المغرب: هل يفقد الإخوان صدارة الانتخابات التشريعية؟

المغرب: هل يفقد الإخوان صدارة الانتخابات التشريعية؟


11/08/2021

تراجعت حصيلة نتائج المرشحين الممثلين لحزب العدالة والتنمية، المنتمي إلى أيديولوجيا الإخوان المسلمين في المغرب، في الانتخابات العمالية، بعد إخفاق النقابة المقربة من الحزب في تخطّي العتبة الانتخابية التي تؤهّلها للحصول على تمثيل نقابي أمام الدولة، وتبعها تراجع نتائج مرشحي الحزب في انتخابات الغرف المهنية بشكل كبير عن الانتخابات السابقة لعام 2016.

ورغم الاختلاف بين الباحثين حول إمكانية توقّع نتائج الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية بناء على نتائج الانتخابات العمالية والمهنية، إلا أنّها تعدّ مؤشراً على إخفاق الحزب، وإذا ما جُمع ما سبق إلى جانب الخلافات التي يشهدها حزب العدالة والتنمية (البيجيدي) منذ عام على الأقل على خلفية عدد من القضايا السياسية والحزبية، فيمكن التوقع بأنّ الإخوان سيفقدون الصدارة البرلمانية، بالتالي، تشكيل الحكومة خلال الانتخابات المقبلة بعد شهر، ويعزّز ذلك تنامي الدعوات إلى التصويت العقابي ضدّ الإخوان بسبب إخفاق تجربتهم الطويلة في الحكم.

الانتخابات العمالية

وانطلق قطار الانتخابات في المغرب، في حزيران (يونيو) الماضي، بداية بمحطة انتخابات المأجورين (العمال)، ثم تبعتها انتخابات الغرف المهنية، في السادس من آب (أغسطس) الجاري، وصولاً إلى الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية، في الثامن من أيلول (سبتمبر) المقبل.

تراجعت نتائج العدالة والتنمية في الانتخابات العمالية والمهنية

ويتمخّض عن هذه الانتخابات تشكيل المجالس النقابية والمهنية والمجالس الجماعية والحكم المحلي، إلى جانب تشكيل البرلمان بغرفتيه؛ مجلس النواب، ومجلس المستشارين، وتكليف الأمين العام للحزب المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة، والتي كانت من نصيب حزب العدالة والتنمية الإخواني، منذ عام 2011، الذي شهد إجراء أول انتخابات عامّة بعد تعديل الدستور.

وفي انتخابات المأجورين (العمال) أخفقت نقابة الاتحاد الوطني للشغل المقربة من الإخوان في حيازة الصفة التمثيلية التي تخول النقابة لأن تكون طرفاً في الحوار الاجتماعي مع الحكومة، والحصول على دعم مالي من وزارة الشغل، بعد أن أخفقت في تجاوز نسبة 6%، على الأقل، من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاعين العمومي والخاص، بعد أن حققت نسبة 5.63%، في حين حصلت على 7.36% في انتخابات 2016.

من المرجح أن تتزايد نسبة التصويت العقابي ضدّ حزب العدالة والتنمية الإخواني، بسبب الإخفاق الكبير على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية

وبرر الأمين العام للنقابة المقربة من الإخوان، عبد الإله الحلوطي، سبب الإخفاق الانتخابي بقوله؛ "تراجعت لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية"، وذكر أنّ نقابته دفعت الثمن بسبب مواقفها بخصوص عدد من القضايا دون أن يشير إليها، مؤكداً أنّه يعتزّ بالشراكة مع حزب العدالة والتنمية مهما "يدفع من ثمن".

وتكشف تصريحات الحلوطي حدوث تصويت عقابي من المأجورين في القطاعين العامّ والخاص؛ بسبب التماهي مع الإجراءات الحكومية بخصوص إصلاح أنظمة التقاعد وغيرها من القضايا التي تمسّ العمال والموظفين، والتي تبيّن أنّ خطط حكومة الإخوان لم تلقَ قبولاً من طبقة الموظفين والعمال في المغرب، وهي طبقة كبيرة في البلاد، ومن المحتمل أن تتبع نهج التصويت العقابي مرة أخرى في الانتخابات التشريعية المقبلة.

انتخابات الغرف المهنية

وعُقدت انتخابات الغرف المهنية في السادس من الشهر الجاري، وشهدت تراجع مكاسب حزب العدالة والتنمية عن الانتخابات السابقة، وحصل الحزب على 49 مقعداً فقط من أصل 2300 مقعداً، وخسارة 147 مقعداً عن دورة 2016، التي حصل فيها على 196 مقعداً.

اقرأ أيضاً: هزيمة إخوان المغرب في انتخابات الغرف المهنية... هل اقتربت نهايتهم؟

وقال رئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصطفى الإبراهيمي، في تصريح لجريدة "هسبريس" الإلكترونية: نتائج الانتخابات المهنية لن تؤثر أبداً على الحزب ومعنوياته؛ إذ ما يزال الرّهان على تصدر نتائج الانتخابات التشريعية والجماعية المقررة الشهر المقبل.

وأضاف الإبراهيمي؛ خلال عام 2016، لم يتبوأ الحزب المرتبة الأولى في الانتخابات المهنية لكنّه تصدّر الانتخابات التشريعية، وحصل على المرتبة الأولى، وتمكّن من تسيير 80% من ميزانيات الجماعات الترابية.

ورغم صدق الإبراهيمي إلا أنّه لم يبرر سبب فقدان حزبه لعدد 147 مقعداً، في حين يرى المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، عمر الشرقاوي؛ أنّه بعد فقدان نقابة العدالة والتنمية التمثيل المركزي بعد الخسارة في الانتخابات العمالية، خرجت أصوات تبرّر الهزيمة بأنّها لن تؤثر على نتائج الانتخابات الجماعية والتشريعية، ويتكرر ذلك اليوم بعد الخسارة في انتخابات الغرف المهنية، استناداً للسبب ذاته.

أستاذ العلوم السياسية، عمر الشرقاوي، لـ "حفريات": أتوقع تراجع حزب العدالة والتنمية إلى المرتبة الثالثة في نتائج الانتخابات التشريعية والجماعية المقبلة

وأردف في تصريح لـ "حفريات": هذه الانتخابات تمّت باسم الأحزاب السياسية، لا النقابات أو غيرها، وسينتج عنها انتخاب 20 عضواً في الغرفة الثانية للبرلمان، مجلس المستشارين، وهو ما يجعلها محطة مهمة في المشهد البرلماني المقبل، وبقدر ما تعني الانتخابات العمالية والمهنية الناخبين المهنيين، التي تعدّ شريحة محددة بحكم اشتغالها في ميادين الفلاحة والتجارة والصناعة والخدمات والصناعة التقليدية والصيد البحري، فهي، مع ذلك، لن تخلو من مؤشرات قد تسعف في توقع وقراءة مجريات باقي مواعيد المسلسل الانتخابي لهذه السنة.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، عمر الشرقاوي

وأكّد الشرقاوي؛ أنّه من الصعب تصوّر قطيعة تامة بين المزاج الانتخابي الذي تحكّم في تصويت عشرات الآلاف من المهنيين على اللون الحزبي المعين والانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة التي يشارك فيها معظم المهنيين كمرشحين أو كتلة ناخبة.

وتوقع أستاذ العلوم السياسية أن يتراجع حزب العدالة والتنمية إلى المرتبة الثالثة في نتائج الانتخابات التشريعية والجماعية، المقررة في الثامن من الشهر المقبل، مستنداً إلى ما حدث في انتخابات 2016 حين زادت حصيلة البيجدي بواقع 130 مقعداً في الانتخابات المهنية، ثم انعكس هذا المزاج التصويتي على الانتخابات التشريعية، واليوم يحدث العكس.

التصويت العقابي

ومن المرجّح أن تتزايد نسبة التصويت العقابي ضدّ حزب العدالة والتنمية الإخواني، بسبب الإخفاق الكبير على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية الذي رافق وجودهم في السلطة.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: سقوط في تونس وتفاقم الأوضاع بالمغرب وصراعات داخلية في ليبيا

إلى جانب أنّ شعار مكافحة الفساد، الذي لطالما رفعه الحزب وكسب به أصوات الناخبين، بات اليوم عبئاً عليه، بعد أن أخفق في تحقيق أية مكافحة ملموسة للفساد، بل تورط، وفق مراقبين، في قضايا فساد كبيرة، وكان الحزب قد طلب من وزير الداخلية إرجاء الملاحقة القضائية بحقّ عدد من البرلمانيين المتورطين في قضايا فساد لحين إجراء الانتخابات، وهو ما لاقى استنكاراً شعبياً واسعاً.

وتشهد هذه الانتخابات التطبيق الأول للقاسم الانتخابي الجديد، بعد إقراره، والذي سيجعل تقسيم المقاعد البرلمانية بناءً على العدد الإجمالي للأصوات المسجلة في القوائم الانتخابية، وليس وفق عدد الأصوات الصحيحة، كما هو معمول به في معظم دول العالم.

وكانت قضية القاسم الانتخابي الجديد قد قوبلت برفض شديد من حزب العدالة والتنمية، كونه يحظى بقاعدة تصويتية ملتزمة بأيديولوجيا الحزب تمكّنه من تحقيق الصدارة الانتخابية، رغم ضعف المشاركة السياسية بشكل عام.

وفي انتخابات 2016، بلغت نسبة المشاركة حوالي 42.5%، وتصدر حزب العدالة والتنمية الإخواني نتائج الانتخابات، بحصوله على 125 مقعداً، وعدد أصوات بلغت 1.6 مليون صوت، من أصل 15.7 مليون ناخب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية