بأيّ أجندة تستعد الإمارات لمقعدها غير الدائم في مجلس الأمن؟

بأيّ أجندة تستعد الإمارات لمقعدها غير الدائم في مجلس الأمن؟


03/01/2022

قال الدبلوماسي والسياسي الإسباني، برناردينو ليون، في مقال للرأي إنه "ربما كان انتخاب دولة الإمارات في وقت سابق من العام 2021 لمجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم يمثل انتصاراً كبيراً لدبلوماسيتها في دعم الأمن والسلام والتعايش العالمي". وقال ليون، الذي شغل منصب الممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، خلفاً لطارق متري، إنه في كانون الثاني (يناير) 2022، سيكون لدى دولة الإمارات (وهي تتسلم مقعدها في مجلس الأمن) الكثير لتغطيه وتناضل من أجله؛ إذ يمكن لقيم ومبادئ الدولة أن تدفع التقدم نحو تحقيق الهدف الشامل المتمثل في السلم والأمن الدوليين".

وأضاف الدبلوماسي الإسباني في مقال نشرته صحيفة "ذا ناشونال" إنّ "دولة الإمارات تشتهر اليوم بأنها قوة وسطى صاعدة (rising middle power)، وهو مصطلح يستخدم للإشارة إلى أمة يمكنها تشكيل الأحداث الإقليمية والعالمية". وتابع: "يصف هذا بشكل مناسب دولة الإمارات، وهي اقتصاد نابض بالحياة ومتنوع، وقوة إقليمية رئيسية، مع شبكة واسعة من الشركاء والحلفاء العالميين في جميع أنحاء العالم. إنها دولة تطورت لتصبح نموذجاً للتعايش والتسامح والابتكار".

اقرأ أيضاً: الإمارات 2021: إنجازات اقتصادية بشهادة منظمات دولية

ورأى ليون، وهو يدير "أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية" في أبوظبي، أنّ "عام 2021 كان عاماً محورياً للدولة الفتية"، التي احتفلت الشهر الماضي بيوبيلها الذهبي، مؤكداً أنّ "سعي الإمارات لتحقيق التقدم البشري هو السبب في اختيارها كمقر للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، فضلاً عن استضافة معرض إكسبو الدولي 2020، وفي تموز (يوليو) 2021 أضافت الإمارات إنجازاً آخر عندما تم انتخابها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمرة الثالثة".

تُصنَّف دولة الإمارات ضمن أفضل الوجهات العالمية فيما يتعلق بنوعية الحياة، وهي تجذب الناس من جميع أنحاء العالم للعمل والاستقرار مع عائلاتهم على المدى الطويل

وتُصنَّف دولة الإمارات، التي تستضيف عشرات الجنسيات والأعراق الدينية، ضمن أفضل الوجهات العالمية فيما يتعلق بنوعية الحياة، وهي تجذب الناس من جميع أنحاء العالم للعمل والاستقرار مع عائلاتهم على المدى الطويل.

المهمة الثانية

وقال ليون في مقاله "ربما كان انتخاب الإمارات في وقت سابق من العام الماضي لمجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم هو ما يمثل انتصاراً كبيراً لدبلوماسيتها في دعم الأمن والسلام والتعايش العالمي. كما يؤكد الإنجاز التزام دولة الإمارات الطويل تجاه الأمم المتحدة، والرؤية المشتركة لتحقيق السلام والازدهار من خلال سياسة المساعدات الخارجية، فضلاً عن البرامج التنموية والإنسانية.

ولفت الدبلوماسي الإسباني إلى أنّ دولة الإمارات ستشغل مهمتها بعد أيام في مجلس الأمن الدولي وتستمر لعامين، وهي المهمة الثانية لها؛ بعد أن خدمت من 1986 إلى 1987. وأشار إلى أنّ العالم كان مكاناً مختلفاً تماماً في ذلك الوقت. لقد كان الوقت الذي كانت فيه الحرب الباردة قد بدأت لتوها في الذوبان. كان هناك العديد من المآسي، بما في ذلك انفجار مكوك الفضاء الأمريكي تشالنجر في كانون الثاني (يناير) 1986، والذي لا يزال يطارد صناعة الفضاء الأمريكية، وكذلك كارثة تشيرنوبيل في نيسان (أبريل) من العام نفسه- وهما أسوأ كارثتين نوويتين في التاريخ، في التكلفة والخسائر، وقد أدت الأخيرة إلى مشاكل إشعاعية غير مسبوقة أثرت على روسيا والدول المحيطة بها.

برناردينو ليون: انتخاب دولة الإمارات في وقت سابق من العام 2021 لمجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم يمثل انتصاراً كبيراً لدبلوماسيتها في دعم الأمن والسلام والتعايش العالمي

بالطبع، كان الشرق الأوسط يواجه معضلاته الخاصة - فالحرب الإيرانية العراقية المستمرة منذ ثماني سنوات كانت لا تزال مستمرة. في ذلك الوقت، لم يكن الناس على دراية بأنه عندما كانت تلك الحرب ستنتهي، كانت حرب أخرى على وشك أن تبدأ- بين العراق والكويت- مما مثّل اضطراباً وعدم يقين هائلين في منطقة الخليج. لكن لا تزال الأزمات العالمية بجميع أنواعها مستمرة حتى يومنا هذا.

اقرأ أيضاً: ما أبرز ما حققته الإمارات في 2021؟

وأوضح برناردينو ليون: "نحن نواجه تحديات حرجة في عصرنا. جائحة لمدة عامين، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين (حيث يمكن لدولة الإمارات أن ترى نفسها كوسيط، بالنظر إلى علاقاتها الودية مع كليهما)، وكذلك الكوارث البيئية والأزمات الإنسانية التي تحفز عدم المساواة، وكل هذا يعني أنه منذ كانون الثاني (يناير) الجاري سيكون لدى الإمارات الكثير لتغطيه وتناضل من أجله"، على حد تعبيره.

أجندة تركّز على المستقبل

وأضاف "يمكن لقيم ومبادئ الدولة أن تدفع التقدم نحو تحقيق الهدف الشامل المتمثل في السلم والأمن الدوليين. هذه خطوة مهمة لدولة الإمارات، وسيتحقق حضورها العالمي وقوتها عندما تعمل في مجلس الأمن، لا سيما بالنظر إلى نفوذها الدبلوماسي وأجندة السياسة الخارجية التي تركز على المستقبل". وينوّه ليون إلى أنّ انضمام دولة الإمارات إلى المجلس المكون من 15 عضواً، إنما يمثّل لحظة مسؤوليتها المشتركة في العمل العالمي؛ وذلك لأن شغل مقعد كهذا يعدُّ أمراً بالغ الأهمية؛ لأن المجلس هو الهيئة الوحيدة في الأمم المتحدة التي يمكنها اتخاذ قرارات ملزمة قانونًا".

في الشهر الماضي، قالت الإمارات إنها ستستخدم فترة ولايتها للسعي من أجل الإدماج وبناء القدرة على الصمود، فضلاً عن معالجة فجوات عدم المساواة، لوضع حد للأزمات العالمية. وفي تقدير ليون أنّ "هذا هو الوقت الذي تستطيع فيه الإمارات إظهار دورها المهم في الدفع باتجاه استجابات متعددة الأطراف في التعامل مع التحديات والتوترات العالمية الحالية التي نشهدها أمام أعيننا، لا سيما بسبب علاقاتها الوثيقة مع الغرب وموقعها الجيوسياسي".

اقرأ أيضاً: كيف تنظر الإمارات إلى المحادثات النووية الإيرانية في فيينا؟

وستكون معركة البلاد ضد تغير المناخ أيضاً نقطة محورية عندما تتولى مقعدها الأسبوع المقبل. وهي وضعت حماية البيئة في مقدمة جدول أعمالها. ويعكس إعلان دولة الإمارات عن تعهدها بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 ونجاحها في محاولة استضافة Cop 28  هذه الفكرة. وفي تعليقه على ذلك يقول الدبلوماسي الإسباني "بالنسبة لدولة منتجة للنفط والغاز تقع في واحدة من أكثر المناطق القاحلة على وجه الأرض، فإنّ تبني الطاقة النظيفة هو في الواقع خطوة شاقة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية