تونس تتصدى للمرتزقة والسلطات تطوق الحدود.. ما علاقة ليبيا وتركيا؟

تونس تتصدى للمرتزقة والسلطات تطوق الحدود.. ما علاقة ليبيا وتركيا؟


01/09/2021

بالتزامن مع التطورات المتلاحقة في المشهد السياسي التونسي، منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد قرارات ٢٥ تموز (يوليو) الماضي، تتصاعد التحذيرات من احتمالات تنامي الإرهاب داخل البلاد خاصة في ظل استمرار محاولات تسلل العناصر الإرهابية عبر الحدود مع ليبيا.

ومنذ نحو عشرة أعوام تمثل الحدود التونسية مع ليبيا، خاصة قاعدة الوطية العسكرية التي تسيطر عليها تونس، خطراً على الأمن القومي التونسي بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، ولكن الخطر، وفق مراقبين، بات مضاعفاً بعد القرارات الأخيرة في تونس والتي أزاحت حركة النهضة الإخوانية عن المشهد السياسي.

اقرأ أيضاً: توقيف نائب تونسي جديد وهذه التهم الموجهة له

ويستند المراقبون إلى عدة شواهد لاستقواء النهضة بالعناصر الإرهابية من الخارج لنصرتها، أبرزها الهجوم العدائي الذي يمارسه إخوان ليبيا ضد الرئيس التونسي، والتهديد المباشر على لسان خالد المشري أحد أبرز القيادات الإخوانية بالتدخل لدعم النهضة من أجل العودة إلى المشهد السياسي التونسي، رغما عن إرادة الشعب.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية نجحت السلطات التونسية في إحباط عدة محاولات لتسلل مرتزقة عبر الحدود الليبية إلى الداخل التونسي، فيما أعلنت السلطات تعزيز التواجد العسكري على كافة الحدود، لسببين: الأول؛ هو منع تسلل المرتزقة والعناصر الإرهابية وكذلك التصدي لمحاولات هروب بعض العناصر المطلوبة لجهات التحقيق إلى خارج البلاد.

ويرتبط السبب الثاني بضبط الحدود لمنع عمليات تهريب السلع والمنتجات إلى الخارج، حيث رصدت السلطات عدة مخططات تستهدف الإضرار بالاقتصاد وتهريب السلع بغرض المضاربة.

وحذرت القوى السياسية في البلاد من استمرار محاولات تسلل المرتزقة عبر الحدود التونسية، خاصة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الرئيس التونسي سعيّد،  وقالت التحقيقات إنّ المتهم هو  "الذئاب المنفردة"، التي تربطها علاقات وتنسيق مع الحركات المتطرفة في البلاد.

ووفق دراسة أصدرها المركز الفرنسي للدراسات، تعد تونس من أوائل الدول المصدرة للشباب الذين يذهبون إلى الجهاد وفقاً لتقرير الأمم المتحدة فى العام 2015، وتجاوز عدد أعضاء داعش التونسيين التابعين لجماعة الإخوان أكثر من 5000 عنصر، حيث أكدت الدراسة أنّ ما حدث مع حركة النهضة يمثل نهاية حركة الإخوان في تونس.

 

بالتزامن مع التطورات المتلاحقة في المشهد السياسي التونسي تتصاعد التحذيرات من احتمالات تنامى الإرهاب داخل البلاد

وبالرغم من التحذيرات المتعاقبة خشية تسلل المرتزقة إلى الداخل التونسي، إلا أنّ السلطات التونسية تسيطر على الموقف حتى الوقت الراهن، ولم يحدث سوى عمليات نادرة لتسلل بعض العناصر إلى الداخل بمساعدة قيادات من حركة النهضة، وفق المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي لـ"حفريات".

ويبقى الخطر الأكبر الذي يواجه تونس في استدعاء النهضة، للعناصر الإرهابية من الداخل سواء من "الذئاب المنفردة" أو تنظيم داعش، الذي نشط بشكل ملحوظ من خلال منافذه الإعلامية على مدار الأسابيع الماضية.

اقرأ أيضاً: توقيف رئيس حزب "قلب تونس" حليف الإخوان بعد فراره إلى الجزائر

ووفق دراسة للباحث معاذ سعد، "ما يفعله داعش حالياً من توظيف أزمة تونس لصالحه، يعود بنا إلى الوراء، وإلى ما حدث في مصر منذ عدة سنوات، في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي؛ إذ إن التنظيم سار على النهج ذاته، ولعب على جذب شباب الإخوان إلى شباكه أيضاً".

في 18 حزيران (يونيو) 2016، أصدر داعش مقطع فيديو بعنوان "موطئ الفاتحين: رسالة إلى أهل الكنانة"، تحدث فيه أيضاً عما اعتبره "خسائر مصر من الديمقراطية"، منتقداً أيضاً شيوخ السلفية الذين دعوا الناس إلى المشاركة في الانتخابات العام 2012 التي فاز بها مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي.

ويوضح سعد في دراسة نشرها مركز إضاءات تحت عنوان: "داعش في تونس: غواية السلاح في أزمة الديمقراطية"، أنّ التنظيم على لسان قياديه أبو همام المهاجر، دعا المصريين إلى الالتحاق بولاية سيناء، مؤكداً أنّ "السلمية لن تزيد الحال إلا سوءاً وعذاباً.. والجهاد هو سبيل النبي- صلى الله عليه وسلم".

اقرأ أيضاً: تصعيد تونسي ليبي على خلفية إغلاق المعابر الحدودية... ما علاقة الإخوان؟

حاول داعش من خلال ذلك استقطاب العديد من الشباب إلى صفوفه، سواء من صفوف الإخوان أو غيرهم، ومع مرور الوقت تبين نجاح التنظيم في ذلك؛ إذ كشفت عدة تقارير انضمام العديد من شباب الجماعة إليه في سوريا، عبر بوابة تركيا، التي سافروا إليها هرباً من الاعتقال، لكن عانى الكثير منهم من عدم إيجاد مأوى أو عمل، فلم يكن أمامهم سوى الالتحاق بالتنظيم.

 

يستند المراقبون إلى عدة شواهد لاستقواء النهضة بالعناصر الإرهابية من الخارج لنصرتها

وبعد مرور أقل من عامين على "موطئ الفاتحين"، أصدر داعش فيديو آخر في 11 شباط (فبراير) 2018، حمل عنوان "حماة الشريعة"، ظهر فيه أحد الشباب ويدعى عمر الديب، نجل أحد قادة الإخوان بمصر، مقاتلاً في صفوف التنظيم الإرهابي.

وقال التنظيم حينها، إنّ نجل القيادى الإخواني سافر إليهم، وانضم إلى صفوفهم، من أجل ما وصفوه بـ"نصرة الحق"، ليبعث داعش بعدة رسائل مفادها أنه استطاع خلال السنوات الماضية تجنيد شباب الجماعة، وضم العشرات منهم.

ويضيف: ولم يتوقف الأمر في مصر عند حدود شباب الإخوان، وإنما وصل إلى ضباط في المؤسسات الأمنية، عرفوا بـ"الضباط المنشقين"، وهم الثلاثة حنفي جمال محمود سليمان، وخيرت سامي السبكي، ومحمد جمال عبد الحميد، الذين سافروا إلى التنظيم في سيناء، وأصبحوا عناصر مؤثرة به، وأسهموا في عدة عمليات كبيرة، كان على رأسها الهجوم على كمين البرث.

ويشير إلى أنّه، وفقاً للمعطيات السابقة قد ينجح التنظيم بشكل كبير في التمدد في تونس، بخاصة مع تخوف كثير من الشباب الإسلامي التونسي من تكرار تجربة مماثلة لمصر في تونس، كما أنّ هذه الدولة كانت على مدار السنوات الماضية، على رأس الدول المصدرة للجهاديين في العالم وفقاً لعدة تقارير صادرة في هذا الشأن، أهمها دراسة لمجموعة صوفان جروب المعنية بشؤون الاستخبارات والأمن الدولي.

وذكر المرصد العالمي للإفتاء في ورقته البحثية التي حملت عنوان "العائدون من داعش"، الصادرة العام 2017، أنّ "تونس تأتي كأعلى دولة من حيث عدد المقاتلين المنضمين إلى داعش منها بتعداد وصل إلى 6000 مقاتل.

 

خلال الأسابيع القليلة الماضية نجحت السلطات التونسية في إحباط عدة محاولات لتسلل مرتزقة عبر الحدود الليبية

ويرى سعد أنّ "داعش يلعب دائماً على استغلال الأزمات، لذا فإنّ الوضع الحالي في تونس يعد بيئة مناسبة له، حيث كشفت وزارة الداخلية التونسية في 20 شباط (فبراير) الماضي عن اعتقال المسؤول عن الجناح الإعلامي للتنظيم في تونس، وأكدت أنه كان يعد مخططاً إرهابيّاً يستهدف البلاد، مستغلاً في ذلك الوضع السياسي المتأزم".

حينها أكدت قوات مكافحة الإرهاب تفاصيل العملية الأمنية، وأنّ هذا العنصر كان يتولى استقطاب مجموعة من الشباب التونسي لتنفيذ أعمال إرهابية على طريقة ما يعرف بـ"الذئاب المنفردة"، وتدريب عدد منهم عبر الشبكات الإلكترونية، ما قد يشير إلى أنّ "داعش" قد يستغل الأزمات والاحتجاجات التي تشتعل في تونس، وغضب شباب حركة النهضة خاصة، في استقطاب العديد من الشباب عبر الفضاء العنكبوتي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية