الكاظمي.. رقم صعب لا بديل عنه

الكاظمي.. رقم صعب لا بديل عنه


12/05/2020

الآمال تبدو كبيرة في هذه المرحلة بأن يكسب الكاظمي ثقة الرأي العام وخاصة القوى الحية فيه التي تنشد التغيير.

نجح رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي في ما أخفق فيه مكلفان سابقان هما عدنان الزرفي ومحمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة، ووضع حداً لحكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبدالمهدي، التي أمضت خمسة أشهر بصفتها هذه بعد أن اضطرت للاستقالة على وقع الاحتجاجات الشعبية. وقبل نحو عشرين يوماً كانت بعض الكتل الحزبية المتنفذة ترفض ترؤس الكاظمي للحكومة وتأخذ عليه ما تعتبرها ميولاً غربية لديه، إلا أنه ثبت خلال مسيرة الشهور القليلة الماضية أن هذه الكتل باتت عاجزة عن فرض رئيس حكومة يمثلها، وهذا هو المتغير الأبرز في مسار تشكيل الحكومات العراقية. كما بدت عاجزة حتى عن الاتفاق فيما بينها على اختيار رئيس حكومة يلقى القبول لدى مكوناتها المختلفة. وأمام ذلك وكي لا تنشأ مشكلات دستورية، وكي لا يستمر الفراغ السياسي طويلا، وحتى لا تشتد حدة الاحتجاجات في الشارع، فقد جرى التوافق على اختيار الكاظمي لهذا المنصب، بعد رحلة صعود سريعة لهذا الرجل الذي انتقل من مجال البحث والعمل الإعلامي حتى عام 2016 إلى ترؤس جهاز المخابرات في بلده. وقد ساعده هذا المنصب الحساس في إقامة شبكة علاقات واسعة مع دول عربية وإقليمية ودولية وأكسبه خبرة سياسية خلال وقت قصير قياسي.

وقد جاءت الموافقة على حكومة الكاظمي، مقرونة برفض منح الثقة لأربعة وزراء مرشحين هم: هشام صالح داوود لوزارة الثقافة، وعبد الرحمن مصطفى لوزارة العدل، وإسماعيل عبد الرضا لوزارة الزراعة، وثناء حكمت ناصر لوزارة الهجرة والمهجرين. فيما ما زال كل من منصبي وزير الخارجية ووزير النفط شاغرين. وقد لوحظ أنه اختار شخصيتين لهما سجل عسكري حافل في القوات المسلحة أحدهما عثمان الغانمي لوزارة الداخلية، والثاني جمعة عناد لوزارة الدفاع، في إشارة إلى الثقة الكبيرة الممنوحة للمؤسسة العسكرية الوطنية والرهان عليها.

وعدا الصعوبات المتوقعة في التعامل مع البرلمان، فإن الكاظمي سيواجه مشكلات تدني أسعار النفط وأثر ذلك في الميزانية العامة وعلى تقديم الخدمات الأساسية. ورغم علاقات الكاظمي الجيدة بالأكراد في شمالي العراق، إلا أنه سيواجه احتجاجات الأكراد على عدم شمول المحافظات الكردية الثلاث بتقديمات الميزانية وذلك وفقا للدستور، وهو ما قد ينعكس على علاقته رئيساً للحكومة برئيس الدولة الكردي برهم صالح.

علاوة على ذلك فسوف يواجه الكاظمي تحديات تجدد أنشطة «داعش» الإرهابية، في مناطق ريفية ذات تضاريس وعرة بشمالي البلاد. هذا رغم الانخفاض الملموس في حجم هذا التنظيم ورقعة وجوده.

هذه التحديات مجتمعة تأتي في ظل تفشي جائحة كورونا، مع ما تحتاجه عمليات الوقاية والمكافحة من ميزانيات ونظام طبي قادر على التعامل مع الوباء.

كما تبرز هذه التحديات وسط تجدد الاحتجاجات الشعبية مع تعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ومع رفض القوى الشبابية لما تعتبره صيغ المحاصصة الطائفية والمناطقية في تشكيل الحكومات.

وإذ يوصف الكاظمي بعلاقاته الطيبة مع الجميع وبأنه لا أعداء له، وأنه مفاوض بارع، وبراجماتي ماهر، وبالنظر إلى غياب البدائل في هذه المرحلة، ولكونه من الفاعلين السياسيين الجدد نسبيا، فإن الآمال تبدو كبيرة في هذه المرحلة بأن يكسب ثقة الرأي العام وخاصة القوى الحية فيه التي تنشد التغيير، وأن ينقل البلاد حتى وهو يسير في حقل مزروع بالألغام إلى مرحلة التعافي، وإعادة بناء ما تم هدمه وهدره طوال عقد ونصف العقد من سنوات عجاف.

المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية