حرب أمريكية على إيران ليست بالأسلحة التقليدية

أمريكا وإيران

حرب أمريكية على إيران ليست بالأسلحة التقليدية


13/05/2019

يرى خبراءٌ ومحللون إستراتيجيون أمريكيون أنّ حرب ادارة الرئيس دونالد ترامب على إيران قد بدأت، لكنها لم تستخدم الأسلحة التقليدية من صواريخ وطائرات حتى الآن، مستشهدين بما قاله مؤخراً مسؤولان إيرانيان كبيران حول تأثير الحصار الإمريكي المحكم على بلادهما.
وتشير مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" في الشرق الأوسط، فيفيان يي، إلى مقارنة الرئيس الإيراني حسن روحاني الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد تحت وطأة العقوبات الأمريكية بـ "المصاعب التي عانت منها إيران خلال الحرب مع العراق".

لا يستبعد محللون أمريكيون وصول النظام الإيراني إلى مرحلة "تجرّع كأس سم ثانية" بعد التي تجرعها آية الله الخميني

هي حرب بتأثيرات أقسى وأصعب من حرب السنوات الثماني التي تجرعت فيها إيران "سم الهزيمة"، وهي حرب سمّاها قائد قوات الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي في جلسة مغلقة للبرلمان في طهران يوم الأحد، "حرب نفسية" لكنها هذه المرة بأذرعٍ باطشة تمثلها القوة البحرية وطائرات B-52 القاصفة الإستراتيجية.
ويظل المهم، بحسب أركان الإدارة الأمريكية، تركيع النظام الإيراني وجلبه إلى طاولة مفاوضات بشروط جديدة، حتى وإن لوّح مؤخراً بالتخلي عن الاتفاق النووي فـ "إذا تخلت إيران عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، فسترد الولايات المتحدة وإسرائيل باستهداف البرنامج النووي الإيراني"، يقول مدير مشروع إيران في "مجموعة الأزمات الدولية" الباحث علي فايز.
وقبل الوصول إلى لحظة صدام كهذه ينصح فايز بـ "استخدام العقوبات كمشرط، وليس كمنشار، وهذا يعني استعداد ادارة ترامب رفع العقوبات تدريجياً وبشروط ضمن مفاوضات رابحة".

اقرأ أيضاً: هل تقف إيران وراء العمليات التخربيبة في ميناء الفجيرة؟
أركان نظام طهران ووكلاؤه في المنطقة مشغولون بمحاولة معرفة عنصر "الحرب النفسية" في خطة ترامب التي تشير إلى أنّ نظام الملالي لا يدرك بقوة ما قد يأتي، لذا يتحدث الجنرال سلامي عن ضرورة "التعامل بحذر حتى لا يستفز الأمريكيين".

طائرات B-52
وإذا كان سلامي واثقاً من أنّ "أمريكا ليست لديها قوات في المنطقة لذا لن تبدأ حرباً حقيقية وهي تلعب لعبة نفسية" فإنّ ذلك يتناقض مع تصريحات الرئيس حسن روحاني الذي اعتبر العقوبات الأمريكية شكلاً من أشكال "الحرب الشاملة" وأنّ بلاده تراقب بعناية الموقف الأمريكي وتشعر بالقلق من أنّ واشنطن هذه المرة قد لا تكون مخادعة.

"كأس سم ثانية"
ولا يستبعد محللون في واشنطن وصول النظام الإيراني إلى مرحلة "تجرّع كأس سم ثانية" بعد الأولى حين قبل آية الله الخميني، وبعد ما يقرب من ثماني سنوات من الحرب مع العراق، وقفاً لإطلاق النار في العام 1988، على الرغم من تعهده بتحقيق النصر (سحق نظام صدام والوصول إلى كربلاء)، وشبّه الاتفاق بالشرب من "كأس سم".

اقرأ أيضاً: هل زادت فرص نشوب صراع عسكري بين إيران وأمريكا؟

ويعتقد بهنام بن طالبو، وهو زميل بارز في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" الفكرية المتشددة في واشنطن والتي تدافع عن سياسة الضغط على إيران حتى لاستسلام، أنّ "إيران سوف تتراجع تحت ضغط كافٍ ومؤثر".
ويقول إنّ "حديث الرئيس روحاني بأنّ هناك ضغوطاً على إيران حالياً لم تعرفها أثناء الحرب هي شهادة رئيسية على مدى فعالية العقوبات"، موضحاً "سوف تتضاعف العقوبات على إيران، ثلاث وأربع مرات، وفي النهاية ستتحول سياسة طهران  180 درجة إذا أدركت أنه لا يوجد مخرج".

اقرأ أيضاً: ما مدى واقعية اندلاع حرب أمريكية إيرانية؟
لكنّ الاستسلام لمطالب إدارة ترامب سيكون بمثابة استسلام شبه كامل لقادة إيران، وهو أمر قال محللون آخرون إنّ الإيرانيين لن يكونوا مستعدين للقبول به، لأنه قد يؤدي إلى تغيير تام للنظام".
لكن علي فايز، يوضح "من المنظور الإيراني، فإنّ الشيء الوحيد الأكثر خطورة من المعاناة من العقوبات هو الاستسلام للأمريكيين. لقد آمن آية الله خامنئي على مر السنين أنك إذا استسلمت للضغط ، فلن يخفف من ذلك فعليًا، بل سيدعو بالفعل إلى مزيد من الضغط. وبهذه النظرة فمن غير المرجح أن يتصل الإيرانيون بالرئيس ترامب في أي وقت قريب"، أي أنهم وكما قال الرئيس روحاني "الاستسلام لا يتوافق مع ثقافتنا وديننا، والناس لا يقبلون به".

الاستسلام لمطالب إدارة ترامب سيكون بمثابة استسلام شبه كامل لقادة إيران

ورقة أوروبا الضعيفة
وتبدو ورقة طهران الأخيرة في وقف الحرب غير التقليدية التي بدأتها واشنطن غير ذات نفع، حين تراهن على الموقف الأوروبي فهي ستعطي القادة الأوروبيين 60 يوماً كمهلة لإيجاد طرق لرفع الحصار المالي على إيران، وإجبارهم على الاختيار بين الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في عزل إيران أو الحفاظ على صفقة الاتفاق النووي في العام 2015، فلطالما أكدت التجارب القريبة أنّ مواقف الاتحاد الأوروبي حيال الولايات المتحدة ضعيفة ولا تحقق شيئأ.

اقرأ أيضاً: إيران تتراجع عن تعهداتها في الاتفاق النووي.. ماذا سيكون ردّ أوروبا؟
مع هذا غادر وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو واشنطن في طريقه إلى بروكسل لإجراء محادثات مع مسؤولين أوروبيين بشأن إيران قبل التوجه إلى روسيا.
وكانت الدول الأوروبية أكدت إنها تريد الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني ورفضت "الإنذارات النهائية" من طهران، بعد أن خففت إيران القيود المفروضة على برنامجها النووي وهددت بتحركات قد تنتهك الاتفاق الدولي لعام 2015.

أعمال تخريب
إلى ذلك أصدرت الولايات المتحدة تحذيراً جديداً في وقت مبكر من يوم الاثنين للبحارة بشأن "أعمال التخريب" التي تستهدف السفن قبالة سواحل الإمارات العربية المتحدة وسط توترات إقليمية متزايدة بين أمريكا وإيران.
في غضون ذلك أبرزت منابر صحافية أمريكية، أدانة الحلفاء الإقليميين لدولة الإمارات العربية المتحدة التخريب الذي تم الإبلاغ عنه يوم الأحد للسفن الأربع قبالة ساحل الفجيرة، والذي جاء بعد ساعات من بث وسائل الإعلام الإيرانية واللبنانية تقارير كاذبة بحدوث انفجارات في ميناء المدينة.

تبدو ورقة طهران في وقف الحرب غير التقليدية التي بدأتها واشنطن غير ذات نفع حين تراهن على الموقف الأوروبي

ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن ميناء الفجيرة الذي يبعد حوالي 140 كيلومترًا (85 ميلًا) جنوب مضيق هرمز الذي يتم من خلاله تداول ثلث النفط العالمي، يتعامل مع تخزين النفط وشحنه ويعتبر موقعاً إستراتيجياً، يخدم طرق الشحن في الخليج وشبه القارة الهندية وأفريقيا.
ويأتي حادث يوم الأحد بعد أن حذرت الإدارة البحرية الأمريكية، وهي قسم ضمن وزارة النقل الأمريكية، يوم الخميس من أنّ إيران قد تستهدف حركة النقل البحري التجارية، محذرةً "منذ أوائل أيار/ مايو، هناك احتمال متزايد بأن إيران أو وكلاءها الإقليميين يمكنهم اتخاذ إجراءات ضد مصالح الولايات المتحدة والشركاء، بما في ذلك البنية التحتية لإنتاج النفط، بعد تهديدهم الأخير بإغلاق مضيق هرمز. يمكن أن تقوم إيران أو وكلاؤها باستهداف السفن التجارية، بما في ذلك ناقلات النفط، أو السفن العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر أو مضيق باب المندب أو الخليج".
ولم تستبعد الصحيفة أن يكون تحذير الإدارة البحرية الأمريكية قد دفع البيت الأبيض إلى الطلب من حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن وقاذفات بي 52 للتوجه إلى منطقة الخليج الأسبوع الماضي.

اقرأ أيضاً: خطط إيرانية لاستهداف قوات أمريكية.. تفاصيل
وفي وقت مبكر من يوم الأحد، أصدرت الوكالة البحرية الأمريكية تحذيراً جديداً للبحارة بعد وقوع التخريب المزعوم، وحثت الشاحنين على توخي الحذر في المنطقة، وهو حذر سيغيّر إيقاع المعادلة الإقليمية في المنطقة، بلا ريب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية