حكم قضائي بحق وزير تونسي سابق يكشف الفساد المالي لحركة النهضة

حكم قضائي بحق وزير تونسي سابق يكشف الفساد المالي لحركة النهضة

حكم قضائي بحق وزير تونسي سابق يكشف الفساد المالي لحركة النهضة


27/05/2025

أصدرت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، يوم 26 أيّار (مايو) الجاري، حكمًا غيابيًا بالسجن لمدة (6) سنوات مع النفاذ العاجل، بحق وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق، سليم بن حميدان، وذلك بتهمة فساد مالي في ملف البنك الفرنسي التونسي.

وقد عاد سليم بن حميدان إلى تونس في كانون الثاني (يناير) 2011، وانتُخب عضوًا في المجلس الوطني التأسيسي عن دائرة مدنين في تشرين الأول (أكتوبر) 2011. وللمفارقة فإنّه خلال فترة توليه وزارة أملاك الدولة عمل على معالجة ملفات الفساد المتعلقة بأملاك الدولة، بما في ذلك أملاك عائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي.  

خلفية القضية

تعود القضية إلى نزاع قانوني بين الدولة التونسية ورجل أعمال تونسي مقيم بالخارج، يتعلق بالبنك الفرنسي التونسي (BFT)، وهو ملف شائك تعود جذوره إلى عقود مضت. واتهم ابن حميدان، الذي تولى الوزارة في حكومة الترويكا بعد الثورة وكان مقربًا من حركة (النهضة)، بالتورط في تسوية غير قانونية لهذا النزاع، ممّا ألحق أضرارًا مالية جسيمة بالدولة التونسية.

 وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية التونسي السابق: سليم بن حميدان

ووفقًا للحكم، فإنّ الدولة التونسيّة، تمّت إدارتها طيلة العشرية التي هيمنت فيها حركة (النهضة) على الحكم، بطريقة تفتقد إلى الشفافية، كما أنّ الملفات المالية شابها عوار قانوني، وفساد مالي، وصفقات خفيّة؛ الأمر الذي أهدر مقدرات الشعب التونسي.

الأحكام الأخرى في القضية

شملت الأحكام القضائية أيضًا عددًا آخر من المتهمين، وهم:

عبد المجيد بودن، رجل أعمال تونسي مقيم بالخارج، حُكم عليه بالسجن (6) سنوات مع النفاذ العاجل.

مستشار خاص لسليم بن حميدان، حُكم عليه بالسجن (6) سنوات.

مكلفة عامة سابقة بنزاعات الدولة، حُكم عليها بالسجن (3) سنوات.

يُذكر أنّ جميع المتهمين في هذه القضية محالون بحالة فرار، ممّا يرجح صدور بطاقات جلب دولية بحقهم.

المطالب المالية للدولة

من جهته، طالب المكلف العام بنزاعات الدولة بتعويض قدره (14) مليون دينار تونسي، تمثل أتعاب ومصاريف التقاضي في المحاكم داخل تونس وخارجها، في إطار هذا النزاع.

وتمثل القضية سابقة قانونية، تشي بعزم الحكومة التونسية على فتح ملفات حركة (النهضة) وحلفائها، والمساومات التي جرت في الخفاء، لتكريس هيمنة الحركة سياسيًا، مقابل فتح الأبواب على مصراعيها أمام الفاسدين، على الرغم من الشعارات التي رفعتها الحركة.

تمثل القضية سابقة قانونية، تشي بعزم الحكومة التونسية على فتح ملفات حركة (النهضة) وحلفائها

ويمثل الحكم ضربة قويّة لحركة (النهضة)، راعية حكومة الترويكا السابقة، وقد تأسس هذا الائتلاف في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 بهدف تشكيل أغلبية مستقرة في الحكم خلال المرحلة الانتقالية بعد الثورة التونسية، وانحلّ في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. وكان الائتلاف برئاسة حمادي الجبالي من حركة (النهضة)، وتلاه علي العريض من الحزب نفسه.

دلالات الحكم

يُعدّ هذا الحكم القضائي مؤشرًا على جدية السلطات التونسية في مكافحة الفساد، خاصة في الملفات التي تورط فيها مسؤولون سابقون في حكومات ما بعد الثورة. كما يُبرز التحديات التي تواجهها الدولة في استرداد الأموال المنهوبة ومحاسبة المتورطين، خاصّة أولئك الذين فروا إلى الخارج.

ويمثل الحكم بالسجن على سليم بن حميدان تطورًا مهمًّا في مسار مكافحة الفساد في تونس، ويؤكد على التزام القضاء بمحاسبة المسؤولين المتورطين في قضايا فساد، بغضّ النظر عن مناصبهم السابقة أو انتماءاتهم السياسية.

جدير بالذكر أنّ سليم بن حميدان متزوج من إحدى بنات وزير الفلاحة السابق محمد بن سالم، وهو قيادي بارز في حركة (النهضة) التونسية، وقد انضم إلى الحركة منذ شبابه، وتقلد عدة مناصب قيادية فيها، منها عضويته في مجلس الشورى منذ عام 1989، وتوليه منصب نائب رئيس الحركة، ثم رئاستها لفترة قصيرة بين نيسان (أبريل) وحزيران (يونيو) 1991؛ الأمر الذي يكشف التحالف الضمني بين سليم بن حمدان وقيادات حركة (النهضة) التونسيّة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية