أصدرت “لجنة التحقيق الأمميّة” الخاصة بسوريا، تقريراً مطولاً أمس الأربعاء 14/9/2022، وأشار إلى “انتهاكات” هيئة تحرير الشام وميليشيات “الجيش الوطنيّ” بحق المدنيين في مناطق سيطرتهما في شمالي وشمال غربي سوريا.
وكشف التقرير أيضاً عن انتهاكات النظام السوريّ المتواصلة بحق المدنيين، إضافة لما يعانيه المعتقلون السوريون في سجونه والممارسات والانتهاكات التي يتعرضون لها والتي “تنتهي بالموت”.
الاعتقال التعسفي وظروف الاحتجاز
وفق التقرير مارست ميليشيات “الجيش الوطني” مزيداً من المركزيّة لممارسات الاحتجاز في المناطق الخاضعة لسيطرته، وأُبلغت لجنة التحقيق بأنّ عدداً من أعضاء “الجيش الوطني” حُكم عليهم من قبل محاكم عسكرية بتهمة التعذيب والقتل والاغتصاب والاستيلاء على الممتلكات بين عامي 2018 و2022، في إطار الجهود الرامية إلى ضمان المسائلة:
واصلت الشرطة العسكريّة والميليشيات اعتقال أفراد يُزعم بصلتهم بوحدات حماية الشعب الكرديّ. بمن فيهم أولئك الذين جنّدتهم وحدات حماية الشعب الكردية أو الإدارة الذاتية أو حكومة النظام السوريّ أو تنظيم “داعش”.
تتزايد هذه الاعتقالات منذ عام 2021، بعد التحقيقات التي أجرتها الشرطة العسكريّة مع الأشخاص المزعوم بدعمها للإدارة الذاتية، سواء بصفة عسكريّة أو مدنيّة، بإذن من المحاكم العسكرية في عفرين.
يتعرض المدنيون الكرد في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات لضرر مضاعف، بعدما تم تجنيدهم قسراً لأول مرة من قبل وحدات حماية الشعب الكرديّة، بما في ذلك الأطفال، أو على صلة بالإدارة الذاتيّة الكرديّة دون خيار عندما سيطروا على المنطقة حتى عام 2018، يتم الآن اعتقالهم واحتجازهم من قبل ميليشيات “الجيش الوطنيّ”.
في أوائل يناير 2022، اعتقلت ميليشيا “الحمزة” (الفرقة 23) بالقرب من مدينة الباب عضواً سابقاً بوحدات حماية الشعب الكرديّ كان قد تم تجنيده قسراً. لم تتمكن الأسرة من تحديد مكان الضحية إلا بعد ثلاثة أشهر من اعتقاله، بدفع رشاوى لتأمين نقله إلى سجن ماراته في عفرين الخاضع لسيطرة الشرطة العسكريّة.
أبلغت ميليشيات “الجيش الوطني” لجنة التحقيق بأن النظام القانونيّ المعمول به يحمي المدنيين بشكل كامل من انتهاكات الحظر المفروض على الاعتقال التعسفيّ والحق بمحاكمة عادلة (بما في ذلك الوصول إلى المحامي والعائلة)، أفاد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم بما يلي: اعتقلتهم الفصائل وأفراد من الجيش الوطني واُحتجزوا بمعزل عن العالم الخارجيّ لفترات تتراوح بين شهر وثلاث سنوات، كما حُرم ذووهم من المعلومات المتعلقة بمكان وجود المعتقلين، بما في ذلك المحتجزون الذين نُقلوا إلى تركيا؛ إضافة لتعرض أفراد الأسرة الذين يسعون للحصول على معلومات عن مصير أو مكان وجود أحبائهم تعرضوا للتهديد أو الاعتقال، كما لم يبلغ المعتقلون بأسباب اعتقالهم ومُنعوا من الحصولِ على تمثيل قانونيّ، وأيضاً بالاتصال بأقاربهم إلا بعد دفع رشاوى.
العنف الجنسيّ
تم جمع روايات جديدة ذات مصداقيّة من كلّ من الناجين، ذكوراً وإناثاً، بمن فيهم القصّر، عن الضرب وغيره من ضروب التعذيب على أيدي مسلحي ميليشيات “الجيش الوطنيّ”، بما في ذلك الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسيّ التي حدثت في مرافقِ الاحتجاز المؤقتة فيما بين 2018-2021. ووصفت امرأة، كانت محتجزة سابقة، تعرضها للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسيّ في 2018 أثناء استجوابها.
الموت تحت التعذيب
أدى التعذيب الشديد وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي مارسها مسلحو ميليشيات “الجيش الوطنيّ” إلى مقتلِ عدد من المعتقلين. وصف أحد الذين تمت مقابلتهم كيف تم اعتقال فرد من قبيلة عربيّة في عفرين من قبل ميليشيا “فيلق الشام” ونقله إلى موقع عسكريّ خاضع لسيطرته وضربه حتى الموت. وأصدرت الميليشيا بياناً أقرت فيه بمسؤوليتها عن وفاته نتيجةِ التعذيب الذي تعرض له أثناء احتجازه وأعلنت عن اعتقال الجناة المزعومين وتسليمهم للقضاء العسكريّ.
وفي حالة أخرى، أفرج عن رجل احتجزته ميليشيا من “الجيش الوطني” لفترة وجيزة وظهرت عليه آثار الضرب المبرح على جسده بالكامل. مات بعد ذلك بوقت قصير.
جرائم حرب
لدى اللجنة أسباب معقولة للاعتقاد بأن عناصر من الجيش الوطنيّ حرموا الأشخاص تعسفاً من حريتهم. وكانت بعض الحالات بمنزلة اختفاء قسريّ، تماشياً مع نمط راسخ، ربما ارتكب مسلحون التعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الشخصية من خلال أشكال العنف الجنسيّ التي تشكّل جرائم حرب. في بعض الحالات أدت المعاملة التي تلقاها المحتجزون إلى وفاتهم، ما يعد جريمة حرب.
كثيراً ما كانت عمليات توقيف الأفراد واحتجازهم تقوم بها ميليشيات “الجيش الوطني” بالتزامن مع الاستيلاء على الممتلكات، بما في ذلك الأراضي الزراعيّة، ما أجبر العديد من الأشخاص بنهاية المطاف على مغادرة المنطقة والاستمرار بمنع عودتهم.
أوضح نازحٌ من أصل إيزيدي أنّه وعائلته لم يتمكنوا من العودة لأنّه لا يستطيع الوصول إلى منزله وأرضه، ووصف آخرون حالات مماثلة من الحرمان من الوصول إلى ممتلكاتهم، بعد سنوات من فرارهم، وأعربوا عن تردد عام، بسبب الخوف من الاعتقال والاحتجاز، للمطالبة بممتلكاتهم.
قد ترقى مصادرة أطراف النزاع للممتلكات الخاصة إلى حد السلب، وهي جريمة حرب، وهي محظورة على أي حال عندما تتم وفق أسس تمييزيّة.
مسؤولية تركيا
فيما يتعلق بالانتهاكات المحددة في هذا التقرير، تلاحظ اللجنة أنّه في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا فإنّها تتحمل مسؤولية ضمان النظام العام والسلامة وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال. تظل تركيا ملزمة بالتزامات حقوق الإنسان السارية فيما يتعلق بجميع الأفراد الموجودين في هذه الأراضي.
عن "عفرين بوست"