المرتزقة هم الأداة الفعالة لتنفيذ أجندة أردوغان في ليبيا

المرتزقة هم الأداة الفعالة لتنفيذ أجندة أردوغان في ليبيا


25/04/2020

تثير قضية الإعتماد على المرتزقة لتنفيذ أغراض سياسية وجيوسياسية علامات استفهم يوماً بعد يوم لاسيما مع إنتقال الظاهرة إلى ساحات مشتعلة في العالم العربي ومن أهمها ليبيا.

لا ترتبط ليبيا بحدود جغرافية وليس بينهما أراض مشتركة والمسافة بينهما تمتد إلى أكثر من ثلاثة آلاف من الكيلومترات.

ولكن وكما هو واضح فيما يتعلق بسلوكيات الإنتهازية السياسية فإن سقوط الأمم وانهيار الأنظمة كفيل بأن يسيل لعاب الغزاة والمستعمرين على الدوام.

لهذا لم تنس حكومة العدالة والتنمية وحزبها الأصولي المحافظ المنتمي للأيديولوجية الأخوانية، الماضي العثماني الإستعماري بل استحضرته بقوة ولهذا كان اندفاع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظامه وجهازه الأمني والمخابراتي اندفاعا جنونيا باتجاه ليبيا مستغلا انهيار البلاد وتمزّقها تحت وطأة الصراعات المشتعلة فيها منذ سقوط نظام القذافي في العام 2011.

ولغرض الوصول إلى الأهداف سريعاً وبأقل الخسائر كان لابد لأردوغان أن يتعلّم ممن سبقوه أصول الغزو وأدواته، وكان سلاح المرتزقة هو السلاح الأمثل للمضي في تحقيق الهدف، كانت هنالك على مرمى البصر تجربة المرتزقة الذين استخدمتم أميركا في أثناء غزو العراق وكان هنالك على الجهة الأخرى الخصم والصديق في آن واحد فلاديمير بوتين الذي يسير في مسار القوة العظمى في أن تكون له مرتزقته.

لكن الرئيس التركي يرى أنه هو أيضا قوة عظمى ولهذا لم يتقبل قط أن يكون له منافس على الأرض الليبية ولهذا بدأ بإطلاق الإتهامات على روسيا [انها هي راعية للمرتزقة.

من هنا بدأت رحلة أردوغان مع أواخر العام 2019 وبدايات هذا العام في مسابقة الزمن لإعداد فصائل مدربة من المرتزقة قبل أي حل إقليمي أو أممي للأزمة الليبية.

وكان أردوغان بحاجة إلى أرضية وغطاء يتيح له المرونة في الحركة ونقل فلول المرتزقة إلى الميدان وكان الحل هو اتفاقية مثيرة للجدل وغير معترف بها لا في ليبيا ولا في خارجها كان قد ابرمها مع رئيس حركة الوفاق فائز السراج في اواخر نوفمبر 2019.

ما بعد ذلك بدأ أردوغان وإجهزته في استقصاء الوضع على الأرض وكما قلنا كان الوجود الروسي المنافس مصدر قلق لأردوغان ومخابراته وعسكرييه.
ولهذا سارع بالشكوى لدى الرئيس الروسي فلايديمر بوتين من وجود المرتزقة الذين يقول أردوغان أنهم يأتمرون بأمر روسي وأنهم يعرقلون أهدافه التوسعية على الأرض الليبية.

الرئيس التركي عبر إثر ذلك عن اعتقاده بأن نظيره الروسي سيقدم على خطوات بخصوص مرتزقة فاغنر الروس في ليبيا.
قال ذلك في حديثه مع الصحفيين، أثناء عودته بالطائرة، من العاصمة الروسية موسكو في آخر زيارة لها، حيث أشار إلى بحثه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأوضاع في ليبيا، إلى جانب ملف إدلب الرئيسي.
ولفت إلى أنهم تلقوا أنباء إيجابية بخصوص مرتزقة فاغنر، دون الإفصاح عن تفاصيل، قائلاً: "أتمنى تطبيق هذه الأمور على الأرض، وفي حال طبقت سيكون عملنا وعمل (فائز) السراج يسيرا في ليبيا".

هذا ما كان يريده، العمل مع فائز بسلاسة.

وفيما كان أردوغان يشكو المرتزقة الروس كان يدرب ويضخ فلول المرازقة من جانبه.

يقول الكاتب الفرنسي تيري ميسان في موقع فولتير " إن أردوغان بدأ بإرسال عدة آلاف من المرتزقة من المعارضة السورية إلى ليبيا عشية تذمّره من المرتزقة الروس".

في يناير الماضي صُدِم الرئيس التركي بالتصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي نقلتها وكالة رويترز وكشف فيها عن وجود السفن التركية متجهة إلى ليبيا واتهم أنقرة بانتهاك سيادة ليبيا وتعريض أمن أوروبا وغرب أفريقيا للخطر.

وقال ماكرون "شاهدنا في الأيام الأخيرة وصول سفن حربية تركية برفقة مرتزقة سوريين إلى الأراضي الليبية. هذا انتهاك واضح وخطير لما تم الاتفاق عليه في برلين. إنه إخلاف للوعد".

في تلك الأثناء صدرت تصريحات من الجانب الليبي أكدت بشكل قاطع المعلومات التي كشف عنها الرئيس الفرنسي.

اذ أكد الناطق باسم الجيش الوطني الليبي  اللواء أحمد المسماري، أن عدد مرتزقة أردوغان في ليبيا بلغ حتى الآن 6000 عنصر، مبينا أن أردوغان يستهدف إرسال 18 ألف عنصر وذلك بحسب التصريحات التي نقلتها عنه وكالة الأنباء الألمانية.
وأوضح المسماري خلال مؤتمر صحفي إن رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج دفع مليون دولار لكل قائد فصيل كي يرسل عناصره السورية للقتال في ليبيا، مبينا أن عدد الفصائل يبلغ 10 فصائل.
وتابع أن كل مرتزق يتقاضى شهريا 2000 دولار ،مشيرا إلى أن شخصا يدعى عقيد غازي هو من يقود مرتزقة أردوغان في ليبيا.
وبين المسماري أن أردوغان أدخل 1700 عنصر إرهابي إلى منطقة حدودية مع تونس وتم نقل عناصر منهم إلى الجنوب الغربي لليبيا وظهر بعضهم في الجنوب الليبي.وتابع أنه جرى أيضا نقل 1500 إلى 2000 عنصر من جبهة النصرة لليبيا عبر مطار معيتيقة الخاضع لسلطة تركية.

تقدم الباحثة ليندسي سنيل في موقع "ذي انفستيغينك جورنال" قراءة معمّقة لظاهرة المترزقة الذي أرسلتهم تركيا فعلياً للقتال في ليبيا.

" مع قصف القوات السورية والروسية لإدلب وريف حلب، كان هنالك آلاف المقاتلين من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا  الذين من المفترض أنهم يدافعون عن هذه المناطق في سوريا، ولكن بدلاً من ذلك في ليبيا قرّرت تركيا إرسالهم إلى ليبيا. لقد تم فعلياً نقلهم جواً إلى طرابلس من قبل تركيا، للقتال إلى جانب الجماعات الإسلامية العديدة التي تقاتل ن الجيش الوطني الليبي المتقدم بقيادة الجنرال خليفة حفتر".

وتنقل الباحثة شهادات العديد من الجنود المرتزقة الذين جندتهم تركيا للقتال في ليبيا ومنهم  مرتزق يدعى حسن خالد، وهو من عفرين الذي قال إن القوات التركية تلجأ إلى الأكاذيب لإبقاء السوريين الذين يقاتلون في ليبيا في حالة من الهدوء والتحمس. بالطبع لا يوجد جنود روس هناك. إذا أخبرهم الأتراك بوجود قوات روسية في ليبيا، وكانت وسيلة الإقناع التركية أنهم سوف يحاربون نفس العدو الذي يدمر مدنهم في سوريا. لكن بالطبع هذه كذبة وليبيا ليست سوريا. لكن عموم المرتزقة يؤمنون بما تخبرهم به تركيا ".

شهادة شخص آخر يدعى سليمان محمد الذي قال إنه لم يشهد الكثير من القتال ، لكنه قال انه يتوقع أن يبدأ هجوم كبير قريبًا. وقال "بمساعدة القوات التركية ومعداتها سنهزم الروس." وعندما سئل عن الجنرال حفتر والجيش الوطني الليبي أجاب محمد دون تردد، "حفتر يكره السنة"، هذا ما أوهمته به المخابرات التركية. لكنه عندما علم أن حفتر ، مثل الغالبية العظمى من الليبيين، هو سني ، قال: "أعني ، يكره السنة. إنه سني بالاسم فقط ".

واصلت تركيا إرسال المرتزقة السوريين إلى طرابلس عن طريق رحلات للمرتزقة الذين احتجزوا لفترة وجيزة في نقاط عسكرية بالقرب من غازي عنتاب أو في أنقرة. ثم تم إرسالهم إلى اسطنبول عبر طائرة عسكرية تركية إلى طرابلس.

تقول الباحثة، "أن تركيا تقدّم للمرتزقة العديد من المغريات ومنها الراتب الشهري الذي يبلغ 2000 دولار أو أكثر، وميزة تفضيلية مغرية إضافية ، وهي منح الجنسية التركية لأي مرتزق يستمر في القتال في ليبيا لمدة ستة أشهر فأكثر".

ولكن الباحثة تستدرك، أنه على الرغم من ذلك فإن لدى تركيا مشاكل في تجنيد العديد من المرتزقة السوريين ولهذا لم تجد إلا أسلوب التخويف ومصير الموت لمن لا يلتحقون بصفوف المرتزقة.

وتنقل الباحثة عن عيسى عباس ، القوات التركية أبلغت مقاتلين في أحد الفصائل وهو اللواء التاسع المتمركز في نقاط في أنحاء ريف حلب الجنوبي بأنهم سيتركون بمفردهم، ليواجهوا مصيرهم من دون دعم تركي ، لصد الهجمات الوشيكة للحكومة السورية والقوات الجوية الروسية على المنطقة. ثم ما لبث الضباط الأتراك أن هددوا بالتوقف عن دفع أي رواتب.

ربما يكشف ما أوردناه فصولا مأساوية للطريقة التي تدير بها تركيا الصراع على الأرض الليبية وقبلها على الأرض السورية وتشبثها بأساليب الإغواء والإغراء والتخويف وفرض الأمر الواقع على آلاف المغرّر بهم الذين كانوا بالأمس يقاتلون النظام السوري بأوامر تركية وإذا بهم يقاتلون على الأرض الليبية ليجدوا أنفسهم مجرد بيادق يتحكم بها ضباط المخابرات الأتراك لتحقيق أحلام أردوغان وأطماعه التوسعية على الأرض الليبية.

عن "أحوال" التركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية