بنعبدلاوي .. فارس المعرفة المختار يترجل عن صهوة الحياة

فقدت الأوساط الأكاديمية والسياسية العربية، يوم الخميس 29 آب (أغسطس) الجاري، المفكر المغربي الكبير مختار بنعبدلاوي، الذي رحل عن عمر ناهز 65 عاماً، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض، لم ثنه عن إثراء الفكر العربي، وطرح نماذج معرفية جديرة بالبحث والدراسة.

الفيلسوف والمفكر الراحل، عمل أستاذاً للفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة الحسن الثاني، حيث كان مختصا في الفلسفة السياسية والإسلاميات المعاصرة، وكان مسؤولا بوحدة الدكتوراه “دراسات في الدين والسياسة”، بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وهو كذلك مؤسس مركز “مدى” للدراسات والأبحاث الإنسانية، ومدير مجلة رهانات، كما كان رئيسا للمنتدى المغاربي.

صدرت له عدة كتب ودراسات مهمة، حيث ترجم كتاب: جاك مونتوي: "موجز تاريخ الفلسفة"، وكتاب الإسلام المعاصر: قراءة في خطابات التأصيل. وفي العام 2021، صدر مؤلف جماعي، بمشاركة فريق من الباحثين من تونس، وليبيا، والمغرب، ومصر، والعراق واليمن وسورية، تحت إشرافه بعنوان: "ماذا بعد الربيع العربي؟" بالإضافة إلى عدد من الدراسات والمقالات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، في الفلسفة والإسلاميات المعاصرة، اهتم فيها بنظرية التحول الديمقراطي، كما أشرف على تنظيم عدد من الندوات العلمية الوطنية والدولية.

عُرف بنعبدلاوي بنشاطه في الحقل المدني بشكل مكثف، من خلال تأسيسه منتدى المواطنة، إلى جانب مجموعة من أبناء الحركة الاتحادية والمقربين من مدرستها، وكان مقرباً من المناضل المغربي الكبير محمد الفقيه البصري.

تميز بنعبدلاوي بخطابه الهادئ وعقله النقدي، مع قدرته الفائقة على استحضار جوهر المشروع التحرري الاتحادي بشكل متوازن، والتركيز على القواسم المشتركة. كما انخرط ضمن صفوف تيار الوفاء للديمقراطية، وكان أحد محرري وثيقة هذا التيار، حيث كتب الفصل الخاص بالهوية.

المثقف العربي الكبير، قرر الابتعاد عن العمل السياسي المباشر، مُؤْثراً العمل في الأوساط الأكاديمية والمدنية، قبل أن يعلن عودته إلى المشهد السياسي قبل أكثر من عام، حيث شارك ضمن اجتماعات اللجنة التحضيرية، لتأسيس حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، وشارك في تأسيسه وحضور أنشطته.