خبير جزائري يتحدث لـ"حفريات" عن أدوار المغامرين الأمريكيين والظلّ القطري

خبير جزائري يتحدث لـ"حفريات" عن أدوار المغامرين الأمريكيين والظلّ القطري


16/02/2022

يربط الخبير الإستراتيجي الجزائري، هيثم رباني، تفاعلات الأزمة الروسية الأوكرانية بما يمارسه "المغامرون الاقتصاديون" في الولايات المتحدة الأمريكية والظلّ القطري.

في تصريحات خاصة بـ "حفريات"، قال رباني: "يجب أن نتذكّر وعد واشنطن للاتحاد السوفيتي السابق، عندما انتهى وسقط في عهد الرئيس غورباتشوف، وبعد ذلك بحوالي 20 عاماً الرئيس فلاديمير بوتين، ثمّ خلفه ميدفيديف، بأنّ حلف الشمال الاطلسي لن يتقدم شرقاً صوب الحدود الروسية، لكن في خضم العشرين عاماً، تقدّم حلف الشمال الأطلسي كي يضمّ كل أوروبا الشرقية التي تشكّل خطراً جيوستيراتجياً على الروس، ووصلت إلى حدود بيلاروسيا وأوكرانيا، وبالتالي، فإننا نجد دولاً، مثل بولندا وإستونيا والتشيك وسلوفينيا وسلوفاكيا، أصبحت أعضاء في حلف الشمال الأطلسي، بالتالي؛ فإنّ هذا يمثّل، بشكل خطير جداً، تهديداً لروسيا، وبوتين قلق من هذا الأمر لذلك نراه يعدّ انضمام دولة أوكرانيا إلى حلف الشمال الأطلسي تهديداً مباشراً لروسيا".

تريد الولايات المتحدة الأمريكية الكذب مرة أخرى في ملف أوكرانيا

وتابع رباني: "من ناحية أخرى، تريد الولايات المتحدة الأمريكية الكذب مرة أخرى في ملف أوكرانيا، مثلما كذبت على العالم بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وكذبت على العالم بخصوص ما وقع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بأنّ طالبان كانت وراء التفجيرات التي ضربت الولايات المتحدة في ذلك الوقت، وبرّرت بهما غزو العراق وأفغانستان، تماماً مثل كذبها في ملفّ فيتنام من قبل".

برنامج بريجينسكي

يؤكد هيثم رباني: "واشنطن تكذب الآن كي تورّط روسيا عدواً إستراتيجياً من خلال تطبيق برنامج المفكر الأمريكي بريجينسكي الذي يرى أنّ الخيار الأمريكي الإستراتيجي يفرض تحجيم الدور الروسي، لكن بهذا العمل تقحم الولايات المتحدة الأمريكية أوروبا في حرب بالوكالة لا تشارك فيها الولايات المتحدة، بل يشارك فيها الجندي الأوروبي، بالسلاح الأمريكي والمال الأمريكي".

واشنطن تكذب الآن كي تورّط روسيا عدواً إستراتيجياً من خلال تطبيق برنامج المفكر الأمريكي بريجينسكي الذي يرى أنّ الخيار الأمريكي الإستراتيجي يفرض تحجيم الدور الروسي

ولفت رباني إلى أنه "في الواقع، دول أوروبية كثيرة تفطّنت لهذا الأمر، ولا يخفى عليها، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، لذلك نجد أنها تعارض ما حدث لروسيا في هذا الوقت وأوكرانيا بطبيعة الحال هي عبارة عن دولة تماس الآن بين حلف الأطلسي، وكذلك روسيا، ويبدو أنّ مساعدة الأمريكيين الآن لأوكرانيا، لا تنمّ عن حسن نية إطلاقاً، بل هي ضمن خطة كبيرة لإلهاء روسيا والمنطقة بأكملها، والعجيب في الأمر أنّ الأوروبيين الآن، وبسبب مللهم من السلوك الأمريكي، نجد أصواتاً كثيرة جداً تقول إنّ الولايات المتحدة تكذب علينا وأنّ روسيا لا تشكّل خطراً علينا، كيف وهي تصدّر لنا 30 بالمئة من الغاز، ثم تقطعه بسبب حربٍ لا ناقة فيها ولا جمل". 

وأضاف الخبير ذاته: "يستحيل على روسيا أن تتقبّل أن يكون حلف الشمال الأطلسي في أوكرانيا محيطاً بها عبر طائراته المتطورة وأسلحته النووية، كما كان في السابق"، وعليه يشدّد رباني: "نحن الآن أمام سياسة أمريكية خطيرة جداً على أوروبا، لأنّ أمريكا بأسلحتها ستدفع تطورات كثيرة في المنطقة، منها اصطفاف كبير لدول تقترب من روسيا، اقتصادياً وعسكرياً، بالتالي؛ فإنّ المغزى من هذا السلوك الأمريكي هو اقتصادي ومصلحي، طالما أنّها تريد إيقاف تصدير الغاز  الروسي، وتريد تصدير غازها الصخري للجانب الأوروبي، والأوروبيين تفطّنوا لهذا، لكن، للأسف الشديد، دولة مثل إستونيا قالت إنّها ترحب بالغاز الأمريكي ولا ترحّب بالغاز الروسي القريب منها، طبعاً هذه عبارة عن لعبة تحالفات لا شكّ فيها". 

الدوحة تشارك في لعبة كبيرة

يُشير رباني إلى خفايا "التصريح القطري حول عدم قدرة الدوحة على تأمين حاجيات أوروبا من الغاز المسال"، في حين أنّه في السابق أكدت قطر أنّه بإمكانها أن تفي بهذا الأمر، وهذا يدلّ على أنّ حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة يسايرونها في خطتها، وهذا يفسر قلق بوتين من دولة مثل قطر ومن لفّ لفّها، بحكم أنّها دول وظيفية تحاول أن تشارك في مثل هذه اللعبة الكبيرة، أو تشارك فيها رغماً عنها بطريقة واضحة، كقول قطر إنّها لا تستطيع أن تصدّر الغاز، بمعنى ذلك أنّه لو قطع بوتين الغاز، ستصدّره أمريكا؛ لذلك نلاحظ مثل هذه اللعبة الإستراتيجية".  

رباني: بوتين قلق من دولة مثل قطر ومن لفّ لفّها، بحكم أنّها دول وظيفية تحاول أن تشارك في مثل هذه اللعبة الكبيرة، أو تشارك فيها رغماً عنها

وينوّه رباني إلى أنّ موقف الجزائر هو "الحياد، لكن هو حياد إيجابي يرفض التدخل الأمريكي في المنطقة بطريقة أخلاقية وواضحة ولا لبس فيها، ويؤيّد الموقف الروسي علناً، على اعتبار أنّ عسكرة المنطقة لا تخدم السلم العالمي، والجزائر معروف عنها عدم تأييدها مثل هذه التوسعات التي يكون خلفها أغراض اقتصادية وليس وطنية، فتوسّع حلف الشمال الأطلسي يخدم شركات السلاح والبنوك ومؤسسات اللوجستيك ولا يخدم مصالح شعوب أوروبا ولا الشعب الأمريكي، فالأمر يتعلّق بمصانع سلاح تنتج أسلحة، وبنوك تموّل ورجال أعمال سيستفيدون من أموال لا أكثر ولا أقل".

وينتهي رباني إلى أنّه "لا يمكن ترك السلم العالمي في يد مغامرين اقتصاديين كالذين يسيّرون الآن الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت رهينة جهاز عسكري صناعي آلي يتحكّم في القرار الأمريكي الإستراتيجي، وكذلك أكبر الجنرالات عندما يتقاعدون، ويعملون في كبريات شركات السلاح الأمريكية،  كيف لا وهؤلاء يعودون على شكل رجال/ لوبيين يدخلون داخل المؤسسات الأمريكية من مجلس الشيوخ، وكذلك وزارة الخارجية ومؤسسات القارة الأمريكية كي يقنعوها بشراء السلاح ودراساتهم المتعلقة بصراعات المناطق المختلفة في العالم، منها منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا والمحيط الهادي، في الحرب مع كوريا، وأيضاً في الصراع مع الصين.  




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية