تركيا متهمة دولياً بتأجيج الصراع بين أرمينيا وأذربيجان.. ما الجديد؟

تركيا متهمة دولياً بتأجيج الصراع بين أرمينيا وأذربيجان.. ما الجديد؟


04/10/2020

احتدم القتال في إقليم قره باغ الانفصالي في أذربيجان، بينما لم تبدُ أيّة مؤشرات على انفراج الموقف؛ إذ ألقت أذربيجان باللوم على أرمينيا في إشعال فتيل الصراع الذي يرجع تاريخه لعقود، فيما تؤكد أرمينيا أنّ القوات الأذربيجانية أطلقت عملية هجومية كبيرة، ممّا زاد من اشتداد المعارك في الإقليم حيث انخرط الجيشان في معارك عنيفة.

واتهمت أذربيجان، وفق وكالة "رويترز" للأنباء، القوات الأرمينية بقصف مدنها خلال القتال الذي أودى، حتى الآن، بحياة أكثر من 240 شخصاً، بينهم أكثر من 30 مدنياً من الجانبين.

القتال الدائر بين أرمينيا وأذربيجان أودى بحياة أكثر من 240 شخصاً بينهم أكثر من 30 مدنياً

بالمقابل، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان: إنّ القوات الانفصالية التي تدعمها أرمينيا صدّت "هجوماً كبيراً" شنّته القوات الأذربيجانية، وأطلقت هجوماً معاكساً، وكتبت على "فيسبوك": إنّ "معارك عنيفة مستمرة على أصعدة أخرى".

وقد دعا رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، المواطنين إلى توحيد الصفوف، وقال: "مواطنيّ الأعزاء، أخوتي، أخواتي، نواجه أكبر اللحظات المصيرية في تاريخنا على الأرجح"، في إشارة إلى النزاع في قره باغ، حيث يقاتل انفصاليون أرمن، مدعومون من يريفان، القوات الأذربيجانية، وفق وكالة "فرانس برس".

 رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان

بالنسبة إلى رئيس المنطقة الانفصالية، أراييك هاروتيونيان، فإنّ "المعركة الأخيرة" على ناغورني قره باغ قد بدأت. وأعلن، مرتدياً الزي العسكري، توجّهه إلى الجبهة للانضمام إلى المقاتلين.

من جهتها، أكدت أذربيجان أمس أنّها "سيطرت على مواقع جديدة" للأرمن في هذا النزاع الذي يؤكد فيه كلّ طرف تكبيد الآخر خسائر هائلة.

وكرّر رئيس أذربيجان، إلهام علييف، الدعوة إلى انسحاب القوات الأرمينية من "الأراضي المحتلة" الأذربيجانية، وقال في مقابلة مع قناة الجزيرة: "سنستعيد أراضينا، هذا حقنا الشرعي وهدفنا التاريخي"، وأضاف: "لا نستطيع أن ننتظر 30 عاماً إضافياً (...)، يجب أن تجري تسوية نزاع قره باغ الآن".

باشينيان يدعو المواطنين إلى توحيد الصفوف معتبراً أنّ أرمينيا تواجه أكبر اللحظات المصيرية في تاريخها

وعلى الرغم من دعوة روسيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى وقف العمليات القتالية، دعمت تركيا بقوّة أذربيجان، وكرّرت ضرورة انسحاب من وصفتهم "المحتلين" الأرمن.

ورفضت أنقرة أمس وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ المنشق، حيث تدعم أذربيجان في مواجهة القوات الأرمينية، في حين أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يعارض أيّ دور لروسيا والولايات المتحدة وفرنسا في صنع السلام في جنوب القوقاز، وفق ما أوردت "فرانس 24".

وفي الأثناء، حذّرت إيران، المجاورة لأرمينيا وأذربيجان، من أيّ "اختراق" لأراضيها، بعد تقارير أفادت عن سقوط قذائف هاون في قرى إيرانية وإصابة طفل يبلغ من العمر 6 أعوام بجروح.

 

من جهتها، علّقت جورجيا مؤقتاً تحليق طائرات الشحنات العسكرية من أرمينيا وأذربيجان فوق أراضيها.

هذا، ويثير القلق أيضاً الحديث عن إرسال مقاتلين موالين لتركيا، لا سيّما من السوريين، لدعم أذربيجان في القتال.

وتنفي باكو مشاركة مقاتلين من سوريا إلى جانبها، لكن وبدون أن يذكر تركيا مباشرة، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من أمس عن "قلق بالغ" إزاء هذا الموضوع في مكالمة مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، حسبما أوردت وكالة نوفستي.

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه "تمّ تجاوز خط أحمر".

 تركيا ترفض وقف إطلاق النار وأي دور لروسيا والولايات المتحدة وفرنسا في صنع السلام

بدوره، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقلّ عن 28 مسلحاً سورياً موالين لأنقرة، يقاتلون مع القوات الأذربيجانية في ناغورني قره باخ، منذ بدء المواجهات مع الانفصاليين الأرمن.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين قوله: "تعرب الجمهورية العربية السورية عن الأسف الشديد للمواجهات الحاصلة بين أرمينيا وأذربيجان والتي راح ضحيتها عدد كبير من الجانبين، وتتقدم بالمواساة إلى عائلات الضحايا والتمنيات بالشفاء العاجل للجرحى".

اقرأ أيضاً: بالأرقام.. ارتفاع جديد في عدد القتلى السوريين داخل أذربيجان

ورغم المؤشرات بأنّ تركيا تؤجج الصراع بالمرتزقة والسلاح، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو لصحيفة لاستامبا الإيطالية: إنّ بإمكان روسيا القيام بدور الوسيط في وقف إطلاق النار "فقط إذا كانت محايدة".

ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية عنه قوله: إنّ "المطالب السطحية بوقف فوري للعمليات القتالية ووقف إطلاق النار بشكل دائم لن تكون مجدية هذه المرّة".

من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس: إنّ بلاده تساند "المقهورين" في كل مكان، في إشارة إلى الدول التي تتدخل فيها تركيا عسكرياً لدعم مصالحها.

وتابع "نكافح ليلاً ونهاراً حتى تتبوّأ بلادنا المكان الذي تستحقه في النظام العالمي. ونقف بجوار المقهورين في كلّ مكان، من سوريا إلى ليبيا، ومن شرق المتوسط إلى القوقاز".

في سياق متصل، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ"وقف فوري للأعمال العدائية".

إلى ذلك، أعرب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن استياء بلاده من الموقف التركي قائلاً، بحسب ما أورده موقع "ميدل إيست أون لاين"، ردّاً على المعلومات عن إرسال مقاتلين سوريين إلى أذربيجان: "أتمنى ألّا يكون الأمر كذلك".

ماكرون: 300 مقاتل من "مجموعات جهادية" في سوريا توجهوا إلى تركيا ومنها إلى أذربيجان

وأضاف: دعونا الجميع إلى البقاء بعيداً عن هذا، بالإضافة إلى التشديد على أنّ الحوار يجب أن يمثل المنهجية لإعادة النظام وإعادة السلام.

واعتبر أنه إذا تمّ تدويل النزاع وإرسال أطراف ثالثة لذخيرة وأنظمة وأسلحة، وحتى لمستشارين وحلفاء، فإنّ هذا سيزيد من التعقيد ويزيد من خطر فقدان الأرواح.

وقال: لقد نقلنا هذه الرسالة بالتأكيد إلى الزعيمين الأذربيجاني والأرميني، وكذلك إلى الأتراك.

اقرأ أيضاً: روسيا تقدم عرضاً لتهدئة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان... هل تقبله تركيا؟

في غضون ذلك، قال رئيس وزراء كندا جاستن ترودو أمس: إنّ بلاده تتحرّى مزاعم عن استخدام قوات أذربيجان، التي تخوض قتالاً ضد القوات الأرمينية، تكنولوجيا كندية للطائرات المسيّرة جرى تصديرها في بادئ الأمر إلى تركيا، بحسب ما أوردته وكالة أنباء "رويترز".

وكانت جماعة بروجكت فلاوشيرز الكندية لمراقبة الأسلحة قد قالت: إنّ مقطعاً مصوّراً لضربات جوّية نشره سلاح الجو في أذربيجان يشير إلى أنّ الطائرات المسيّرة مجهزة بنظم تصوير واستهداف من إنتاج "إل. ثري هاريس ويسكام"، وهي الوحدة الكندية التابعة لشركة إل. ثري هاريس تكنولوجيز.

وذكرت صحيفة "جلوب أند ميل" أنّ الشركة حصلت على ترخيص في وقت سابق من العام بتصدير 7 أنظمة تصوير واستهداف إلى شركة بايكار التركية لصناعة الطائرات المسيّرة.

وتُعدّ التصريحات الكندية مؤشراً إضافياً على تورّط تركيا على نحو مباشر في الصراع داخل قره باغ، بحسب ما أورده موقع "العربية".

وبالعودة إلى أرض المعارك، نشرت وزارة الدفاع الأرمينية مقطع فيديو يظهر آثار القصف المدفعي الذي نفذه الجيش الأذربيجاني على مدينة ستيباناكيرت، عاصمة جمهورية قره باغ.

ويظهر في الفيديو الذي نشرته وزارة الدفاع الأرمينية على موقعها في "فيسبوك" آثار سقوط القذائف وما خلفته من حفر على الأرض، وحطام مبانٍ وسيارات مهشّمة، وفق ما نقلت "روسيا اليوم".

  أكد رئيس الوزراء الأرميني أنّ بلاده لديها "أدلة" على دعم تركيا عسكرياً للقوات الأذربيجانية

وفي وقت سابق، أفادت تقارير إعلامية بأنّ النساء والأطفال بدؤوا يغادرون مدن قره باغ، بسبب القصف المدفعي الذي تتعرّض له من قبل القوات الأذربيجانية.

وينتمي القتلى وفق المعلومات، إلى فصائل موالية لأنقرة تنتشر في مناطق نفوذها، خصوصاً في شمال محافظة حلب، ويتحدّر غالبيتهم من المكوّن التركماني، وهم من بين أكثر من 850 مقاتلاً سورياً نقلتهم تركيا إلى المنطقة المتنازع عليها منذ الأسبوع الماضي.

ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية الجمعة، أنّ بلاده لديها "أدلة" على أنّ تركيا تدعم عسكرياً القوات الأذربيجانية المشاركة في المعارك في ناغورنو كاراباخ.

بومبيو يعبّر عن استياء بلاده من الموقف التركي وإرسال مقاتلين سوريين إلى أذربيجان

واتّهم باشينيان تركيا بدعم الجيش الأذربيجاني بطائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار ومعدات عسكرية أخرى، وبإرسال مستشارين عسكريين و"مرتزقة وإرهابيين" إلى المنطقة التي تنشد الانفصال عن أذربيجان.

وقالت أرمينيا يوم الجمعة: إنها مستعدة للتواصل مع روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، وهم الرؤساء المشاركون لما يُسمّى مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بشأن تجديد وقف إطلاق النار في ناغورنو كاراباخ.

اقرأ أيضاً: فرنسا وروسيا قلقتان من الصراع بين أذربيجان وأرمينيا لهذه الأسباب

واندلع العنف للمرّة الأولى بسبب إقليم قره باغ في عام 1988 عندما كانت أرمينيا وأذربيجان ضمن الاتحاد السوفييتي السابق، وقتل في الصراع نحو 30 ألفاً قبل وقف لإطلاق النار في 1994.

ولم يوقّع أيّ اتفاق سلام بين الطرفين بالرغم من أنّ الجبهة شبه مجمّدة منذ ذلك الحين، لكنها كانت تشهد مناوشات بين الحين والآخر.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية