
اختار اجتماع سرّي، الخميس، لمجلس شورى حزب المؤتمر الوطني المحلول، القيادي الإخواني أحمد هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، رئيساً للحزب، وسط خلافات حادة تهدد بانقسام الحزب المتورط في تأجيج الحرب التي تعصف بالبلاد.
وتحت حماية الجيش السوداني عقد الحزب المنحل اجتماع مجلس الشورى، واختار هارون رئيساً له، وقد طالب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بضرورة تكثيف عمليات استنفار عضوية الحزب المنحل وتنشيط العمل لحشد أكبر عدد من المواطنين للمشاركة في القتال مع الجيش ضد قوات الدعم السريع.
وعقد حزب المؤتمر الوطني اجتماعه المخصص لمجلس الشورى في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، وسط سرّية كاملة تحت تأمين الجيش السوداني الذي يسيطر على المدينة.
وأكدت مصادر إعلامية أنّ الاجتماع خاطبه عبر الهاتف كل من الرئيس المخلوع عمر البشير، والقائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس جهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل. وشارك حضورياً مساعد البرهان، الفريق أول ركن ياسر العطا، الذي تولى مهمة تأمين الاجتماع.
من جهته، دعا الرئيس المخلوع عمر البشير، عبر كلمة مسجلة، إلى التماسك والتصدي للفتن، والتحصن من الانشقاقات، وعدم التهاون مع المتفلتين داخل الحزب المحلول، بتفعيل اللوائح التنظيمية.
وشدد على ضرورة الإسراع في حسم المعركة العسكرية، وعدم الوثوق ببعض الأطراف الدولية، مع الاعتماد على الكوادر التنظيمية للحزب.
إبراهيم محمود يؤكد أنّ الاجتماع مخالف للنظام الأساسي، وأنّه لن يتمّ الاعتراف به ولا بمخرجاته، وأنّه قد يؤدي إلى شق صف الحزب.
واختار مجلس شورى الحزب المحلول أحمد هارون رئيساً له، وسط رفض مجموعة أخرى داخل التنظيم يقودها إبراهيم محمود حامد.
واستبق المكتب القيادي بقيادة إبراهيم محمود انعقاد الاجتماع بإصدار بيان الأربعاء الماضي، أعلن فيه عدم الاعتراف به أو بأيّ قرارات تصدر عنه، وعَدّ تلك الخطوة مخالفة للنظام الأساسي، مطالباً الأعضاء الذين وجهت إليهم الدعوات بعدم حضوره.
وأكدت مجموعة إبراهيم محمود، في بيان نقلته صحيفة (التغيير)، أنّ الاجتماع مخالف للنظام الأساسي، وأنّها لن تعترف به ولا بمخرجاته، مشيرة إلى أنّ الاجتماع قد يؤدي إلى شق صف الحزب.
واتهمت المجموعة من أقاموا اجتماع الشورى بالعمل على شق صف الحزب، قائلة: إنّهم "المجموعة نفسها التي نفذت المؤامرة على الحزب عام 2019 وزجّت بقياداته في السجون، ومنعت المؤتمر الوطني من الوصول إلى موارده المالية، وأمسكت عنه الموارد المتاحة منذ عام 2019. كما أنّها سعت لخلق فتنة لتمزيق وحدة هياكل وعضوية الحزب، وأنشأت ودعمت المكونات الضِرار لإذابة هياكل الحزب بالمركز والولايات".
ووفق صحيفة (الشرق الأوسط)، فقد بدأ الحراك الانشقاقي داخل الحزب الذي تقوده شخصيات نافذة عقب عودة إبراهيم محمود، آخر رئيس مكلف من قبل "مجلس الشورى"، إلى مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة في البلاد قادماً من تركيا.
وقالت مصادر أخرى: إنّ محمود لن يعترف بقرارات "مجلس الشورى"، وسيمضي وحده في تكوين حزب تحت المسمّى نفسه.
وأوضحت أنّ دوافع مجموعة محمود هي التخلُّص من التركة الثقيلة من قيادات الحزب المطلوبة لدى المحكمة الجنائية - ومن بينهم البشير وهارون وعبد الرحيم محمد حسين- التي تسببت -حسب تعبيرها- في خسائر سياسية كبيرة للحزب، واستمرار وجودها سيكون خصماً في المستقبل على الحزب.
وأشارت إلى أنّ الصراع بين المجموعتين بدأ في أعقاب عودة إبراهيم محمود مباشرة من تركيا، والذي يحظى بدعم كبير من القياديين نافع علي نافع، ومدير جهاز الأمن والمخابرات السابق محمد عطا المولى.
وحسب المصادر، سارعت مجموعة أحمد هارون إلى عقد اجتماع "مجلس الشورى"، بدعم من علي كرتي، المسؤول الأول عن إشعال حرب 15 نيسان (إبريل) 2023، حسب تقارير ومصادر متنوعة، لإزاحة أيّ مجموعة أخرى تسعى للسيطرة على الحزب.
ووفقاً للمصادر، فإنّ كرتي وراء قيام اجتماع "مجلس الشورى" لحسم المجموعة الأخرى، والتمهيد لاستلام أحمد هارون قيادة الحزب، وإنّ دافعه في ذلك استمرار الحرب تحت مسمّى "معركة الكرامة" للعودة إلى الحكم مرة أخرى.
واستبعد مفكر إسلامي شهير قدرة حزب المؤتمر الوطني ومرجعيته الفكرية، الحركة الإسلامية، على الإصلاح؛ بسبب ما سمّاه "الإفلاس الفكري الذي تواجهه الحركة، لأنّهم مهما اتفقوا أو اختلفوا، فهم بحاجة إلى مشروع جديد ولتجديد جذري".
بدأ الحراك الانشقاقي داخل الحزب الذي تقوده شخصيات نافذة عقب عودة إبراهيم محمود إلى مدينة بورتسودان قادماً من تركيا.
وأشار إلى تصريحات حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، التي طالبهم فيها بإجراء مراجعات فكرية وتقديم رؤية جديدة، والاعتذار للشعب السوداني عن أخطاء الماضي، وفق ما نقلت صحيفة (الشرق الأوسط).
وشدّد المفكر -الذي طلب عدم ذكر اسمه- على أهمية تأدية واجبات المراجعة والمستقبل، والرجوع إلى أصل الحركة التي تدّعي أنّها حركة توحيدية، وتابع: "هي تدّعي أنّها حركة توحيدية، لكنّها دائماً ظلّت تحافظ على ظاهر وباطن، وحزب وحركة وحكومة".
المفكر الإسلامي البارز دعا الإخوان إلى تأسيس حزب حديث، ووضع برنامج يجيب عن أسئلة الواقع، والتحول إلى حركة سياسية، وأن يوجهوا طاقتهم الفكرية والاجتماعية أو الدعوية إلى منظمات المجتمع المدني، مثلما فعلت تونس، وقال: "الشيخ حسن الترابي كان يطمح في إذابة الحركة في المجتمع، وليس لقولبة المجتمع في الحركة الإسلامية، وهذا ما دفعه لإلغاء اسمها، وأطلق عليها حركة الإسلام في المجتمع".
وأكد مصدر سياسي أنّ الصراع داخل حزب المؤتمر الوطني المنحل دليل على تراخي قبضة رئيس الحركة الإسلامية علي كرتي على مفاصل التنظيم، مشيراً إلى أنّ الرجل، منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير، ظل صاحب الكلمة الفصل فيما يتعلق بشؤون أنصار النظام السابق.
إبراهيم محمود حامد، الذي رفض الاعتراف بمخرجات الشورى التي عقدتها مجموعة علي كرتي في عطبرة، كان قد جاء إلى رئاسة الحزب في عام 2020 بتدبير من (كرتي) نفسه، حينما عُقد اجتماع شورى مماثل عُزل فيه الرئيس المكلف إبراهيم غندور.
ولفت المصدر إلى أنّ محمود قام مؤخراً بعدة إجراءات داخل الحزب دون التشاور أو الرجوع إلى علي كرتي وأحمد هارون، من بينها تعيين أمناء أمانات بالحزب وعودته إلى بورتسودان، حيث شرع في عقد لقاءات مع الجيش والقوى السياسية الأخرى.
وكشف المصدر عن احتجاج أحمد هارون على القرارات التي اتخذها إبراهيم محمود بشأن تشكيل هياكل الحزب دون التشاور معه، موضحاً أنّ "هارون اتصل بإبراهيم محمود وأبلغه باحتجاجه، لكنّ الأخير رد عليه بأنّه رئيس الحزب، وما قام به يندرج ضمن صلاحياته، وليس لأحد الحق في محاسبته".
الباقر: حزب المؤتمر الوطني المنحل قد انشق بالفعل نتيجة هذا الاجتماع، الذي لم يكن محل توافق من جميع تياراته، وقيادة الجيش ليست بعيدة عمّا يجري داخل أروقة التنظيم.
ويرى المحلل السياسي عمار الباقر أنّ حزب المؤتمر الوطني المنحل قد انشق بالفعل نتيجة هذا الاجتماع، الذي لم يكن محل توافق من جميع تياراته. وتوقع أن يلقي هذا الصراع بظلاله على تطورات الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال الباقر في تصريح صحفي لـ (إرم نيوز): إنّ قيادة الجيش ليست بعيدة عمّا يجري داخل أروقة التنظيم المحلول من خلافات، مشيراً إلى أنّ القيادات التي حضرت اجتماع الشورى في عطبرة كانت قد سهّلت في وقت سابق وصول وحماية رئيس المجموعة المناوئة إبراهيم محمود إلى مدينة بورتسودان.
وأكد الباقر أنّ جنرالات الجيش هم من يقفون وراء انشقاق المؤتمر الوطني، في محاولة للتخلص من سيطرة التنظيم المحلول عليهم بعد إضعافه وإشغاله بصراعاته الداخلية.
وفسّر ظهور قيادة الجيش السوداني في اجتماع مجموعة علي كرتي، رغم دعمها في وقت سابق لإبراهيم محمود، بأنّه محاولة لوضع يدها على المجموعتين، وجعلهما تحت السيطرة في آنٍ واحد.
وأوضح أنّ "مجموعة المؤتمر الوطني التي بدأت تعود إلى الواجهة يرأسها إبراهيم محمود حامد، الذي تربطه علاقات بدولة إريتريا ومع الأمين داؤود، قائد ما عُرفت بـ (الأورطة الشرقية)، وهي الميليشيا الجديدة التي أعلنت عن نفسها في شرق السودان، بالتزامن مع عودة المؤتمر الوطني إلى الواجهة".