بعد تركيا وأوروبا.. أين ستكون هجرة الإخوان الجديدة؟

بعد تركيا وأوروبا.. أين ستكون هجرة الإخوان الجديدة؟


02/03/2022

لم تبرح أزمة الصراع المحتدم داخل جماعة الإخوان مكانها منذ نحو 6 أشهر، فشلت خلالها كافة المبادرات المطروحة وكذلك المناقشات الداخلية ومحاولات تصفية الكتل المتناحرة في وضع حدّ للخلاف أو الحفاظ على سريته بحد أدنى.

ومع تصاعد التوتر الداخلي في التنظيم الذي يعاني أزمات متعاقبة منذ سقوطه في مصر والدول العربية تباعاً، تطفو أزمة أخرى عاصفة في وجه الجماعة تتعلق بالبحث عن ملاذات آمنة جديدة للفرار إليها في ضوء التضييق غير المسبوق الذي تشهده في الدول الأوروبية. 

وتدفع الكثير من الأسباب إلى اضطرار عناصر التنظيم، المصنف إرهابياً في عدد من الدول الغربية منذ عام ٢٠١٤، بينما يواجه تضييقاً شديداً داخل الدول الأوروبية في ضوء الاستراتيجية الشاملة التي أقرها الاتحاد الأوروبي قبل عامين لمكافحة الإرهاب والتطرف في البلاد، وتنعكس بشكلٍ كبير على مواجهة التنظيمات المتطرفة المتغلغلة في دول القارة وفي القلب منها جماعة الإخوان.

ضربات موجعة للتنظيم المأزوم

ووجد عناصر الإخوان في بعض الدول الأوروبية ملاذاً آمناً لهم في أعقاب عام السقوط في مصر والمطاردة الأمنية التي تعرضوا لها لاحقاً في عدد من الدول، اعتماداً على القاعدة التي نجح التنظيم الدولي في تأسيسها منذ أربعينيات القرن الماضي، والتي سمحت للتنظيم بالانتشار وتوسيع النشاط التنظيمي وأيضاً الاقتصادي داخل الدول الأوروبية.

يرى رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أنّ الدول الأوروبية لن تسمح لجماعة الإخوان بمزيد من الانتشار والتوغل على أراضيها

 

ومثّل الدعم التركي للجماعة منذ ذلك التوقيت أهمية خاصة، حيث استضافت إسطنبول عدداً لا يستهان به من القيادات وسمحت لهم بممارسة نشاطهم علناً وكذلك تدشين مؤسسات إعلامية ومراكز للتدريب، لكن ومع بداية عام ٢٠٢٢ وما شهدته الشهور الماضية من تقارب على المستوى العربي التركي، باتت فرص الإخوان محدودة جداً في التواجد على الأراضي التركية كما جرى على مدار السنوات الماضية.

وفي ضوء التحولات المبنية على استشعار الخطر في الموقف الأوروبي تجاه نشاط الإخوان، وأيضاً الضغوط التي تواجهها تركيا للتخلي عن دعمها للجماعة، بات التنظيم أمام خيارات محدودة تتعلق بالبحث عن ملاذات أخرى آمنة لاستيعاب نشاطه.

 

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: فوضى في تونس وعلامات استفهام في أوروبا

ويقول الدكتور جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إنّ الدول الأوروبية لن تسمح لجماعة الإخوان بمزيد من الانتشار والتوغل على أراضيها، خاصة في ضوء التقارير الأمنية والاستخباراتية التي حذرت مراراً على مدار الأعوام الماضية من الخطر المحدق الذي يمثله انتشار الإخوان واستمرار نشاطهم. 

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول جاسم محمد، إنّ الاستراتيجية الأوروبية في مواجهة تنظيمات التطرف تعتمد على عدة محاور أهمها الرصد والمراقبة، وتعزيز القوانين والتشريعات الهادفة لملاحقة عناصره، ومراقبة مصادر التمويل، وأيضاً تحقيق التعاون الأمني والاستخباراتي بين الدول والمؤسسات لمتابعة نشاط تلك التنظيمات. 

أوروبا تعزز ترسانتها القانونية لمواجهة أكثر حسماً

ويشير جاسم محمد إلى الإشكالية التي تواجهها الدول الأوروبية في مواجهة نشاط الإخوان، موضحاً أنّ المنظمات والمؤسسات التابعة للتنظيم داخل أوروبا لا تعترف بكونها جزءاً من الإخوان وتنفي أي صلة بينها وبين الجماعة الأم في مصر، أو الدول العربية، كما أنّها تعمل تحت غطاءات قانونية ومبررات خيرية، وبالتالي تجد السلطات صعوبة في تعقبها أو اتخاذ إجراءات بهذا الصدد، وهو ما دفع ببعض الدول لتعزيز ترسانتها القانونية للتعامل مع هذا الملف. 

ويتوقع رئيس المركز الأوروبي أن تتجه قيادات التنظيم إلى دول شرق أوروبا وآسيا وكذلك بعض الدول الأفريقية، كبدائل أقل توتراً للنشاط والاقتصاد، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ الهجرة ستحدث بشكل تدريجي.

 

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: عودة على استحياء في تركيا.. وأوروبا تضع الجماعة تحت المجهر

وفي تموز (يوليو) الماضي، كشفت تقارير إعلامية فرار عدد من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي غادروا تركيا خلال الأسبوع الماضي إلى دول أوروبية، فيما يستعد آخرون لمغادرة البلاد خلال أيام وذلك بعد إبلاغهم من جانب قيادات في التنظيم الدولي نيّة السلطات التركية تسليمهم للقاهرة في إطار السعي لإحياء ملف المفاوضات المتوقف بين البلدين، بحسب شبكة "سكاي نيوز عربية".

يرسم تقدير موقف للسيناريوهات المستقبلية لجماعة الإخوان للباحثة المصرية ليلى عادل، خريطة دقيقة للملاذات الآمنة التي تضعها الجماعة كبديل لها عن أوروبا وتركيا

وتوقع الكاتب المصري ثروت الخرباوي أن تلجأ قيادات جماعة الإخوان إلى كندا وبريطانيا والولايات المتحدة كملاذات آمنة لها بعد الخروج من تركيا، لكنّ الشباب والأعضاء العاديين في التنظيم يفضلون الوجهات الآسيوية، وتحديداً شرق آسيا، ويرجع الخرباوي تفسيره إلى عدة اعتبارات؛ أهمها حصول عدد كبير من قيادات التنظيم المتواجدين على الأراضي التركية على جنسيات دول أوروبية وامتلاكهم لاستثمارات في تلك الدول، ما سيسهل عملية سفرهم، مشيراً إلى أنّ التقديرات تقول إنّ عدد الإخوان في تركيا يتراوح ما بين 20 إلى 25 ألف شخص، لن يتمكن سوى عدد قليل جداً منهم من السفر إلى دول أوروبية، بحسب تصريح سابق لموقع "حفريات".

هل لجأت الجماعة لطهران؟

ويرسم تقدير موقف للسيناريوهات المستقبلية لجماعة الإخوان للباحثة المصرية ليلى عادل، خريطة دقيقة للملاذات الآمنة التي تضعها الجماعة كبديل لها عن أوروبا وتركيا. 

وترى الباحثة في ورقتها المنشورة بموقع "البوابة" تحت عنوان " تقدير موقف.. الإخوان بين الشتات.. وتجفيف منابع التمويل وحلم العودة"، أنّ "إيران سعت طيلة السنوات الـ 5 الماضية، إلى التواصل المكثف مع الإخوان، وتنظيم الرحلات لهم إلى إيران، تحت غطاء التبادل البحثي، من أجل اختراق التنظيم، والوصول إلى قيادته العليا، ومحاولة إقناعه بتبني أفكار الثورة الإيرانية، في التعامل مع الدولة المصرية، تارة من أجل الاستفادة منهم على المستوى الاستخباراتي، وتارة بمعرفتهم لإيجاد ملاذات واستضافات آمنة لهم، على جميع المستويات، وهو ما كشفته العام الماضي، تسريبات لقاء محمود الإبياري، مع إبراهيم منير، وممثلين إيرانيين".

 

اقرأ أيضاً: شطب التمثيل الإخواني بالمجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا.. ماذا بعد القرار؟

وأوردت الدراسة أنّه "حسب تقديرات عبد الرحيم علي، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس ولندن؛ فإنّ كل مساعي التنظيم الدولى والقيادات الإخوانية المتواجدة فى تركيا وقطر، وكذا المنصات الإعلامية المرتبطة بالإخوان، للعودة فى ثوب جديد، من خلال البحث عن بدائل ومخارج للأزمة الخانقة، التي تلتف حول عنق الجماعة الإرهابية، محكوم عليها بالفشل، فمهما حاولت أو ادعت لنفسها أنها تتغير، وتتبنى مفاهيم وسياسات جديدة، تتلاءم مع قيم الديمقراطية وقبول الآخر، واحترام مفاهيم الاختلاف والتنوع، فالجماعة محكومة بـ"أيديولوجيتها" وثوابتها العقيدية، والتى أثبتت مسيرتها وممارساتها، على مدى نحو مائة عام، صعوبة بل واستحالة الفكاك والتخلص منها".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية