بعد ظهور انقسامات كبيرة.. ما مستقبل الميليشيات التابعة للوفاق الليبة؟

بعد ظهور انقسامات كبيرة.. ما مستقبل الميليشيات التابعة للوفاق الليبة؟


16/08/2020

اتسعت الهوّة بين الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق منذ نهاية معركتها ضد الجيش الليبي في طرابلس بسبب خلافات عقائدية وأخرى تتعلق بالقيادة، إلى جانب تكرار تجاوزات عناصر تلك الميليشيات التي وصلت في بعض الأحيان إلى التمرّد والنهب والسرقة.

 

تُعتبر مطالب الصادق الغرياني لميليشيات مصراتة والزاوية وزليتن وطرابلس بعقد ملتقى مؤشراً على الخلافات بين الميليشيات المُسلّحة

وتُعتبر مطالب مفتي الميليشيات المسلحة الليبي، الصادق الغرياني، لميليشيات مصراتة والزاوية وزليتن، ومن وصفهم بالعقلاء الذين يملكون سلاحاً في طرابلس، بعقد ملتقى كبير يناقشون فيه عجز المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير المعتمدة وتشكيل حكومة أزمة، مؤشراً على الخلافات بين الميليشيات المسلحة، والتي كان آخرها بيان قوة حماية طرابلس الذي يهاجم جماعة الإخوان المسلمين ويتهمها بنشر الفتن.

وتناول مركز "جيمس تاون" الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والبحوث، في تقرير مفصّل، مستقبل التشكيلات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، في ظلّ ظهور الانقسامات بينها، ما يُقلل من قيمة تقدُّم قوات الوفاق العسكرية على أرض الواقع.

ويُشير التقرير الذي نقلته قناة 218 الليبية إلى اختلاف التوجهات والولاءات الإيديولوجية بين هذه التشكيلات، إضافة إلى أثر الوجود المتزايد للمقاتلين الأجانب على التوازن بينها، حيث أثار التغيير الديموغرافي الناجم عن تدفق المرتزقة السوريين مخاوف من حدوث انقسام كبير في معسكر الوفاق.

ورجّح المركز الأمريكي أن تشهد الأشهر القادمة تصاعداً في حدّة الخلافات بين التشكيلات المسلحة، يُغذّيه التنافس على النفوذ والمال. ومع التحشيد بشأن معركة سرت المُحتملة، تفضّل تركيا وحكومة الوفاق اللجوء إلى المرتزقة الأجانب للتقليل من اعتمادهما على التشكيلات المسلحة المحلية التي تتطلع إلى الاستفادة من أيّ تسوية سياسية مستقبلاً.

 

مركز (جيمس تاون): قد تشهد الأشهر القادمة تصاعداً في حدّة الخلافات بين التشكيلات المسلحة، يُغذّيها التنافس على النفوذ والمال

وحول ردّ الفعل المُتوقع من التشكيلات المسلحة، قال مركز "جيمس تاون": إنها قد تعبّر عن استيائها بالانشقاق عن حكومة الوفاق ولانضمام إلى الجيش الوطني أو أيّ جهات أخرى فاعلة، كما أنها قد تصبّ جهودها في عمليات إجرامية داخل المناطق الواقعة ضمن نطاق سيطرة الوفاق.

ويُحتّم عدم الاستقرار المحتمل هذا على حكومة الوفاق بسط سيطرتها على هذه التشكيلات المسلحة أو نزع سلاحها، وبينما كثفت الولايات المتحدة دعواتها لإصلاح قطاع الأمن ونزع السلاح، يقول المركز: إنّ حكومة الوفاق لم تظهر أيّ رغبة حقيقية في تحقيق ذلك حتى الآن.

اقرأ أيضاً: الجيش الليبي يستهدف رتلاً عسكرياً تابعاً لميليشيات الوفاق.. ماذا عن مرتزقة أردوغان؟

وسيكون تأجيل إصلاح القطاع الأمني إلى أن تُحكِم الوفاق سيطرتها على سرت أمراً بالغ الخطورة، إذ ستمنح السيطرة على المدينة حكومة الوفاق إمكانية الوصول إلى العائدات النفطية الكبيرة، ما قد يؤدّي إلى تمرّد التشكيلات المسلحة في سبيل الحصول على نسب من الأرباح.

من جهتها قالت صحيفة إندبندنت العربية: إنّ حكومة الوفاق تعيش بين مطرقة خلافات الميليشيات المتحالفة معها وسندان كورونا الذي يتفشى في ليبيا، مؤكدة أنّ الحكومة تترنح في ظلّ مطالبة الأهالي بسحب أبنائهم من جبهات القتال بعد سقوط المئات منهم بين قتيلٍ وجريح.

وأضافت الصحيفة، أنّ بلدية مصراتة أولى تلك البلديات التي بدأت مهاجمة حكومة الوفاق، واتهامها بـ "التقصير في دعم الجبهات ومحاور القتال".

ونقل عدد من سكان المدينة لـ "إندبندنت عربية" أجواء سخط تعيشها المدينة جرّاء مقتل عدد من أبنائها المقاتلين في صفوف الميليشيات، وقد بلغ عددهم 31 قتيلاً في معركة واحدة وقعت في محيط منطقة أبو قرين، 130 كم غرب سرت منذ أشهر.

وفيما يطالب الأهالي بسحب أبنائهم من مسرح القتال، لم يعترف المتحدث الرسمي باسم قوات الحكومة، محمد قنونو، بوجود أعداد كبيرة من القتلى، مشدداً على أنّ الميليشيات لا تزال تحافظ على كامل مواقعها في مختلف محاور القتال، سواء في جنوب طرابلس أو في غرب سرت.

 

صحيفة إندبندنت العربية: حكومة الوفاق تترنّح في ظل مطالبة الأهالي بسحب أبنائهم من جبهات القتال بعد سقوط المئات منهم بين قتيل وجريح 

وفي هذا السياق، عبّرت الميليشيات المسلحة الموالية لقوات "الوفاق"، والتي يقودها المطلوب دولياً، صلاح بادي، عن تململها، مؤكدة أنّ مقاتليها يتعرّضون للهلاك في الصحراء تحت أشعة الشمس الحارقة، بعدما دُفع بهم إلى محور سرت – الجفرة، بانتظار معركة لن تبدأ قريباً على ما يبدو، على الرغم من كافة التعزيزات العسكرية التي شهدتها الأسابيع الماضية.

ونقل المركز الإعلامي لـ"كتيبة الحركة 36"، التابعة لصلاح بادي، آمر ما يُعرف بـ"لواء الصمود"، أنّ "الشبان الذين ينتظرون القتال غرب مدينة سرت تأكلهم الشمس والرمال والقاذورات كلّ يوم".

كما لفت في بيان قبل أيام إلى أنّ "أكثر المقاتلين الذين حُشِدوا غرب سرت تخلّوا عن أعمالهم ومشاغلهم، تاركين وراءهم أطفالاً صغاراً دون كهرباء أو مياه أو سيولة نقدية، علاوة على ظروف وباء (كورونا)، الذي تعيش معه ليبيا أسوأ أيامها".

اقرأ أيضاً: كورونا تجتاح ليبيا... ما الذي تحاول حكومة الوفاق إخفاءه؟

وعزت مصادر سياسية مقرّبة من حكومة السراج، نقلت عنها صحيفة الشرق الأوسط يوم 12 آب (أغسطس)، هذا التغير في لغة الخطاب الداخلي بين الميليشيات إلى الخلافات المحتدمة بين معسكري مصراتة وطرابلس، وقال موضحاً: "أصبح جلياً الآن أنّ في غرب ليبيا فريقين: أحدهما يريد مواصلة الحرب، والآخر يمشي في ركاب أمريكا، ويودّ أن تنتهي بحزمة من المكاسب والاستبقاء على المناصب"، مؤكّدين أنّ المتضرّر الأكبر، إذا لم يتمّ حسم المعركة لصالح قوات "الوفاق"، ستكون مدينة مصراتة، ولذلك دعت إلى ضرورة "السيطرة على الوضع"، وحثت عناصرها قائلة: "اعتمدوا على أنفسكم، لا على أحد آخر".

وكانت مواقع محلية ليبية، على غرار موقع "المرصد" وموقع "الساعة 24"، قد أفادت أنّ منطقة جنزور غربي طرابلس شهدت اشتباكات مسلحة يوم 9 تموز (يوليو) الماضي بين الميليشيات التابعة لوزارة داخلية الوفاق، بقيادة فتحي باشاغا، وذلك بهدف السيطرة على محطات الوقود التي تُعرف محلياً "بالنافطة".

عزت مصادر سياسية مقرّبة من السراج التغير في خطاب الميليشيات إلى الخلافات المحتدمة بين معسكري مصراتة وطرابلس

وتداولت هذه المواقع مشاهد للاشتباكات، حيث تناثرت الجثث وحرّقت المنازل، على بعد كيلو مترات قليلة من مقرّ البعثة الأممية في جنزور، ومقرّ سكن وإقامة المبعوثة بالوكالة "ستيفاني ويليامز ".

واندلعت المواجهات في منطقة الجعافرة بعد قيام مسلّحين تابعين لكتيبة "الأمن المركزي – أبوسليم" الموالية لداخلية الوفاق بقتل شقيق آمر كتيبة فرسان جنزور ويُدعى حامد أبو جعفر، الملقب "بالكبش".

وقُتل " الكبش" على يد قيادي ميليشياوي تابع لكتيبة "غنيوة" يُدعى محمد فكار، وهو ملقب "بالكيكي".

في الإطار ذاته، شهدت العاصمة الليبية طرابلس، في نيسان (إبريل) اشتباكات عنيفة بين عدد من كتائب حكومة الوفاق.

واندلعت معركة مسلّحة في منطقة زاوية الدهماني بالعاصمة فجراً بين كتيبتي "قوّة الردع" و"ثوّار طرابلس"، وكلتاهما تتبعان لحكومة الوفاق، كاشفة عن حجم الانقسام بين صفوف الميليشيات المسلحة لـ"الوفاق"، وفق ما أورد موقع "العربية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية