
ما تزال آثار قرار المجلس الرئاسي بإقالة محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير تلقي بثقلها على المشهدين السياسي والاقتصادي، وربما تلقي بتبعات أمنية تنشر الفوضى في ربوع البلاد، خاصة إذا ما تدخل الإخوان المسلمون، المستفيد الأكبر من وجود الصديق الكبير في منصبه.
وأكد رئيس الحزب الديمقراطي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا محمد صوان متابعتهم بقلق بالغ ما صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية بشأن أزمة المصرف المركزي الليبي، ودعوتها لأطراف الأزمة في ليبيا إلى ضرورة التحرك من أجل حماية مصداقية وسمعة المصرف داخل النظام المالي الدولي.
وقال صوان في بيان نشره المكتب الإعلامي التابع للحزب: "نحن ننقل هذه الدعوة من جهة دولية فاعلة ومتخصصة يرتبط بها النظام المالي دولياً إلى الأطراف نفسها، خاصة المجلس الرئاسي، بأن يتدارك إجراءاته الأحادية قبل فوات الأوان".
صوان يُحمّل المجلس الرئاسي المسؤولية التاريخية أمام الشعب الليبي، وما قد يترتب على قرار إقالة الصديق الكبير من آثار بالغة تضر بالوطن والمواطن.
وحمّل صوان المجلس الرئاسي المسؤولية التاريخية أمام الشعب الليبي، وما قد يترتب على ذلك من آثار بالغة تضر بالوطن والمواطن ويصعب معالجتها على المدى القريب.
بدوره صرح رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا القيادي الإخواني خالد المشري بأنّ قرار المجلس الرئاسي بتكليف شخص آخر غير الصديق الكبير لإدارة مصرف ليبيا المركزي، يمثل "تعدياً واضحاً على اختصاصات المجلس الأعلى للدولة".
وأوضح المشري، في بيان أصدره الإثنين الماضي، أنّ "هذه الخطوة تتعارض مع المادة (15) من الاتفاق السياسي الليبي، والتي تنص على ضرورة توافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة عند اختيار شاغلي المناصب السيادية".
وأضاف أنّ "المجلس الرئاسي ليس لديه الصلاحية القانونية للتدخل في هذه المسائل، وأنّ أيّ قرارات تصدر عنه في هذا السياق تعتبر باطلة"، وذلك وفقاً لما نشره موقع (روسيا اليوم) الإخباري.
المشري: قرار المجلس الرئاسي بتكليف شخص آخر غير الصديق الكبير لإدارة مصرف ليبيا المركزي، يمثل تعدياً واضحاً على اختصاصات المجلس الأعلى للدولة.
وذكر أنّ "رفض المجلس الأعلى للدولة سابقاً لتكليف الصديق الكبير في 2018 هو دليل واضح على موقفه الثابت من هذه المسألة".
وختم المشري بيانه بالتأكيد على أنّ "المجلس الأعلى للدولة متمسك بحقوقه وصلاحياته، ولن يتنازل عن دوره في حماية المؤسسات السيادية الليبية، وفقاً للاتفاق السياسي والدستوري المعمول به".
من جهته، ذكر عضو المجلس الأعلى للإخوان المسلمين محمد تكالة أنّ ما حدث بإقالة الصديق الكبير وتعيين آخر بدلاً منه، بات يشكل ضغطاً كبيراً على مجلسي النواب والدولة، يلزمهما بضرورة التوافق بشأن محافظ المركزي.
وأردف أنّ الصديق الكبير أحد أهم الداعمين لخالد المشري حتى في فترة الانتخابات؛ ولهذا فمن الطبيعي أن يصدر المشري بياناً يعرب فيه عن رفضه لإقالة الكبير.
ورأى أنّ الكبير انتهت مدته القانونية لشغل منصب محافظ المركزي، وسيتم التوافق بين البرلمان والدولة الاستشاري حول المحافظ الجديد.
تكالة: الصديق الكبير أحد أهم الداعمين لخالد المشري حتى في فترة الانتخابات؛ ولهذا أصدر المشري بياناً يعرب فيه عن رفضه إقالة الكبير.
من جهته، اعتبر عضو المؤتمر العام السابق عن حزب العدالة والبناء محمود عبد العزيز أنّ عقيلة صالح يعارض إقالة الصديق الكبير لأنّ عقيلة مستفيد منه، ومن الميزانية التي أقرها، والمليارات تخرج من مصرف ليبيا المركزي لحسابات مجلس النواب.
وقال عبد العزيز العضو بجماعة الإخوان المسلمين خلال استضافته في برنامج "بين السطور" الذي يذاع على قناة (التناصح) التابعة لمفتي الإخوان الصادق الغرياني: إنّ الصديق الكبير دخل في صفقة لإسقاط حكومة الدبيبة واستلام حكومة حماد مقاليد الأمور، وزعم أنّ البعثة الأممية مهمتها تكريس الفوضى في ليبيا خاصة بعد عام 2015.
وقد وفرت جماعة الإخوان المسلمين الحماية الكاملة للصديق الكبير مدة أعوام طويلة لكي يبقى في منصبه، وسخّرت الميليشيات للدفاع عنه.
وفي تصريحات صحفية سابقة، اتهم المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري تنظيم الإخوان في ليبيا بالسيطرة على المصرف المركزي في العاصمة طرابلس، بعدما قام بتعيين رجالاته في مناصب عليا وقيادية بمجلس الإدارة، لتمويل جماعاته وميليشياته وأنشطته ودعم حلفائه الإقليميين، وفق صحيفة (الشاهد) الليبية.
عبد العزيز: عقيلة صالح يعارض إقالة الكبير، لأنّه مستفيد منه، ومن الميزانية التي أقرّها، والمليارات تخرج من مصرف ليبيا المركزي لحسابات مجلس النواب.
ومن أبرز عناصر الجماعة في المصرف المركزي الليبي طارق المقريف الذي يُعدّ من أهم القيادات الإخوانية التي تتحكم بمفاصل المصرف المركزي، والداعية المتشدّد وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حمزة أبو فارس، الذي أٌدرج على قوائم الإرهاب التي أصدرها البرلمان الليبي في حزيران (يونيو) 2017، على خلفية علاقته بالتنظيمات المتطرّفة، بالإضافة إلى مصطفى المانع الذي يشغل منصب المستشار القانوني للصديق الكبير، والقيادي أسامة الصلابي، وهو عضو باتحاد علماء المسلمين ومفتي الإخوان في ليبيا، وشقيق إسماعيل الصلابي أحد مؤسسي تنظيم "سرايا الدفاع عن بنغازي"، المتطرّف المسؤول عن الاغتيالات في مدينة بنغازي في عامي 2013 و2014، والمطلوب قضائياً في ليبيا. والقيادي بتنظيم الإخوان سليمان عبد القادر، الذي يعتبر أحد العناصر الشابة في الجماعة، ويدير واحدة من أبرز المؤسسات التابعة للمصرف، وهو معهد الدراسات المصرفية في طرابلس.
بالإضافة إلى العديد من القيادات داخل الجماعة، التي تسيطر على مجريات الأمور داخل مصرف ليبيا المركزي، بحسب تقرير نقلته صحيفة (المرصد الليبي).
هذا، وكان تقرير أمريكي أعده معهد (الشرق الأوسط للدراسات) قد وصف البنك المركزي بـ الصندوق الأسود، والمؤسسة "الأكثر غموضاً في ليبيا"، بعد أن منحه المجتمع الدولي نوعاً من "السيادة والاستقلال" خلال الاضطرابات الأمنية.
ووفق التقرير، فإنّ اتهامات كثيرة تلاحق محافظ المصرف الصديق الكبير باستجابته لتدخلات شخصيات تابعة لتنظيم الإخوان عرقلت جهود توحيد المصرف، وهم الشخصيات التي رفضت تغييره.
اللواء أحمد المسماري: تنظيم الإخوان في ليبيا يسيطر على المصرف المركزي في العاصمة طرابلس، وقد وفرت الجماعة الحماية الكاملة للصديق الكبير.
واعتبر خبراء، استطلع التقرير الأمريكي آراءهم، أنّ العلاقات التي تربط الصديق الكبير بالميليشيات المسلحة، سبب من أسباب عدم كفاءة الإدارة.
وكان المجلس الرئاسي قد كلف عبد الفتاح عبد الغفار النائب الثاني لمحافظ المصرف المركزي المعين من قبله بمهام المحافظ إلى حين عودة المحافظ المنتخب من مجلس النواب محمد الشكري أو انتخاب محافظ جديد.
وأعلن رئيس حكومة البرلمان أسامة حماد، في بيان له، حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات النفطية وإيقاف إنتاج وتصدير النفط.
ويتولى الصديق الكبير منصب محافظ المصرف المركزي منذ عام 2012، ويواجه انتقادات متكررة بشأن كيفية إدارته للموارد النفطية الليبية وموازنة الدولة، من أعضاء بمجلس النواب وشخصيات بعضها مقرّب من الحكومات، لكنّه استطاع الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع زعماء ميليشيات مسلحة مستخدماً الاعتمادات المستندية كوسيلة لشراء ذممهم.