تركيا "أطلسية" حتى يثبت العكس

تركيا "أطلسية" حتى يثبت العكس

تركيا "أطلسية" حتى يثبت العكس


02/12/2023

محمد نور الدين

خرج أمين عام حلف شمال الأطلسي، جونس ستولتنبرغ، قبل أيام قائلاً لأنقرة إن «الوقت قد حان» لكي يوافق البرلمان التركي على قرار انضمام السويد إلى الحلف. وقال إنه لم يعد سراً أن الحلف كان يتوقع أن يكون مسار انضمام السويد إلى الحلف اسرع مما جرى حتى الآن.

وفي الواقع أن بروتوكول انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، قد تم التوقيع عليه في قمة مدريد في يونيو/ حزيران 2022 بين زعماء تركيا، وهاتين الدولتين. وربطت تركيا عملية الانضمام بشرط تخلي هلسنكي وستوكهولم عن «دعم الإرهاب»، والمقصود بذلك نشاطات حزب العمال الكردستاني على أراضيهما.

وفي تتبع سير سلوك الدولتين وجدت تركيا أن فنلندا قد التزمت بتعهداتها، ومنعت أي نشاط «إرهابي» كردي على أراضيها. ما أدى إلى موافقة تركيا، في الشتاء الماضي، على انضمام فنلندا، وموافقة البرلمان التركي على ذلك.

غير أن الأمر اختلف بالنسبة إلى السويد. وكان رأي تركيا أن السويد لا تزال تسمح للجماعات الإرهابية بحرية التحرك، والتظاهر، وجمع المال. ومع ذلك فإن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بادر إلى خطوة إيجابية، بأن وافق في قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا في 12 تموز/ يوليو الماضي، على انضمام السويد. وبعد عودته إلى تركيا، بأسابيع قليلة، أحال أردوغان القرار إلى البرلمان للبت بشأنه.

لكن اللجنة التي بدأت دراسة ملف السويد أرجات في خطوة مفاجئة في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، دراسة الملف إلى أجل غير مسمى. وكان هذا إشارة سلبية تنبئ بأن تركيا لم تحصل بعد على أثمان مهمة مقابل موافقتها على انضمام السويد.

المحصلة أن العلاقات التركية مع الغرب والأطلسي، ليست في أحسن أحوالها، بل تواجه عقبات تحول دون العودة إلى طبيعتها.

والكل يعرف ان التوجه التركي بعد عام 2016 إلى روسيا وإيران، ما كان ليتم لولا رغبة الغرب في إطاحة أردوغان من السلطة في محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016. بمعنى أن تحسن العلاقات التركية مع روسيا لم يكن نتيجة قرار خالص واستراتيجي بتحسين العلاقات مع موسكو، بقدر ما كان ردة فعل على سلوكات غربية تجاه أنقرة. وهذا يحيلنا إلى مسار تاريخي بكامله، بدأ منذ انضمام تركيا إلى الحلف عام 1952، حتى اليوم، حيث كانا يتجاوزان الخلافات وينتقلان في كل مرة إلى مرحلة جديدة جيدة.

اليوم، يتكرر المشهد نفسه، وهو أنه منذ اعتراض تركيا المبدئي على انضمام فنلندا والسويد انتهى مسار انضمام فنلندا إلى الحلف، بنجاح، من دون أي مكاسب تركية جدية. وها هو ملف انضمام السويد وصل إلى البرلمان التركي أي الخطوة الأخيرة قبل توقيع أردوغان عليه، ذلك أن «القاعدة الثابتة» أن تركيا في ظل عدم ثقتها بالدول المشرقية، لا تجد لها، ولو واهمة ومن دون أي مقابل عند الضرورة، سوى حلف شمال الأطلسي الذي تعتقد أنه يوفر لها مظلة حماية في صراعها مع العديد من القوى «الغربية»، مثل أرمينيا واليونان وقبرص، وعند الضرورة.. روسيا.

عن "الخليج" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية