بأي ذنب يُقتل السوريون بالسكاكين في تركيا؟

بأي ذنب يُقتل السوريون بالسكاكين في تركيا؟


02/11/2020

لم تكن حادثة قتل الفتى وائل المنصور، الوحيدة التي حصلت للاجئين السوريين في تركيا، فقد تكررت هذه الحوادث، وللمصادفة فإنّ أغلبها كان يحدث بالأداة والأداء نفسهما، الطعن بالسكين، إذ حدثت حادثة مشابهة في ولاية قونيا، بتاريخ 15 أيلول (سبتمبر) 2016، عندما قتل الفتى السوري، محمد سليم (17 عاماً)، بطعنه بسكين من قبل مجموعة شباب في شارع "علاء الدين السلجوقي" بمنطقة "ظفر" في مدينة قونيا، وكان سليم قد تلقّى ثلاث طعنات؛ في الصدر واليد والفخذ.

أردوغان صرّح بأنّه أنفق 40 مليار على السوريين، ما زاد من احتقان الشارع التركي، الذي يعاني أزمات اقتصادية، وزاد من عداء الأتراك للاجئين السوريين

الفتى السوري، وائل المنصور قتل بتاريخ 21 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ في ولاية قونيا، شمال غرب تركيا، بعد تعرّضه لطعنة سكين في الظهر، وأظهر الفيديو، الذي تمّ تداوله على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي سُجّل عبر كاميرا مراقبة؛ مجموعة شبان ينهالون بالضرب على الفتى، وائل المنصور.

 وبحسب وسائل إعلامية تركية فإنّ جدالاً دار بين الطفل والشبان، وبعد فترة تحوّل الجدال إلى قتال، وتعرّض الطفل لطعنة في منطقة الظهر، وقد سار الطفل بضع خطوات قبل أن يسقط أمام بقالة مجاورة في المنطقة نفسها، ونقل الطفل إلى مستشفى خاص قريب بعد إبلاغ الأهالي عن الحادثة، بينما لاذ الشبان بالفرار فور سقوطه.

طعنة في القلب

أما الشاب السوري أحمد الأعرج (24 عاماً)؛ فقد تلقى أكثر من طعنة في القلب داخل محلّ لتصليح الهواتف المحمولة، في أحد أحياء مدينة إسطنبول؛ إذ كان الأعرج يعمل في محل لبيع الهواتف المحمولة وصيانتها، في شارع يُطلق عليه "شارع السوريين" بحيّ "سلطان بيلي"، شرق مدينة إسطنبول.

اقرأ أيضاً: سياسات أردوغان العنصرية تحرّض الأتراك ضدّ اللاجئين السوريين

تحدث هذه الاعتداءات على السوريين دون أيّ اهتمام إعلامي جدّي بالقضية؛ إذ يجري تدوال الحادثة ليومين أو ثلاثة، ونادراً ما يُعرف مصير المجرمين الذين قاموا بعملية القتل، وما هي أسبابهم، وما هو هذا "الخلاف" الذي دفعهم إلى القتل؟ لكن من الواضح أنّ العنصرية في تركيا ضدّ اللاجئين السوريين تتفاقم يوماً بعد يوم، بسبب التحريض الإعلامي التركي، وتجييش الرأي العام ضدّهم، ورمي كلّ ثقل الأزمات الاقتصادية التي تعيشها تركيا في السنوات الأخيرة على ظهر اللاجئين السوريين.

من يتحمّل المسؤولية؟

وحول الاعتداءات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا، قال الصحفي الكردي، مصطفى عبدي، لـ حفريات: "تتحمّل الحكومة التركية بشكل أساسي المسؤولية عن الاعتداء وقتل السوريين في تركيا، نتيجة استخدامهم من قبل الرئيس التركي ومسؤوليه كسلعة انتخابية، وابتزاز الغرب بهم، لا سيما مع تراجع الاقتصاد التركي وارتفاع نسب البطالة والفقر وقلة فرص العمل، ولا تتدخل الحكومة التركية في وقف خطاب الكراهية والتحريض ضدّ السوريين في وسائل الاعلام التركية ووسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف: "كما أنّ أغلب الجرائم تمرّ من دون محاسبة؛ حيث يتمّ الضغط على ذوي الضحية وابتزازهم من قبل أهالي المجرمين، وتهديدهم بالتنازل أو ملاقاة مصير ابنهم ذاته، وذلك بتواطئ من الشرطة؛ لذلك تجد أنّ غالب الأهالي ينشرون فيديوهات استنجاد بالرئيس التركي، لكن عبثاً".

اقرأ أيضاً: بعد اللاجئين السوريين... أردوغان يلوح بورقة الإيغور لجذب الاستثمارات الصينية

ويرى مصطفى؛ أنّ تركيا تسجّل أرقاماً قياسية غير مسبوقة في خطاب التحريض والكراهية، وفي حوادث اعتداء على السوريين ومحلاتهم وقتلهم، وكلّ ذلك يجري بدعم حكومة العدالة والتنمية، بحسب تعبيره.

خطاب الكراهية في الإعلام التركي

وتابع مصطفى كلامه: "ولا ننسى التقرير الذي أصدرته "هرانت دينك" عن خطاب الكراهية والتمييز في الإعلام التركي، لعام 2019، إذ أوضحت أنّ 80 مجموعة، استهدفها الإعلام التركي، بـ 5515 مادة خطاب كراهية، وجاء الأرمن، ثمّ السوريون، في مقدمة المجموعات التي استهدفها الإعلام التركي بخطاب الكراهية والتمييز، وأكدت "هرانت دينك"، في تقريرها؛ أنّ "4364 مقالاً وقصّة إخبارية استُهدفت بهم مجموعات قومية وعرقية ودينية في تركيا".

الصحفي الكردي مصطفى عبدي لـ حفريات: الحكومة التركية تتحمل المسؤولية عن الاعتداء وقتل السوريين، نتيجة استخدامهم من قبل أردوغان كسلعة انتخابية، وابتزاز الغرب بهم

أما ممثل الهيئة القانونية الكرديّة، المحامي حسين نعسو، فقال لـ "حفريات": "لا شكّ في أنّ تدهور الوضع الاقتصادي في تركيا، الناجم عن فقدان الليرة التركية لقيمتها، وارتفاع معدلات البطالة بين الشبان الأتراك، بسبب سياسة أردوغان الخارجية المتّسمة بالعداء، وكذلك مساعيه الابتزازية تجاه اللاجئين السوريين واتّخاذه قضيتهم الإنسانية كورقة ضغط وبقرة حلوب في مواجهة أوروبا، وخطابه التحريضي والكاذب والمبالغ به عن أعداد السوريين المتواجدين في تركيا، ودورهم السلبي في تدهور الاقتصاد التركي، كذلك دوره الكبير لا بل الدور الأبرز في تشوية صورة اللاجئين السوريين، وإظهارهم بمظهر العالة على المجتمع التركي، والمسبّب في انهيار الاقتصاد التركي".

وأضاف: "هذا الأمر ساهم في تنامي شعور الحقد والكراهية لدى المجتمع التركي تجاه اللاجئين، وازدياد نزعة الانتقام والثأر لدى الاتراك نحو السوريين، بينما حقيقة الأمر هو أنّ تركيا حصلت على مليارات الدولارات من أـوروبا بحجة وجود اللاجئين السوريين، ولم تصرف من ذلك إلا الجزء اليسير على السوريين، لأنّ أغلب السوريين المتواجدين في تركيا هم يسكنون في المدن وعلى حسابهم الخاص، ويعملون بأزهد الأجور".

السوريون ساهموا في تنمية الاقتصاد التركي

ويرى نعسو أنّ السوريين ساهموا في تنمية الاقتصاد التركي، وفق ماصرّح به عدة مسؤولين أتراك، على عكس مزاعم أردوغان، ناهيكم عن الطبيعة السيكولوجية للتركي الذي يميل الى العنجهية والبلطجة والشعور بالفوقية على غيره من الأقوام وفقدان المحاسبة وانتشار العصابات المافياوية في تركيا، كلّ ذلك دفع التركي لأن يلجأ بكلّ سهولة إلى قتل السوري، بمجرد حدوث أي خلاف بينهما، ومهما كان بسيطاً، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضاً: "ورقة اللاجئين".. هل ينجح أردوغان بابتزاز أوروبا مجدداً؟‎

وتابع نعسو كلامه: "حادثة قتل الفتى وائل المنصور ليست الأولى، وقد سبقتها عشرات الحوادث المشابهة من قتل للسوريين؛ حيث إنّ استرخاص الدم السوري لم يقتصر على المواطنين الأتراك، بل تعدّاه الى أجهزة الشرطة والجندرمة، وكلّنا نتدكر حادثة قتل الشرطي التركي للشاب السوري، علي العساني، في أضنة، لمجرد أنّه ناقش الشرطي في أمر حظر التجوال، وغيرها من حوادث قتل السوريين الفارّين من جحيم الحرب على الحدود التركية من قبل الجندرمة التركية، والذين تجاوز عددهم 450 شخصاً، بحسب إحصاءات المنظمات الحقوقية".

وكان قد سبق للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن صرّح بأنّه أنفق 40 مليار على السوريين، وكانت تصريحاته عن اللاجئين السوريين تزيد من احتقان الشارع التركي، الذي يعاني أزمات اقتصادية، وهذا كان يزيد من عداء الأتراك للاجئين السوريين، لكنّ وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية في تركيا، زهرة زومروت سلجوق، كانت قد كذّبت ادعاءات أردوغان، وذلك حسب ما جاء في  موقع "تي 24" الإخباري التركي، بتاريخ 9 آب (أغسطس) من العام الحالي، إذ قالت إنّ "تلك المساعدات مموّلة من الاتحاد الأوروبي"، وأوضحت أنّه "بينما يتمّ تنفيذ المساعدات المذكورة، لا يمكننا استخدام تلك الموارد المالية لصالح مواطنين"، مضيفة أنّ "الفرد الواحد من اللاجئين المقيمين في المخيمات يحصل على 120 ليرة شهرياً، وأنّ الأطفال خارج المخيم يتحصّلون على إعانات تتراوح قيمتها بين 45 و75 ليرة فقط".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية