توفي، الجمعة، جون لويس، الناشط الذي يعد رمزا للدفاع عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ورفيق درب مارتن لوثر كينغ الابن والعضو في الكونغرس الأميركي منذ 1986، عن ثمانين عاما.
ولويس أيقونة نضال الأميركيين السود خاض طوال حياته معركة طاحنة ضد التمييز والظلم الاجتماعي. وتعرض للضرب من قبل الشرطة وتم توقيفه عدة مرات في احتجاجات ضد حملات إبادة أو قوانين متعلقة بالهجرة.
وقال مارتن لوثر كينغ الثالث، وهو النجل الأكبر لمارتن لوثر كينغ الابن، لشبكة "سي إن إن" "من منظور تاريخي، لا يمكن إلا لقلة أن يصبحوا عمالقة. تحول جون لويس حقا إلى عملاق من خلال القدوة التي مثلها بالنسبة إلينا".
وكان لويس نجل مزارع ساهمت معاركه من أجل العدالة في تحديد ملامح حقبة بأكملها، بينما تركت سلطته الأخلاقية كرجل دولة كبير في السن لا يقهر بصمة في الكونغرس.
وتم تشخيص إصابته بسرطان البنكرياس في المرحلة الرابعة أواخر العام 2019.
وفي بيان أعلن فيه أنه أمر بتنكيس الأعلام في البيت الأبيض وغيره من المقار الحكومية والسفارات لمدة يوم، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إن ذلك "احتراما لذكرى النائب عن جورجيا جون لويس ولخدمته العامة الطويلة الأمد".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني في تغريدة السبت "كان النائب جون لويس رمزا لحركة الحقوق المدنية ويترك خلفه إرثا راسخا لن ينسى. نصلي لعائلته بينما نستذكر مساهمات النائب جون لويس المذهلة لبلدنا".
كما أمرت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بتنكيس الأعلام في مبنى الكابيتول.
جازف "بحياته ودمه"
وفي سن الحادية والعشرين، كان لويس بين مؤسسي حركة "ركاب الحرية" التي حاربت التمييز العنصري في وسائل النقل في الولايات المتحدة مطلع ستينات القرن الماضي.
وكان أصغر قادة "المسيرة إلى واشنطن" في 1963 التي ألقى فيها مارتن لوثر كينغ خطابه الشهير "لدي حلم".
وبعد سنتين، كاد جون لويس يقتل بأيدي عناصر أمن على جسر ادموند بيتوس في مدينة سلما في ولاية ألاباما خلال مسيرة حيث كان يقود مسيرة سلمية إلى مونتغومري ضمت مئات الناشطين ضد التمييز العنصري. وأصيب بكسر في جمجمته في ذلك اليوم الذي أطلق عليه "الأحد الدامي".
وبعد خمسين عاما في 2015، عبر مجددا الجسر برفقة باراك أوباما، أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة، إحياء لذكرى المسيرة من سلما.
ومنحه أوباما وسام الحرية الرئاسي كأرفع مكافأة مدنية أميركية، في مراسم أقيمت في البيت الأبيض في 2011.
وكتب أوباما في تغريدة السبت "قلائل منا يعيشون ليروا إرثنا يتطور بهذه الطريقة الرائعة والمهمة، جون لويس حقق ذلك"، مؤكدا أن الناشط "كان يحب بلده إلى درجة أنه جازف بحياته ودمه من أجلها".
"ضمير الكونغرس"
ولد جون لويس في تروي بولاية ألاباما في 21 فبراير 1940 وكان الثالث بين عشرة أولاد. وعاش في بيئة يهيمن عليها السود بالكامل تقريبا وما لبث أن أدرك حجم التمييز في الولاية الواقعة في جنوب شرق الولايات المتحدة.
بدأ بتنظيم الاعتصامات أمام المطاعم التي تمارس التمييز العرقي وتم توقيفه حوالى 20 مرة خلال احتجاجات غير عنيفة، قبل أن يؤسس ويقود في وقت لاحق "لجنة التنسيق الطلابية للأعنف" حيث كتب خطابات ضد عنف الشرطة ونظم حملات لتسجيل الناخبين السود.
وانتخب لشغل مقعد في الكونغرس عام 1986 وسرعان ما تحول إلى شخصية تملك سلطة أخلاقية.
وتوالت التصريحات التي أشادت به من جانب الديموقراطيين والجمهوريين على السواء.
وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن لويس كان يجسد "ضمير الكونغرس". وتابعت "تنعي أميركا اليوم أحد أعظم أبطال التاريخ الأميركي"، واصفة إياه بـ"عملاق حركة الحقوق المدنية".
ووصف السناتور الجمهوري ميت رومني في تغريدة على تويتر لويس بأنه صاحب "مبادئ ثابتة وشخصية لا يمكن التغلب عليها".
وابتعد لويس في الأشهر الأخيرة عن مهامه في الكونغرس بينما كان يخضع للعلاج من السرطان.
لكنه عاد إلى واشنطن مطلع يونيو في خضم التظاهرات الغاضبة بعد مقتل جورج فلويد على أيدي شرطي في مينيابوليس، ليشارك في مسيرات "حياة السود تهم" قرب البيت الأبيض.
وصرح قبل أيام في جلسة نقاش في الكونغرس تناولت مسألة العنصرية أن "الرياح تهب، التغيير الكبير آت".
عن "الحرة"