاق على استكمال العمل الأخوي الإيجابي لأجل لبنان وعروبته"، وفق ما أورده موقع "لبنان 24".

سفير المملكة العربية السعودية، العائد إلى بيروت، وليد البخاري

كما أكد السفير الكويتي عبد العال القناعي، في أول موقف له غداة وصوله إلى بيروت، وعلى هامش زيارته مركز سرطان الأطفال، أنّ "جلّ ما تريده الكويت من لبنان أن يكون لبنانياً في عروبته وسياسته"، لافتاً إلى "وضع تصور بين القيادات في الخليج ولبنان حول كيفية إعادة العلاقات إلى طبيعتها"، مشدداً على أنّ "الانتخابات شأن لبناني، والكويت تثق بما سمعته من وعود".

خطوة تعيد لبنان إلى "دائرة الاهتمام العربي"

واعتبر رئيس الحكومة أنّ عودة السفراء الخليجيين وإعادة تطبيع العلاقات مع دول الخليج خطوة مهمة تساهم في إعادة لبنان بشكل أفضل إلى دائرة الاهتمام العربي الذي من شأنه أن يساهم في مرحلة النهوض المنشودة، وفق ما نقلته صحيفة "الديار" عن مصادر خاصة.

مصدر سياسي بارز: عودة السفراء إلى لبنان تنم عن رغبة مجلس التعاون الخليجي بمساعدة لبنان، ويبقى على اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم بعدم الانخراط في لعبة المحاور الإقليمية

ويقول مصدر سياسي بارز،  لـ "الشرق الأوسط"، أنّ عودة السفيرين؛ الكويتي والسعودي، إلى بيروت ما هي إلا "إعلان النيات" لمعالجة الأسباب التي كانت وراء تدهور علاقة لبنان بدول الخليج، ويبقى على الحكومة بشخص رئيسها نجيب ميقاتي أن توفر الحماية لعلاقات لبنان الخليجية لتحصينها ومنعها من أن تتصدع، كما حصل سابقاً بخروج "حزب الله" عن البيان الوزاري للحكومات السابقة والحالية، بتشديده على اتباع سياسة النأي بالنفس عن الحروب المشتعلة في المنطقة، وعدم إقحامه في لعبة المحاور وتدخله في الشؤون الداخلية للدول العربية وتهديده لأمنها الوطني.

اقرأ أيضاً: هل يعود لبنان للحضن العربي؟

وأكد المصدر أنّ عودة السفيرين؛ الكويتي والسعودي، تشكل مقدمة لعودة باقي سفراء دول مجلس التعاون الخليجي انطلاقاً من حرصهم على استقرار لبنان، ووقف انهياره، وهو يستعد لإنجاز الاستحقاق النيابي في ظروف طبيعية. 

وأكد المصدر نفسه أنّ عودة السفراء إلى لبنان تنم عن رغبة مجلس التعاون الخليجي بمساعدة لبنان، ويبقى على اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم بعدم الانخراط في لعبة المحاور الإقليمية، مشيراً إلى أنّ السفراء أرادوا تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بأنّ لبنان ليس متروكاً عربياً شرط أن تُمسك الحكومة بزمام المبادرة، وأن تسترد قرار السلم والحرب من "حزب الله" على قاعدة حصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية.

السفير الكويتي في لبنان، عبد العال القناعي

واعتبر أنّ من يحاول استباقاً لعودة السفراء إلى لبنان ربط عودتهم بالانتخابات النيابية يتوخى من ربطه القفز فوق الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها حيال العناوين التي حملها معه إلى بيروت وزير خارجية الكويت أحمد محمد الناصر الصباح، باسم المجتمعَيْن؛ العربي والدولي، كأساس لتصويب العلاقات اللبنانية العربية، ومنها علاقاته بدول الخليج.

عودة سياسية أم إنسانية؟

ومنذ عودة السفراء بدأت التساؤلات عن أبعاد هذه العودة خاصة عشية الانتخابات النيابية. ففي حين يعتبر البعض أنها عودة سياسية لشدّ العصب في الشارع السّنّي والتأكيد على عدم ترك الساحة والتخلّي عن السنّة وتشرذمهم واستغلال فريق الممانعة لملء الفراغ، خاصة بعد أن تردّد أنّ "حزب الله" قد يتمكّن من تشكيل كتلة سنّيّة من 10 نواب تؤيده في المجلس، يضعها البعض الآخر خطوة "ردّ جميل" لبيان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومبادرة لملاقاة الحكومة في منتصف الطريق لعودة العلاقات وتفعيل المبادرة الكويتية، بينما يؤكد آخرون أنها تمّت بناء على رغبة أميركية -فرنسية، وفق ما أورده موقع "المركزية".

فؤاد السنيورة: الدور السلبي الذي يلعبه حزب الله، ليس حديث العهد، بل يزداد ويتعمّق منذ العام 2011، وترافق مع انهيارات كبرى تبينها جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية في لبنان

ويرى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في تصريحات لـ"المركزية" أنّ عودة العلاقات مع الدول الخليجية "مؤشر كبير يدلّ على أهمية استعادة الثقة العربية بلبنان وفي اقتصاده ومستقبله ولديه تداعيات إيجابية كبرى على لبنان اقتصادياً وسياسياً ووطنياً، وتعيد إليه الهواء العربي بعد أن كاد النفس ينقطع في لبنان"، مشدداً على "أهمية الدور الوطني والعربي الذي ينبغي أن يلعبه لبنان في محيطه العربي، والذي يؤمن له الحيوية والانطلاقة الصحيحة، وهو ما افتقده لبنان لفترات طويلة". 

اقرأ أيضاً: ما حقيقة "إفلاس لبنان"؟.. خبير اقتصادي يجيب

واعتبر السنيورة أنّ "هذه الخطوة مهمة للعودة بعدما كادت دويلة "حزب الله"، التي تحكم لبنان الآن، ومن ورائه إيران، تنجح في تغيير طبيعة لبنان، وتغير طبيعة اقتصاده الحرّ وطبيعة نظامه الديمقراطي، وأوصلته إلى هذا التردي الكبير في هذه الأشهر الماضية".

وأضاف "هذا الدور السلبي الذي يلعبه حزب الله، ليس حديث العهد، بل يزداد ويتعمّق منذ العام 2011، وترافق مع انهيارات كبرى تبينها جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية في لبنان"، لافتاً إلى أنّ "هذه العودة تبعث الأمل في نفوس اللبنانيين للدور الذي من الممكن أن يلعبه الإخوة العرب والأصدقاء في العالم لإنقاذ لبنان من محنته العميقة سياسياً واقتصادياً ومالياً بسبب إحكام الحزب خناقه على الدولة اللبنانية، ما أدى إلى اختطافها ومنعها من ممارسة قرارها الحر".

 لدى حزب الله جناح مسلح أقوى من الجيش اللبناني ويدعم حلفاء موالين لإيران في المنطقة، ويمارس وحلفاؤه نفوذاً كبيراً على سياسة الدولة اللبنانية

وفيما تتجه الأنظار إلى ما ستكون عليه العلاقات الخليجية - اللبنانية في المرحلة المقبلة وكيف سينعكس هذا القرار لا سيما على لبنان، يختصر سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، عودة سفراء الخليج بالقول لـ"الشرق الأوسط": "عندما يتم سحب السفراء يعني خفض الاهتمام بدولة معينة وعودتهم تعني الاهتمام بها"، رابطاً القرار حيال بيروت بالمناخ الإقليمي، وبما قام به لبنان في الفترة الأخيرة لجهة توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والمسؤولين أنهم يقومون بما يقدرون عليه فيما يتعلق بمطالب دول الخليج.

اقرأ أيضاً: خطابات دينية ومال سياسي.. هكذا يستعد حزب الله اللبناني للانتخابات

يذكر أنّ العلاقات بين لبنان والدول الخليجية قد وصلت إلى مستويات متدنية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعد أن انتقد وزير الإعلام اللبناني السابق، جورج قرداحي، التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، وهو موقف يتبناه "حزب الله".

ولدى "حزب الله" جناح مسلّح أقوى من الجيش اللبناني ويدعم حلفاء موالين لإيران في المنطقة، ومن بينهم في سوريا. كما تمارس الجماعة وحلفاؤها نفوذاً كبيراً على سياسة الدولة اللبنانية، وفقاً لـ"رويترز".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية