حوادث عنف ووعود حكومية.. أزمة الخبز تتفاقم في لبنان.. ما الجديد؟

حوادث عنف ووعود حكومية.. أزمة الخبز تتفاقم في لبنان.. ما الجديد؟


28/07/2022

يعيش لبنان أزمة خبز، وهي واحدة من عدة أزمات تعصف بالبلاد، لكنها تفاقمت في الآونة الأخيرة، بشكل ملحوظ وزادت الطوابير والصدامات بين الزبائن أمام الأفران، وسط أزمة اقتصادية طاحنة ونقص كبير لمخزون القمح منذ انفجار مرفأ بيروت.

وأصبحت ربطة الخبز بمثابة معركة يومية يخوضها المواطن اللبناني، على الرغم من غلاء سعرها وندرتها في الأفران وخفة وزنها وكثرة الحلول الترقيعية التي تقدمها الحكومة بدون أي فائدة لتحسين الوضع الشائك.

تلك المشاهد تختصر حال المواطن اللبناني في مختلف مناطق البلاد، من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب، وسط مشادات بين المواطنين ‏وأصحاب الأفران، بسبب عدم توفر الخبز.

ولم تستطع الأفران تأمين الخبز بسبب نفاد مادة الطحين من الأفران، مما يعني أنّ الأزمة مستمرة رغم تطمينات وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، وسط معلومات عن تأخير الحلول بسبب إضراب موظفي القطاع العام في وزارة الزراعة.

حوادث عنف

وصباح أمس، استفاقت مدينة جونية على وقوع قتيل قضى دهساً على الطريق الساحلية أثناء توجهه إلى أحد الأفران، وانتشرت صوره على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وسط تعليقات غاضبة على ما آلت إليه الظروف.

ووفق موقع "لبنان 24"، فإنّ الحادث وقع أثناء محاولة الضحية اجتياز الأوتوستراد للحصول على الخبز. 

حدثت مشادات بين المواطنين ‏وأصحاب الأفران بسبب عدم توفر الخبز

الإشكالات المتكررة جعلت عدداً من المواطنين يفضلون تناول طعامهم من دون خبز كي لا يعرضوا أنفسهم لخطر الإصابة بضربة عصى أو حجر أو حتى بطلقة نارية، لاسيما وأنّ مقاطع الفيديو المتداولة تثير الرعب، منها الإشكال الذي وقع يوم الأحد في بلدة مكسة في البقاع، بين عرب قب إلياس واللاجئين السوريين، وذلك بحسب ما أكده رئيس البلدية عاطف الميس.

من أجل الخبز سقط عدد من الجرحى، كما قال الميس لموقع "الحرة"، وتم تحطيم الواجهات الزجاجية وقسم من محتويات الفرن، ولم يهدأ الأمر إلا بعد أن اتصل بالجيش، ليوزع بعدها صاحب الفرن الخبز المتبقي لديه قبل أن يغلق أبوابه لحين انتهاء الأزمة، ويشدد الميس "ما يحصل سببه عدم توفر الخبز بكميات كبيرة، وعدم تسليمه للدكاكين، إضافة إلى إغلاق عدد من الأفران أبوابها، فكل ذلك يؤدي إلى ضغط على الأفران التي لا تزال تعمل".

صباح أمس استفاقت مدينة جونية على وقوع قتيل قضى دهساً على الطريق الساحلية أثناء توجهه إلى أحد الأفران

كما تم تداول مقطع فيديو لشبان اقتحموا أفران موسى، في بلدة تعلبايا في البقاع، وقاموا برمي منتجاته أرضاً.

وفي اتصال أجراه موقع "الحرة" بالفرن تم التأكيد أنّ الفيديو التقط قبل يومين، وسبب المشكلة "غضب الشبان من عدم توفر الخبز العربي لدينا، في حين يتوفر الكعك والحلويات، ورغم شرحنا لهم أنّ الطحين الذي يدخل في صناعة الخبز العربي مدعوم ويختلف عن الطحين الإكسترا الذي نشتريه بالدولار الأميركي، إلا أنهم أصروا على اقتحام الفرن وأحدثوا الخسائر كما ظهر في الفيديو".

كما حصل إشكال، قبل فترة، أمام أفران "الريداني" في البداوي شمالي لبنان، وتخلله إطلاق نار، مما أدى الى سقوط ثلاثة جرحى، ودفعت الأجواء المتوترة بصاحب الفرن إلى إغلاق أبوابه.

وشهدت منطقة المنية إشكالاً أمام أحد الأفران، حيث تشاجر عدد من الشبان المنتظرين في الطوابير، ما دفع بصاحب الفرن إلى إغلاقه لوقت قصير ليعاود بعدها البيع، كما لم يسلم الفرن العائد لنقيب أصحاب صناعة الخبز في لبنان أنطوان سيف من المشكلات، إذ شهد يوم الإثنين الماضي تضارباً بين الزبائن داخل صالة المبيع في كسروان.

وعد حكومي

وأقرّ البرلمان اللبناني، الثلاثاء، اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح، في وقت تشهد البلاد شحاً غير مسبوق في الخبز منذ أسابيع.

ويتهافت اللبنانيون يومياً على الأفران حيث ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على أكياس الخبز التي تدعم الحكومة أسعارها، ولا تخلو ساعات الانتظار من إشكالات تتطلب أحياناً تدخلاً أمنياً.

وتقنّن الأفران الكميات التي توزعها، وسط تبادل الاتهامات بين وزارة الاقتصاد وأصحاب الأفران حيال المسؤولية عن الأزمة التي تأتي في خضم انهيار اقتصادي غير مسبوق مستمر منذ أكثر من عامين.

يتهافت اللبنانيون يومياً على الأفران حيث ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على أكياس الخبز التي تدعم الحكومة أسعارها

من جهته، كشف وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحاج حسن، لـ"سكاي نيوز عربية"، أنّ كمية 30 ألف طن من القمح ستسلم للمطاحن وهي مخصصة للأسبوع الحالي، قائلاً إنه ليس ثمة تأخير في فحص عينات القمح مطلقاً لدى الوزارة.

واستنكر الحاج حسن ما يجري على أبواب الأفران من طوابير وإذلال للمواطنين وتضارب بالأيدي واصفاً إياه بـ "غير المنطقي والمحزن والمقلق".

وقال المسؤول اللبناني "نحن كوزارة الزراعة نقوم بواجبنا كاملاً ولا نؤخر الفحص الضروري لصلاحية القمح المستوردة رغم إضراب موظفي القطاع العام، وموظفونا يقومون بعملهم على أكمل وجه، وما يروج عن تأخير في عمل الوزارة إشاعات لا صحة لها".

وختم بالقول "إنّ أزمة القمح في لبنان هي أزمة استيراد للمادة من الخارج، وهناك تأخير في الاستيراد تسأل عنه وزارة الاقتصاد".

أقرّ البرلمان اللبناني، الثلاثاء، اتفاقية قرض مقدم من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح، في وقت تشهد البلاد شحاً غير مسبوق في الخبز منذ أسابيع

وبالرغم من طمأنة وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، بوجود كميات كافية من الطحين والقمح، فإنّ ذلك لا يترجم على أرض الواقع، بل على العكس يزداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم وتغلق المزيد من الأفران أبوابها أمام المواطنين .

وكان وزير الإقتصاد أكد يوم الثلاثاء لوسائل الإعلام المحلية أنه "في حال اتخذ قرار رفع الدعم، فإنّ سعر ربطة الخبز سيتراوح بين 30 ألف و35 ألف ليرة لبنانية".

وكشف أنّ "الاتفاق مع البنك الدولي يقضي برفع الدعم عن الطحين، وأنّ هذه الخطوة ستتخذ بعد 9 أشهر، حيث ستتمكن الأسر الفقيرة من الحصول على الخبز من خلال بطاقات تموينية".

وفيما يتعلق بالأزمة الحالية، أشار سلام إلى أنّ 50 ألف طن من القمح ستدخل إلى لبنان خلال 10 أيام، تكفي لشهر ونصف الشهر وستخضع لفحوص وزارة الزراعة وقال "يجب الإسراع في الإنتاج حتى لا تحدث أزمة في البلد"، مشيراً إلى أنه "تم تشكيل لجنة بادارة وزارة الاقتصاد لتنظيم وصول القمح إلى المرفأ وبعدها إلى المطاحن، وبمساعدة جميع الأجهزة لمتابعة وصول القمح إلى الأفران".

سوق سوداء

ومع تفاقم أزمة الخبز، سرعان ما ظهرت سوق سوداء، تباع فيها ربطة الخبز 820 غراماً بسعر يتراوح بين 25 ألف ليرة إلى 30 ألف ليرة، وذلك بدلاً من 13 ألف ليرة كما حددته وزارة الاقتصاد.

وقال صاحب فرن في مدينة صيدا جنوب البلاد لموقع "سكاي نيوز عربية"، "كل مسؤول يرمي المسؤولية على الطرف الآخر، وغالبيتهم يتفقون على توجيه إصبع الاتهام ظلماً للاجئين السوريين واتهامهم بأنهم السبب الرئيسي للأزمة ومن أكثر المستفيدين من الأموال المخصصة لدعم الطحين".

وشهدت معظم أسواق السوبرماركت في بيروت وطرابلس، يوم الخميس، إقبالا كثيفاً من قبل المواطنين على شراء البسكويت والكعك بدلاً من الخبز بعد فقدانه منذ أكثر منذ يومين لدى معظم محلات بيع المواد الغذائية.

ما علاقة السوريين؟ 

وأشارت صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أنه "مع تفاقم الأزمات التي يرزح تحتها اللبنانيون نتيجة استفحال الأزمتين المالية والاقتصادية، عاد التوتر ليطبع العلاقة بين المجتمعين اللبناني المضيف والسوري النازح، نتيجة الصراع على مقومات العيش من خبز ودواء ومحروقات، كما على الخدمات وفرص العمل".

ولعل ما زاد من حدة التوتر مؤخراً خروج رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، قبل شهر تقريباً، ليهدد علناً بتطبيق القانون بحزم حيال النازحين، في حال لم يتعاون المجتمع الدولي لتأمين عودتهم إلى سوريا.

وتعد المشرفة العامة على خطة لبنان للاستجابة للأزمة علا بطرس، أنّ "التنافس على الوظائف وفرص العمل يشكل سبباً رئيسياً للتوترات بين المجتمع النازح والمجتمع المضيف، خصوصاً في القطاعات الخدماتية والتجارية، التي كانت تستقطب العمالة اللبنانية في السابق بشكل كبير"

ولفتت إلى أنّ "حجم النزوح السوري كبير، باعتبار أنّ النازحين موجودون في أكثر من 97% من البلديات، أي في كل لبنان تقريباً، يسبب ضغطاً على نظم المياه والخدمات والكهرباء والصرف الصحي وإدارة النفايات الصلبة، مع العلم أن البنية التحتية كانت سيئة قبل أزمة النزوح التي فاقمتها".

وتضيف بطرس لـ"الشرق الأوسط": "أما انفجار مرفأ بيروت فقد أثر على مخزون القمح الإستراتيجي للبنان الذي خسره جراء ذلك، وجاءت الأزمة الأوكرانية لتفاقم أزمات القطاع الأمن الغذائي نتيجة الندرة في الحصول على الطحين، وضمنا الخبز الذي يعتبر القوت اليومي لكافة السكان في لبنان، لا سيما النازحين"، لافتة إلى "تسجيل بعض الحالات، حيث يعمد بعض من السوريين إلى شراء الخبز بهدف المتاجرة به، ما اعتبر بمثابة صراع على لقمة العيش".

مع تفاقم أزمة الخبز سرعان ما ظهرت سوق سوداء، تباع فيها ربطة الخبز 820 غراماً بسعر يتراوح بين 25 ألف ليرة إلى 30 ألف ليرة، وذلك بدلاً من 13 ألف ليرة كما حددته وزارة الاقتصاد

ويحمل المسؤولون اللبنانيون، النازحين السوريين، جزءاً من أزمة الكهرباء، كما مؤخراً أزمة المياه. وطالب لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية بـ3.2 مليارات دولار لمعالجة تداعيات اللجوء السوري، حسب الأمم المتحدة، التي قالت إنها سبق وقدمت 9 مليارات دولار من المساعدات منذ 2015.

ويستعد وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عصام شرف الدين، لزيارة دمشق ولقاءِ مسؤولين من النظام السوري بتكليفٍ رسميٍّ من السلطات اللبنانية لبحثِ خطة لعودة اللاجئين السوريين، تقوم على إعادة 15 ألف لاجئ سوري شهرياً. وحسب معلومات "الشرق الأوسط"، ينتظر شرف الدين تحديد دمشق موعداً له لإنجاز هذه الزيارة.

ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنّ هناك 839.788 لاجئاً سورياً مسجلين لديها في لبنان، فيما تؤكد السلطات اللبنانية أنّ العدد الإجمالي للنازحين السوريين يفوق المليون ونصف المليون.

وأفاد "مصدر مطلع" لموقع "لبنان 24"، أن تهريب الخبز إلى سوريا مستمر لا سيما من عرسال حيثُ يتم شراء الربطة بـ١٦ ألف وتباع في سوريا بـ٢٥ ألف ليرة، ويحمّل "البيك أب" حوالي ١٠ آلاف ربطة خبز إلى الجرد ويلاقيه "بيك أب" آخر ينقل الخبز إلى القرى السورية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الطحين حيث تمر شاحنة يومياً ويتم تهريب حوالي الـ٤٠ طناً من الطحين من حوش السيد علي".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية