جبهتا الإخوان وسياسة تكسير العظام: هل تنتهي الأزمة قريباً؟

جبهتا الإخوان وسياسة تكسير العظام: هل تنتهي الأزمة قريباً؟


19/12/2021

في إصرار واضح على سياسة تكسير العظام التي تنتهجها جبهة إسطنبول بقيادة الأمين العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين "محمود حسين" أعلنت مجموعة الرابطة في بيان لها مساء الجمعة 17 كانون الأول (ديسمبر) الجاري تسمية الدكتور مصطفى طُلبة، نائب رئيس مجلس الشورى الإخوان، رئيساً للجنة المؤقتة المكلفة بالقيام بمهام القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين.

 

اقرأ أيضاً: هل ينجح التنظيم الدولي للإخوان في جمع شتات جبهتي منير وحسين؟

وقد جاء في البيان الذي نشره موقع اخوان أون لاين  "بناءً على قرار مجلس الشورى العام الصادر في 17-24 ربيع الأول 1443هـ الموافق 23-30 أكتوبر 2021م، والقاضي بقيام المجلس بـ تشكيل لجنة مؤقتة باسم (اللجنة القائمة بأعمال فضيلة المرشد العام) من بين أعضائه، وتقوم بمهام فضيلة المرشد العام للجماعة لمدة ستة أشهر، على أن يتم الإعلان عن هذه اللجنة في الوقت الذي يحدده المجلس". وبناءً على ذلك يؤكد مجلس الشورى العام أنّ اللجنة تمارس عملها منذ صدور ذلك القرار، وتعلن اليوم ( 17 /12 /2021م ) عن تسمية (د.مصطفى طلبة) ممثلاً رسمياً لها.  نسأل الله التوفيق والعون والسداد "للجنة القائمة بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين" وممثلها الرسمي (د. مصطفى طلبة) إنه سميع مجيب".

وبهذا يكون للإخوان لجنتان لإدارة الجماعة، الأولى التي شكلها إبراهيم منير قبل أشهر وكان من أعضائها محمود حسين قبل إخفاقه في الانتخابات الأخيرة، والآن اللجنة التي كونها الأمين العام السابق ويرأسها مصطفى طلبة.

أمام هذه التطورات؛ اكتفت مجموعة لندن بقيادة إبراهيم منير ببيان مقتضب أنكرت فيه اجتماع مجلس الشورى واتخاذه أي قرارات، وذلك حسب البيان المنشور على صفحة الفيسبوك الخاصة بالمتحدث الرسمي المهندس أسامة سليمان والذي قال: "تنفي جماعة الإخوان المسلمين الخبر المتداول عن انعقاد مجلس الشورى العام أمس، أو صدور أية قرارات عنه".

بدأ الصراع مكتوماً ثم خرج للعلن بعدما عزلت جبهة لندن محمود حسين وخمسة من قيادات التنظيم المصري بتركيا

وتابع: وتؤكد الجماعة أنه في آخر اجتماع لمجلس الشورى العام، برئاسة الأستاذ إبراهيم منير نائب فضيلة المرشد والقائم بالأعمال، والذي انعقد بداية الشهر الجاري في انعقاده الدوري، ناقش الأعضاء تقارير أداء مؤسساتها الداخلية. وإذ تدعو الجماعة وسائل الإعلام إلى تحري الدقة فيما ينشر عنها، تؤكد أنه لا يعبر عن مؤسساتها في الإعلام سوى فضيلة القائم بالأعمال الأستاذ إبراهيم منير والمتحدثين الرسمي والإعلامي وموقعها الرسمي (إخوان سايت).

كانت الجماعة الموسومة بالإرهاب في بعض البلاد العربية والأوروبية، قد شهدت نزاعاً على القيادة بين الجبهتين المتصارعتين داخل صفوفها، تبادل الطرفان الاتهامات بالعمالة لجهات أجنبية وبالاختلاسات المالية من مخصصات المحبوسين ورعاية الهاربين في تركيا، حتى باتت نغمة التخوين هي اللغة السائدة بين الجبهتين في لندن وأنقرة.

بدأ الصراع مكتوماً قبل عدة أشهر، ولكنه خرج للعلن بعدما تمكنت جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير نائب المرشد والقائم بالأعمال من عزل محمود حسين وخمسة من قيادات التنظيم المصري في تركيا، واتهامهم بعدم السمع والطاعة، ومحاولات شق الصف والإخلال بوحدة الجماعة، كما تم تعيين المهندس أسامة سليمان كمتحدث رسمي للجماعة، والقيادي الشاب صهيب عبد المقصود متحدثاً إعلامياً.

 

اقرأ أيضاً: قراءة في سجال "الخطابات والرسائل" بين جبهتي الإخوان: لمن الحكم اليوم؟

ردّت جبهة اسطنبول بعزل إبراهيم منير نفسه من منصبه، وتكوين لجنة لإدارة الجماعة، جاء هذا على لسان محمود حسين في تصريحات بثتها مواقع الجماعة التابعة له، أكد فيها بطلان قرارات إبراهيم منير وعزله من منصبه واختيار لجنة مؤقتة تقوم بمهام القائم بعمل المرشد.

أمام التراشق الإعلامي الإخواني الإخواني ارتفعت أصوات بضرورة وقف الهجوم المتبادل بين الفريقين

 وأمام التراشق الإعلامي الإخواني/ الإخواني ونشر الغسيل على الملأ، ارتفعت أصوات من داخل الجماعة ومن عدة اقطار عربية وأوروبية بضرورة وقف الهجوم المتبادل بين الفريقين، وتكوين "لجنة حكماء" لفحص الأزمة وأبعادها وتداعيات استمرارها دون حل.

فشلت محاولات احتواء الخلاف داخل التنظيم وإبقائه سراً كعادتهم، ومن ثم انتقل إلى ساحات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، وتحول إلى معركة بيانات ولجان إلكترونية بغرض فرض رأي عام ضد الجبهة الأخرى، وتعدى النزاع كل الخطوط الحمراء، ووصلت الاتهامات بين الطرفين بالعمالة لإجهزة مخابرات، وبمحاولة تفكيك التنظيم والانحراف بالجماعة.

في هذا الإطار وجه القيادي الإخواني أمير بسام والمحسوب على جبهة إبراهيم منير عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي: "فيسبوك"، "اتهامات بالعمالة لمحمود حسين وجبهته لصالح الأمن المصري، مرجعاً ذلك إما جهلاً أو عمداً، وأنّ النظام المصري اخترق مجموعة محمود حسين ويدعمها لأنّها، حسب زعمه، أضعف من جبهة إبراهيم منير، التي وصفها بأنها "القيادة الحقيقية"، متهماً مجموعة محمود حسين بأنّها أسهل، ومن الممكن أن تلين للأمن المصري وتنحرف رويداً بالجماعة عن مسارها".

وأمام فشل محاولات الصلح ولمّ شمل الطرفيين أصدرت في مطلع الشهر الحالي لجنة تسمى لجنة "علماء الإخوان" " بياناً أيدت فيه بقاء إبراهيم منير في منصبه كقائم بأعمال المرشد وإن لم تقر بفصل محمود حسين ومجموعة الستة، ودعتهم إلى تقديم البيعة لإبراهيم منير والالتزام بالسمع والطاعة له.

كلا الطرفين يملك أدوات الصراع جيداً من أذرع إعلامية وتأييد بعض المكاتب الإدارية المصرية ومصادر التمويل

 وطالب البيان بطاعة عناصر وصفوف الجماعة لمنير، والالتفاف حوله، والتعاون معه وضـرورة إعـمال الـشورى المـلزمـة والصحيحة، والتقيد بمخـرجـاتـها، والـعمل على حسب تعبير البيان بتـولـي الـصلحاء الأمـناء، وإسـناد الأمـر إلـی أهـله مـن کـل قـوي أمين" وذلك حسب ما أوردته "العربية نت".

اقرأ أيضاً: لماذا زاد الصراع بين الإخوان الآن؟

ودخل القيادي الإخواني التاريخي يوسف ندا، على خط المعركة وصرح في فيديو بُث يوم الجمعة حسب شبكة رصد  "إنّ إبراهيم منير نعرفه من أيام السجن، لا يستطيع إنسان الادعاء أنّ تصرفاته كانت خارجة عن الإسلام، والثقة فيه كانت معتمدة ابتداء من المرشد محمد حامد أبو النصر (رابع مرشدي الجماعة)، وجميع المرشدين من بعده".

وتابع: "كان منير مسؤولاً عن الإخوان في إنجلترا وبعد ذلك أوروبا، ثم مسؤولاً عن الإخوان خارج مصر، ثم لما تغيرت الأمور في البلاد أصبح مسؤولاً عن مصر أيضاً".

وأكد أنّه "جاءنا من مصر اعتماد منير كمسؤول عن الجماعة في حال اعتقل الدكتور محمود عزّت، وهو ما تم بالفعل".

ردت جبهة محمود حسين قبل أيام بعقد مؤتمر لعناصرها في كافة أنحاء تركيا بمشاركة إدارة القُطر المصري المعنية بالتحضير للانتخابات تمهيداً لتعيين قائم بأعمال مرشد الجماعة، والترتيب لإجراء انتخابات جديدة لمجلس الشورى، وانعقد المؤتمر وبحضور عدد كبير من قيادات الجبهة مع تواجد نسائي ملحوظ حسب ما كشفته مصادر لـ"العربية نت ".

ما لبث أن شنّ أتباع إبراهيم منير الهجوم على المؤتمر عبر صفحات الفيسبوك؛ فقد وصفه القيادي الإخواني مصطفي جاويش أنه احتفالية لتقسيم الصف وإنشاء تنظيم فرعي جديد.

 عقد المؤتمر في أحد فنادق إسطنبول وتحت شعار "ملتقى أوفياء للثوابت والأصول" لبحث كيفية التحضير للانتخابات وتعيين لجنة لإدارة الجماعة في تركيا، وأكد أنّ المجتمعين اقترحوا تكوين فريق إعلامي مهمته التسويق لقرارات المرشد الجديد، ورصد ردود الأفعال سلباً وإيجاباً، والرد الفوري على الشبهات، والتواصل مع المؤسسات الدولية والبحثية ومراكز الدراسات لتقديم صورة ذهنية متطورة عن الجماعة وعملها وأدائها وأهدافها.

فشل المؤتمر حسب تصريحات الأستاذ عمرو فاروق لموقع العين الاخباري، فقد أوضح أن "8 مكاتب إدارية رفضت نتائج المؤتمر بشأن قرار تأجيل الانتخابات، وأنّ 5 فقط هي من أيدته".

لهذا كان اختيار مصطفى طُلبة رئيساً للجنة وليس مرشداً ولا قائماً بالأعمال خطوة نحو تدعيم جبهة محمود حسين، فطلبة شغل منصب نائب رئيس مجلس شورى الإخوان بتركيا، وهو طبيب جراح يتسم بالغموض، ذو علاقات متعددة ومتشعبة بعدد من الأجهزة العالمية العربية والأوروبية، ويدير ملفات الجماعة المالية، ومسؤول لجنة الاتصالات بهيئة المكتب العام للإخوان في الخارج، ومكلف بالاتصال بالمخابرات التركية، ومتابعة أنشطة الجماعة في الخارج، وعمل مسؤول الاتصال بين الجماعة والمخابرات التركية ويُتهم من بعض الأطراف داخل الجماعة بأنه على ارتباط بأجهزة مخابراتية غربية مثل بريطانيا.

 يمكن اعتبار خطوة تعيين مصطفى طلبة نقلة نوعية في إدارة الصراع لصالح محمود حسين؛ فطلبة كان قريباً في فترة من الفترات من جبهة إبراهيم منير في لندن، ومن الممكن أن يكون وجهاً تقبله بعض المكاتب الإدارية في التنظيم المصري، وبهذا يضمن محمود حسين ضم مؤيدين جدد، أو تخفيف حدة رفضه أو خلخلة جبهة منير، ومن ثم يفرض رؤيته على الجماعة، ويقوم بإلغاء قرار فصله من الجماعة، وعزل ابراهيم منير من منصبه. 

من الواضح أنّ كلا الطرفين يملك أدوات الصراع جيداً، سواء الأذرع الإعلامية بما تحتويه من قنوات ومواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، أو تأييد بعض المكاتب الإدارية في القُطر المصري، كما يمتلك الطرفان مصادر تمويل كافية للإنفاق على أنشطة مؤيديهم.

 وإن كانت جبهة لندن تتفوق نسبياً على جبهة اسطنبول، لفوزها بتأييد عدد أكبر من المكاتب الإدارية، وانحياز التنظيم الدولي لها ممثلاً في يوسف ندا الذي يزعم أنّ إخوان السجون يصطفون إلى جوار منير، ورغم هذا فمن غير المتوقع أن تنتهي الأزمة قريباً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية