تركيا تحتاج إلى زيارة الكاظمي أكثر من حاجة العراق... لماذا؟

تركيا تحتاج إلى زيارة الكاظمي أكثر من حاجة العراق... لماذا؟


17/12/2020

توجّه الرئيس العراقي مصطفى الكاظمي اليوم الخميس إلى تركيا، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ توليه رئاسة الوزراء في أيار (مايو) الماضي، تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي تلقتها بغداد في 14 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

هذه الزيارة تأتي في توقيت دقيق للغاية، فقد اقترب تسلّم الرئيس الأمريكي جو بايدن مهامّ منصبه في كانون الثاني (يناير) المقبل، والتوتر التركي ـ الإيراني برز خلال الأيام الماضية وهدّد بأزمة دبلوماسية بين البلدين، لذلك فإنّ الزيارة تحمل كثيراً من الدلالات والتوقعات.

تسعى تركيا من خلال تحسين علاقتها مع العراق للاستفادة من التوافق الدولي حول الكاظمي، وميله صوب أمريكا

وإضافة إلى الحديث عن اتفاقيات التعاون والاستثمار، وحسم التعديات التركية المتتالية على إقليم كردستان العراق بدعوى ملاحقة حزب العمال الكردستاني (المصنف إرهابياً في تركيا)، فإنّ الزيارة التي تحاول التأسيس لصفحة جديدة من العلاقات بين أنقرة وبغداد، بعد توترها في الأعوام الماضية مع حكومات متعاقبة، لا يغيب عنها بالأساس محاولات الجانبين البحث عن حلفاء جدد، وتقوية العلاقات الخارجية، سواء في مواجهة السطوة الإيرانية بالنسبة إلى بغداد، أو الغربة الإقليمية والجفاء المتزايد بالنسبة إلى تركيا.

 الرئيس الأمريكي جو بايدن

وقد تعرّضت تركيا مؤخراً لعقوبات من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب شرائها منظومة الدفاع الروسية "400S-"، كما تعرّضت لعقوبات من الاتحاد الأوروبي على خلفية نشاطها شرق المتوسط، والتنقيب عن الغاز في المياه المتنازع عليها مع كلٍّ من قبرص واليونان.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تصفّي تركيا حساباتها خارج إقليم كردستان العراق؟

في غضون ذلك، يقول مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية محمد حامد: إنّ العراق في هذه الفترة يبحث عن مصالحه بشكل عام، وفق منطق براغماتي، فيتودد للسعودية ومصر، وأخيراً لتركيا التي كانت على خلاف كبير مع سابقيه نوري المالكي وحيدر العبادي، وذلك من أجل كسب حلفاء يعاونونه في معركته مع الميليشيات الموالية لإيران داخل العراق.

من المتوقع أن تتضمّن الزيارة عدة ملفات في مقدمتها الحدود العراقية ـ التركية وضبطها والعمليات العسكرية التركية في العراق

وتسعى تركيا من خلال تحسين علاقتها مع العراق إلى الاستفادة من التوافق الدولي حول الكاظمي، وميله صوب الولايات المتحدة، ومن ثمّ تجدها فرصة لتلطيف الأجواء قبل وصول بايدن إلى البيت الأبيض، خصوصاً في ظلّ موقفه من سياسة أردوغان خلال الأعوام الماضية.

وكانت العلاقات التركية ـ العراقية قد شهدت توتراً إثر بدء تركيا عملية "مخلب النسر" داخل إقليم كردستان العراق في حزيران (يونيو) الماضي، فقد استدعت بغداد السفير التركي في العراق على إثرها أكثر من مرّة، وسلّمته رسائل اعتراض شديدة اللهجة على التعدي التركي على سيادة العراق.

اقرأ أيضاً: هل يشهد إقليم كردستان العراق "ربيعاً كردياً"؟

وتُعدّ تركيا من ضمن الدول التي تسعى إلى كسب نفوذ داخل العراق، وقد صاحب عمليتها الأخيرة أنباء عن سعي تركي لزيادة عدد النقاط العسكرية التركية في شمال العراق.

ومن المتوقع أن تتضمّن الزيارة عدة ملفات؛ في مقدمتها الحدود العراقية ـ التركية، وضبطها، والعمليات العسكرية التركية في العراق، وكان رئيس وزراء العراق قد زار إقليم كردستان العراق في أيلول (سبتمبر) الماضي.

اقرأ أيضاً: ميليشيا "رَبع الله" تتخذ شعار "الولاعة" لإرهاب المجتمع العراقي ودعشنته

وصرّح السفير العراقي في تركيا حسن الجنابي بأنّ الزيارة ستتضمّن أيضاً تفعيل اللجان المشتركة بين البلدين، وخصوصاً المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي، واللجنة الاقتصادية المشتركة برئاسة وزيري النفط والطاقة في البلدين.

مصر

ولا يُتوقّع أن تُعدّ تركيا التي تعاني من أزمة اقتصادية حادّة وعقوبات دولية طوق نجاة أو باباً لمساعدة العراق في أزمته، إلّا أنها ستسعى إلى تعزيز تواجدها بأيّ شكل، في ردّ فعل على الدور المصري المتنامي في العراق.

جانب من العمليات العسكرية التركية في العراق

ويوضح مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات قائلاً: إنّ تركيا تعلم جيداً توجّه العراق أكثر فأكثر نحو الحلف العربي، المتمثل في مصر والسعودية، لمعاونته على فكّ الارتباط بإيران، لذا فإنها تحاول بتعزيز علاقاتها مع العراق، حصار مؤشرات صعود الدور المصري العسكري والسياسي والدبلوماسي، وما إلى ذلك.

واتفقت مصر والأردن والعراق في آب (أغسطس) الماضي على مشروع للربط الكهربائي بين البلدان الـ 3.

اقرأ أيضاً: غسيل الأموال وتهريب النقد في العراق.. فساد الساسة والأحزاب وإيران

ويضيف الباحث: إنّ تركيا قلقت من الاتفاق الذي أبرمته مصر مع العراق حول إعادة الإعمار مقابل النفط، وهو ما يجعل مصر منافساً صاعداً لتركيا في مجال المقاولات، التي كانت تركيا صاحبة اليد الطولى فيه داخل العراق.

واستبعد الباحث السياسي أن تؤدي زيارة الكاظمي لتركيا إلى توتير العلاقات مع مصر، قائلاً: إنّ الدور المصري آخذ في الصعود داخل العراق على كافة المستويات، فقبل أيام زار وزير الدفاع العراقي القاهرة، كما زار الكاظمي مصر من فترة قريبة، وبات ثمّة بلورة واضحة.

اقرأ أيضاً: لعبة الاغتيالات السياسية في العراق ترتدّ على إيران

وأضاف: إنّ مصر مدركة لأهمية العراق، على اعتبارها دولة متنوعة جاذبة للنفوذ، وهي تدرك كذلك أبعاد الزيارة وقادرة على منافسة الدور التركي في العراق.

وبالتزامن مع وصول وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى تركيا قبل يومين، تمهيداً لزيارة رئيس الوزراء، أكد وزير الكهرباء المصري الدكتور محمد شاكر أنّ مصر والأردن والعراق بدأت مناقشات لإجراء الدراسات الفنية والاقتصادية اللازمة لمدّ خطوط للربط الكهربائي بين مصر والعراق عبر خطوط الربط القائمة حاليا بين مصر والأردن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية