تقديرات إسرائيلية: أفغانستان هدية من السماء لإيران

تقديرات إسرائيلية: أفغانستان هدية من السماء لإيران


كاتب ومترجم فلسطيني‎
02/09/2021

أبدت أوساط سياسية في إسرائيل خشيتها، بعد أن سيطرت حركة طالبان على الحكم في أفغانستان؛ حيث وصف سياسيون سيطرة  طالبان على الحكم بأنّها ذات تأثيرات بالغة على إسرائيل، لما في هذه الخطوة من تداعيات مستقبلية خطيرة على منطقة الشرق الأوسط، كما أنّ انعكاسات ذلك على أمن إسرائيل ستكون فورية، وعلى الأرجح فإنّ جرأة التنظيمات الإرهابية ستتزايد، خاصّة تلك الجماعات التي تعمل تحت المظلة الإيرانية.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون؛ إنّ سيطرة حركة طالبان على أفغانستان ستؤثّر في أمن إسرائيل، فرغم المسافة البعيدة بين أفغانستان وإسرائيل، إلا أنّ انسحاب الولايات المتحدة وسيطرة طالبان على أفغانستان، ستكون لها تداعيات على موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعلى أمن إسرائيل كذلك.

اقرأ أيضاً: العراق ولبنان بعد أفغانستان؟

وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، نوحم برنياع؛ "ما فعله الرئيس الأمريكي جو بايدن يجب أن يقلق إسرائيل، ومن يظنّ أنّ سيطرة طالبان على الحكم لن يكون لها تداعيات على المنطقة كلّها، فهو لا يعي من الأمر شيئاً، فهناك تخوف كبير داخل إسرائيل من إقدام الولايات المتحدة على الانسحاب من بلدان أخرى تعدّ نقاط احتكاك في المنطقة.

قطر ضلّلت أمريكا

وأوضح الكاتب برنياع؛ أنّ القناعة السائدة في إسرائيل هي أنّ قطر ضلّلت الأمريكيين، فهي تلعب لعبة مشابهة مع إيران أيضاً، لديها قاعدة عسكرية أمريكية في أراضيها، لكنّها تموّل في الخفاء عمليات الحرس الثوري الإيراني الإرهابية، وقطر تضخّ المال إلى غزة، وهذه المساعدات المالية تنقذ غزة من الجوع، لكنّها تعزز قوة حماس وتمول تعاظمها، وتمنح شرعية لقطر في المنظومة الدولية.

وأضاف: "إسرائيل هي الدولة الوحيدة بين البحر المتوسط والخليج العربي التي في إمكان أمريكا الاعتماد عليها، لكن بعد ما حصل في أفغانستان لا يوجد شريك في المنطقة قوي ومخلص مثل إسرائيل، أي أنّ إسرائيل باتت السوط الأمريكي في المنطقة.

اقرأ أيضاً: أسئلة معلقة عن مصير أفغانستان تحت حكم طالبان

أما صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، فقالت: "ما حصل في أفغانستان لا يعدّ انسحاباً أمريكياً؛ بل هروباً، في حين أنّ عودة حكم طالبان سيعيد احتضان تنظيم القاعدة ومنظمات مشابهة أخرى، والأسوأ من ذلك يكمن في الرسالة التي ستنقلها الأحداث في أفغانستان إلى الشرق الأوسط لاحقاً".

إيران المستفيدة

وأضافت الصحيفة: "إيران هي الجهة الرابحة ممّا حصل في أفغانستان، كما أنّ الضغوط الداخلية على الولايات المتحدة ستزداد من أجل الانسحاب من بعض النقاط الأخرى، وستستخدم الميليشيات الشيعية الموالية لها القوة، باستهداف الأمريكيين في المنطقة، والضغط عليهم وإجبارهم على الانسحاب".

وبيّنت أنّ إسرائيل قد تلجأ إلى حماية مصالحها في ظلّ التخاذل الأمريكي، من خلال شركائها في الخليج العربي للتأثير بشكل كبير على ما يجري في أفغانستان، والبحث عن موطئ قدم لتل أبيب هناك، حتى وهي تحت حكم طالبان، وهذا الوضع سيلزم إسرائيل بالاستثمار أكثر في الدفاع والإحباط وأن تعلم أنّها لوحدها.

اهتمام حماس بسيطرة طالبان كحركة إسلامية على الحكم في أفغانستان، وتقديم الحركة التهنئة لزعماء طالبان بالانتصار على العدو الأمريكي، أزعج إسرائيل

ووصف الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، ألدد باك، ما حصل في أفغانستان، بهدية من السماء بالنسبة إلى إيران في توقيت رائع؛ حيث صوّر قوات الجيش الأمريكي وهي تفرّ مهزومة من دولة إسلامية، وهذا حافز رائع لسياسة الانتشار الإيرانية، وحتى إن كانت عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان قد تعزّز المحور المناهض لإيران في الشرق الأوسط، ففي الإجمال طالبان هي أيضاً قوة سنيّة متطرفة.

ولفت الكاتب الإسرائيلي، باك، إلى أنّه من غير المستبعد، أن يكون الانسحاب من أفغانستان هو جزء من خطة تقرّ الإدارة الديمقراطية من إيران، فالمفاوضات في فيينا على استئناف الاتفاق النووي علقت قبل انتخاب الرئيس الإيراني الجديد، والغرب هو الذي يتعيّن عليه أن يتنازل، وحيال التغيير الجغرافي الإستراتيجي الذي وقع في أفغانستان، سيكون أسهل تبرير وشرح تلطيف لحدّة المواقف وقبول الإملاءات الإيرانية.

هل الإسلام عدو الفكر اليهودي؟

في سياق ذلك، بيّن المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور عمر جعارة؛ أنّ "الإسلام يعدّ العدو الرئيسيّ للفكر اليهودي، ويزداد القلق أكثر لدى إسرائيل عندما يكون هذا الإسلام منظم، فالعديد من التنظيمات الإسلامية، وأبرزها حركة طالبان وحماس، هي تنظيمات وحركات إسلامية منظمة".

المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور عمر جعارة

وأضاف جعارة، لـ "حفريات": "تخلّي أمريكا عن حلفائها في المنطقة، سواء في العراق أو فيتنام، وأخيراً في أفغانستان، شكّل قلقاً لإسرائيل لأنّ ذلك ينذر بنوايا أمريكية للتخلي الكامل عن حلفائها في الشرق الأوسط، كما أنّ ذلك يشمل رفع أمريكا يدها عن إسرائيل، التي تعتمد بشكل أساسي على أمريكا في قوتها".

اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث في أفغانستان بعد انسحاب أمريكا.. وما مصير مطار كابول؟

ولفت المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أنّ "خطوة بايدن في الشرق الأوسط، نابعة من نوايا أمريكا تغيير سياساتها الخارجية في المنطقة، من خلال القيام باستبدال الحلفاء بحلفاء جدد، فأمريكا تعدّ الحليف القديم قد انتهت صلاحيته، وتفضّل بناء تحالفات أكثر ثقة لضمان تحقيق مصالحها في المنطقة".

رعاية التطرف

وأوضح أنّ "سيطرة طالبان مجدداً على أفغانستان، سيتيح لها دعم قوى التطرف الأخرى في الشرق الأوسط، كما أنّ طالبان لن تتردّد في احتواء العديد من الجماعات الإسلامية المتطرفة؛ لذلك تخشى إسرائيل أن تشكّل سيطرة الإسلاميين على دعم الفكر المتشدد، ومنحه فرصة الترعرع مجدداً، وإعادة بناء تنظيمات إرهابية متشددة مشابهة لتنظيم داعش".

بدوره، قال المختص في الشأن الإسرائيلي، فتحي بوزية؛ أنّ "انزعاج إسرائيل من انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، يأتي في سياق خوف إسرائيل من انهيار الدولة، وحصول الجماعات الإرهابية على موطئ قدم هناك، واستغلال إيران المستفيد الأكبر من ذلك لهذه الجماعات، من خلال دعمها، مالياً وعسكرياً، لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة".

د. عمر جعارة لـ"حفريات": تخشى إسرائيل أن تشكّل سيطرة الإسلاميين على دعم الفكر المتشدد، ومنحه فرصة الترعرع مجدداً، وإعادة بناء تنظيمات إرهابية متشددة

وأضاف المختص في الشأن الإسرائيلي؛ بأنّ "ما فعلته طالبان كحركة إسلامية في دحر أمريكا والحكومة الأفغانية، له تداعيات واضحة على إسرائيل بالتحديد، وهذا يعيد نظرها إلى الحركات الإسلامية المحيطة بها في المنطقة، والتي تتطور قدراتها يوماً بعد الآخر، بفضل الخبرات الخارجية، خاصة الإيرانية، التي تعمل بشكل مستمر على تطوير ودعم الحركات الإسلامية المحيطة بإسرائيل".  

وأشار إلى أنّ "اهتمام حماس بسيطرة طالبان كحركة إسلامية على الحكم في أفغانستان، وتقديم الحركة التهنئة لزعماء طالبان بالانتصار على العدو الأمريكي، قد أزعج ذلك إسرائيل؛ فهي تخشى من فتح طالبان علاقات مع حركات إسلامية سنّية، ومن أبرزها حماس، وهذا سيدفع أفغانستان إلى فتح قواعدها العسكرية لتدريب كوادر حماس، إلى جانب  تهريب السلاح إلى قطاع غزة كما تفعل إيران".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية