اعتدت شرطة أمن الجامعات التابعة لحركة حماس على بعض الطلبة والموظفين في جامعة الأزهر في غزة ممّن يرتدون الكوفية الفلسطينية، وسط رفض واستهجان واسع من قبل إدارة الجامعة ومنظمات حقوقية لهذا الاعتداء.
وأصدرت الشبيبة الفتحاوية والكتلة الإسلامية في جامعة الأزهر بياناً مشتركاً، قالت فيه إنه تم التوافق لتجاوز الخلاف بين جميع الأطراف، ويتم بموجب الاتفاق الإفراج عن كافة المعتقلين من طلبة الجامعة، وفي إطار ذلك حذر نشطاء فلسطينيون من الوقوع بقضايا هامشية تزيد من حالة الشرخ في الشارع الفلسطيني، وتكرس الانقسام السياسي الفلسطيني المتواصل منذ 15 عاماً، حسب ما أورده "مرصد مينا".
وتُعتبر جامعة الأزهر من الجامعات الفلسطينية الكبرى التي تتبع بشكل كامل لحركة فتح، ويحرص بشكل عام أهالي الطلبة الذين يناصرون حركة فتح لدمج أبنائهم للتعليم في هذه الجامعة، نظراً لمميزات مالية يحصلون عليها من منح وقروض خلال دراستهم الجامعية، في حين يتم تعيين رئيس مجلس أمناء الجامعة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشكل مباشر، وبعدها يتولى رئيس مجلس الأمناء تشكيل المجلس، الذي من صلاحياته تعيين رئيس الجامعة..
حذر نشطاء فلسطينيون من الوقوع بقضايا هامشية تزيد من حالة الشرخ في الشارع الفلسطيني
والكوفية الفلسطينية هي وشاح أبيض وأسود كان يرتديها بشكل دائم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وأصبحت رمزاً وطنياً فلسطينياً، فهي كانت وما زالت حاضرة في تاريخ الكفاح الفلسطيني الطويل، والمسّ بها يعتبر إهانة للشعب الفلسطيني كله ورموزه النضالية.
من جهتها وصفت حركة فتح اعتداء مسلحي شرطة حماس على الطلبة والموظفين في جامعة الأزهر بغزة بالسقوط الأخلاقي، واعتبرته جريمة بحق رموز الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية عموماً، كما أنّ ذلك يشكل انعكاساً لنهج الإقصاء، والمفاهيم الظلامية المناهضة للفكر والمبادئ والتراث الوطني الذي تنتهجه حماس.
في المقابل، استنكرت إدارة جامعة الأزهر ما قامت به عناصر شرطة حماس، من اقتحام حرم الجامعة والاعتداء على الطلبة بشكل وحشي، حيث أمرت الشرطة الطلبة بعدم ارتداء الكوفية الفلسطينية، بحجة وجود أوامر لديهم من قبل إدارة الجامعة بذلك، ومن ثم قامت الشرطة بتوقيف كل من رفض نزع الكوفية وأخضعتهم للضرب، كما أنّ الاعتداء طال عناصر الأمن الخاص بالجامعة، الذين تدخلوا لفض العنف بين عناصر الشرطة والطلبة.
في غضون ذلك، دان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حادثة الاعتداء على الطلبة من قبل شرطة حماس، والتي تخللها مشادات بين أمن الجامعة وبين الشرطة، مطالباً بالتحقيق في هذه الحادثة واتخاذ التدابير الكفيلة بمنع تكرار مثل هذه الحوادث، التي تهدد نجاح واستمرارية العملية التعليمية، واستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان قيام الشرطة بحظر الكوفية، واقتحام حرم جامعة الأزهر بغزة والاعتداء على الطلبة، مبيناً أنّ تدخل الشرطة داخل حرم الجامعة يكون دائماً بطلب رسمي من إدارة الجامعة، وهو أمر معمول به منذ فترة طويلة ويحترمه أطراف العلاقة، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة تحييد الجامعات عن المشكلات والصراعات السياسية.
من جهتها، نفت قيادة الشرطة التابعة لحماس في تصريحات صحافية كل ما يشاع من معلومات وصفتها بباطلة ومفبركة ضد عناصر الشرطة، والتي حملت اتهامات غير صحيحة بحق ضباط الشرطة، وتضمن قلباً للحقائق هدفها التشويه وحرف مسار الحدث لتحقيق أهداف سياسية.
وأشارت إلى أنّ شرطة أمن الجامعات بدأت ترتيباتها للفصل الدراسي الجديد بناءً على تعليمات إدارة الجامعة، لكنها تفاجأت بقيام أحد الأطر الطلابية الفتحاوية بتنظيم نشاط استقبال للطلبة الجدد في مخالفة لقرار إدارة الجامعة، وعلى إثر ذلك أبلغت الشرطة إدارة الجامعة لتقوم بواجبها في تنفيذ قرار الجامعة، لكن فوجئت الشرطة باستمرار إقامة النشاط، ما دفع ذلك للتدخل وفضه.
في غضون ذلك أطلق نشطاء فلسطينيون وسم "كوفيتي هويتي"، رداً على اعتداء الشرطة التابعة لحماس على طلبة جامعة الأزهر، ومنعتهم من ارتداء الكوفية داخل الحرم الجامعي، هذا الوسم الذي تصدر منصات التواصل الاجتماعي في فلسطين، تفاعل معه الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين على رمزية الكوفية بالنسبة إلى الفلسطينيين وتاريخهم النضالي.
من جانبه، عبّر الطالب عاصف الكردي (21عاماً) "عن امتعاضه الشديد من تصرف إدارة شرطة الجامعة التابعة لحماس، في الاعتداء على الطلبة داخل حرم الجامعة، مستغرباً في ذلك من هذا التصرف الذي لا يمس بالأمن، كما تدعي الشرطة بأنّ ارتداء الكوفية تحيز حزبي يثير العنف".
وبين الكردي في حديثه لـ"مرصد مينا" أنّ "عناصر الشرطة اقتحمت الجامعة بشكل مفاجئ، ودعت جميع الطلبة ممّن يرتدون الكوفية إلى نزعها بشكل فوري، ونتيجة لرفض غالبية الطلبة التزام التعليمات، قامت الشرطة وبمساعدة طلبة الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي التابع لحماس في الجامعة، بالاعتداء القاسي على الطلبة، وقد دفع ذلك إلى التهجم من قبل الطلبة على عناصر الشرطة".
من جانبه، قال الناطق باسم حركة فتح أسامة القواسمي: إنّ "ما قامت به عناصر شرطة حماس بحق طلبة جامعة الأزهر أمر منافٍ للأخلاق، لأنّ الكوفية الفلسطينية هي رمز لكل مناضل فلسطيني، وليست مختصة بحركة فتح وحدها".
ويوضح القواسمي: أنّ "ارتداء طلبة الجامعة للكوفية نابع من حبهم للراحل ياسر عرفات وتاريخ حركة فتح النضالي، فلا يعقل أن يتسبب ارتداء الكوفية بجدل وتحيز حزبي كما تدّعي شرطة حماس، داعياً في ذلك حماس إلى عدم وضع مبررات واهية أمام الحرية الشخصية للطلبة"، مشيراً إلى أنّ "حماس منذ سيطرتها على قطاع غزة عام 2007 تواصل قمع وملاحقة مناصري حركة فتح وعرقلة أنشطتهم، مطالباً حماس بأن تعيد كافة حساباتها مع الشعب الفلسطيني، والتراجع الفوري عن الضغوط التي تمارسها ضد المواطنين في قطاع غزة".