كرمت جمعية "بالعربية" أمس الإثنين، الفائزين بالنسخة الأولى من جائزة "بالعربية للثقافة والعلوم"، والتي أطلقتها بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم، وذلك برعاية وزارة الثقافة اللبنانية.
وبحضور حشدٍ من الصحافيين، والكتاب والدبلوماسيين والشخصيات عامة، تم الترحيب بالدكتورة سارة ضاهر رئيسة الجمعية التي نوهت بكلمات وجدانية بجهود وزارة الثقافة وبدور جمعية "بالعربية" في حفظ اللغة العربية.
اقرأ أيضاً: اللغة العربية حبيسة في صورتين للعروبة
وخلال فعاليات الاحتفال، ألقى الشاعر شوقي بزيع كلمةً اعتبر فيها أن "لبنان لم ولن يفتقر يوماً للأدباء وبأن دوره في هذا المجال لن يعرف الأفول".
أما وزير الثقافة محمد بسام المرتضى فاستشهد بمقولة الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر: "اللغة بيت الوجود، فيها يقيم الإنسان. وحراس بيتها أولئك الذين بالكلمات يفكرون، فبفضل حراستهم تحقق الكشف عن الوجود". وأضاف: "أحسب أن ليس كالعربية لغة تنطبق عليها هذه المقولة للفيلسوف الألماني. بل أحسب أن ليس كالعرب قوم يسكنون لغتهم، منذ تكونت معانيها في رتابة الصحراء وضآلة أشيائها، حتى أصبحت فيما بعد الوعاء الذي استوعب منجزات الحضارة الجديدة، فقهاً وعلم كلام، ولاهوتاً وفلسفة، وأدباً وتأريخاً، وطباً وفلكاً وعلوماً أخرى مادية وإنسانية"، وفق ما أورده موقع "نداء الوطن" اللبناني.
وختم: "في كل حال، أنا لا أريد في هذا المقام أن أتطرّق إلى دور اللغة في جمع الأمة أو تقسيمها. ذلك أمر يحتاج إلى بحثٍ مستفيض لا تكفيه عجالة خطاب. لكن حسبي أن أذكر بأن اللغة العربية بدون أدنى شك، تشكل للعرب الخزانة التي حفظت إيمانهم وتاريخهم وتطلعاتهم، وهي بهذا المعنى جزء من هويتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية، تجمعهم بعضاً إلى بعض مهما اختلفت أقطارهم وتعددت لهجاتهم. وعلى أمل أن توضع خطة وطنية، بل قومية، تهدف إلى شد الأواصر بين اللغة والناس".
اقرأ أيضاً: لماذا تحارب تركيا اللغة العربية؟
وتضم الجائزة 4 فئات هي: الإلقاء، القصيدة، القصة القصيرة والفيديو المصور. وتتألف لجنة تحكيمها من الدكتور نازك بدير الأستاذة الجامعية والكاتبة، والإعلامية والروائية لوركا سبيتي، والإعلامي بسام براك والكاتبة والناقدة مايا الحاج اللذين تعذر حضورهما بسبب ظروف صحية.
حصد أحمد ياسين جائزة "الإلقاء"، بينما فازت أحلام زلزلي بجائزة "الشعر"، وحصل كل من رنا علم وجنى سليقا على جائزة "القصة القصيرة" فيما فاز كميل الريس بجائزة "الفيديو المصور"
وحصد أحمد ياسين جائزة "الإلقاء"، بينما فازت أحلام زلزلي بجائزة "الشعر"، وحصل كل من رنا علم وجنى سليقا على جائزة "القصة القصيرة" فيما فاز كميل الريس بجائزة "الفيديو المصور". وأكدت الفائزة جنى سليقا خلال حديثها مع "نداء الوطن" على هامش الاحتفال، أن "بيروت عشقها لذا كرست قصتها عنها وبأن هذا الفوز يحفزها لنجاحاتٍ مقبلة".
اقرأ أيضاً: هذه استراتيجية الإمارات للعناية باللغة العربية
بدورها أشارت لوركا سبيتي إلى أنه "وفي ظل الأزمات التي نعيشها في لبنان من هبوطٍ إقتصادي وثقافي ساهمت الجمعية بإحياء بيروت وثقافة أبنائها مجدداً".
وعن ماهية الجمعية وأعمالها المقبلة، أكدت رئيسة المؤسسة سارة ضاهر أن "الرؤية تكمن بالثقافة والتعليم لتطوير لبنان"، معلنةً عن "إطلاق الجوائز للكبار والصغار على حد سواء، إضافةً إلى أنشطة ثقافية أخرى تطمح الى بلورتها على المدى القريب".
وتأسست جمعية "بالعربية" غير الحكومية في العام 2017، وباشرت بدعم اللغة العربية وإعادة هيكلتها رويداً رويداً، فثابرت على دورات محو الأمية، وتوفير الفرص التعليمية، وتمكين النساء، ومساعدة الأطفال، وتخصيص دروس عربية للجيش اللبناني.
يذكر أن العالم يحتفل يوم 21 شباط (فبراير) من كل عام، باليوم العالمي للغة الأم، بهدف تعزيز الوعي بالتنوع اللغوي والثقافي وتعدد اللغات، إذ إن اللغات وتعددها يمكنها تعزيز الاندماج بين مختلف شعوب العالم.
اقرأ أيضاً: ما الإشكاليّات التي تواجه اللغة العربية في ظل العولمة؟
وتعتبر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" أن التعليم، خاصة التعليم القائم على اللغة الأولى أو اللغة الأم، ينبغي أن يبدأ في الطفولة المبكرة، فضلاً عن أن التربية هي أساس التعليم.
العالم يحتفل يوم 21 شباط من كل عام، باليوم العالمي للغة الأم، بهدف تعزيز الوعي بالتنوع اللغوي والثقافي وتعدد اللغات
وتعود قصة هذا اليوم إلى عام 1948 عندما قام رئيس باكستان ومؤسسها محمد علي جناح بفرض الأوردو كلغة وطنية، وهو ما اعترضت عليه باكستان الشرقية، بنجلاديش حالياً، في شكل حركة شعبية كبيرة، وفي ذلك الوقت لم تكن بنغلاديش قد انفصلت عن باكستان.
وفي 21 شباط (فبراير) 1952 أطلقت الشرطة النار على متظاهرين من الطلبة خرجوا مطالبين بالاعتراف بلغتهم الأم البنغالية، في دكا عاصمة بنغلاديش، ما أدى لمقتل 5 طلاب، ليتحول ذلك اليوم لحدث خالد على مستوى البلاد في إطار تعزيز اللغة الأم، وهو الاقتراح الذي تقدمت به بنجلاديش لتوافق عليه "يونسكو"، وتخرج بفكرة اليوم العالمي للغة الأم.
وتؤمن "يونسكو"بأهمية التنوع الثقافي واللغوي لبناء مجتمعات مستدامة، وضمن الجهود الرامية لإنجاز ولايتها المتمثلة في تحقيق السلام تسعى المنظمة للحفاظ على الاختلافات في الثقافات واللغات بغية تعزيز التسامح واحترام الآخرين.
ويُبرز شعار اليوم الدولي للغة الأم لعام 2022: "استخدام التكنولوجيا من أجل التعلم متعدد اللغات: التحديات والفرص"، الدور الذي يمكن للتكنولوجيا أن تؤديه للدفع بعجلة التعلم متعدد اللغات ودعم الارتقاء بجودة التعليم والتعلم للجميع.