ترقب الانتخابات المحلية في تركيا... ما أهميتها، وما أبرز الملفات على أجندة المرشحين؟

ترقب الانتخابات المحلية في تركيا... ما أهميتها، وما أبرز الملفات على أجندة المرشحين؟

ترقب الانتخابات المحلية في تركيا... ما أهميتها، وما أبرز الملفات على أجندة المرشحين؟


24/01/2024

تتحضر الأوساط السياسية التركية لإجراء الانتخابات المحلية نهاية آذار (مارس) المقبل، وسط حالة من الترقب لنتائجها بعد مخاض عسير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وحالة من التجاذب داخل الوسط السياسي، تدفع نحو منافسة قوية بين عشرات المرشحين في (81) محافظة. 

ومن المتوقع أن تشهد هذه الانتخابات زخماً كبيراً، نظراً لما تحظى به من أهمية شديدة في الوسط السياسي التركي، لهذا بدأت الأحزاب المتنافسة بالإعلان عن استعداداتها وخططها للفوز بأصوات الناخبين والسيطرة على كبرى البلدات التركية، على حدّ تقدير دراسة حديثة صادرة عن (المرصد المصري) التابع لـ (المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية)، للباحثة مي صلاح. 

لماذا تحظى الانتخابات المحلية بأهمية خاصة؟ 

تشير الدراسة إلى أنّ الانتخابات المحلية لا تقلّ أهمية عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية  في الداخل التركي؛ كونها تُعدّ استفتاءً عملياً ومباشراً لرصد حجم شعبية الأحزاب في الشارع التركي، وهي مؤشر معبّر كذلك، وأحياناً يكون محدداً وبوصلة للانتخابات العامة، والتي من المقرر أن يكون موعدها عام 2028، كما أنّها ستشكل الديناميكيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المدى القصير في الأعوام الـ (5) المقبلة.

وتأتي هذه الانتخابات بعد أقلّ من عام على الانتخابات الرئاسية في أيار (مايو) الماضي، والتي أتاحت لعدد غير مسبوق من الناخبين الاختيار بين البدائل السياسية، وهذه المرة ستغطي الانتخابات المحلية مقاعد رؤساء البلديات في المدن الكبرى والمقاطعات والمناطق والبلدات، بالإضافة إلى القرى والأحياء والمجلس المحلي وأعضاء مجالس المدن والمجالس البلدية.

 الانتخابات المحلية لا تقلّ أهمية عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية  في الداخل التركي

وفي الانتخابات المحلية يلعب المرشح وشخصيته المحلية وطبيعة الفوائد والخدمات المتوقعة منه دوراً مهماً في ترجيح واختيار الناخب للمرشح، ففهم المجتمع ورغباته نقطة مهمة وحساسة، وبالتالي فإنّه من المهم أن يتم اختيار المرشح الصحيح الذي يلبي رغبات وتطلعات الجمهور، ويحوز قبول وقناعة الناخب من خلال حضوره ومشاريعه التي تمس حياتهم مباشرة، بحسب الدراسة. 

قراءة في آخر انتخابات محلية بتركيا

بإلقاء نظرة على الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2019، تشير الدراسة إلى أنّ نسبة المشاركة بلغت حينها 84.6%، مسفرة عن حصول حزب العدالة والتنمية على 44.3% من الأصوات مكّنته من الفوز في (15) بلدية كبرى، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 37.12% من الأصوات، مكنته من الفوز في (11) بلدية كبرى، من بينها بلديتَا أنقرة وإسطنبول، في حين حقق حزب الشعوب الديمقراطية نسبة 4.2%، فاز خلالها بـ  (3) بلديات كبرى. 

وفاز حزب الحركة القومية، الذي حقق نسبة 7.3% من الأصوات، ببلدية واحدة كبرى من أصل (30) بلدية كبرى. ولم يفز الحزب الجيد بأيّ بلدية كبرى، ولكنّه حصل على نسبة 7.4% من الأصوات.

 

دراسة: من المتوقع أن تشهد هذه الانتخابات زخماً كبيراً، نظراً لما تحظى به من أهمية شديدة في الوسط السياسي التركي، لهذا بدأت الأحزاب المتنافسة بالإعلان عن استعداداتها وخططها للفوز بأصوات الناخبين والسيطرة على كبرى البلدات التركية

 

ومن شأن المحليات هذه المرة أن تعكس مدى الاستقرار والقيادة التي سيحققها الحزب الحاكم الحالي الذي اكتسح الانتخابات الأخيرة، مسفراً عن فوز الرئيس رجب طيب أردوغان، وأغلبية واسعة في البرلمان، وسط اتهامات باتسامها بالاستقطاب الشديد، واستفادة الحزب الحاكم من المميزات الممنوحة له، على حدّ تقدير الباحثة. 

وتشير الدراسة إلى أنّه في حال استطاع حزب العدالة والتنمية تحقيق اكتساح جديد في الانتخابات المحلية وهزيمة المعارضة، فإنّ هذا سيرسل رسالة مفادها أنّ الشعب التركي يوافق على سياسات أردوغان، وبالتالي سيتم تعزيز سياساته ليكون أكثر قوة وحضوراً على الصعيدين المحلي والدولي، كما ستكون ضربة قاصمة للمعارضة التي تواجه عدداً من الانقسامات التي تمنعها من تشكيل جبهة موحدة للحفاظ على مكتسبات انتخابات 2019.

ما الملفات المهمة على جدول المرشحين؟ 

بحسب الدراسة، شهدت الانتخابات العامة التركية الرئاسية والبرلمانية حضوراً بارزاً لملفي الاقتصاد واللاجئين، وكذلك كان الواقع في الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2019. 

وفي ظل الواقع الحالي والتغيرات التي يشهدها الداخل التركي، يتوقع حضور هذه الملفات في الانتخابات القادمة، ولكن بشكل أقلّ، وبشكل مختلف عن الانتخابات الرئاسية؛ إذ إنّ للانتخابات المحلية أجندة خاصة ومواضيع مفصّلة أكثر.

وتحرص الأحزاب المتنافسة على تحديد أولويات الملفات المطروحة عبر إجراء عدد من استطلاعات الرأي بين الناخبين على مدار العام في المدن الكبرى لتسليط الضوء على أبرز القضايا، ووفقاً لعدد من الاستطلاعات الأخيرة نجد أنّ المشكلات الرئيسة تبلورت حول: التحول الحضري، وأزمة الزلازل، وارتفاع تكاليف المعيشة، والنقل، والهجرة غير النظامية، واللاجئين السوريين، ومشاكل البنية التحتية، ونقص الخدمات البلدية، مثل مشاكل مرافق المياه ومشاكل المرور الناجمة عن مشاكل بناء الطرق، هذا بجانب قضية الحيوانات الضالة التي تهاجم المواطنين، وغيرها.

وتشير الدراسة إلى أنّ هناك عوامل أساسية من شأنها أن تتحكم بقرارات الناخبين في هذه الانتخابات، والتي على أساسها ستمنح الأصوات للأحزاب المتنافسة بناء على ما تقدمه من برامج وشعارات، شريطة أن يلتمس الناخب مصداقية وواقعية وإمكانية تحقيق الوعود المطرحة، والتي تتمحور حول الوضع الاقتصادي، والقضية الكردية، فضلاً عن الأوضاع الإقليمية والدولية. 

كيف تستعد الأحزاب التركية للانتخابات؟ 

من المقرر أن تُصدر المجالس الانتخابية بالمقاطعات والمناطق قوائم المرشحين المعتمدين النهائية في 3 آذار (مارس) القادم بعد الاستئناف، حسبما ذكر المجلس الأعلى للانتخابات. 

وحتى الإعلان عن المرشحين، بدأت الأحزاب المتنافسة، البالغ عددها (36) حزباً سياسياً، في الآونة الأخيرة الإفصاح عن أبرز مرشحيها وتحالفاتها كنوع من الحشد والإعلان وكسب التأييد الشعبي. 

ويتم الكشف أيضاً عن الخطط والاستعدادات التي تجعل من المنافسة ميداناً مشتعلاً يضعنا أمام خيارين: إمّا فوز ائتلاف الحزب الحاكم بالمناطق المهمة، وبالتالي الهيمنة على المشهد السياسي التركي بالكامل، وإمّا أن تفوز المعارضة بأهم المقاطعات كما فعلت عام 2019، الأمر الذي سيضع عدداً من العقبات أمام طموحات الحزب الحاكم.

وبعد تجديد كوادره، واستبدال (52) رئيساً إقليمياً وأكثر من (400) رئيس مقاطعة بعد الانتخابات العامة التي جرت في أيار (مايو) الماضي، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان عن مرشحي حزب العدالة والتنمية لرئاسة البلديات في (26) مقاطعة، بما في ذلك إسطنبول التي يوليها الرئيس مكانة مهمة في حياته السياسية، فهي بالنسبة إليه بمثابة نقطة محورية في المشهد السياسي التركي.

بحسب الدراسة، يحاول حزب العدالة والتنمية استعادة هذه المدن مجدداً كنوع من "تصفية الحسابات" مع المعارضة، وتأكيداً على القناعة العامة التركية التي تفترض أنّ من يحكم إسطنبول يحكم تركيا.

ووفقاً لاستطلاعات الرأي، فقد يتمكن الحزب من الفوز برئاسة بلديات كبرى كإسطنبول وأنقرة، أو على الأقل ضمان الفوز بإسطنبول فقط؛ نظراً لعمل الحزب في الآونة الأخيرة بطريقة صارمة ومحددة لاختيار المرشح المناسب ذي الخلفية الممتازة لإدارة المدن. 

 

من شأن المحليات هذه المرة أن تعكس مدى الاستقرار والقيادة التي سيحققها الحزب الحاكم الحالي الذي اكتسح الانتخابات الأخيرة مسفراً عن فوز الرئيس أردوغان، وسط اتهامات باتسامها بالاستقطاب الشديد، واستفادة الحزب الحاكم من المميزات الممنوحة له

كما أنّه يركز على "العمل والإنجاز معاً"، وهو الأمر الذي يُعدّ نقطة ضعف عند مرشحي المعارضة، بالرغم من تقدم أشهرهم (الشعب الجمهوري) في استطلاعات الرأي، ولكنّ هناك عدداً كبيراً من الناخبين غير راضين عن إنجازاتهم في الأعوام الـ (5) الماضية.

من المتوقع أيضاً أن تشكل الانتخابات المحلية القادمة نقطة حاسمة في مسيرة الأحزاب المعارضة، التي توحدت عام 2022 تحت مظلة "تحالف الأمة أو الطاولة السداسية"، بهدف العودة بالنظام البرلماني بدلاً من الرئاسي، وإنهاء حقبة حكم أردوغان، ولكنّه انهار عقب هزيمة كمال كليجدار أوغلو مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي ألقى بظلال سلبية على التحالف وتماسكه، بالرغم من أنّ هذه الانتخابات أظهرت أنّ للمعارضة قاعدة شعبية جماهيرية كبيرة في الأوساط التركية.

وتخلص الدراسة إلى أنّه وفق المعطيات الحالية، وإلى أن تُعلن نتيجة هذه الانتخابات، سيظل الاستقطاب الحاد بين الأحزاب المتنافسة مستمراً في تركيا، وستجاهد المعارضة بكل ما أوتيت من قوة لتعوض خسارتها الرئاسة وأغلبية البرلمان بإصلاح الأخطاء والثغرات واحتواء الانقسامات، وتقديم مرشحين قادرين على تشتيت الحزب الحاكم وانتقاد سياساته في العلن، بينما سيعمل الأخير أيضاً بكل قوة على استغلال مشكلات المعارضة لصالحه، من أجل فوز أخير بآخر موجة من الانتخابات التركية قبل الموجة القادمة عام 2028.

مواضيع ذات صلة:

خطوة جديدة في التقارب بين مصر وتركيا...السعودية والإمارات تعلقان

هل تُعجِّل تسمية السفيرين بالقمة الرئاسية بين مصر وتركيا؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية