المفكر الإسلامي طارق رمضان مغني راب.. أزمة الإسلام السياسي في رجل

المفكر الإسلامي طارق رمضان مغني راب.. أزمة الإسلام السياسي في رجل


13/04/2021

في تحول لافت، عاد طارق رمضان، حفيد حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان، إلى الواجهة من خلال إصداره ألبوماً غنائياً على قناته في موقع يوتيوب منذ أيام، قدم فيها أغنية راب حملت عنوان "ما رأيك؟"، تدعو "لمناهضة الاستعمار واللاعدالة" على حد تعبيره.

يعد رمضان، أحد رموز الإسلام السياسي في أوروبا، ويقدم نفسه كأكاديمي إسلامي مستنير، ويحظى بشهرة واسعة في المجتمع الأوروبي نظراً للهالة التي يستمدها من انتسابه لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين، كما يفرض عليه دوره الوظيفي كداعية وباحث وأكاديمي نسقاً سلوكياً يتسم بالجدية والمهابة لا يتماشى مع طرح نفسه كمغنٍّ.

أصدر طارق رمضان ألبوماً غنائياً على قناته تضمن أغنية راب بعنوان "ما رأيك؟" تدعو "لمناهضة الاستعمار واللاعدالة

يذكر أنّ صورة رمضان كداعية تشوهت كثيراً بعد اتهامه بالتحرش الجنسي بفتيات وسيدات عملن معه، وإقراره بأنه أقام معهن علاقات جنسية خارج إطار الزواج، وأنّ هذه العلاقة كانت بالتراضي، بهذا الإقرار أفلت رمضان من قضبان السجن، لكنه لم يفلت من المحاكمة الأخلاقية الإسلاموية التي أجلت إدانته شعبوياً، فما أقدم عليه يتعارض بالكلية مع ما كان يدعو إليه، ويتنافى كذلك مع مكانته وسط المجتمع المسلم الأوروبي، وكان من المتوقع اختفاء رمضان عن مسرح الأحداث فترة زمنية تسمح لمتابعيه بنسيان تفاصيل أزمته، على أمل إعادة إنتاجه مرة أخرى في ظروف تكون مواتية للإسلام السياسي.

 

 عبّر الكثير من عناصر الإسلام السياسي عن دهشتهم لهذا التحول، فرمضان بهذا يطرح نفسه كنجم غنائي لم يعطِ لهم الفرصة للدفاع عنه في سقطاته السابقة، فعلى الرغم من توظيف الإسلام السياسي للإصدارات الفنية التي تخدم أفكاره، إلا أنّه لا يزال غير مقبول أن يمارس الخطيب والداعية نفسه عملاً فنياً.

اقرأ أيضاً: فرنسا: شبهات اغتصاب جديدة تلاحق الإسلامي طارق رمضان

وفي تقديمه للأغنية الجديدة التي كتب كلماتها بنفسه قال رمضان، وفق ما أورد موقع "سكاي نيوز": "لقد كرّست هذا النص الموسيقي الأول لجميع النساء والرجال الذين عانوا من الاستعمار في جميع أنحاء العالم، وللمهاجرين الذين يسعون للهروب من الفقر وينتهي بهم الأمر محبوسين ومجرَّمين، ويموت الآلاف منهم أو يغرقون في مياه البحر أو يصابون بالعطش في حرارة الصحراء..".

رغم توظيف الإسلام السياسي للإصدارات الفنية التي تخدم أفكاره لكن مايزال غير مقبول ممارسة الخطيب والداعية ذلك

 أثار تحول رمضان الكثير من الأسئلة، حول حقيقة دوافعه لإصداره هذا الألبوم وما وجه الاستفادة من تقديم نفسه كمغنٍ، وما أثر ذلك على الواقع الإسلامي الأوروبي، يرى الدكتور عمرو فاروق الكاتب والباحث في الإسلام السياسي "أنّ طرح طارق رمضان نفسه كمغنٍّ يعبر عن أزمة نفسية حادة يعاني منها رمضان، فضلاً عن كونها محاولة فاشلة لترميم صورته الإسلامية المتهدمة بسبب سلوكياته غير الأخلاقية، متابعاً في تصريحه لـ"حفريات" أنّ "كثيراً من قيادات الإسلام السياسي في أوروبا وعلى وجه التحديد من الإخوان وقعوا فريسة لأزمات نفسية حادة، سببها التناقض الذي يعيشون فيه؛ فالخطاب الإسلاموي في أوروبا يعج بأفكار طوباوية مثالية، ويتم طرح قادة هذه التيارات كأشخاص مثاليين مقدسين منزهين عن أي خطأ، في حين أنّهم في الواقع وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنهم يتاجرون بالدين؛ هذا التناقض وتلك الازدواجية واختلاف الظاهر عن الباطن، هو ما دفع بعضهم للسقوط في أزمات نفسية عبّر عنها في النزوع لارتكاب ما هو ممنوع".

وأضاف أنّ "ثمة تشوهاً شديداً في التكوين النفسي للشخصية الإخوانية، تسمح له بممارسة التقية والكذب وخداع الآخرين دون تأنيب ضمير، لكنه في لحظة انكشاف زيفه وكذبه يتحول للشخصية التي كان عليها في حياته السرية، كما أنّ الشهرة والمال والسيطرة على قطاعات من المسلمين والتحدث باسمهم رفع بعضهم لصدارة المشهد، مما أصاب بعضهم بالغرور وظن أنّ الأضواء لن تنزوي عنه وسيظل في بؤرة الاهتمام، وإذا ما انكشف الوهم سرعان ما يقع في أزمة نفسية حادة".

 

سامح عسكر: الإسلامويون يستخدمون الفنون من منطلق نفعي وانتهازي بحت

وأكد فاروق أنّ "الأزمة التي يمر بها رمضان الآن هي تجسيد عملي للأزمة التي يمر بها الإسلام السياسي؛ فكما انكشفت حقيقة رمضان المنفلت انكشف أيضاً خطاب الإسلام السياسي المزيف، وكما حاول رمضان تقديم نفسه وأفكاره عن طريق أغاني الراب، سيحاول الإسلام السياسي تقديم نفسه في مسار ثقافي جديد". ونبّه فاروق إلى أنّ "مصير كليهما الفشل التام، ولن ينجحا في إعادة طرح إنفسهما أو ترميم صورتهما المهشمة عند الجماهير".

اقرأ أيضاً: اعترافات طارق رمضان تصدم اتحاد مسلمي فرنسا

 ويتابع الباحث حديثه "لكن يبدو أنّ كل هذه الخطوات التي يقوم بها رمضان تأتي بنتائج عكسية، حيث فشل حتى الآن في إعادة ترميم صورته التي خدشتها قضايا الاعتداءات الجنسية، بل إن بعضها قد ووجه بالسخرية، حيث كانت المفارقة الساخرة واضحة بين التهم الموجهة له وأهداف مركزه الجديد المتخصص في قضايا النسوية".

أثار تحول رمضان الكثير من الأسئلة حول حقيقة دوافعه لإصداره هذا الألبوم

من جهته، يقلل الباحث في الفكر الإسلامي سامح عسكر من تأثير خطوة طارق رمضان الأخيرة، إذ يقول: "إنّ ما قام به طارق رمضان ليس تحولاً، بل هو أقرب إلى ردة الفعل النفسية عن طريق الإزاحة، فالتحول يكون، في الغالب، موقفاً عقلياً جداً يأتي بعد مراجعات وتقدير للموقف ثم اختيار الطريق المناسب، أما في هذا المشهد فهي حيلة نفسية لجأ إليها ليزيح عن كاهله تبعات انكشاف حقيقة حياته السرية، وهو هنا يريد أن يكون له حياة جديدة وواقع جديد يعشقه، وكان يكبته ويكتمه، مع ملاحظة أن تقديمه لنفسه كمغني راب قد يتخيله لا يتعارض مع ما انكشف من سقطاته الاخلاقية".

ويتابع عسكر حديثه لـ"حفريات": "إنّ الإسلامويين يستخدمون الفنون من منطلق براجماتي (نفعي وانتهازي) بحت؛ فهم يتعاملون معها حسب تعامل المجتمع مع الفنون، فنجدهم في المجتمعات التي لا تحب الفنون ستجدهم متشددين جداً ضدها، وفي المجتمع الذي يستخدم الفن في التعبير ستجدهم يستخدمونه باحترافيه، واختيار رمضان لموسيقى الراب خطوة في هذا السياق، حيث أنه يقدم خطابه للمجتمع الأوروبي، وهذا المجتمع لا يرى مشكلة في أن يقوم الداعية (الديني) بممارسة أي شكل من أشكال الفنون".

 

عمرو فاروق: الأزمة التي يمر بها رمضان الآن تجسيد عملي لأزمة الإسلام السياسي

ويشير عسكر إلى أنّ "سقوط مشروع رمضان الأخلاقي يعود لسلوكياته في الخفاء، والتي خسر بسببها الكثير من رأسماله الرمزي في فضيحة اتهامات الاغتصاب التي طالته، خاصة بعدما أقر بوجود علاقات تربطه بالضحايا، من المحتمل أن تدفعه لترميم صورته التي اهتزت حتى لدى أتباعه وأنصاره من الإسلامويين، فالمفارقة بين صورته الظاهرية التي يصدر بها نفسه للآخرين وسلوكياته على الواقع فيما يعرف بـ"Paradox" هي التي دفعت به أن يتبنى شخصيته الحقيقية التي كان يتمنى أن يكون عليها مع احتفاظه بملامح مشروعه الفكري؛ وهو الدفاع عن المظلومين والدعوة للتسامح في أغانيه فيما يعرف بعلم نفس السلام".

اقرأ أيضاً: هل كشف طارق رمضان الوجه الحقيقي للإخوان في أوروبا؟.. صحيفة فرنسية تجيب

ويذهب عسكر الى أنّ رمضان "ذكي جداً، وهو يعلم كيف يخاطب المجتمع الأوروبي جيداً، وهو يستهدف الجمهور الفرنسي تحديداً ولا يستهدف متابعيه من العرب، لذا لجأ لأغاني الراب بعد فشل عدد محاولات في طرح نفسه من جديد، فكتابه عن مالكوم إكس "من التفرد الأسود إلى الروحانية العالمية" لم يثر أي اهتمام وتم تجاهله في الأوساط العلمية، ثم السخرية التي لاحقته بعد إعلانه في 25 آب (أغسطس) الماضي عن افتتاح مركز أبحاث تعليمي (مركز الشفاء) متخصص في تدريس قضايا النسوية والأخلاق والقيم الإنسانية والدين وهو المتهم بالتحرش والمعترف بإقامة علاقات خارج إطار الزوجية"، مؤكداً أنّ "أي محاولة لتبييض وجهه ستفشل فالمجتمع الأوروبي لن يتقبله ليس لإقامته علاقات خارج إطار الزوجية، لكن لأنّه تعمد الكذب على المجتمع وعلى أنصاره".

يُذكر أنّ طارق رمضان عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أسسه ويرأسه القيادي الإخواني يوسف القرضاوي، إلى جانب عمله كبروفيسور في جامعة أكسفورد، يعمل أستاذاً زائراً لدى كل من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في قطر، وجامعة مونديابوليس في المغرب، وجامعة ماليزيا برليس في ماليزيا، وكذلك هو باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة دوشيشا في كيوتو في اليابان، وهو مستشار وخبير لدى عدة لجان في البرلمان الأوروبي. يشارك أيضاً في عدة غرف عمل عالمية لديها علاقة بالإلهيات والأخلاقيات، وبالحوار بين الأديان والثقافات، وعموماً في المواضيع الاجتماعية. كما يدير مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق ومقره الدوحة، كما انتدب أستاذ الدراسات الإسلامية السابق في المعهد الملكي ليوناردو دافنشي في أندرلخت البلجيكية، وهو عضو في الفريق الاستشاري لوزارة الخارجية البريطانية في حرية الدين والمعتقد.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية