انتخابات تونس... تمثيل ضعيف للنساء وتجديد في الطبقة السياسية

انتخابات تونس... تمثيل ضعيف للنساء وتجديد في الطبقة السياسية

انتخابات تونس... تمثيل ضعيف للنساء وتجديد في الطبقة السياسية


24/10/2022

يُغلق مساء اليوم باب قبول مطالب الترشحات للانتخابات البرلمانية التونسية المقررة يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وأعلنت الهيئة عن قبول (891) ملف ترشح، وذلك إلى حدود أمس الأحد، مشيرة إلى أنّ المترشحين يتوزعون بين (774) رجلاً و(117) امرأة، للمنافسة على (161) مقعداً في البرلمان التونسي المقبل.

 وتوقع محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات، أن تتحسن نسبة المشاركة مع انتهاء فترة تقديم الترشحات مساءً، ويشترط القانون الانتخابي على المرشحين الحصول على (400) تزكية من الناخبين المسجلين، نصفهم من الرجال، والنصف الثاني من النساء، على أن تكون نسبة 25% منهم من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم (35) عاماً.   

تراجع تمثيل المرأة

تشير الأرقام الأولية إلى أنّ نسبة تمثيل النساء في البرلمان المقبل ستكون أقل من 5% بعد أن كانت 23% في برلمان 2019 و36% في برلمان 2014.

 وقد أدى هذا التراجع إلى إطلاق انتقادات حادة للقانون الانتخابي الجديد، و"الشروط المجحفة" التي تضمنها، وخاصة منها شرط تزكية (400) ناخب لكل مرشح؛ إذ إنّ تنقل النساء وإقناع الناخبين بتمكينهم من التزكية، كان عملاً صعباً عليهن، حسب عدد من التقارير التي قدّمتها منظمات حقوقية على غرار منظمة "أنا يقظ".

 واعتبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي في تصريح لإذاعة "موزاييك" التونسية أنّ الجمعية كانت تتوقع العدد القليل لنسب ترشحات النساء للانتخابات التشريعية المقبلة، وبالتالي لم يفاجئها ذلك .

تشير الأرقام الأولية إلى أنّ نسبة تمثيل النساء في البرلمان المقبل ستكون أقل من 5 بالمائة

 وأضافت أنّ هذه النسبة لترشحات النساء تؤدي لتوقع وجود مجلس نيابي رجالي بامتياز، يغيب عنه العنصر النسائي والشبابي والنخب، ضحية قانون انتخابي وُضع في بيئة اجتماعية وثقافية غير واعية بدور النساء والشباب في  القرار السياسي، بحسب تقديرها.

 من جانبه، أكد نائب رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بسام الطريفي، في تصريح لإذاعة "شمس" التونسية، أنّ "مرسوم الانتخابات لم ينصّ على التناصف، وأقصى المرأة من البرلمان، وأضعنا فرصة لتكون المرأة ممثلة"، معرباً عن أسفه من عدم تدارك الأمر، فقد كان من الممكن التنصيص على ذلك.

المترشحون يتوزعون بين (774) رجلاً و(117) امرأة، للمنافسة على (161) مقعداً في البرلمان المقبل

 

 الطريفي أكد أيضاً أنّ "المرأة لن يكون لها تمثيلية في البرلمان المقبل كما نأملها، بسبب التسرع في إصدار المرسوم، نأمل تغيير المرسوم وتمديد فترة الترشحات".

 وقد تواجدت المرأة التونسية في قلب الصراع السياسي والانتخابي طيلة أعوام ما بعد الثورة، سواء كانت مترشحة للاستحقاقات الانتخابية، أو كانت رقماً صعباً في الجمهور الانتخابي بتموقع ملف حقوق المرأة ضمن أهم الملفات المطروحة في برامج الأحزاب طمعاً في استمالتها وكسب أصواتها.

 تجديد الطبقة السياسية

إلى جانب ضعف تمثيل المرأة، من اللافت أيضاً في الترشيحات المقدمة إلى حدود كتابة هذا التقرير، أنّ الرموز السياسية التي برزت طيلة الأعوام التي تلت الثورة التونسية عام 2011 لن تكون حاضرة في مجلس نواب الشعب القادم.

 وبالنظر إلى قائمة المرشحين، فإنّ جميعهم من الشخصيات السياسية التي لم تشارك في العملية السياسية طيلة الأعوام الماضية، ومن بينهم عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة في إطار المبادرة الجديدة التي أعلن عنها "وينتصر الشعب"، والتي تضم عدداً من السياسيين والنقابيين وناشطين في المجتمع المدني والمثقفين، ومن بينهم أحمد شفطر عضو الحملة التفسيرية وعضو المبادرة الذي قرر الترشح.

القانون يعاقب بالسجن لمدة (5) أعوام كل من يؤثر على الناخب بالحثّ على التصويت، أو على عدم التصويت، أو في الجرائم المتعلقة بالتزكيات

 بدوره، أعلن كلّ من فوزي دعاس عضو الحملة التفسيرية لقيس سعيد، ورئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري، والنائب المؤسس في المجلس الوطني التأسيسي ورئيس المكتب السياسي لحزب "حراك 25 جويلية" عبد الرزاق الخلولي ورئيس المكتب السياسي للحزب محمود بن مبروك، والمحامي منير بن صالحة، والكوميدي صابر الهذيلي المعروف باسم "النقار"، عن نيتهم الترشح للانتخابات التشريعية.

محمد التليلي المنصري يتوقع أن تتحسن نسبة المشاركة مع انتهاء فترة تقديم الترشحات مساءً

 

 هذا، وتسجل الانتخابات البرلمانية المقبلة غياب أبرز الوجوه السياسية المساندة لـ"مسار 25 تموز (يوليو)" لأول مرّة، ومن أبرز هذه الأسماء أمين عام حزب حركة الشعب زهير المغزاوي، والنائب السابق منجي الرحوي، والنائب مباركة عواينية.

 بالمقابل، أعلن نائبان سابقان بالبرلمان عن حركة الشعب، الداعمة للرئيس سعيّد، الترشح للاستحقاق التشريعي المقبل، هما كل من بدر الدين القمودي وحاتم البوبكري.

 إيقافات

من جانبه، أكد الناطق باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، في تصريح لإذاعة "موزاييك" التونسية، أنّ القانون يعاقب بالسجن لمدة (5) أعوام كل من يؤثر على الناخب بالحثّ على التصويت، أو على عدم التصويت، أو في الجرائم المتعلقة بالتزكيات.

نائلة الزغلامي: هذه النسبة لترشحات النساء تؤدي لتوقع وجود مجلس نيابي رجالي بامتياز يغيب عنه العنصر النسائي

 

 وأوضح أنّ هذه الجرائم كانت تلبسية في ما مضى، وبتنقيح القانون يمكن تتبعها عبر سبل البحث المتوفرة لدى القضاء، مشيراً إلى تسجيل (5) إيقافات، متعلقة بجرائم في التزكيات، في محافظتي تونس والقيروان، في الفترة الأخيرة.

 وأشار المنصري إلى أنّ "نظام الاقتراع على الأفراد، المنتهج في تونس، معمول به في عدد من دول العالم، وهو نظام له إيجابياته وسلبياته".

 أحزاب تمضي بالمقاطعة

وأعلنت مجموعة من الأحزاب من مختلف الحساسيات الفكرية، إضافةً إلى حركة النهضة الإخوانية والحزب الدستوري الحر، عن مقاطعتها للانتخابات التشريعية المقبلة، على غرار حزب العمال اليساري، وحزب التيار الديمقراطي، والحزب الجمهوري، وحزب آفاق، وغيرها من الأحزاب التي لا تعترف بشرعية الدستور أو بالقرارات المتخذة بعد 25 تموز (يوليو) 2021.

 في غضون ذلك، يتوقع مراقبون أن يلجأ عدد من الأحزاب المقاطعة إلى دعم بعض المستقلين لدخول البرلمان المقبل، وقال والي (محافظ) تونس كمال الفقيد الأسبوع الماضي: إنّ مجموعة من الأحزاب تريد العودة إلى المشهد عبر ما وصفه بـ"سياسة الغواصات"، فيما يبدو أنّه اتهام مبطن لها بالسعي للعودة إلى المشهد عبر استغلال منظومة التصويت على الأفراد لدعم بعض المستقلين.

 وتنصبّ اهتمامات السلطة السياسية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات اليوم على تمرير الاستحقاق التشريعي بسلاسة، على الرغم من محاولات البعض التشكيك في العملية الانتخابية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية