تفكيك خلية إخوانية مسلحة في الأردن... بداية النهاية لتنظيم يهدد استقرار الدولة؟

تفكيك خلية إخوانية مسلحة في الأردن... بداية النهاية لتنظيم يهدد استقرار الدولة؟

تفكيك خلية إخوانية مسلحة في الأردن... بداية النهاية لتنظيم يهدد استقرار الدولة؟


17/04/2025

شهد الأردن خلال الساعات الماضية تطوراً أمنياً بالغ الأهمية، تمثل في تفكيك خلية مسلحة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين كانت تعمل على تصنيع الصواريخ والعبوات الناسفة داخل البلاد. هذه العملية، التي كشفت عنها الأجهزة الأمنية الأردنية، تعيد طرح السؤال الأهم على الساحة السياسية: ما مستقبل جماعة الإخوان في المملكة الأردنية بعد هذا الحدث؟

الضربة الأمنية الأخيرة لا تمثل فقط كشفاً عن مخطط مسلح، بل تكشف كذلك عن التحولات العميقة في بنية التنظيم داخل الأردن، وتؤشر على تغيّر محتمل في طبيعة العلاقة بين الدولة والجماعة التي ظلت لعقود تمارس العمل السياسي تحت مظلة الشرعية.

خلية مسلحة على أراضي المملكة

بحسب التحقيقات الأولية، فإنّ الخلية المفككة لم تكن مجرد مجموعة متطرفة صغيرة، بل هي جزء من هيكل تنظيمي ممتد، بدأ العمل منذ عام 2021، أي قبل عامين من التصعيد في غزة وأحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وهو ما يدحض المزاعم التي ربطت أنشطة الخلية بمحاولات دعم المقاومة الفلسطينية.

الخلية المفككة لم تكن مجرد مجموعة متطرفة صغيرة، بل هي جزء من هيكل تنظيمي ممتد

الخطير في تفاصيل الخلية أنّها لم تكن تستهدف الخارج، بل كانت تخطط لضربات داخلية على مسافات قصيرة (بين 3 إلى 5 كيلومترات)، وهو ما يعني أنّ المخطط كان يستهدف استقرار الأردن بشكل مباشر، وهو ما اعتبرته الأجهزة الأمنية مؤامرة على الأمن القومي الأردني.

مؤامرة على استقرار الأردن

في حديث إلى (حفريات) يقول الباحث في الإسلام السياسي وشؤون الإرهاب منير أديب: إنّ تفكيك الخلية التابعة للإخوان يعكس حجم التهديد الحقيقي الذي يمثله التنظيم داخل الأردن. وأكد أنّ الأدلة تشير بوضوح إلى أنّ الخلية لم تكن تسعى لدعم القضية الفلسطينية كما يحاول البعض الادعاء، بل كانت تهدف لزعزعة الاستقرار الداخلي في البلاد.

ويضيف أديب: "أجهزة الأمن والاستخبارات في الأردن ثبت لديها أنّ هذه الصواريخ كانت موجهة لأهداف داخل المملكة، وأنّ الخلية بدأت نشاطها منذ 2021، وهو ما ينفي أيّ علاقة مباشرة بحماس أو دعم المنظومة الفلسطينية، الهدف الحقيقي كان ضرب الاستقرار الأردني من الداخل."

ويلفت إلى أنّ هذه العملية قد تدفع الدولة إلى إعادة النظر في وجود جماعة الإخوان داخل الأردن، سواء من خلال المراجعة السياسية أو حتى تفكيك أذرعها الرسمية، وعلى رأسها حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يُعدّ الذراع السياسية للجماعة داخل البرلمان الأردني.

جبهة العمل الإسلامي... إلى أين؟

يُعدّ حزب جبهة العمل الإسلامي أحد أقوى التنظيمات السياسية في الأردن، إذ يتمتع بكتلة برلمانية مؤثرة، ويُعتبر الواجهة السياسية لجماعة الإخوان. غير أنّ الضربة الأمنية الأخيرة قد تمثل نقطة تحول في تعاطي الدولة مع الحزب، خصوصًا في ظل الربط بين الجماعة الأم ومخططات العنف.

هذه العملية قد تدفع الدولة إلى إعادة النظر في وجود جماعة الإخوان داخل الأردن، سواء من خلال المراجعة السياسية أو حتى تفكيك أذرعها الرسمية، وعلى رأسها حزب جبهة العمل الإسلامي

منير أديب يرى أنّ المواجهة بين الدولة والتنظيم باتت "مفتوحة"، وتخضع الآن لتقديرات قانونية وأمنية حاسمة. ويقول: "هناك مواجهة بين القصر الملكي والتنظيم في الأردن. الدولة حاولت في السابق دمج الإخوان في الحياة السياسية والاجتماعية، لكنّ الجماعة استغلت هذا الانفتاح لتنفيذ مخططاتها الخاصة وضرب استقرار البلاد."

وبحسب متابعين، فإنّ جبهة العمل الإسلامي مهددة اليوم بفقدان شرعيتها السياسية، إذا ما ثبت ارتباطها العضوي أو الإيديولوجي بأيّ نشاط مسلح.

أفكار الإخوان... التهديد الأكبر

يرى أديب أنّ خطورة الجماعة لا تكمن فقط في أعضائها المتورطين في أعمال عنف، بل في "الأفكار التأسيسية" التي تتبناها منذ عقود.

ويضيف: "حتى وإن تمّ تفكيك هذه الخلية، تبقى أفكار الجماعة قائمة وقادرة على إعادة إنتاج العنف في أيّ وقت. فالإخوان لديهم تصور إيديولوجي يميل إلى العنف، وهذه البنية الفكرية قادرة على دفع آخرين إلى التحول من النشاط السياسي إلى العمليات المسلحة."

وحذّر من خطورة التقليل من شأن هذه الأفكار، مشددًا على أنّ التنظيمات المتطرفة في المنطقة غالبًا ما تنمو في بيئة تغذيها أدبيات جماعة الإخوان، وهو ما يجعل من التعامل مع أفكار الجماعة ضرورة أمنية وليس فقط سياسية.

هل تتحرك الدولة نحو الحسم؟

التطور الأمني الجديد يضع الحكومة الأردنية أمام تحدّي اتخاذ قرارات استراتيجية. فبينما يطالب البعض بالحفاظ على وجود الإخوان كقوة سياسية معتدلة تجنّب البلاد التطرف، يرى آخرون أنّ المرحلة تجاوزت هذا النقاش، وأنّ التنظيم بات يُهدد أمن الدولة ذاته.

الضربة الأمنية قد تكون مدخلًا لتوسيع التحقيقات بشأن نشاط الإخوان داخل البلاد، وإعادة النظر في شرعية وجودهم السياسي والاجتماعي. كما أنّ السلطات قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم علاقة حزب جبهة العمل الإسلامي بالإخوان، خصوصًا إذا ما تكررت العمليات أو ظهرت خلايا أخرى.

بين الداخل والخارج... الإخوان في مأزق

جاءت هذه الضربة في وقت تواجه فيه جماعة الإخوان تراجعًا كبيرًا على مستوى الإقليم، سواء في مصر أو الخليج أو حتى داخل الأراضي الفلسطينية. وفي الأردن  تُعدّ هذه الواقعة صفعة جديدة لمشروع الجماعة الذي اعتمد لعقود على العمل العلني تحت مظلة الدولة.

الباحث منير أديب: المرحلة القادمة تتطلب حذرًا شديدًا في التعامل مع الجماعة

وفي ظل اشتداد الرقابة الأمنية وتضييق الخناق على التنظيم، يرجّح مراقبون أن تلجأ الجماعة إلى أحد خيارين: إمّا تفكيك ذاتي وانسحاب مرحلي من الساحة السياسية، وإمّا الانزلاق أكثر نحو السرية والتصعيد، وهو ما يهدد بتكرار سيناريوهات العنف كما حدث في دول أخرى.

منعطف خطير يهدد مستقبل الجماعة

تُعدّ عملية تفكيك خلية الإخوان المسلحة في الأردن تطورًا مفصليًا في علاقة الدولة بالتنظيم. فالمواجهة لم تعد في إطار الخلاف السياسي أو الإيديولوجي، بل أصبحت صراعًا بين الدولة ومَن يهدد أمنها القومي من الداخل.

وبحسب الباحث منير أديب، فإنّ المرحلة القادمة تتطلب حذرًا شديدًا في التعامل مع الجماعة، ليس فقط على مستوى العناصر، بل على مستوى الفكر والتنظيم أيضًا.

وفي ضوء هذه المستجدات يبدو أنّ مستقبل الإخوان في الأردن بات على المحك، وأنّ المرحلة القادمة قد تشهد تغييرات جذرية في مكانة التنظيم داخل المملكة، سواء على المستوى السياسي أو المجتمعي.

تفكيك الخلية المسلحة المرتبطة بجماعة الإخوان في الأردن يجب ألّا يُنظر إليه كحادثة أمنية معزولة، بل كعلامة فارقة على بداية مرحلة جديدة في تعامل الدولة مع هذا التنظيم. لقد حاولت الدولة الأردنية لعقود أن تحتفظ بالتوازن بين احتواء الجماعة وإشراكها في الحياة السياسية، وبين مراقبة تحركاتها وتوجهاتها الفكرية. لكنّ العملية الأخيرة كشفت أنّ هذا التوازن ربما لم يعد مجديًا، وأنّ الجماعة، أو على الأقل بعض أجنحتها، تجاوزت الخطوط الحمراء وتحولت من شريك سياسي إلى تهديد أمني مباشر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية