تساؤلات حول عملية "طوفان الأقصى".. ماذا عن السيناريوهات المستقبلية؟

ما مدارات عملية "طوفان الأقصى"؟

تساؤلات حول عملية "طوفان الأقصى".. ماذا عن السيناريوهات المستقبلية؟


10/10/2023

في عملية نوعية وغير مسبوقة شنّت حركة حماس هجوماً مباغتاً على إسرائيل شمل ما يُعرف بمستوطنات غلاف غزة، وهي مستوطنات محصنة، أمنياً وعسكرياً، من قبل المؤسسة الأمنية والعسكرية، ارتباطاً بالاستهداف الدائم والثابت لقطاع غزة، ولعل المتغير النوعي في هذه العملية يكمن ليس في إطلاق الصواريخ من القطاع على أهداف إسرائيلية في العمق الإسرائيلي، بل في التكتيك الجديد الذي استخدمته حماس والمتمثل بـ "اختراق" السياج المحيط بغزة، بالتزامن مع استخدام طائرات شراعية، تمكن المقاتلون الفلسطينيون عبرها من الوصول إلى داخل محيط غزة في (سديروت وعسقلان)، والسيطرة على رهائن عسكريين ومدنيين، تجاوز عددهم وفقاً لإعلانات إسرائيلية (100) رهينة، بالإضافة إلى حصيلة تتجاوز (800) قتيل، قابلة للزيادة، في ظل حالة ارتباك إسرائيلي وعدم القدرة على تقديم إحصاءات دقيقة، ورغم أنّ المعلومات حول العملية ما تزال  شحيحة ومحاطة بغموض، ندرج فيما يلي ملاحظات وتساؤلات حول هذه العملية وسيناريوهاتها المستقبلية:

أوّلاً: بعيداً عن "نظرية المؤامرة"، تعكس العملية فشلاً عسكرياً واستخبارياً إسرائيلياً، ويرجح أنّ هذا الفشل مرتبط بعدة أسباب؛ أبرزها: تقدير موقف لدى الإسرائيليين أنّ حماس ليست بوارد التصعيد مع إسرائيل، إذ تزامنت العملية مع مفاوضات بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية تركزت حول تبادل الأسرى، ومطالب حماس بعدم عرقلة المنحة المالية القطرية لقطاع غزة، وزيادة عدد التصاريح الممنوحة للغزيين للعمل داخل الخط الأخضر، بالإضافة إلى تركيز حماس على مواجهة الأوضاع المنهارة في غزة "اقتصادياً وصحياً".

بعيداً عن "نظرية المؤامرة" تعكس العملية فشلاً عسكرياً واستخبارياً إسرائيلياً

ثانياً: وفّر اليمين الإسرائيلي المتطرف المتحالف مع نتنياهو فرصة لتبرير العملية بالنسبة إلى حماس، من خلال ربطها بمواجهة الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى بقيادة وزير في الحكومة الإسرائيلية (بن غفير)، والعقوبات الجماعية وتشريع قوانين جديدة بضغط من (سيمورتش) حول الاستيطان والدولة الفلسطينية، وهو ما عزز أجواء اليأس وفقدان الأمل بإنهاء حل الدولتين، وفتح آفاقاً جديدة لمشروع سياسي، لا سيّما بعد شيوع قناعات لدى الحكومة الإسرائيلية بإنهاء القضية الفلسطينية، عبر القفز باتفاقيات تطبيع مع الدول العربية، وهو ما أشارت إليه حركة حماس في بيان انطلاق العملية، كما وردت على لسان إسماعيل هنية، ومن المؤكد أنّ تغيرات عميقة ستجري في إسرائيل، بما فيها إعادة تشكيل الحكومة، بدون اليمين المتطرف، بالإضافة إلى تحولات داخلية عميقة وواسعة تطرح تساؤلات حول مستقبل حكومة الائتلاف، وفيما إذا كانت هذه الحرب ستطيح بنتنياهو سياسياً.

تعكس العملية فشلاً عسكرياً واستخبارياً إسرائيلياً، ويرجح أنّ هذا الفشل مرتبط بعدة أسباب؛ أبرزها: تقدير موقف لدى الإسرائيليين أنّ حماس ليست بوارد التصعيد مع إسرائيل، إذ تزامنت العملية مع مفاوضات بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية تركزت حول تبادل الأسرى والمنحة القطرية وتنمية القطاع

ثالثاً: شكل الانقسام الداخلي في إسرائيل، والذي شمل المؤسسة العسكرية والأمنية بإظهار إسرائيل بصورة ضعيفة، على خلفية التعديلات القضائية، التي يرى كثير من الإسرائيليين أنّها لا تخدم الدولة بقدر ما تخدم أجندة شخصية لنتنياهو والمتطرفين المشاركين في حكومته، وقد برز العديد من المحطات التي تشير مخرجاتها إلى أنّ إسرائيل على أبواب حرب أهلية، لا سيّما بعد رفض الطيارين الاحتياط المشاركة في التدريبات الدورية، ومشاركة عناصر وكوادر أجهزة أمنية في المظاهرات ضد حكومة نتنياهو.

رابعاً: بالرغم من أنّها المواجهة الخامسة بين إسرائيل وحماس، منذ سيطرتها على قطاع غزة، إلا أنّها المرة الأولى التي تطرح فيها مشاركة إيران بهذه العملية، تخطيطاً ودعماً وتوجيهاً،  وهي مقاربة ثابتة لدى نتنياهو يلتقي فيها مع رموز في الحزب الجمهوري الأمريكي، وهو ما يفسر مسارعة الإدارة الديمقراطية لنفي ثبوت تورط إيران بهذه العملية، وأنّ الأموال المفرج عنها باتفاق تبادل المسجونين بين أمريكا وإيران ما زالت محجوزة في البنوك القطرية، ولن تصرف إلا في شراء الغذاء والدواء، فيما أكدت تسريبات إعلامية أنّه تم التخطيط للعملية خلال اجتماع عقد في بيروت الأسبوع الماضي بين (حزب الله والحرس الثوري، وكل من حماس والجهاد الاسلامي)، وأنّ الأجهزة الأمنية الأمريكية والإسرائيلية على علم بذلك، كما تم ربطها بتصريحات إيرانية صادرة عن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، والتي أكد فيها أنّ إيران ستفشل التطبيع العربي مع إسرائيل، وأنّ إسرائيل كيان هش، لن يستطيع توفير الحماية لنفسه، وليس بمقدوره حماية المطبعين معه.

شكل الانقسام الداخلي في إسرائيل، والذي شمل المؤسسة العسكرية والأمنية بإظهار إسرائيل بصورة ضعيفة

خامساً: تتركز التساؤلات حول مستقبل السيناريوهات القادمة على صعيدين؛ الأول: حدود الردّ الإسرائيلي، وفيما إذا ستقوم إسرائيل باجتياح قطاع غزة والقضاء على حركة حماس، والثاني: احتمالات توسع الحرب وتحولها إلى حرب إقليمية تشارك فيها إيران ووكلاؤها في الإقليم، لا سيّما حزب الله اللبناني؟ ورغم أنّ السيناريوهات مفتوحة ومرتبطة بالتطورات على الأرض، والأهداف التي تتطلع الأطراف الفاعلة في الحرب لتحقيقها، إلا أنّ سيناريو اجتياح شامل لقطاع غزة يبدو مستبعداً في المدى المنظور، فقد جربته إسرائيل في أكثر من حرب ضد غزة، بالإضافة إلى بروز متغير جديد؛ وهو "المخطوفون الإسرائيليون"، وتهديد حماس باستخدامهم دروعاً بشرية، بالإضافة إلى تحصين قطاع غزة عبر ألغام وأنفاق وممرات سرّية، وتقديرات إسرائيل بخسائر بشرية كبيرة، لذا فإنّ السيناريو الأقرب هو تشديد الحصار على قطاع غزة، وتوجيه ضربات نوعية  مركزة وواسعة، عبر الطائرات والمدفعية، أمّا سيناريو توسع الحرب وتحولها إلى حرب إقليمية، تشمل لبنان (حزب الله) والضفة الغربية، فيبدو احتمالاً ضعيفاً ، ففي الضفة ربما تتواصل عمليات فردية لكنّ الرد الإسرائيلي سيكون أكثر عنفاً، وفي لبنان ليس من مصلحة إيران وحزب الله فتح جبهة لبنان، وبالتالي حرف الأنظار عن انتصار غزة، ثم إنّ الوضع السياسي لحزب الله داخل لبنان والأزمة السياسية لا توفر له أرضية لشنّ هجوم على إسرائيل، وربما الأهمّ من ذلك أنّ حزب الله لم يخض أيّ حرب مع إسرائيل دفاعاً عن فلسطين.

شكل الانقسام الداخلي في إسرائيل، والذي شمل المؤسسة العسكرية والأمنية بإظهار إسرائيل بصورة ضعيفة، على خلفية التعديلات القضائية، التي يرى كثير من الإسرائيليين أنّها لا تخدم الدولة بقدر ما تخدم أجندة شخصية لنتنياهو والمتطرفين المشاركين في حكومته

سادساً: الرد الإسرائيلي سيكون غير مسبوق بمستويات العنف والتدمير، وهنا يبرز دور "الصورة" في الإعلام، حيث استثمرت إسرائيل الساعات الأولى لدخول المقاومين إلى المستوطنات، ومشاهد التمثيل بالجثث وخطف الأطفال والعجائز، بما مهّد لتسويق دعاية إسرائيلية مضمونها أنّ حماس هي نسخة من تنظيم (داعش)، وليست تنظيماً يطالب بحرية واستقلال وحقوق مشروعة، ومؤكد أنّ إسرائيل ستحاول الحيلولة دون نشر صور وفيديوهات لقتل مدنيين فلسطينيين في غزة، خاصة أنّ الجيش الإسرائيلي بدأ بتوجيه رسائل لسكان قطاع غزة حول الأماكن التي يجب عليهم مغادرتها.

مواضيع ذات صلة:

لا حل من دون أمن وكرامة للفلسطينيين

كيف استطاعت "حماس" مباغتة إسرائيل؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية