بجرأة وثبات.. السعودية تواصل إصلاح مناهجها من تأثير الإخوان.. ما جديدها؟

بجرأة وثبات.. السعودية تواصل إصلاح مناهجها من تأثير الإخوان.. ما جديدها؟

بجرأة وثبات.. السعودية تواصل إصلاح مناهجها من تأثير الإخوان.. ما جديدها؟


25/08/2022

تتواصل حركة الإصلاح الشاملة التي تبنّتها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، وكانت المنظومة التعليمية التي يرى الكثيرون أنّها تتضمن العديد من الشوائب، لاسيما على مستوى المناهج، ما أثر على مدى عقود في فكر الناشئة وأدى إلى بروز نزعة تميل إلى التطرف والتشدد، كانت على سُلّم أولويات القيادة السعودية؛ حيث خطت خطوات شجاعة وواثقة تجاه إصلاحها.

وفي إطار سياسة تطوير المناهج، التي تتبناها الحكومة، ممثلة بوزارة التعليم، أعلنت الأخيرة في 22 آب (أغسطس) 2022، عن دمج مواد الدراسات الإسلامية مع مادة القرآن الكريم في المرحلتين، الابتدائية والمتوسطة، تحت مسمى مادة واحدة "القرآن الكريم والدراسات الإسلامية".

وتوزعت الدراسات الاسلامية سابقاً على (6) مواد تضم "القرآن، والتجويد، والتوحيد، والفقه، والحديث، والتفسير"، قبل أن يجري دمجها في العام 2021 في مادة واحدة.

كما قلّصت الوزارة مجموع حصص المادة من 34 حصة في المرحلة المتوسطة إلى 15 حصة أسبوعية، وكذلك تقليص عدد حصصها في المرحلة الابتدائية من 38 حصة إلى 30 حصة أسبوعية، وفق ما أوردته صحيفة "العرب" اللندنية.

تتواصل حركة الإصلاح الشاملة التي تبنّتها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030

كما أقرت اعتماد تدريس مادة المعرفة المالية في السنة الأولى المشتركة في نظام المسارات للمرحلة الثانوية، في حين لم يطرأ تغيير كبير سوى على بعض الحصص الدراسية الأسبوعية، حيث تمت زيادتها في بعض المواد المتعلقة بتدريس اللغة الإنجليزية، والمواد ذات الصبغة العلمية مثل؛ الرياضيات والعلوم.

مسار تحديث التعليم في المملكة، يأتي مع الطرح الإصلاحي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يريد أن يقطع مع نظرة سائدة تصنف المملكة على أنها دولة متشددة دينياً وأنها منبع الفكر المتطرف.

يدرك ولي العهد السعودي أنّ مراجعة المنظومة التعليمية هي المدخل الأساسي لأي إصلاح تبتغي المملكة تحقيقه ضمن رؤية 2030، ويرى أنّ المنظومة الحالية القائمة متأثرة بأفكار دخيلة لجماعات متطرفة وبالتالي يجب تنقية المناهج منها

ويدرك ولي العهد السعودي أنّ مراجعة المنظومة التعليمية هي المدخل الأساسي، لأي إصلاح تبتغي المملكة تحقيقه ضمن رؤية 2030، ويرى أنّ المنظومة الحالية القائمة متأثرة بأفكار دخيلة لجماعات متطرفة، وبالتالي يجب تنقية المناهج منها.

تحريض إخواني

وأثارت هذه التعديلات جدلاً واسعاً بين أتباع التيار الإسلامي الذين عدوا الخطوة "استهدافاً جديداً للشريعة الإسلامية"، وبين مناصري التعديلات، التي عدوها "خطوة مهمة في سياق تحديث المنظومة التعليمية".

وسبق وأن حمّل ولي العهد السعودي جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية عن وضع مناهج متطرفة أثرت على فكر الأجيال المتعاقبة، وقال في حوار صحافي في العام 2018 "إن المدارس السعودية تعرضت لغزو من عناصر جماعة الإخوان المسلمين، وما زال البعض منهم موجوداً، لكن، في القريب العاجل سيقضى عليهم نهائياً". وأوضح "أنّ النظام التعليمي المتشدد يعود إلى التيارات الإسلامية التي اختطفت الدولة وأنه سيعدّل قريباً".

يشهد قطاع التعليم في السعودية حراكاً إصلاحياً واسعاً يرتكز على أبعاد متنوعة ترتبط بسياساته وأنظمته وإستراتيجياته ومناهجه لمواكبة الحراك الكبير الذي تشهده البلاد في الأعوام الأخيرة

مناهج التعليم السعودية استلهمت أفكارها في البداية من المدرسة السلفية الوهابية وذلك في الخمسينات من القرن الماضي، على يد الملك الأسبق وأول وزير للتعليم في المملكة فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وعبدالعزيز آل الشيخ، وحسن آل الشيخ (وهما حفيدا محمد بن عبدالوهاب)، قبل دخول جماعة الإخوان المسلمين إلى البلاد، حيث اخترقت عناصرها المدارس السعودية وأقحمت عليها مراجع لا تخلو من تشدد.

حراك إصلاحي واسع

ويشهد قطاع التعليم في السعودية حراكاً إصلاحياً واسعاً يرتكز على أبعاد متنوعة ترتبط بسياساته وأنظمته وإستراتيجياته ومناهجه، لمواكبة الحراك الكبير الذي تشهده البلاد في الأعوام الأخيرة بمراجعة وتطوير العديد من الأنظمة، الداعمة لأهداف ومبادرات رؤيتها.

سبق وأن حمّل ولي العهد السعودي جماعة الإخوان المسؤولية عن وضع مناهج متطرفة أثرت على فكر الأجيال المتعاقبة

صُنّاع القرار التعليمي اليوم يبذلون جهداً في وضع سياسات تعليمية على أسس عملية واضحة الأبعاد محددة المعالم، برهن عليها اعتماد مسودة نظام موحد للتعليم العام وإضافة مواد دراسية جديدة للمرة الأولى في تاريخ السعودية مثل "الموسيقى، والفلسفة" وإعادة تأهيل الكادر التعليمي تربوياً ومهنياً، وكذلك طُرحت مسارات جديدة لطلاب الثانوية وأٌضيف فصل جديد لنظام الفصول التعليمية لمواكبة أفضل التجارب العالمية.

وذكر وزير التعليم السعودي أنّ هذه التطورات ما هي إلا "المرحلة الأولى في رحلة عملية التطوير"، التي كان بين معالمها الترخيص لمدارس عالمية مثل البريطانية، ما كانت تجد بيئة ملائمة في البلاد، لأسباب ثقافية تتوجس من الآخر، في نظر العديد من المراقبين.

وقد طرحت الوزارة في 16 أيار (مايو) الماضي استطلاعاً حول مشروع نظام موحد للتعليم العام جاء في عشرة فصول و82 مادة ليكون المرجعية التنظيمية لقطاع التعليم العام، ونقطة تحول في مسار القطاع الذي عانى خلال الفترات الماضية من حالة عدم استقرار تشريعي على مستوى الاستراتيجيات والقوانين والأنظمة والتعليمات وحتى القرارات، ويعتبر بعد إقراره أول نظام خاص للتعليم، فخلال الأعوام الماضية لا يوجد سوى لوائح متفرقة هنا وهناك وقرارات صادرة من مجلس الوزراء.

الوزارة أدخلت تعديلات أكثر جرأة خلال العامين الماضيين على المناهج التعليمية، كما أعلنت عن إضافة مواد جديدة العام المقبل كالتفكير الناقد، والدفاع عن النفس، والمهارات الرقمية، وكذلك بدء تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الأول ابتدائي

وطرحت الوزارة المشروع للمهتمين للاستطلاع والنقد، وتم التأكيد في بنوده على أحقية ومجانية التعليم ويكون من سن الـ6 وحتى عُمر الـ15 إلزامياً، إذ جاءت مواد النظام موضحة وحامية لحقوق المعلم والطالب وواجبات كل منهما.

واستحدثت السعودية هذا النمط من التعاطي مع الأنظمة والقرارات في سياق نهج الإصلاحات الذي تتخذه منذ أعوام، فقبل إقرار العديد من الأنظمة يتم نشر مسودتها شبه النهائية على الجمهور، لأخذ ملاحظاتهم في الاعتبار، إلى جانب نقاشات مجلس الشورى لها.

واستبشر القطاع التعليمي بطرح نظام يحمي حقوق الجميع، وعد عماد الزهراني، الدكتور في أصول التربية، توحيد الوزارة للنظام "خطوة ايجابية خاصة إذا علمنا أنّ نظام التعليم في السعودية تحكمه وثيقة عمرها تقريباً 52 سنة مع ما مر به التعليم من تطورات". وأشار، في حديثه لـ"الإندبندنت بالعربية"، إلى أنّ النظام يعتبر "بوصلة للكيان التعليمي فإذا كانت مفقودة فقد التعليم الوجهة الصحيحة له"، وطالب المعلمين والتربويين والمشرفين المهتمين بتطوير التعليم المشاركة في الاستطلاع.

صُنّاع القرار التعليمي اليوم يبذلون جهداً في وضع سياسات تعليمية على أسس عملية واضحة الأبعاد ومحددة المعالم

ولفت إلى المادة الثامنة من النظام التي نصت على إنشاء صندوق باسم "صندوق أوقاف التعليم العام"، يخصص له ما يرد إليه من عوائد الأوقاف لمصلحة التعليم العام ويصرف منه في الوجوه التي تخدم التعليم العام "مما سيسهم في تطوير العملية التعليمية وتحسينها دية سواء في دعم الأبحاث والمدارس، فالكثير من المدارس السعودية تفتقد العديد من التجهيزات سواء المعامل والمختبرات"، معتبراً أنّ هناك عدداً من رجال الأعمال والمؤسسات تريد أن تدعم، لكن ربما القنوات النظامية والقانونية لا تسمح بدعم المدارس الحكومية، إلا أن الصندوق سيحل المشكلة ويحدث نقلة كبيرة على الأرجح".

يذكر أنّ الوزارة أدخلت تعديلات أكثر جرأة خلال العامين الماضيين على المناهج التعليمية، كما أعلنت عن إضافة مواد جديدة العام المقبل كـ"التفكير الناقد، والدفاع عن النفس، والمهارات الرقمية، وكذلك بدء تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الأول ابتدائي"، ولم تشر الوزارة إلى أي تفاصيل عن خطط المناهج الجديدة وآلية تطبيقها في المدارس.

وبدأت الفنون في السعودية تحصد مكانتها كعلوم حقيقية بعد إقرارها مناهج تعليمية في المدارس، ففي خطوة تعد علامة فارقة جاء التعاون مع وزارة الثقافة في إدراج الفنون في مناهج التعليم العام، مثيراً للاهتمام.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية