تحالف روسي إيراني لإضعاف أمريكا يقلق إسرائيل

تحالف روسي إيراني لإضعاف أمريكا يقلق إسرائيل


كاتب ومترجم فلسطيني‎
23/08/2021

تبدي إسرائيل قلقها إزاء التقارب في العلاقات الثنائية بين موسكو وطهران، في وقت تواصل فيه التنسيق مع روسيا حول الطلعات الجوية على معاقل إيران وميليشياتها داخل سوريا، ضمن مساعي إسرائيل في دفع التمدّد الإيراني داخل سوريا إلى الوراء، وما يزيد القلق لدى إسرائيل تعزيز روسيا مؤخراً علاقتها مع حزب الله، إلى جانب بناء علاقات علنية مع الحشد الشعبي، الذي يضمّ عشرات الميليشيات المؤيدة لإيران. 

وتربط روسيا وإيران منذ سنوات علاقات تعاون في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وقد زاد تقارب طهران وموسكو في السنوات الأخيرة؛ لحاجة كلّ منهما إلى الأخرى في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ومنها العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، بسبب الأزمة الأوكرانية، وعلى طهران بسبب ملفها النووي.

ودخلت روسيا وإيران الأراضي السورية إبّان الثورة السورية، عام 2011، وسعى البلدان نحو سباق ميداني لكسب الأرض في حربهما ضدّ المتطرفين، وأعلنت روسيا تزويد سوريا بمنظومة الدفاع الجوية "إس 300" المتقدمة، إضافة إلى أجهزة إلكترونية حديثة، فيما قدّمت إيران الدعم اللوجستي والخبراء العسكريين والقوات البرية، حفاظاً على المصالح المشتركة، وتدخّل البلدَين في الصراع السوري أثار غضباً إسرائيلياً.

دفع العلاقات للأمام

وتعمل إيران في ظلّ حالة العداء الدولي، خاصة الإسرائيلي، على دفع العلاقات مع روسيا نحو الأمام، عبر تعزيز قطاعها الدفاعي وتطوير إستراتيجية جديدة للأمن القومي، خاصة بعد أن وقّعت اتفاقاً حكومياً دولياً بشأن التعاون العسكري طويل الأمد، تزامناً مع مواصلة الولايات المتحدة فرض عقوبات مشددة على إيران.

وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، دانييل ركوف: "إيران وروسيا شريكتان في عدد من المصالح الإقليمية والدولية، وعلى رأسها تقليص نفوذ أمريكا الحالي في الشرق الأوسط، إلى جانب رغبة روسيا كبح نشاط إسرائيل داخل سوريا خوفاً على مصالحها، في ظلّ تزايد نشاط سلاح الجوّ الإسرائيلي على سوريا؛ لذلك، وفي ظلّ توسّع مصالح روسيا المشتركة مع إيران، فإنّ موسكو ستفضّل تجنّب القيام بخطوات لتقييد وجود إيران في سوريا".

المحلل السياسي نهاد أبو غوش لـ"حفريات": قوة العلاقات الروسية الإيرانية وضعفها تضيق وتتسع، كلّما اشتدّ الصراع في المنطقة، فالبلدان عقدا سابقاً تحالفاً إستراتيجياً عميقاً في وجه واشنطن

وأشار الكاتب ركوف، إلى أنّ مواقف روسيا هي الأكثر قرباً من مواقف إيران، بالنسبة إلى مواقف الدول العظمى المشاركة في مفاوضات فيينا حول البرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى ذلك أظهرت موسكو التسامح نحو خروقات إيران المستمرة في مجال تخصيب اليورانيوم ومراكمة الاحتياطي، وتشاؤمها من صعوبة التوصل إلى تفاهمات مع إيران حول برنامجها النووي.

ووفق القناة الإسرائيلية "12"؛ فإنّ إسرائيل تخشى من معلومات متواردة تفيد بأنّ روسيا تنوي اعتراض نشاط سلاح الجوّ الإسرائيلي المستمرّ على معاقل إيران وميليشياتها في سوريا.

وأضافت القناة؛ أنّ ادّعاءات روسية أفادت بأنّ منظومة الدفاع الروسية نجحت في اعتراض صواريخ أطلقتها طائرات إسرائيلية على أهداف في مدينة حمص قبل أسابيع، ويبدو أنّ ما نشر يعكس عدم رضا موسكو من مواصلة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على سوريا، وخشية روسيا من اقتراب الهجمات من مناطق تهتم بها في سوريا.

إيران تمثل خطراً

في سياق ذلك، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش: "إسرائيل قلقة من التقارب الروسي الإيراني، لأنّ كلّ إستراتيجيتها في السنوات الأخيرة تقوم على استعداء إيران وشيطنتها، وتصويرها على أنّها تمثل خطراً وجودياً على إسرائيل، كما على كلّ دول المنطقة، إلى جانب أنّ تقارب العلاقات مع روسيا من شأنه أن يفكّ الحصار عن إيران، ويبطل أثر العقوبات، على اعتبار أنّ روسيا دولة عظمى وذات تأثير سياسي".

وأوضح أبو غوش، في حديثه لـ "حفريات"، أنّ "روسيا باتت اللاعب المركزي في سوريا والشرق الأوسط، خاصة بعد انتهاء مرحلة ترامب ومجيء إدارة بايدن الديمقراطية، فالدور الروسي يتنامى في كلّ منطقة، سواء في دول الجوار، أو في آسيا الوسطى، بالتالي، روسيا سوف تلعب دوراً مركزياً في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، ورعاية عمليات الإصلاح التي يتوقع أن تشهدها سوريا؛ لذلك لا تريد إسرائيل وجود إيران قريبة من روسيا وتتشارك المصالح معها".

 وأضاف: "قوة العلاقات الروسية الإيرانية وضعفها تضيق وتتسع، كلّما اشتدّ الصراع في المنطقة، وتأثير هذا الصراع على مصالحهما المشتركة؛ فالبلدان عقدا سابقاً تحالفاً إستراتيجياً عميقاً في وجه الولايات المتحدة العدو اللدود بالنسبة إلى روسيا وإيران؛ لذلك لطالما كان للوجود الأمريكي تأثير في المنطقة، تعززت الشراكة الروسية الإيرانية، وهذا يعكس سلباً على إسرائيل".

التأثير على تمدد إيران

وأشار المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أنّ "إسرائيل بذلت، وما تزال، جهودها للتأثير على إيران، والحدّ من تأثيرها الإقليمي، كما أنّها حاولت منازلة إيران في المياه الدولية وتحريض العالم على ما تسبّبه طهران من مخاطر للملاحة الدولية، لكنّ الجهود الإسرائيلية فشلت، وتبيّن أنّ كلفة ذلك باهظة على إسرائيل نفسها".

المحلل السياسي أليف صباغ لـ"حفريات": انسحاب أمريكا من أفغانستان يعدّ درساً لكلّ من يعتمد على واشنطن، على اعتبار أنّ إسرائيل تعدّ أمريكا مصدراً أساسياً لقوتها  

وبسؤاله عن مستقبل الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق سوريا، ورغبة روسيا في وقف الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، بيّن أبو غوش؛ أنّ "الطلعات الجوية الإسرائيلية واستباحة الأجواء السورية لم تتوقف، لأنّ قدرة الدولة السورية على الردّ تظلّ محدودة، في ضوء الحالة القائمة في سوريا والقدرات العسكرية المحدودة، لكنّ هذه الحالة ليست مطلقة، ولا يمكن إغفال أنّ سوريا تزوّدت مؤخراً ببطاريات صواريخ "إس 300"، وقدراتها على الردّ من خلالها تتحسّن؛ لذلك فإنّ قوّة التموضع الإيراني داخل سوريا قد تساعد على تفعيل هذه المنظومة بفضل الخبرات العسكرية التي تتمتع بها إيران".

بدوره، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أليف صباغ: "إسرائيل تبالغ كثيراً وتتعمّد تهويل الخطر الإيراني وتضخيمه، لعدة أسباب، أهمها: رغبتها الدائمة في تهميش القضية الفلسطينية، والتهرب من أيّ استحقاقات قد يتطلبها استئناف مسيرة التسوية، إلى جانب رغبتها في تبرير ادّعاءاتها بأنّها تواجه خطراً وجودياً، بالتالي، فهي في حاجة إلى الاحتفاظ بالأراضي غير المحتلة، خاصة غور الأردن وهضبة الجولان، تحت شعار حاجة إسرائيل إلى حدود أمنية يمكن الدفاع عنها".

وأشار صباغ، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "إيران عملت على إنشاء خطّ تجاري اقتصادي إلى سوريا ولبنان والعراق، وتخشى إسرائيل من وصول هذا الخط الناقل للنفط والغاز إلى الصين والعديد من الدول الأوروبية بمساعدة روسيا، خاصة في ظلّ العداء القائم بين العديد من الدول مع الولايات المتحدة".

مصالح مشتركة

وأضاف: "إيران وروسيا لديهما مصلحة مشتركة في الحدّ من نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهما قادرتان على وقف هذا النفوذ، خاصة روسيا، التي تعدّ دولة عظمى لها مصالح كونية، ولها علاقات ومصالح متداخلة في شتى بقاع العالم، وهي قوة عسكرية ونووية هائلة، كما أنّها قوة اقتصادية صاعدة".

ولفت إلى أنّ "إيران تعدّ من دول جوار روسيا، وبينهما علاقات تاريخية مهمة، وتشتركان في مصالح اقتصادية ومنظمات إقليمية مشتركة، مثل منظمة بحر قزوين، كما أنّهما منتجتان للنفط والغاز، وتتقاطعان وتتداخلان في التأثير على دول بحر قزوين؛ لذلك من الطبيعي أن تشهد علاقات البلدين مساحات واسعة للتعاون في مختلف المجالات، كما أنّ رفع العقوبات عن إيران سوف يضاعف فرص التعاون المشترك في شتى المجالات".

وتابع: "باتت خيارات إسرائيل ضعيفة أمام هذا التحسّن الكبير في العلاقات الروسية الإيرانية، ويجب على إسرائيل الاعتراف بإيران كدولة نووية والعيش بسلام معها، فانسحاب أمريكا من أفغانستان يعدّ درساً لكلّ من يعتمد على أمريكا، على اعتبار أنّ إسرائيل تعدّ أمريكا رأس المال الحقيقي ومصدراً أساسياً لقوتها".  




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية