خطر الإرهاب يتعاظم في أفريقيا... ماذا ينتظر القارة السمراء في 2022؟

خطر الإرهاب يتعاظم في أفريقيا... ماذا ينتظر القارة السمراء في 2022؟


21/12/2021

تعكس غالبية الدراسات والتقارير التي تناولت مؤشر الإرهاب لعام 2021، واستشرفت ما سيكون عليه الوضع في العام 2022، المزيد من التحذيرات بشأن تنامي التنظيمات الإرهابية في عدة مناطق جغرافية، كان لأفريقيا النصيب الأكبر منها، وفق ما أوردته دراستان صدرتا بالتزامن نهاية الأسبوع الثاني من كانون الأول (ديسمبر) الجاري؛ الأولى عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، والثانية عن مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية.

اقرأ أيضاً: الوحدة 400 .. ذراع إيران الإرهابية في أفريقيا

ويستعرض الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي في دراسته، تقييماً للظاهرة الإرهابية في عام 2021، وتأثرها بالعديد من العوامل؛ منها تداعيات جائحة كورونا، وتمكّن حركة طالبان (ذات المرجعية المتطرفة)، من الوصول إلى الحكم في أفغانستان، بالتزامن مع انسحاب القوات الأمريكية والأوروبية أيضاً من عدة مناطق سواء في آسيا أو أفريقيا أو منطقة الشرق الأوسط، وكلها عوامل تؤثر بقوة على سيناريوهات التمحور الخاصة بالعديد من التنظيمات الإرهابية.

أفريقيا مركز ثقل للإرهاب

تتوقع الدراسة، التي نشرها المركز الأوروبي تحت عنوان "مستقبل الإرهاب إقليمياً ودولياً عام 2022"، أن تتحول القارة الأفريقية إلى مركز ثقل للعمليات الإرهابية، وكذلك نقاط ارتكاز لما تبقى من التنظيمات المتطرفة، وتوفر البيئة السياسية غير المستقرة، والتردي الاقتصادي، وضعف المنظومة الأمنية، عوامل ستعزز تنامي نفوذ التنظيمات داخل القارة الأفريقية، وخاصة في منطقة الغرب.

ويرى الدكتور جاسم محمد أنّ "عدة تطورات ستؤدي إلى زيادة الإرهاب في أجزاء معينة من العالم، منها أفريقيا، مع قيام الولايات المتحدة بسحب قواتها من الشرق الأوسط وجنوب آسيا وفي جميع أنحاء أفريقيا، ويمكن للقاعدة وتنظيم داعش، والجماعات التابعة لهما، القيام بهجمات جديدة للسيطرة على مناطق جديدة وزعزعة استقرار البلدان والمناطق".

 

تتوقع الدراسة، التي نشرها المركز الأوروبي أن تتحول القارة الأفريقية إلى مركز ثقل للعمليات الإرهابية، وكذلك نقاط ارتكاز لما تبقى من التنظيمات المتطرفة

 

ويضيف: "تُعتبر سوريا والعراق واليمن وأفغانستان والصومال ونيجيريا مواطن لجماعات "جهادية "مرتبطة بالقاعدة وداعش. وتكتسب تلك الجماعات في غرب أفريقيا والقرن الأفريقي زخماً كبيراً، ومن المرجح أن يستمر حتى عام 2022، ويقع الآن العديد من البلدان الأكثر عرضة لخطر المعاناة من الهجمات الإرهابية في أفريقيا، وهو تحوّل في مركز ثقل مكافحة الإرهاب من الشرق الأوسط".

عوامل تنامي الإرهاب في أفريقيا

وفي السياق نفسه، ركّزت الدكتورة أميرة محمد عبد الحليم، في دراستها المنشورة بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "تحولات ظاهرة الإرهاب في أفريقيا (2011-2021)، ركّزت على العوامل التي تؤدي إلى التطور السريع والانتشار المكثف من جانب التنظيمات المتطرفة في القارة السمراء، مشيرة إلى أنّ "العديد من الجيوش الوطنية في أفريقيا مستنزفة في صراعها مع الجماعات الإرهابية التي سيطرت على مناطق شاسعة، واستغلت الأزمات التي يعاني منها العديد من الدول على المستويات السياسية والاقتصادية، وكذلك التغيرات المناخية في اجتذاب السكان وتجنيدهم وتدعيم قوتها".

اقرأ أيضاً: حول تمدّد الإرهابيين في غرب أفريقيا

ووفق الدراسة، تبرز عملية الفوضى السياسية والأمنية وكذلك الأزمة الاقتصادية في عدة دول أفريقية كعوامل محورية ساعدت على زيادة معدلات الإرهاب والتطرف، موضحة أنّ "ظاهرة الإرهاب قد شهدت تحولات خلال الأعوام الـ10 الأخيرة، منها عوامل محلية، كاستمرار أزمات تعانيها الدولة الوطنية في أفريقيا منذ عقود، وأسهمت في تحوّل أراضيها إلى مركز رئيسي لنمو الجماعات الإرهابية، وفي مقدمة هذه الأزمات انتشار الصراعات والجماعات الإرهابية في مالي، التي ظهرت في إطار الصراع بين الطوارق والحكومة المركزية، وحركة الشباب التي استمرت في الوجود في ظل تفاقم الصراع الداخلي في الصومال، على الرغم من النجاحات التي حققتها القوات الأفريقية في الصومال".

وتشير الدراسة أيضاً إلى الصراع المحتدم بين تنظيمي داعش والقاعدة، باعتباره محوراً مهمّاً في قراءة مستقبل التطرف ومدّ عمر التنظيمات التي وجدت في أفريقيا مصادر تمويل وبيئة خصبة للنمو، موضحة "تحوّل أراضي القارة الأفريقية إلى ساحة للصراع والاقتتال بين فروع تنظيمي القاعدة وداعش. يضاف إلى ذلك انتشار الجريمة المنظمة، وخاصة في منطقة الساحل الأفريقي؛ ممّا أسهم في توفير موارد ذاتية لتمويل الجماعات الإرهابية عبر الاتجار غير المشروع".

هل تنجح جهود المواجهة؟

على مدار الأعوام الـ10الماضية، كانت هناك جهود مكثفة لمحاربة الإرهاب في أفريقيا برعاية الاتحاد الأفريقي وعدد من المنظمات الدولية، وبالرغم من تحقيق مستويات منطقية من التقدم العسكري وصدّ العمليات في عدة مناطق بالساحل الغربي والقرن الأفريقي، إلّا أنّ عوامل التمدد كانت أكثر قوة من المواجهة، فضلاً عن التحولات السياسية والأمنية في الشرق الأوسط، وانهيار تنظيم داعش في مناطقه الجغرافية التقليدية داخل سوريا والعراق، وبالطبع كانت أفريقيا ملاذاً بديلاً له.

 

أميرة عبدالحليم: تبرز عملية الفوضى السياسية والأمنية وكذلك الأزمة الاقتصادية في عدة دول أفريقية كعوامل محورية ساعدت على زيادة معدلات الإرهاب والتطرف

 

وفي سبيل المواجهة واستشعار الخطر على المستوى الدولي والإقليمي، تمّ اتخاذ عدة إجراءات من شأنها تقليص الظاهرة والتصدي لها خلال الأعوام المقبلة، ومن بين الإجراءت التي تمّت على مدار العام الماضي:

أوّلاً: اعتماد خطة مواجهة شاملة من جانب الاتحاد الأفريقي، تعتمد على تجفيف منابع التمويل، ومعالجة الظروف والاضطرابات التي تعزز تنامي الإرهاب، وأيضاً تحقيق أعلى قدر من التنسيق بين دول القارة الأفريقية، بالإشارة إلى الاستفادة من تجربة مصر والجزائر الناجزة في مواجهة الإرهاب.

اقرأ أيضاً: ضحايا الإرهاب في أفريقيا لا بواكي لهم في إعلام الغرب.. لماذا هذا التحيز؟

ثانياً: تعزيز المواجهة على المستوى العربي، وإعلان التضامن الكامل، وتقديم دعم متواصل للدول الأفريقية، والعمل على دعم جهود التنمية في مواجهة النزاعات والتطرف، بحسب عدة بيانات صادرة عن البرلمان العربي خلال العام الماضي، وكذلك تصريحات المسؤولين.

ثالثاً: شكّل التحالف الدولي ضد داعش "مجموعة عمل مركزة حول أفريقيا" لمكافحة الإرهاب في 15 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، فقد استضافت بروكسل اجتماعاً مهماً للتحالف الدولي شهد إطلاق مجموعة مركزة حول أفريقيا تابعة للتحالف، تترأسها (4) دول بالمشاركة، هي: الولايات المتحدة وإيطاليا والمغرب والنيجر، تهدف إلى تبادل المعلومات والتحليلات حول تهديد التنظيم، والمساهمة في التنسيق وفاعلية الجهود في محاربة هذه الجماعات الإرهابية، ولا سيّما في مجال تعزيز قدرات الدول الأفريقية، بحسب ما نشرته صحيفة "ستارز آند سترايبس".

اقرأ أيضاً: تركيا تتوسع في أفريقيا... نفوذاً واقتصاداً

وما تزال الإجراءات مستمرة في ظلّ التحذيرات الراهنة من خطورة الوضع الذي باتت عليه القارة الأفريقية، وهو ما يمثل خطراً قائماً ومهدّداً للدول على المستوى الإقليمي والدولي، وبمثابة "ألغام" على حدّ وصف الخبراء.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية