حقق حُلم الوالد المؤسس.. عودة الابن البار

حقق حُلم الوالد المؤسس.. عودة الابن البار

حقق حُلم الوالد المؤسس.. عودة الابن البار


04/09/2023

سليم ضيف الله

6 أشهر، 186 يوماً، عشرات التجارب العلمية، ومئات الاختبارات والبرامج، وإنجازات مذهلة، احتضنتها محطة الفضاء الدولية، بإمضاء رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي.

وبهذا الإنجاز، وصل سُلطان المركبة دراغون بالمكوك أبولو، فحقق الحلم الذي راود يوماً الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في واقعة لا تزال حاضرة في أذهان أبناء الإمارات الذين شاهدوا استقباله للرواد الذين شاركوا في رحلة المكوك أبولو، وحديثه معهم ذات يوم من 1976 عن استكشاف الفضاء، وسبل تحقيق هذا الحلم، وحرصه منذ ذلك الوقت على الاقتداء بهذه التجربة في الإمارات. وبعد أكثر من 45 عاماً، ورغم أنه لم يعاصر ذلك الحدث، وربما تابعه مثل غيره من أبناء الإمارات لاحقاً عندما شب وكبر وظهرت ميوله لخوض مغامرة الوصول إلى الفضاء، أصبح سلطان النيادي، نموذجاً فريداً للابن البار، الذي حقق حلم والده، ولو بعد نصف قرن من الزمن، فحطم الرقم القياسي تلو الآخر، وخاض التجربة تلو الأخرى، وسار في الفضاء، وحلّق فيه مثل الكويكب، أو الشهاب، وعاد اليوم إلى الأرض، ولسان حاله يقول، أُنجزت المهمة وتحقق الحُلم، نم يا أبانا هانئاً قرير العين.

واليوم، لا شك أن كثيرين يذكرون لقاء الشيخ زايد التاريخي بفريق أبولو17، وسيتذكر كثيرون ولا شك أن أبولو17 كانت آخر رحلة مأهولة نقلت رواد فضاء من الأرض إلى القمر، أما دراغون فهي أول مركبة تنقل أول رائد فضاء من الإمارات إلى محطة الفضاء الدولية في مهمة مطولة، بعد أول رائد فضاء إماراتي ينتقل إليها من الأرض، في دلالة على تنامي نسق تطور برامج الفضاء في الإمارات، التي أطلقت هزاع المنصوري أول رائد فضاء عربي إلى محطة الفضاء الدولية في 2019، ثم مسبار الأمل لاستكشاف المريخ في 2020، وقبلهما أطلقت البرنامج الوطني للفضاء في 2017، الذي يتضمن مشاريع علمية ضخمة، أبرزها مشروع المريخ 2117، لاستكشاف هذا الكوكب، وبناء أول مستوطنة بشرية على المريخ في مئة عام، إلى جانب عشرات البرامج العلمية الفرعية الأخرى المهمة، مثل المجلس العالمي لاستيطان الفضاء، والبرنامج العربي لاستكشاف الفضاء، وأول مدينة علمية لمحاكاة الحياة على كوكب المريخ، وغير ذلك من المبادرات والمشاريع العلمية التي تشكل مجتمعة بعض مكونات برنامج الفضاء الإماراتي الطموح، الذي يقوم على استثمارات تبلغ نحو 20 مليار درهم، جعلت الإمارات بين أكبر 10 دول في العالم استثماراً في قطاع الفضاء، وصناعاته المختلفة.

إن عودة سلطان، اليوم إلى الأرض بعد هذا الإنجاز غير المسبوق، لن تكون نهاية الرحلة مع الفضاء، أو آخر المغامرات المذهلة التي يخوضها أبناء الشيخ زايد في أعماق الفضاء، بعد نجاحهم في رفع التحديات التي صادفتهم على امتداد عمر الدولة على الأرض، بل ستكون منطلقاً لرحلات أخرى أكثر طموحاً، ولكنها أيضاً أكثر تعقيداً وتطوراً، بعد ارتفاع سقف التحديات، بفضل هذا الإنجاز، وبمثل سلطان، ليظل حلم المؤسس الراحل حياً في أذهان أبنائه وقلوبهم، ودافعاً لهم ليكسبوا رهانه على شباب الإمارات، وثقته في قدرتهم على تحدي المستحيلات، وهو الذي قال يوماً: "يجب التزود بالعلوم الحديثة والمعارف الواسعة والإقبال عليها بروح عالية، ورغبة صادقة على طرق مجالات العمل كافة، حتى تتمكّن دولة الإمارات خلال الألفية الثالثة من تحقيق نقلة حضارية واسعة".

منذ ستة أشهر انطلق سلطان في مغامرته الفضائية، واليوم عاد إلى الأرض بعد إنجاز مهمته التاريخية، وتحقيق حلم الراحل الكبير، ليكون النموذج المشرف للابن البار.. وإنه لنعم البِر.  

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية