جدل حول استسلام مقاتلين من جماعة بوكو حرام... ما القصة؟

جدل حول استسلام مقاتلين من جماعة بوكو حرام... ما القصة؟


28/08/2021

تثير صور استسلام جهاديين منهكين وعائلات للجيش النيجيري جدلاً حاداً بشأن ما تعلنه القوات العسكرية عن نجاح حربها المستمرة منذ مدة طويلة، ومستقبل المقاتلين الذين يسلمون أسلحتهم، في وقت يشكك فيه مراقبون بجدوى ذلك.

 وظهر العشرات من عناصر جماعة بوكو حرام المتطرفة في صور نشرها الجيش هذا الشهر وهم يستسلمون لجنود في ولاية بورنو بشمال شرق البلاد، وكان البعض منهم يحملون أوراقاً كتبت بخط اليد تطلب من النيجيريين المسامحة، بحسب ما أورده موقع "ميدل إيست أون لاين".

 ويصف الجيش النيجيري تلك الحالات بالفرار الجماعي، وبأنه نجاح يقول إنه ثمرة حملة مكثفة لإنهاء نزاع مستمر منذ 12 عاماً، أودى بحياة قرابة 40 ألف شخص وشرّد قرابة مليونين آخرين.

رئيس الأركان الجنرال فاروق يحيى: إننا نحرز تقدماً ونحقق نتائج، وإذا ما استمر ذلك، وينبغي أن يستمر، سنطوي هذه الصفحة في شمال شرق البلاد

 غير أنّ محللين ومصادر أمنية يقولون إنّ حالات الاستسلام تلك ربما هي مدفوعة بشكل أكبر بالخسائر التي تكبدتها بوكو حرام في الاقتتال الداخلي مع جهاديين منافسين من تنظيم الدولة الإسلامية ـ ولاية غرب أفريقيا.

 وحالات الاستسلام تثير حساسية كبيرة في نيجيريا، فالأهالي الغاضبون في بورنو يخشون أن يتمكن الجهاديون المسؤولون عن أعوام من الفوضى من الإفلات من العقاب أو العودة إلى ساحة الحرب.

 والانشقاقات ليست أمراً نادراً في نيجيريا، لكن بالنسبة إلى الجيش الذي يقاتل بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية، يمثل ارتفاع أعداد المستسلمين دليل نجاح.

وقال رئيس الأركان الجنرال فاروق يحيى خلال فعالية مؤخراً: "إننا نحرز تقدّماً ونحقق نتائج، وإذا ما استمر ذلك، وينبغي أن يستمر، سنطوي هذه الصفحة في شمال شرق البلاد".

 وأضاف: "ندعو الآخرين المختبئين في الأدغال إلى أن يتقدموا ويسلموا أسلحتهم مثل زملائهم".

 ويقول الجيش النيجيري إنّ قرابة 1000 عنصر من بوكو حرام وعائلاتهم استسلموا مؤخراً، وفق بياناته.

 ويرى فنسان فوشيه من المركز الوطني للأبحاث العلمية الفرنسي أنّ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ـ ولاية غرب أفريقيا بعد وفاة الشكوي كانت السبب الرئيسي لحدوث انشقاقات جديدة بين المدنيين الذين أرغموا على العيش تحت سيطرة بوكو حرام والمقاتلين على حد سواء.

 

كثيرون ممّن استسلموا مؤخراً كانوا قد التحقوا بالجماعة المتشددة رغماً عن إرادتهم

 

 وقال: "خسروا النفوذ لصالح تنظيم الدولة الإسلامية، ويشعرون بأنهم غير قادرين على الحفاظ على موارد رزقهم تحت سيطرة هذا التنظيم".

 وأضاف: "من المعقول أنّ عدداً من أبرز القادة استسلموا كونهم هم الذين سيخسرون الكثير في ظل تنظيم الدولة الإسلامية ولاية غرب أفريقيا".

 وقد تفاوتت وتيرة النزاع منذ اندلاعه في 2009، لكنّ وفاة زعيم بوكو حرام في أيار (مايو) الماضي، شكلت على ما يبدو منعطفا كبيراً في الصراع.

 وتقول مصادر أمنية إنّ قياديي تنظيم الدولة الإسلامية يسيطرون بشكل مطرد على فصائل بوكو حرام، ويقتلون الذين يقاومون، ويعرضون على الباقين العيش تحت سيطرة التنظيم أو الرحيل.

 وقال مصدر أمني: إنّ عاملاً حاسماً آخر هو رتبة عناصر بوكو حرام الذين سلموا أنفسهم، من شبان التحقوا بالحركة وعائلات ليس لها روابط إيديولوجية أو بعض الجهاديين المتشددين.

 وقال مصدر أمني يتمركز في شمال شرق البلاد: "لديّ مشاعر متضاربة بشأن الموجة المفاجئة من استسلام مقاتلي بوكو حرام".

وفي إشارة إلى أحد المنشقين أضاف: "سيكون من السذاجة التفكير بأنّ أدامو روغوـروغو، القيادي سيّئ السمعة في بوكو حرام والقاتل بلا رحمة، يمكن أن يستسلم بهذا الشكل".

 المقاتلون الذين استسلموا هم أيضاً بمثابة اختبار لحاكم ولاية بورنو باباناغا أومارا زولوم، في وقت يشتد فيه الغضب في عاصمة الولاية مايدوغوري حيث يقيم في مخيمات عشرات الآلاف ممّن نزحوا بسبب العنف، والعديد من المواطنين يخشون من السماح بعودة الجهاديين السابقين.

 وقال زولوم في بيان: "علينا الاختيار بين حرب لا تنتهي أو القبول بحذر بالإرهابيين المستسلمين، الأمر الذي هو مؤلم بالفعل وصعب على أي شخص خسر أحبة له".

 والتقى زولوم هذا الأسبوع بالرئيس محمد بخاري لمناقشة إدارة حالات الاستسلام بشكل أفضل.

 وتطبق نيجيريا برنامجاً حكومياً يطلق عليه "عملية الممر الآمن"، يهدف إلى تأهيل جهاديين سابقين، وتعتبر البرنامج حافزاً للمقاتلين للتخلي عن السلاح.

 وقال زولوم: إنّ كثيرين ممّن استسلموا مؤخراً كانوا قد التحقوا بالجماعة المتشددة رغماً عن إرادتهم.

 وصرّح أمام الصحافيين: "إن لم نكن نريد مواصلة حرب لا نهاية لها، فإنني لا أرى سبباً يدعونا لرفض الراغبين في الاستسلام".

 لكنّ فتح الباب أمام عودة مقاتلين أثار امتعاض كثيرين في مايدوغوري، حتى بين الذين رحبوا بحذر بحالات الاستسلام.

 وقال أحد الأهالي ويدعى غورو: "سيعيدون تأهيل هؤلاء الإرهابيين، سيعطون مبلغاً من المال لكي يبدؤوا حياتهم من جديد، نحن خريجون، فما الذي فعلته لنا الحكومة؟".

 وأضاف: "لا يمكن لأحد أن يقتل والدي ووالدتي وشقيقي وأن تقول الحكومة إنها ستعفو عنه ويمكنه العودة والإقامة في بلدتي، من غير الممكن تأهيل إرهابي في 6 أشهر فقط".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية