تركيا ومصر... أين وصلت خطوات التقارب؟

تركيا ومصر... أين وصلت خطوات التقارب؟

تركيا ومصر... أين وصلت خطوات التقارب؟


28/02/2023

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري زيارة الى تركيا بعد أعوام طويلة من توتر العلاقات، وسط تصريحات تعبّر عن الآمال بعودة العلاقات إلى طبيعتها بين الدولتين.

وقد استقبل وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، وزير الخرجية المصري، سامح شكري، في مطار أضنة، في أول زيارة رسمية لمسؤول مصري إلى تركيا منذ 2013، وبالتزامن مع وصول سفنية المساعدات المصرية إلى ميناء مرسين جنوبي تركيا.

ووفقاً لوكالة الأناضول، فقد شكر تشاووش أوغلو مصر، حكومة وشعباً، على تضامنها مع ضحايا الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا في 6 شباط (فبراير) الجاري.

وأوضح خلال مؤتمر صحفي مشترك مع شكري أنّ مصر كانت من أوائل الدول التي بادرت في إرسال مساعدات إنسانية إلى المتضررين من الزلزال في تركيا.

وأضاف: "السفينة المصرية الأولى جلبت كمية كبيرة من المساعدات، وكذلك وصلتنا مساعدات عبر الطائرات، والآن وصلت السفينة المصرية الثانية التي تحمل مساعدات تُقدّر بـ (520) طناً، وتتضمن مواد غذائية وألبسة ومستلزمات طبية ومواد سكنية".

وتابع: "الصداقة والأخوة تظهران في الأوقات الحرجة، ومصر حكومة وشعباً أظهرت أنّها صديقة وشقيقة لتركيا في هذه المحنة، لذا نشكرها مجدداً".

 وزير الخارجية المصري سامح شكري

وقال تشاووش أوغلو: "نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر، واللقاء الذي جمع الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الدوحة كان مثمراً للغاية، وخلال لقائي مع الوزير شكري في مطار أضنة، تناولنا الخطوات الواجب الإقدام عليها لتعزيز علاقات البلدين".

ولفت إلى أنّ تطور العلاقات بين تركيا ومصر لن يصبّ في مصلحة البلدين فقط، بل سينعكس إيجاباً على استقرار ورخاء وتنمية المنطقة برمّتها.

واستطرد: "مصر بلد مهم بالنسبة إلى منطقة البحر المتوسط، وإلى العالم العربي والعالم الإسلامي، ولفلسطين، ولأفريقيا، من مصلحتنا جميعاً أن تكون مصر قوية".

سامح شكري يجري زيارة إلى تركيا بعد أعوام طويلة من توتر العلاقات، وسط تصريحات تعبّر عن آمال بعودة العلاقات إلى طبيعتها

وردّاً على سؤال حول إمكانية عقد قمة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال شكري: "بالتأكيد ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقاً لرؤية الرئيسين".

وحول علاقات البلدين، أشار شكري إلى وجود إرادة سياسية، وأنّه سيكون من المهم إنشاء أساس قوي للغاية في نطاق الإرادة السياسية المذكورة.

وأشار الوزير المصري إلى أهمية إعادة العلاقات بين مصر وتركيا إلى مستواها السابق، والمضي بها بما يتوافق مع المصلحة المشتركة للبلدين.

ورأى مراقبون أتراك ومصريون، نقل عنهم موقع "العربي 21"، أنّه رغم الإعلان عن أنّ الزيارة من أجل التضامن مع تركيا في محنتها بعد الزلزال، إلا أنّها تحمل أجندة دبلوماسية بامتياز، وتمهد الطريق لإعادة العلاقات إلى طبيعتها في ظل التطورات التي تمرّ بها المنطقة سياسياً واقتصادياً.

ووصف الكاتب والمحلل السياسي المصري خالد الشريف في تصريح صحفي، زيارة شكري لتركيا بأنّها خطوة نحو إنهاء الخلاف، وقال: "التضامن المصري مع تركيا بسبب كارثة الزلزال هو بداية جيدة لتهيئة مناخ المصالحة وإعادة العلاقات بين البلدين الكبيرين، وهذه الزيارة وما تمّ سابقاً من تحركات، تدلّ على النية الطيبة بين البلدين اللذين يربطهما التاريخ والدين والمصالح المشتركة".

 تركيا قامت بوقف بثّ الكثير من البرامج والقنوات التي كانت تحرض على النظام المصري

على الجانب التركي، قال المحلل السياسي والخبير الاقتصادي يوسف كاتب أوغلو، في تصريح نقلته صحيفة "ترك برس": إنّ زيارة شكري الأولى لتركيا واللقاء بنظيره التركي هي زيارة تضامنية بعد الزلزال، لكنّها تحمل أبعاداً دبلوماسية أخرى، ولا شك أنّها تكشف عن تقارب وجهات النظر بين البلدين من أجل الارتقاء بالتفاهمات البينية بين كل من تركيا ومصر لتحقيق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة".

من جانبه، أكد الباحث المتخصص في الشؤون التركية كرم سعيد أنّ لقاء وزيري الخارجية المصري والتركي "يؤكد حرص البلدين على استمرار التواصل، وانتقال العلاقات بين البلدين إلى مستويات أكثر تقدّماً".

تشاووش أوغلو: نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر، واللقاء الذي جمع الرئيسين في الدوحة كان مثمراً للغاية

وأضاف سعيد في تصريحات لـ "الشرق الأوسط" أنّ الدبلوماسية الإنسانية التي اتبعتها القاهرة في التعامل مع أزمة الزلزال "قد تم تجاوزها"، رغم أنّها أتت ثمارها في تحقيق تقارب واضح، وأنّ استمرار التواصل "يفتح الطريق أمام مزيد من الخطوات بعد تهيئة المناخ في البلدين رسمياً وشعبياً".

وأشار الباحث في الشؤون التركية إلى أنّ العديد من القضايا الخلافية بين البلدين "شهدت تحسناً"، وفي مقدمتها ملف تنظيم "الإخوان"، الذي "لم يعد ذا قيمة كبيرة بالنسبة إلى القاهرة"، بعد بروز تيارات "تأكل بعضها بعضاً" على حدّ وصفه.

وأوضح سعيد أنّ التطورات الإيجابية بين اليونان وتركيا في أعقاب كارثة الزلزال "رفعت كثيراً من الحرج عن القاهرة" في ملف شرق المتوسط، بعد زيارة وزير الخارجية اليوناني إلى تركيا وإرسال مساعدات وفرق إغاثة يونانية وترحيب السلطات التركية بالموقف اليوناني.

واعتبر سعيد أنّ الملف الليبي هو "الأهم" في مسار العلاقات المصرية التركية، مشيراً إلى أنّ هناك "تحركات إيجابية" باتجاه إجراء الانتخابات، وتصعيد أطراف متوازنة لا تميل إلى قوى إقليمية بعينها، لكنّها تستطيع الحفاظ على المصالح الحيوية للأطراف المعنية في الإقليم.

واتفق محسن عوض الله، الباحث في الشؤون التركية، مع التحليل السابق، مشيراً إلى أنّ تطور الأحداث خلال الأشهر الأخيرة "سيقود في النهاية إلى استعادة العلاقات الكاملة بين الطرفين"، خاصةً في ظل انتهاء مسببات الخلاف، والتزام تركيا بشكل كبير بتحجيم عناصر تنظيم "الإخوان" على أراضيها وطرد من لم يلتزم منهم خارج حدودها.

وتابع عوض الله في تصريحات لصحيفة "العرب" اللندنية القول: إنّ الأوضاع "مرشحة لمزيد من التعاون"، خاصةً بعد تصريحات رئيس الوزراء المصري خلال اجتماعه في القاهرة مع عدد من رجال الأعمال الأتراك، وتأكيده أنّ مصر وتركيا تتمتعان بعلاقات تاريخية، وتشديده على التزام حكومته طيلة الأعوام الأخيرة بالإبقاء على علاقات طيبة بين الشعبين، وفي المجالات الاقتصادية والتجارية رغم الخلافات السياسية.

ولم يتوقف تحسن العلاقات على الجانب السياسي، فقد شهدت العلاقات الاقتصادية تحسناً واضحاً، ففي أول لقاء من نوعه منذ (10) أعوام، التقى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي منتصف الشهر الجاري مع وفد شركات تركية تعمل في مجالات مختلفة في مصر، أو ترغب في بدء استثمارات جديدة في السوق المصرية خلال المرحلة المقبلة، حسب بيان لمجلس الوزراء نشرته صحيفة اليوم السابع.

حول إمكانية عقد قمة بين أردوغان والسيسي، قال شكري: بالتأكيد ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقاً لرؤية الرئيسين

‌وتعمل الشركات التركية التي قابلها رئيس الوزراء في مجالات تطوير المناطق الصناعية، والغزل والنسيج، والملابس الجاهزة، والملابس الرياضية، والمستحضرات الطبية، والأجهزة الكهربائية، وبلغت استثماراتها في مصر نحو (2) مليار دولار.

في اليوم التالي للزلزال المدمر في تركيا، أجرى السيسي اتصالاً هاتفياً مع أردوغان، قدّم خلاله التعازي والمواساة في ضحايا الزلزال المروع الذي أسفر عن آلاف الضحايا والجرحى، وأكد تضامن مصر مع الشعب التركي الشقيق، وتقديم المساعدة والإغاثة الإنسانية لتجاوز آثار هذه الكارثة، وفقاً لبيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

وقد تسارعت بقوة وتيرة التقارب بين مصر وتركيا عقب لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر، وما تبعها من تصريحات إيجابية من الجانب التركي في محاولة لإعادة العلاقات مع القاهرة إلى طبيعتها، وبدأت المحادثات بين البلدين تنطلق نحو إجراءات فعلية لتحقيق المصالحة.

وفي الإطار، أكد موقع "إنتيلجنس أون لاين" الفرنسي وجود تنسيق أمني ومخابراتي بين البلدين للنظر في تسليم بعض قيادات جماعة الإخوان إلى مصر، موضحاً أنّ أنقرة لديها رغبة قوية في تسريع وتيرة التقارب مع القاهرة، حتى لو وصل الأمر إلى تسليم بعض القيادات من جماعة الإخوان، وهو مطلب تصرّ عليه مصر، ولن تتراجع عنه، في ظل الرغبة التركية بتصفير الخلافات بين البلدين وإعادتها إلى سابق عهدها.

يُذكر أنّ تركيا قامت بوقف بثّ الكثير من البرامج والقنوات التي كانت تحرض على النظام المصري، وطلبت من إعلاميين إخوانيين مغادرة البلاد، ممّا اعتبره البعض محاولة لإنهاء ملف الإخوان في تركيا، والذي يُعتبر العائق الأكبر أمام تطور العلاقات بين البلدين.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية