الفقر يعصف بالإيرانيين... ظواهر جديدة تنتشر في إيران

الفقر يعصف بالإيرانيين... ظواهر جديدة تنتشر في إيران

الفقر يعصف بالإيرانيين... ظواهر جديدة تنتشر في إيران


12/12/2022

لدى ملايين الإيرانيين العديد من الأسباب التي دفعتهم للخروج إلى الشوارع ضد قادة البلاد، من أهمها وسائل القمع التي يتعامل بها النظام مع شعبه، بالإضافة إلى فساد الطبقة الحاكمة، وتردي الوضع الاقتصادي، وارتفاع نسب البطالة والفقر.

ووفق تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فإنّ "الحالة المؤسفة للاقتصاد الإيراني كانت واحدة من الأسباب الرئيسية التي دفعت الإيرانيين للنزول إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير، وإنّ "اليأس الاقتصادي هو أحد العوامل التي وحدت معارضي الحكومة وأنصارها".

فالكثير من أبناء الطبقة العاملة يقعون تحت خط الفقر، والإيجارات ارتفعت عدة مرات، والعلامات التجارية الأجنبية تتلاشى من المتاجر، أو أصبحت باهظة الثمن، والريال خسر الكثير من قيمته، حتى بات الإيراني يبحث عن وسائل لسدّ رمق جوعه، كمقايضة المواد الغذائية بالأثاث المنزلي والمقتنيات الشخصية، التي انتشرت مؤخراً في إيران.

وأكدت صحيفة "شرق" الإيرانية في تقرير لها نشرته أمس أنّ هناك إعلانات كثيرة حول مقايضة الأحذية بالأرز والزيت في أصفهان وسط إيران، ومقايضة القميص مع أيّ مادة غذائية في أرومية شمال غربي إيران، ومقايضة الكتب الدراسية للأبناء بلحوم الدجاج، والأحذية الشتوية بالبقوليات في طهران.  

الحالة المؤسفة للاقتصاد الإيراني كانت واحدة من الأسباب الرئيسية التي دفعت الإيرانيين للنزول إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير

من جهته، أعلن مركز الإحصاء في إيران أنّ تضخم أسعار المواد الغذائية تجاوز معدل التضخم العام. وتظهر الإحصاءات التي نشرها هذا المركز أنّ معدل التضخم النقطي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في مجموعة الأغذية والمشروبات، بلغ نحو 68%، بينما وصل التضخم السنوي إلى 61.3%.

وتظهر أحدث دراسات وزارة العمل الإيرانية، حسبما أوردت وكالة إرنا، أنّ استهلاك السعرات الحرارية للإيرانيين أخذ وتيرة منخفضة بين عامي 2011 إلى 2019،  وانخفض متوسط كمية السعرات الحرارية التي يستهلكها الإيرانيون إلى أقل من الحد الأدنى المطلوب، أي (2100) كيلوغرام من السعرات الحرارية في العام.

العديد من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال يشترون العملة الصعبة لإخراجها من البلاد، تحسباً لانهيار النظام

وبحسب الإحصاءات، فقد انخفض نصيب الفرد من السعرات الحرارية التي يستهلكها الإيرانيون من (2320) كيلوغراماً في عام 2011، إلى (1950) كيلوغراماً من السعرات الحرارية في عام 2019.

ومن جهة أخرى، أظهرت آخر إحصاءات رسمية نشرها البنك الدولي أنّ إيران تتمتع بأحد أدنى مستويات الأمن الغذائي لمواطنيها في العالم، فقد بلغ معدل التضخم السنوي 81% في المواد الغذائية.

وقال البنك الدولي في تقريره قبل شهرين تقريباً: إنّ إيران كانت ثالث دولة تسجل أعلى معدل لتضخم أسعار المواد الغذائية خلال أول (8) أشهر من هذا العام، وإنّ التضخم وصل إلى 84% خلال هذه الفترة، وإنّ إيران احتلت المرتبة الثالثة عالمياً من حيث أعلى معدل تضخم حقيقي للمواد الغذائية.

ظاهرة مقايضة المواد الغذائية بالأثاث المنزلي والمقتنيات الشخصية انتشرت مؤخراً بشكل واسع في إيران

وفي سياق متصل، تبيّن أنّ نسبة الفقراء في البلاد تضاعفت (3) مرات منذ عام 1979، أي أيام الثورة ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي.

ونشرت صحيفة  "جهان صنعت" الإيرانية منتصف آب (أغسطس) الماضي تقريراً كشف أنّ حوالي 20% من الإيرانيين كانوا في عام 1979 تحت خط الفقر، ولكن في عام 1988 وصل هذا الرقم من الفقراء إلى حوالي 40%، وفي عام 2021 وصل عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى حوالي 52%.

 إيران كانت ثالث دولة تسجل أعلى معدل لتضخم أسعار المواد الغذائية خلال أول (8) أشهر من هذا العام

وتحت عنوان "خطأ نصف قرن"، أوضحت الدراسة أنّ حوالي 60% من أفراد المجتمع باتوا تحت خط الفقر خلال العام الجاري، ومعظمهم يعيشون في فقر مدقع.

وفي الإطار ذاته، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً قالت فيه: إنّ الطبقة المتوسطة في إيران آخذة بالتقلص لأول مرة منذ عقود، نتيجة للعقوبات الأمريكية، والفساد، وسوء إدارة الاقتصاد.

بسبب الفقر انخفض نصيب الفرد من السعرات الحرارية من (2320) كيلوغراماً في عام 2011 إلى (1950) كيلوغراماً من السعرات الحرارية في عام 2019

وقالت: إنّ الاحتجاجات التي شلت إيران لـ (3) أسابيع بدأت بسبب حجاب، ولكنّها حركة واسعة تغذيها الطبقة المتوسطة الغاضبة من انهيار الاقتصاد.

واعترف النظام بهذه الأزمة، فقد أكد العديد من المسؤولين مراراً ارتفاع عدد الفقراء في بلد يُعدّ من أغنى بلدان الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، قال عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام أحمد توكلي: إنّ 60% من سكان إيران يعيشون تحت خط "الفقر الافتراضي".

وأوضح توكلي، وهو عضو سابق في البرلمان الإيراني، في اجتماع لـ "جمعية الطلاب الإسلامية"، أنّ "الجوع والفقر في إيران أصبحا مهيمنين"، وفق ما نقلت "إيران إنترناشيونال".

وأردف يقول: "عندما قرر البرلمان منح الدعم للفقراء، فقد أعلن أنّه سيتم منح الدعم إلى (60) مليون شخص، أي حوالي 73% من سكان البلاد، ممّا يعني أنّنا نعترف بأنّ 73% من الشعب الإيراني لهم الحق بتلقي المساعدات".

20% من الإيرانيين كانوا في عام 1979 تحت خط الفقر، وفي 1988 وصل إلى 40%، وفي عام 2021 وصل إلى  52%، وفي العام الجاري 60%

وفي سياق متصل بالأزمة الاقتصادية في إيران، فقد شهدت العملة انهياراً جديداً أمس، ووصل سعر الدولار إلى (370) ألفاً و(200) ريال إيراني في السوق غير الرسمية، محققاً انخفاضاً كبيراً عن اليوم الذي قبله.

وكان الريال قد فقد 13.8% من قيمته منذ اندلاع الاحتجاجات على مستوى البلاد، بعد مصرع الإيرانية الكردية "مهسا أميني" في  أيلول (سبتمبر) الماضي في مركز حجز لدى الشرطة.

الأموال المهربة وصلت المليارات

ولجأ العديد من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال إلى تحويل أموالهم بالعملة الصعبة  لإخراجها من البلاد، تحسباً لانهيار النظام، واضطرارهم للهرب، حسب موقع  "الجريدة الإيراني". 

وقال أحد الصرافين: إنّ هناك وسطاء لأقطاب النظام يشترون أيّ عملة صعبة متوافرة بالأسواق ويدفعون عمولات تصل إلى نحو 20% من قيمة المبالغ للصرافين، لتسهيل تحويل تلك الأموال إلى حسابات خارج البلاد.

ونوّه في حديثه أنّ الأموال المهربة وصلت المليارات، قائلاً: "نحن لا نتكلم عن ملايين الدولارات، بل عن المليارات".

النظام الإيراني يعترف ضمنياً بأنّ 73% من الشعب الإيراني تحت خط الفقر، ولهم الحق بتلقي المساعدات

ولفت الصراف إلى أنّ معظم تلك الأموال تذهب حالياً إلى بلدان تعتبر معادية بشدة للجمهورية الإسلامية، وتحتضن معارضة كبيرة ضد نظامها، مثل كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وألمانيا وفرنسا والبلدان الإسكندنافية، خصوصاً السويد.

وأبدى دهشته من عدم تحويل النافذين وذوي السلطة أموالهم إلى بعض البلدان المجاورة أو المتحالفة -بشكل أو بآخر- مثل سوريا أو حتى العراق أو لبنان، حسب قوله.

وذكر مصدر مطلع، حسب "الجريدة"، أنّ عدداً من الشخصيات السياسية الإيرانية استطاعوا خلال الأعوام الماضية الحصول على جنسيات مزدوجة لهم أو لأفراد أسرهم، لغرض فتح حسابات بنكية في الدول الغربية.

وقال: إنّ بعض السفارات الغربية تعاونت في نقل تلك الأموال، إمّا عن طريق حسابات بنكية، وإمّا عبر نقلها بوساطة حقائب دبلوماسية لا تخضع للتفتيش، من أجل تبييضها وتمويه مصدرها.

يُذكر أنّ إيران تعيش أسوأ أيامها، من حيث الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وتشهد ثورة يشارك فيها الملايين في كافة محافظات البلاد وأقاليمها، ويعتقد الكثير من المراقبين أنّها ستكتب نهاية نظام الولي الفقيه خلال الفترة المقبلة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية