انتحار طالب وإغلاق مكتبة... هكذا يفسد الحوثيون قطاع الثقافة والتعليم في اليمن

انتحار طالب وإغلاق مكتبة... هكذا يفسد الحوثيون قطاع الثقافة والتعليم في اليمن


07/02/2022

تواصل ميليشيات الحوثي الإرهابية جرائمها وانتهاكاتها بحقّ المدنيين على اختلاف أطيافهم، وتركز على شريحة الطلبة التي تُعتبر المزود البشري الأساسي لصفوفها في المعارك الدائرة في الكثير من المدن والمحافظات، وتراقب بشكل خاص الفنانين والمثقفين، لما لهم من تأثير على المجتمعات، وتحسباً لظهور أيّ حركات تحريضية ضد الميليشيات الموالية لإيران.

طالب يمني جديد كان ضحية لتلك الميليشيات الإجرامية، فقد أقدم على الانتحار في محافظة ريمة، غرب البلاد، بسبب جبايات ميليشيا الحوثي الإرهابية المفروضة على التلاميذ.

اقرأ أيضاً: حملة "أنا أصنف الحوثي إرهابياً": يمنيون يثورون بوجه الصمت الدولي

ووفقاً لمصادر نقل عنها موقع "2 سبتبمر"، فإنّ الطالب زكريا السعيدي أقدم على الانتحار شنقاً، بعد رفض الميليشيا عودته إلى المدرسة التي طرد منها، بسبب عدم تسديده ما يُسمى بالاشتراك الشهري، والمقدّر بنحو (2000) ريال.

الميليشيا حاولت التغطية على جريمتها بزعم أنّ الطفل انتحر بعد أن رفض والداه ذهابه معهما إلى صنعاء، مرجعةً ذلك إلى ما سمّته بـ"التأثر بالمسلسلات التلفزيونية غير المناسبة مع أعمار الأطفال ومحتواها".

يُذكر أنّ زكريا السعيدي هو واحد من بين آلاف التلاميذ الذين أجبروا على عدم الالتحاق بالمدارس بسبب الجبايات التي تفرضها ميليشيا الحوثي على أسر الأطفال تحت ذرائع مختلفة.

 

الطالب زكريا السعيدي أقدم على الانتحار شنقاً، بعد رفض الميليشيا الحوثية عودته إلى المدرسة، بسبب عدم تسديده الاشتراك الشهري

 

فالميليشيا فرضت على كلّ تلميذ رسوماً شهرية مقدارها (2000) ريال تحت مُسمّى "المشاركة المجتمعية"، بينما تذهب هذه الجبايات إلى جيوب قادة الميليشيا، والبعض منها لتمويل حرب الحوثيين على الشعب اليمني.

أمّا المعلمون في مناطق سيطرة الحوثيين، فإنّهم لا يتلقون رواتب منذ أيلول (سبتمبر) 2016، إضافة إلى فصل آلاف المعلمين الذين يخالفون ميليشيات الحوثي في أفكارها.

اقرأ أيضاً: لماذا على إدارة بايدن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية؟.. وجهة نظر أمريكية

ووفقاً لتقارير أممية، فإنّ أكثر من مليوني طفل يمني حُرموا من التعليم بسبب الحرب وتحويل الميليشيا الحوثية بعض المدارس إلى معتقلات أو ثكنات عسكرية، فضلاً عن استهداف وتدمير عشرات المدارس.

كما أنّ تدهور الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة الحوثيين، وارتفاع معدلات البطالة لأكثر من 60%، جعلت أولياء الأمور غير قادرين على دفع الجبايات التي تفرضها الميليشيات، ممّا يعني أنّ الأطفال في اليمن أُضيف إليهم سبب آخر للحرمان من التعليم، وهو ما يدفع كثيراً منهم إلى العمل في سنّ مبكرة.

وتشير تقارير محلية إلى أنّ الميليشيا الحوثية تستخدم التعليم، لا سيّما في المرحلة الثانوية والجامعية، لمساومة الأسر على الدفع ببعض أبنائها الأطفال إلى الجبهات للقتال في صفوفها مقابل تعليم بقية أبنائهم.

 

الميليشيا الحوثية تستخدم التعليم، لا سيّما في المرحلة الثانوية والجامعية، لمساومة الأسر على الدفع ببعض أبنائها الأطفال إلى الجبهات للقتال

 

وفي سياق متصل بإرهاب الحوثيين، أشار تقرير بحثي جديد إلى أنّ ميليشيا الحوثي تعتقل كلّ من يروج للسلام في مناطق سيطرتها، مؤكداً أنّ غالبية فنّاني الرسم توقفوا عن ممارسة أعمالهم خوفاً من الاعتقال ومصادرة أعمالهم.

وأكد تقرير "دور الفنون في بناء السلام في اليمن" نشرته وكالة سبأ الرسمية، أنّ معظم فناني الرسم التعبيري في صنعاء عبّروا عن خوفهم من الاستجواب أو مصادرة أعمالهم، ولا سيّما العمل أو المشاريع التي تشير إلى السلام أو التعايش.

وأضاف التقرير أنّ الفنانين لا يتبادلون خبراتهم خوفاً من التعرض للترهيب، مشيراً إلى أنّ كثيراً من الفنانين الذين يتمتعون بإمكانات كبيرة ولديهم الأدوات والمعدات خائفون للغاية ومرعوبون من العمل في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي.

وذكر التقرير، المموّل من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، أنّ عدداً من المصورين كانوا يحملون كاميراتهم، وقد تمّ الاستيلاء عليها بالقوة ومصادرتها من قبل الميليشيا الحوثية.

وأشار إلى أنّ مساحات الفنون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي تتعرض للتهديد والقيود على أنواع الأنشطة التي يمكن القيام بها.

اقرأ أيضاً: كيف يتحوّل الاعتداء على الإمارات إلى وبالٍ على الميليشيا الحوثية؟

وحسب التقرير، فإنّ "عقلية الحوثيين انقلبت ضد كلّ الحريات الشخصية، كاشفة صورتهم الحقيقية، مؤكداً أنّ قادة الحوثيين يصفون الفنون والموسيقى أنّها "أشكال غير نقية وفاسدة من التعبيرات لا ينبغي تشجيعها".

 

معظم فنّاني الرسم التعبيري في صنعاء عبّروا عن خوفهم من الاستجواب أو مصادرة أعمالهم، ولا سيّما الأعمال والمشاريع التي تشير إلى السلام أو التعايش

 

ولم تتوقف انتهاكات الحوثيين عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى السطو على الحقوق الملكية والفكرية للأدباء والمثقفين اليمنيين، لتشهد عاصمة الثقافة والتاريخ والأدب سرقة الحوثيين كلّ أعمال المثقفين والأدباء والفنانين، ونسب تلك الأعمال التاريخية، التي قام بها الفنانون على أرض وطنهم، إليهم دون أيّ وجه حق، فقط لمجرد غياب أصحابها وملّاكها الأصليين.

من تلك المعالم مجسم "الإيمان يمان والحكمة يمانية"، أحد معالم صنعاء الذي يزيد عمره على (30) عاماً، والذي يُعتبر من أهم وأبرز أعمال الفنان اليمني علي الحامدي.

 

محكمة تابعة للحوثيين تأمر بإغلاق مكتبة "أبي ذر الغفاري" الشهيرة بشكل نهائي وإفراغها من محتوياتها

 

ووفق مقالة للكاتب اليمني سليمان العسكر، عبر صحيفة "الوطن"، فقد ارتبط "الإيمان يمان، والحكمة يمانية" ارتباطاً زمنياً طويلاً بالمكان، وقد قضى الحامدي وقتاً طويلاً في تجهيزه والإشراف عليه، حتى أصبح منارة من معالم العاصمة صنعاء، إلّا أنّ الأوضاع الراهنة في العاصمة ساعدت البعض على النهب والسرقة والاختلاس دون أيّ احترامات حقوقية، ولم تنجُ تلك المجسّمات الجمالية كغيرها من عبث العابثين، ومنتحلي جهود وملكيات الآخرين، فقد سطا أحد الحوثيين في العاصمة على ملكية المجسّم ونسبها إلى نفسه، في ظلّ غياب المالك الحقيقي الموجود خارج اليمن، لذا تواصلت "الوطن" مع الفنان صاحب ملكية المجسّم، علي الحامدي، الذي يقيم في كينيا، والذي قال إنّه فوجئ بالمعلومات المضللة حول العمل الفني، خاصة أنّ المدّعي يعرف أنّه هو من نفّذ مجسّم "الإيمان يمان".

هذا، وكان العديد من الفنانين الذي منعتهم وزارة الثقافة التابعة للحوثيين من إقامة فعاليات ومعارض قد أعلنوا توجههم لحرق أعمالهم احتجاجاً على تلك الممارسات من قبل الميليشيات الإرهابية، معتبرين أنّ تلك الممارسات لا تليق بالشعب اليمني الذوّاق، وبالبلاد الغائرة بالفن، وفق ما نقل موقع "الخليج أون لاين" نهاية العام الماضي.

وفي الإطار ذاته، أمرت محكمة تابعة لميليشيا الحوثي بإغلاق مكتبة "أبي ذر الغفاري" الشهيرة في صنعاء بشكل نهائي وإفراغها، بعد أن كانت تبيع الكتب الفكرية والسياسية والفلسفية منذ نحو (40) عاماً.

 

الحوثيون يسطون على الحقوق الملكية والفكرية للأدباء والمثقفين اليمنيين، وينسبون تلك الأعمال إليهم دون أيّ وجه حق

 

وأكدت مصادر محلية، نقل عنها موقع "العاصمة أون لاين"، أنّ أحد القضاة التابعين للميليشيا الحوثية أمر بعد (3) أعوام من إغلاق المكتبة وعمليات التقاضي، بإفراغ المكتبة من محتواها، بعد أن عجز مالكها عن سداد الإيجارات المتراكمة، جرّاء إغلاق الميليشيات كلّ الصحف المستقلة والمعارضة، ومنع استيراد الكتب الفكرية والسياسية".

وكانت مكتبة "أبي ذر" مقصد المثقفين والسياسيين، وحتى الأشخاص العاديين الذين كانوا يقتنون الصحف اليومية والأسبوعية التي تصدر داخل اليمن أو خارجه، وكذلك المجلات، وكانت معظم السفارات تقصدها لشراء كلّ الإصدارات المحلية، من صحف حكومية أو معارضة أو مستقلة.

اقرأ أيضاً: الحوثي مدعوماً بالحرس الثوري الإيراني يعيث تهديداً براً وبحراً وجواً

وبدأت معاناة المكتبة بعد الانقلاب مباشرة، حين منع الحوثيون صدور الصحف الحزبية والأهلية، وكذلك استيراد الكتب الفكرية والفلسفية، وهي الكتب التي كانت تتميز بها المكتبة، وكان لها الفضل الكبير في خدمة الوسط الثقافي، ودعم الاتجاه التنويري في المجتمع.

ومع وقف الرواتب، ووقف استيراد الكتب، وتراجع المبيعات، تراكمت الإيجارات على مالكها، فلجأ مالك المبنى إلى المحاكم، وعقب ذلك قامت ميليشيات الحوثي بإغلاق المكتبة، بحجة أنّ هناك تلاعباً بوثائق ملكيتها، وأنّها تخص أحد البرلمانيين المناهضين للانقلاب، وهذا ما ضاعف من الخسائر، وجعل المالك يعجز عن دفع الإيجارات، وهو ما سهّل لصاحب المبنى استصدار حكم بإخلاء المبنى.

 

العديد من الفنانين الذين منعتهم وزارة الثقافة التابعة للحوثيين من إقامة فعاليات ومعارض يقومون بحرق أعمالهم احتجاجاً على تلك الممارسات

 

وحول الواقعة، ندّد وزير الإعلامي اليمني معمر الإرياني أمس بقيام ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران بإغلاق أشهر مكتبة في اليمن.

وقال الإرياني، في سلسلة تغريدات عبر حسابه في "تويتر": "إنّ قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران بإغلاق مكتبة "أبي ذر الغفاري" في العاصمة المختطفة صنعاء، وبيع محتوياتها من الكتب، امتداد لسياسة التضييق على المؤسسات الثقافية والفكرية والإبداعية، ومساعيها لتجهيل المجتمع، ومسخ هويته، وإغراقه بالأفكار المتطرفة المستوردة من طهران".

وأضاف الإرياني أنّ مكتبة أبي ذر الغفاري تُعدّ أحد أشهر المكتبات في اليمن، وظلت طيلة (4) عقود، قبلة للمثقفين والأدباء والكتاب والسياسيين والإعلاميين والباحثين وعامّة القرّاء من مختلف مكونات المجتمع وأطيافه السياسية والاجتماعية، وضمّت عشرات آلاف الكتب من مختلف الثقافات واللغات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية