انتقادات سياسية تطال مشروع قانون التجنيس العراقي الجديد.. ما السبب؟

العراق

انتقادات سياسية تطال مشروع قانون التجنيس العراقي الجديد.. ما السبب؟


01/04/2019

يدرس مجلس النواب العراقي مقترح قانون قدّمته الحكومة، يقضي بتعديل قانون الجنسية العراقية بطريقة تسمح بتجنيس أكثـر من خمسة آلاف طفل يعودون لمسلّحين من داعش، ولدوا على الأراضي العراقية.

يمنح القانون حق التجنيس لمن غادر العراق من عام 1950 ويستهدف الأقلية اليهودية المهاجرة

كما يمنح التعديل الأول، الجنسية، لعدد كبير من الشخصيات العثمانية واليهودية بعد إسقاطها من قبل الحكومات المتعاقبة في فترة العهد الملكي، كما يقضي بمنحها لكل شخص أتمّ الإقامة على الأراضي العراقية سنة كاملة.
وأحال البرلمان هذا التعديل إلى لجنتي الأمن والدفاع والقانونية لدراسته قبل رفع تقريرهما إلى رئاسة البرلمان بشأن إمكانية المضيّ بتشريعه أو رفضه وإعادته مرة أخرى إلى الحكومة.

وفي حديثها عن المشروع، توضح مقررة مجلس النواب خديجة علي، لـ "حفريات" قائلةً إنّ "مشروع التعديل الأول لقانون الجنسية العراقية أثار ضجة كبيرة أثناء عرضه للقراءة الأولى في الجلسة الثانية لمجلس النواب في الفصل التشريعي الحالي"، مشيرة إلى أنّ التعديل "يضم سلبيات ومشاكل تتطلب دراستها وتدقيقها من قبل اللجان البرلمانية المختصة قبل إقراره".

نموذج من الجنسية العراقية

تداعيات القانون

وتتابع خديجة علي "إنّ الحكومة اختارت قبل نهاية الفصل التشريعي الأول، ثلاثة عشر قانوناً من القوانين المرحّلة من الدورة البرلمانية السابقة لتشريعها، ومن ضمنها مشروع التعديل الأول لقانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006".
واتفقت الحكومة والبرلمان، في وقت سابق، على تشريع خمسة عشر قانوناً معطلة منذ الدورة السابقة خلال الأشهر المقبلة، لحين إنجاز وتدقيق عشرات القوانين من قبل مجلس الوزراء، بما يتناسب مع البرنامج الحكومي.

اقرأ أيضاً: هل يحاكم العراق معتقلي داعش الأجانب على أراضيه؟
وكان مشروع التعديل الأول لقانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 قد أُرسل من قبل حكومة حيدر العبادي إلى البرلمان، الذي لم يتمكن في حينها من تشريع هذا القانون.
وتتحدث النائب عن محافظة كركوك، عن تداعيات تشريع هذا القانون، موضحة أنّ "التعديل الجديد يمنح الجنسية العراقية للأشخاص الذين أسقطت عنهم الجنسية العراقية في العام 1950"، لافتة إلى أنّه "وفق التعديل الجديد يحق للمهاجرين في هذه الفترة العودة إلى العراق مرة أخرى".

ضوابط الحصول على الجنسية العراقية
وصوّت مجلس الوزراء السابق في العام 2017 على مشروع التعديل الأول لقانون الجنسية العراقية وأرسله إلى البرلمان لتشريعه، لكن البرلمان السابق رحّله إلى الدورة الحالية.

تمنح الجنسية العراقية لمن ولد من أبوين عراقيين ويحظر إسقاطها عن العراقي بالولادة ولأي سببٍ كان

وتشير خديجة إلى أنّ "هيئة رئاسة البرلمان أحالت مشروع تعديل القانون إلى اللجنتين القانونية والأمن والدفاع لدراسة كل سلبياته من أجل رفع تقاريرهما بشأن إمكانية تشريع هذا القانون أو رفضه وإرجاعه الى الحكومة مرة أخرى"، متوقعة "إعادة عرضه للنقاش داخل مجلس النواب في جلسة البرلمان المقرر عقدها غداً".

ويتضمن التعديل الأول لقانون الجنسية العراقية رقم (26) 2006 الذي قُرئ القراءة الأولى في مجلس النواب، إمكانية الحصول على الجنسية العراقية لمَن أتمّ عاماً كاملاً داخل الأراضي العراقية، في الوقت الذي كانت تمنح الجنسية العراقية عن طريق الأبوين العراقيين، أو الإقامة لعشرة أعوام بضوابط معينة.
ويمنح المشروعُ وزيرَ الداخلية حقّ قبول تجنيس غير العراقي وإن لم ينفذ الإقامة بصورة مشروعة في العراق، إذا كان مهجّراً قسراً ومقيماً لمدة عام واحد، وهذا الإجراء يرى فيه بعض المراقبين خطورة على تغيير ديموغرافية الشعب العراقي.

تشكيك بالقانون

ووضع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، منتصف العام الماضي شرطاً وحيداً يسمح ليهود العراق الذين هاجروا جراء السياسات السابقة، بالعودة مرة أخرى إلى العراق قائلاً في معرض رده على سؤال من أحد أتباعه حول إمكانية عودة اليهود العراقيين الذين هُجّروا من العراق: "إذا كان ولاؤهم للعراق فأهلاً بهم".

العلوي: القانون يهدف لمنح الجنسية للزائرين الإيرانيين كما فعلها صدام حسين مع الفلسطينيين المقيمين في العراق

وكان النائب السابق، حسن العلوي، قد قال عبر تسجيل صوتي، إنّ السلطات العراقية تسعى الى إصدار قانون يقضي بتجنيس الزائرين الأجانب للعتبات المقدسة في حال مكوثهم عاماً واحداً فقط في البلاد، معتبراً أنّ "هذا الأمر مشابه لما فعله رئيس النظام السابق صدام حسين عندما منح الجنسية للعرب الفلسطينيين بهدف زيادة نسبة أعداد السنّة على حساب الشيعة بالعراق".
واعتبر العلوي أنّ "كل من أعدّ وساند ووافق على تعديل قانون الجنسية العراقية ليس عراقياً وهو عميل، وقد وافق على منح الجنسية للأجانب"، متسائلاً: "أي البلدان يمكث الأجنبي فيها عاماً واحداً ويحصل على الجنسية؟".

 يمنح التعديل الأول، الجنسية، لعدد من الشخصيات اليهودية بعد إسقاطها من قبل الحكومات المتعاقبة في العهد الملكي

انتقادات المشرعين لمسودة القانون

من جانبه، يقول عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، محمد الغزي، لـ "حفريات"، إنّ "الحكومة أرسلت 13 قانوناً إلى البرلمان من أجل تشريعها خلال جلسات البرلمان المقبلة"، منوهاً إلى أنّ "البرلمان لم يعرض القوانين الجديدة على اللجان البرلمانية الدائمة للاطلاع على تفاصيلها وسلبياتها وإيجابياتها قبل عرضها".

ويلفت عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب إلى أنّ "أغلب الكتل البرلمانية اعترضت على تشريع هذا القانون أثناء عرضه للقراءة الأولى"، كاشفاً عن "اتفاق لجنتي الأمن والدفاع والقانونية النيابيتين رفض القانون وإرجاعه إلى الحكومة".

اقرأ أيضاً: إيران تسعى لمنح الجنسية العراقية لهؤلاء.. هل تنجح؟
ويستغرب النائب عن تحالف "سائرون" أنّ "المستشارين القانونيين في مجلس الوزراء لم يرصدوا الكثير من المخالفات في التعديل الأول لقانون الجنسية العراقية"، لافتاً إلى أنّ "هؤلاء القانونيين لم يطلعوا على الدستور العراقي الذي ينظم عملية الحصول على الجنسية العراقية".
وينظم الدستور العراقي في مادته (18) "منح الجنسية العراقية لكل عراقي ولد من أب وأم عراقيين، ويحظر إسقاطها عن العراقي بالولادة لأي سبب من الأسباب، ويحق لمن أسقطت عنه طلب استعادتها".

 أسر وأطفال داعش في العراق أزمة تواجهها الحكومة

أزمة أطفال داعش في العراق

وبحسب المادة (2) من قانون التعديل الأول لقانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 يعدّ عراقي الجنسية كل من كان عثمانيّ الجنسية وساكناً في العراق هو أو أحد والديه أو جده ابتداءً من يوم 23/8/1921 لغاية 6/8/1924.

نواب عراقيون: القانون يشمل تجنيس أسر وأطفال داعش الذين نزحوا من مخيماتهم في سوريا

ويلفت عضو مجلس النواب إلى أنّ فقرات في "التعديل تعالج مشكلة أطفال عناصر داعش الذين ولدوا في العراق من أبوين غير عراقيين أثناء سيطرة هذه التنظيمات على الأراضي العراقية"، لافتاً إلى أنّه "في حال كسب الطفل الجنسية سيُمنح الأبوان الجنسية العراقية أيضاً".

ويتوقع الغزي أنّ "عدد أطفال عناصر داعش المتواجدين حالياً على الأراضي السورية قد يفوق (5000) طفل ولدوا في الأراضي العراقية"، رائياً أنّ "هناك أجندة دولية تقف وراء تمرير هذا القانون داخل مجلس النواب".

في هذه الأثناء، دعا تحالف القرار العراقي بزعامة أسامة النجيفي، إلى سحب مشروع تعديل قانون الجنسية العراقية بعد دراسته، معتبراً المشروع بمواده وفقراته "غير مناسب، ويمكن أن يلحق ضرراً ببنية المجتمع العراقي وهويته الواضحة".

تحذير من تغيير ديموغرافي

وطالب التحالف، بحسب بيان تلقت "حفريات" نسخة منه،  بـ"سحب مشروع قانون الجنسية العراقية، ودراسة مواده وفقراته من قبل مختصين يستهدفون تحديث المواد التي تستوجب ذلك، دون أن يكون التعديل مناقضاً لأية قيمة وطنية أو مؤثراً عليها".

مطالبات نيابية  بسحب مشروع قانون الجنسية العراقية لفوضى مفاهيمه وأهدافه والخشية من التغيير الديموغرافي

من جهته، قال رئيس كتلة النهج الوطني، عمار طعمة، إنّ القانون "يتضمن ثغرات تؤدي للتغير الديموغرافي ومنح الجنسية لأشخاص معادين للعراق"، معتبراً أنّ "القانون يمنح الجنسية إلى من ولد خارج العراق ولا جنسية له".

ويضيف لـ"حفريات"، "هذا يفتح المجال والفرصة لمنح مجهولين ولا معرفة بأصولهم وتوجهاتهم الفكرية للحصول على الجنسية العراقية"، مبيناً أنّ "القانون يمنح الجنسية لمن ولد في العراق من أب أو أم غير عراقيين دون تحديد مدة إقامة مقدم الطلب التي يشترط فيها على الأقل عشرة أعوام له، وأن يكون أبواه مقيمين لمدة لا تقل عن خمسة عشر عاماً ومعروفين بحسن سيرتهم والسمعة ولم يحكم عليهم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف ولم يكن أحدهما من دولة في حالة عداء مع العراق".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية