في وقت تشهد فيه الدول الأوروبية انتفاضة ضد تنظيم الإخوان المسلمين، حذّر الكثير من التقارير من تحايل الجماعة على تلك الحرب بإنشاء منظمات تابعة لها تتخفى تحت المظلة الحقوقية، للدفاع عنها والترويج لأفكارها.
وكانت منظمات حقوق الإنسان، بما تحظى به من رعاية خاصة من الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية، هدفاً لجماعة الإخوان، فمن خلالها يمكن تشويه الوضع الحقوقي في أي دولة مستهدفه دون أن تتحدث الجماعة علانية، ومن خلال حملات التشويه يمكن مطالبة الدول الكبيرة بوقف المساعدات الاقتصادية والعسكرية وحصار تلك الدول اقتصادياً حتى تضعف وتسقط.
وفي الإطار، كشف المرصد التابع "للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية" (مركز تفكير مستقل) عن قائمة بأسماء11 منظمة تابعة لتنظيم الإخوان ومتحالفة معه في الغرب، بعضها يترأسها أشخاص مدانون بالإرهاب.
وبيّن المركز في بيان، نُشر منتصف شهر آب (أغسطس) الماضي، أنّ الكشف عن هوية تلك المنظمات الإخوانية (التي تزعم أنها مستقلة) يفسّر سبب هجومها العنيف على الدول التي قررت مواجهة الفكر الإخواني مثل؛ مصر والسعودية والإمارات والبحرين (دول الرباعي العربي) طوال الأعوام الماضية.
اقرأ أيضاً: هل أخفقت بريطانيا في تقدير خطر الإخوان المسلمين؟
وكشف التقرير عن 6 تكتيكات استخدمتها جماعة الإخوان للسيطرة على الحركة الحقوقية وترويضها لتحقيق أهدافها؛ وهي: تأسيس منظمات تخضع لها ولا تتبعها تنظيمياً، واختراق المؤسسات الحقوقية الدولية عبر عنصر من عناصرها، وابتزاز تلك المنظمات بمظلوميتها التاريخية، بالإضافة إلى نسج العلاقات مع مؤسسيها ومدرائها بما يسمح لهم بتمرير المعلومات التي يرغبون في إيصالها للرأي العام، ومشاركة عناصرها بشكل مكثف في الاجتماعات الحقوقية الدولية، سواء في المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أو تنظيم اللقاءات مع أعضاء الكونغرس الأمريكي أو البرلمان الأوروبي، وتوفير التمويل لأنشطة بعض تلك المنظمات بهدف السيطرة على أجندة عملها.
المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ينشر قائمة بأسماء 11 منظمة تابعة لتنظيم الإخوان ومتحالفة معه في الغرب
وحدّد التقرير عدداً من الأهداف التي جعلت الإخوان تستهدف السيطرة على المنظمات الحقوقية أو إنشاء منظمات تحت ستار حقوقي؛ وهي: توظيف تلك المنظمات لتشويه الوضع الحقوقي في أيّ دولة مستهدفة واستغلالها أداة لمهاجمة خصوم الجماعة، ودفاع تلك المنظمات عن جماعة الإخوان الإرهابية، وتقديمها على أنها جماعة مضطهدة ومعارضة سياسية، واستخدام تلك المنظمات مأوى يعمل فيه عدد من عناصرها الهاربة من الملاحقة الأمنية، ومساعدتهم على حق اللجوء في أوروبا، والاستفادة من مناخ الحرّيات في الغرب لتسهيل حركة أموال التنظيم الإرهابي.
وكشف التقرير عن تمكّن الجماعة من تسجيل عدد من المنظمات الحقوقية، التي تتبع الجماعة بشكل غير مباشر في عدد من الدول الأوروبية، وتحديداً بمدينة جنيف بسويسرا، وتركيا، ولندن، وباريس، وهي: مؤسسة الكرامة بسويسرا، وكوميتي فور جيستس بسويسرا، والمنبر المصري لحقوق اﻹنسان، ومؤسسة عدالة لحقوق الإنسان بإسطنبول، ومنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، و"المنظمة العربية لحقوق الإنسان"، ومنظمة "ليبرتي"، و"هيومن رايتس مونيتور"، وهذه كلها مقرّها لندن، ومنظمة "أفدي" الدولية ومقرّها بروكسل، بالإضافة إلى الائتلاف الأوروبي لحقوق الإنسان في باريس.
أمّا عن المنظمات المتحالفة مع جماعة الإخوان، فقد ذكر المركز: المنظمة العربية للإصلاح الجنائي بسويسرا، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بتونس، مؤكداً أنّ كل تلك المنظمات يديرها أعضاء في التنظيم أو موالون له.
الكشف عن تلك المنظمات يفسّر سبب هجومها على الدول التي قررت مواجهة الفكر الإخواني مثل؛ مصر والسعودية والإمارات والبحرين
وقال المركز: إنّ المنظمات التي يقومون بإنشائها أو بدعمها من جماعة الإخوان تتركز بشكل كبير في كل من لندن وسويسرا، لأنّ جنيف مقرّ المجلس الدولي لحقوق الإنسان، ولسهولة تسجيل المنظمات الحقوقية فيها.
أمّا بريطانيا، فتعتبر مركزاً رئيسياً للإخوان في أوروبا، فقد أسّست الجماعة وجودها في الأراضي البريطانية في ستينيات القرن الماضي، ما يثير جدلاً سياسياً كبيراً في البلاد.
اقرأ أيضاً: السلام وازدواجية "الإخوان"
ووفق مراجعة الحكومة لملف الإخوان التي أجريت بين عامي 2014 و2015 بتكليف من رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، فإنّ المنظمات المحسوبة على الإخوان في بريطانيا تنكر في العلن ارتباطها بالجماعة، وتبقي هذه الروابط سرّاً حتى اليوم.
وفي شباط (فبراير) الماضي، طالب أعضاء مجلس العموم البريطاني، بحظر جماعة "الإخوان" الإرهابية، لما تشكّله من خطر واضح على أمن المملكة المتحدة.
وفي الإطار ذاته، رصدت الحركة العربية لحماية منظمات حقوق الإنسان، وهي أول آلية عربية لمراقبة أداء منظمات حقوق الإنسان، العديد من المخالفات الجسيمة التي شابت عمل عدد من المنظمات الحقوقية، والتي تتعارض مع قواعد العمل الحقوقي، وأهمها أنّ العمل الحقوقي غير هادف للربح، ونشطاء العمل الحقوقي لا ينحازون لأيّ طرف أو طائفة أو سياسة.
الحركة العربية لحماية منظمات حقوق الإنسان: المنظمات الحقوقية سجلت مخالفات لمعيار الاستقلالية والمهنية والنزاهة بتقديم غطاء حقوقي للإخوان
وقالت الحركة، في بيان نقلته صحيفة "الأهرامط بتاريخ 11 آذار (مارس) 2019: "لا يخفى على أحد تأثر الحركة الحقوقية بالأزمة السياسية بين إمارة قطر ودول الرباعي العربي "مصر والسعودية والإمارات والبحرين"، وللأسف وصل ذلك الصراع إلى استخدام الأدوات الحقوقية في المحافل الدولية وتبادل التشويه والمعلومات المغلوطة عن حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، التي تتألم شعوبها من الحرب ضد الإرهاب، وانتهاكات المجموعات الدينية المسلحة أو المصنفة إرهابياً على نطاق دولي كجماعة الإخوان المسلمين.
اقرأ أيضاً: هكذا تسلل "الإخوان" إلى منظمات حقوق الإنسان
وخلصت الحركة إلى أنّ المنظمات التالية: مؤسسة الكرامة، وكوميتي فور جيستس، والمركز الدولي للعدالة الانتقالية ومقره نيويورك، و"المنظمة العربية لحقوق الإنسان" بلندن، ومنظمة "ليبرتي" بلندن، ومنظمة الحقوق الإنسانية الإسلامية، والمؤسسة العالمية للدفاع عن مدافعي حقوق الإنسان، و"الائتلاف العالمي للحقوق والحريات"، ومقراتها في جنيف وباريس وواشنطن ولندن، ومنظمة المصريين في الخارج من أجل الديمقراطية، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحرّيات، ومركز عدالة للحقوق والحرّيات، ومركز بلادي للحقوق والحرّيات، ومبادرة الحرّية، والمؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية-نضال، والشهاب لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس مونيتور، خلصت الحركة إلى أنّ تلك المنظمات سجّلت مخالفات لمعيار الاستقلالية والمهنية والنزاهة ومعايير منحها الصفة الاستشارية، بإصرارها على تقديم غطاء حقوقي لتيارات متطرفة، مثل "جماعة الإخوان المسلمين، وميليشيا الحوثي"، وإصدار تقارير مرسلة تفتقد لمنهجية البحث حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر والسعودية والبحرين والإمارات.
ولذلك، وجدت الحركة العربية أنه من المحتّم عليها تحذير المجتمعات العربية والآليات الدولية من تلك المنظمات بإصدارها قائمة سوداء بأسماء تلك المنظمات حتى يتم الانتباه لحركتها في المحافل الحقوقية الدولية ولدى الرأي العام العربي والدولي.
بهي الدين حسن اعترف بالعلاقة التاريخية بين الإخوان ومنظمات حقوق الإنسان المصرية والعربية
وعند الحديث عن استغلال جماعة الإخوان للمنظمات الحقوقية لا بدّ من التطرّق لاعتراف جاء على لسان مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، في مقال نشره بجريدة "العربي الجديد" التي يرأس تحريرها عزمي بشارة، عضو الكنيست السابق، المقرّب من دوائر صنع القرار في قطر، في 30 تموز (يوليو) الماضي، قال فيه: إنّ حركة حقوق الإنسان داعمة لجماعة الإخوان والتيارات الإسلامية في الدول العربية، وإنّ هذا موقف أخلاقي من جانب الحركة تجاه الجماعة المصنفة في الكثير من الدول تنظيماً إرهابياً.
محمود مسلم: خلال فترة وجود الإخوان في سدة الحكم بمصر، لم نرَ أي بيانات حقوقية عندما حرقوا الكنائس
وكشف حسن، وهو أحد أهم داعمي الإخوان في الغرب، عن العلاقة التاريخية بين الإخوان ومنظمات حقوق الإنسان المصرية والعربية، وأعطى المبرر لعدد من المنظمات الأخرى العاملة مع الجماعة لشنّ هجوم عنيف على الدول التي قررت مواجهة الفكر الإخواني، مثل مصر والسعودية والإمارات والبحرين، طوال الأعوام الماضية.
وحول هيمنة الإخوان على المنظمات الحقوقية، علّق الكاتب الصحفي، رئيس تحرير جريدة "الوطن" المصرية محمود مسلم أمس، عبر إحدى القنوات المحلية قائلاً: "خلال فترة وجود جماعة الإخوان في سدّة الحكم بمصر، لم نرَ أيّ بيانات حقوقية عندما حرق الإخوان الكنائس في مصر، في الصعيد، على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
هذا، وكانت السلطات المصرية قد اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف ادعاءات وجود عقاب جماعي داخل أحد السجون، مشيرة إلى أنّ هذه الأنباء "عارية من الصحة"، وفق ما نقلت شبكة "سي إن إن".
وقال مصدر أمني في تصريحات نقلتها وزارة الداخلية المصرية: إنّ هذه الأنباء "عارية تماماً من الصحة"، مشيراً إلى أنّ الادعاءات تأتي في إطار "نهج جماعة الإخوان في نشر الأكاذيب والشائعات في محاولة لتأليب الرأي العام".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد نقلت تقريراً، قبل 3 أيام، حول وجود "تعذيب جماعي" داخل سجن العقرب في مصر منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.