بسبب نجل الرئيس.. هل حزب تونس الحاكم على وشك الانهيار؟

تونس

بسبب نجل الرئيس.. هل حزب تونس الحاكم على وشك الانهيار؟


16/04/2019

ما انفكّ حزب "نداء تونس" الذي أسّسه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي منذ العام 2012، بهدف الحدّ من هيمنة حركة النّهضة الإخوانية آنذاك، يعيش على وقع هزّاتٍ أضعفته، وقسّمته إلى أحزابٍ صغيرةٍ ثمّ إلى شقوقٍ، مثّل نجل الرئيس حافظ قايد السبسي لاعبها الأبرز، تتصارع من أجل انتزاع الشرعيّة داخل الحزب، وتأجلت هذه الصراعات والانقسامات لسبعة أعوام  متتالية حتّى عقد المؤتمر الأوّل للحزب.

اقرأ أيضاً: تونس: السبسي يحاول محاصرة الشاهد بهذه الطريقة
المؤتمر المُنتظر لم ينجح في توحيد صفوف الحزب رغم أنّه اختار شعار "لمّ الشمل" (توحيد الندائيين) له، وانقسم هو الآخر إلى مؤتمرين متوازيين، فاز فيهما رئيسان للجنته المركزية، واتّهم كلٌّ منهما الآخر بالانقلاب على الحزب.
وتعتبر هذه سابقة في العمل السياسي التونسي؛ حيث تم انتخاب مكتبين سياسيين لحزبٍ واحدٍ أحدهما في محافظة المنستير الساحلية، وفاز فيه رئيس الكتلة النيابية للحزب سفيان طوبال، والآخر في مدينة الحمامات، شمال البلاد، وفاز خلاله حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس الباجي قايد السبسي، لنفس المنصب، ليصبح بذلك لحزب "نداء تونس" مجلسين وطنيين، وذلك قبل أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرّرة خلال الخريف المقبل.
الباجي قايد السبسي يفتتح مؤتمر حزب نداء تونس الأوّل

مؤتمر التوحيد ينتهي إلى تشّقق الحزب
المؤتمر انطلق في السادس من الشهر الجاري بمدينة المنستير الساحلية (شرق) تحت شعار "لم الشمل"، افتتح أشغاله رئيس البلاد ومؤسّس الحزب الباجي قايد السبسي، من أجل اختيار قيادة منتخبة لإنهاء الصراعات التي انطلقت منذ تأسيس الحزب في العام 2012.

المسدّي: مشاكل الحزب ناتجة بالأساس عن سعي بعض الأطراف داخله إلى السيطرة عليه

وتشير بعض المعطيات المتواترة وغير المعلنة إلى أنّ الباجي قايد السبسي يدعم شقّ نجله حافظ قايد السبسي الذي كلّفه برئاسة الإدارة المركزيّة للحزب منذ انتخابه رئيساً لتونس العام 2014، وهو ما أكّدته النائبة عن الحزب فاطمة المسدّي، التي أفادت في تصريحها لـ"حفريات"، بأنّ الرئيس التونسي اقترح قائمةً إضافيّةً للهيئة السياسية لـ"النداء" لتدعيم القائمة التي أفرزتها انتخابات المؤتمر في اجتماع شقّ نجله حافظ قايد السبسي.
ومع انطلاق عمليات التصويت لصالح المكتب السياسي الجديد، برزت خلافات القيادات للعلن، خاصّةً مع إعلان قائمة الأعضاء المنتخبين في هياكل الحزب، والتي تقرّر لاحقاً إسقاطها، بحجة وجود إخلالاتٍ إجرائية، وهو ما فاقم الخلافات، ما دفع حافظ قائد السبسي، إلى دعوة أنصاره إلى عقد اجتماعٍ في محافظة المنستير، فيما دعا سفيان طوبال، إلى اجتماعٍ في مدينة الحمامات، لإبعاد السبسي الابن من القيادة.
وأفضت انتخابات الاجتماعين الموازيين إلى فوز منافسين عن شرعية منصب رئيس الهيئة السياسية للحزب، التي يرى بعضها أنّها من حقّ القيادة الجديدة المتمثّلة في "سفيان طوبال"، بعد أن حاول الخروج من جلباب نجل الرئيس المهيمن على الحزب، فيما يرى داعمو الشقّ المنافس أن مؤتمرهم شرعيٌّ وديمقراطي، ونتائجه تحتكم إلى تصويت قواعد الحزب.

 

الحزب يتفرّع إلى أحزابٍ وشقوق
ومنذ فوزه بالانتخابات البرلمانيّة والرئاسية في 2014، شهد "النداء" تصدّعاتٍ كبيرةٍ في ظلّ التنافس على المواقع القياديّة، وسط اتّهاماتٍ لنجل الرئيس باستغلال موقع والده على رأس الدولة للهيمنة على الحزب، الأمر الذي أكّده النائب محمّد رمزي خميّس، الذي قال في تصريحه لـ"حفريات"، إنّ حافظ قايد السبسي يسعى إلى "الاستحواذ على مواقع القرار، للانفراد بالرأي وسوء التصرّف في صلاحياته، الأمر الذّي أضرّ كثيراً بالحزب، وعقّد العمليّة الديمقراطيّة داخله".

 خميّس: نجل الرئيس السبسي يسعى للانفراد بحزب نداء تونس وعقد العملية الديمقراطية داخله

وشدّد خميّس على أنّ "العدد القليل من السياسيين المحيطين بالسبسي الابن يدعمونه؛ لأنّهم يحاولون الحفاظ على مصالحهم الضيّقة من أجل ترأس القوائم البرلمانية خلال الانتخابات المقبلة والتي اقترب موعدها".
وبدأت حرب الشقوق تعصف بحزب "نداء تونس"، منذ أعلن أمينه العام السابق محسن مرزوق في العام 2016، الانشقاق عن حزبه وتكوين حزبٍ جديدٍ يضمّ المستقيلين معه تحت اسم "مشروع تونس"، بسبب ما اعتبره "تغليب المصالح الشخصية، والتفرّد بالرأي داخل الحزب"، في إشارة إلى حافظ قايد السبسي.
وتوالت بعد ذلك الانشقاقات لتتفرّع عنه عدّة أحزابٍ، آخرها حزب "تحيا تونس" المحسوب على رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد بعد اشتداد الخلاف بينه وبين حافظ قايد السبسي، والذي أفضى إلى تجميد عضويّة الشاهد في الحزب والمطالبة بتغييره على رأس الحكومة، كما تشير بيانات أغلب المستقيلين والمنشقين إلى أنّ الحزب يخضع لمزاج مديره التنفيذي حافظ قايد السبسي.

اقرأ أيضاً: تونس: السبسي يتدخل في قضية الجهاز السري.. هذا ما قاله
وتراجع بفعل ذلك ترتيب الحزب في البرلمان من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثالثة، كما تراجع عدد نوّابه من 85 نائباً إلى 37 نائباً فقط، مفسحاً بذلك المجال لتصدّر حركة النّهضة الإخوانية للمشهد البرلماني.

الحنّاشي: الخلاف بين مكوّنات نداء تونس تعمّقت بهيمنة نجل الرئيس على مواقع القرار

ويرى المؤرّخ والمحلّل السياسي عبد اللطيف الحنّاشي في تصريح لـ"حفريات"، أنّ ما وصل إليه "نداء تونس" هو نتيجة حتميّة وطبيعية لتركيبة الحزب غير المتجانسة فقد ضم في بداية تكوينه منتصف 2012 يساريين ودستوريين وتجمعيين ورجال أعمال ونقابيين ومستقلين، لا رابط بينهم سوى عداء حركة النهضة والرغبة في الاستلاء على الحكم، وما إن تحقق هدف الوصول إلى السلطة حتى انفكّ العقد.
الحنّاشي أشار أيضاً إلى أنّ الخلاف بين مكوّنات النّداء تعمّقت بهيمنة نجل الرئيس المؤسّس حافظ قايد السبسي على مواقع القرار، مرجّحاً أن ينتقل المنشقّون عنه إلى حزب "تحيا تونس"، للتحالف معه، وهو ما من شأنه أن يضعف من تبقّى من هذا الحزب.
 مؤتمر نداء تونس يعمّق أزمة الحزب

استقالات جديدة تعصف بـ"نداء تونس" 
خبر تواتر الاستقالات من حزب الرئيس لم تتوقّف منذ انتخابات 2014، وتعمّقت بعد توافق الباجي قايد السبسي مع حركة النّهضة التي تأسّس الحزب فقط للتصدّي لهيمنتها، وأعلنت مؤخّراً النائبة عن فاطمة المسدّي استقالتها "نهائياً" من الحزب، بسبب ما اعتبرته "الوضعية المترديّة وغير الديمقراطية داخل هياكله، فضلاً عن انتصار الرداءة في الحركة بعد المؤتمر"، مؤكدة أنّها تقدم استقالتها "حفاظاً على مبادئها".

العبيدي: أغلب قيادات الحزب ليست لهم تجربة في العمل السياسي وحديثو العهد بالسياسة

وشدّدت المسدّي على أنّ مشاكل الحزب ناتجة بالأساس عن غياب الرؤية السياسية الواضحة، وعن سعي بعض الأطراف إلى السيطرة عليه، بسبب غياب هيكلةٍ شرعيّةٍ قادرةٍ على أخذ القرار.
كما أعلن رئيس مجلس نواب الشعب، محمد الناصر، عن استقالة النائب محمد الأمين كحلول من كتلة النداء، فيما نقلت مصادر إعلامية محليّة أنّ مديرة الديوان الرئاسي، سلمى اللومي، قد قرّرت عدم المشاركة في أعمال اجتماع المكتب السياسي للحزب، بسبب رفضها لأن تكون طرفاً في الصراعات التي تشوب هذا الحزب، ونظراً لتعفّن الأجواء داخله، وأكّدت المصادر ذاته أنّها تفكر بجديّةٍ في الاستقالة من الحركة ومن عضوية الهيئة السياسية.
وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد أعلن منتصف العام الماضي في تصريحٍ مفاجئ أنّ حافظ قايد السبسي هو المسؤول عن الفشل الحكومي، والفشل السياسي لحزب نداء تونس.

اقرأ أيضاً: ماذا قال السبسي عن حركة النهضة وجهازها السرّي؟
تعليقاً على ذلك، اعتبر المحلّل السياسي، عبد الله العبيدي، في تصريحه لـ"حفريات"، ّأنّ ما وصل إليه الحزب الذي احتلّ سابقاً المراتب الأولى في الانتخابات الماضية، هو نتيجة "لانعدام التجارب السياسية لأغلب قياداته، وكونهم حديثي عهد بالسياسة من الذين تقلّدوا مناصب مهمّة صلبه؛ لأنّهم يعتبرون أنّ السياسة مورد رزقٍ بالنّسبة إليهم".
وأشار العبيدي إلى أنّ نجل الرئيس حافظ قايد السبسي يتحمّل جزءاً فقط من المسؤولية هو ومجموعته التي تدعمه، وأنّ المسؤولية كاملةً تتحمّلها "قيادات الحزب التي تغيّر خطاباتها السياسية حسب مصالحها الضيّقة".

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية