الغنوشي يحرّض على العنف: هل نرى زعيم "النهضة" وراء القضبان؟

الغنوشي يحرّض على العنف: هل نرى زعيم "النهضة" وراء القضبان؟


31/07/2021

تتعدد السيناريوهات المستقبلية القريبة بخصوص تصريحات رئيس البرلمان التونسي (المجمّد) راشد الغنوشي، بخصوص التحريض على العنف، كما فهم مراقبون مثيرون من تصريحاته الأخيرة التي أدلى بها إلى صحيفة إيطالية، والتي قد تقوده للمحاكمة أمام القضاء.

الغنوشي الذي التزمت حركته "النهضة" الإخوانية الصمت، منذ الأحد الماضي، حيث أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد قراراته التاريخية، عاد إلى لعبته المفضلة وهي التهديد والتحريض على العنف.

وقال الغنوشي في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية: "لا يمكننا ضمان ما سيحدث في تونس"، لافتاً إلى أنّ الحركة سترفض تعيين أي رئيس وزراء لتونس من دون موافقتنا".

وهدّد الغنوشي إيطاليا وأوروبا قائلاً: 500 ألف تونسي سيتدفقون نحوكم في وقت قصير.

وفي وقت سابق، اعترف زعيم حركة "النهضة" بارتكاب أخطاء خلال الأعوام الماضية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، مؤكّداً أنّ حزبه يتحمل جزءاً من المسؤولية.

اقرأ أيضاً: هل دقّت ثروة الغنوشي المسمار الأخير في نعش حركة النهضة؟

وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار مع رئيس الجمهورية ومساعديه بعد القرارات الأخيرة.

إلى جانب ذلك، ادعى الغنوشي استعداده لتقديم أي تنازلات، إذا كانت هناك عودة إلى الديمقراطية، داعياً إلى "إجراء حوار وطني في البلاد".

الغنوشي يقترف خطأ فادحاً

زعيم حركة "النهضة" اقترف بهذه التصريحات خطأً إستراتيجياً فادحاً، ستكون له تبعاته في الأيام المقبلة، لا سيما أنه يهدد بصريح العبارة: في حال عدم عودة البرلمان وتكوين حكومة يتمّ التوافق عليها، فإنّه سيدعو مناصريه للتحرك والنزول إلى الشوارع وتعطيل الحياة بزعم الدفاع عن الديمقراطية، مشدّداً على أنّه "لا شرعية لحكومة لا تمرّ بالبرلمان".

إذا لم تكن تصريحات راشد الغنوشي دعوة صريحة إلى العنف واللجوء إلى الطرق الإرهابية وحمل السلاح في وجه الدول التونسية، فماذا تكون؟

وتأتي تهديدات الغنوشي، كما لاحظت صحيفة "اليوم السابع" بالتزامن مع رفع الغطاء عن اغتيالات قام بها الجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية وأشهر تلك الجرائم، اغتيال بلعيد والبراهمي، حيث دعت هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين اغتيلا على يد إخوان تونس، الرئيس التونسي قيس سعيّد، إلى فتح تحقيقات ضد كل من الجهاز السري لحركة النهضة المتورط في الاغتيالات السياسية، ورئيسها راشد الغنوشي وأمواله المشبوهة، بعدما أصبح مسؤولاً عن النيابة العمومية.

وهناك من يضيف سبباً آخر جعل الغنوشي يلجأ إلى التهديد بالعنف وتصدير الإرهاب إلى إيطاليا وأوروبا، وهو ما حملته الأيام السابقة من أنباء عن شبهات تمويل أجنبي خلال الانتخابات الأخيرة، حيث أعلن مصدر قضائي في تونس، أمس الجمعة، عن إيقاف أربعة أشخاص ينتمون إلى حزب حركة النهضة من بينهم عضو في مجلس الشورى أعلى هيئة في الحزب، بسبب محاولة القيام بأعمال عنف أمام مقر البرلمان.

فتح تحقيق ضد حرّاس شخصيين للغنوشي

وقالت أوساط سياسية تونسية إنّ فتح تحقيق ضد قيادي في الشورى وحرّاس شخصيين لراشد الغنوشي يظهر أنّ القضاء بات يسير على نفس المستوى مع التغييرات التي قادها الرئيس قيس سعيّد بشأن تجميد البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يثق التونسيون براشد الغنوشي؟

وأشارت إلى أنّ القضاء، الذي خضع لضغوط كثيرة في السنوات الأخيرة، أراد أن يثبت أنه قادر على النهوض بمسؤولياته ضد أي جهة مهما كان وزنها طالما وجد مناخاً سياسياً داعماً لاستقلاليته. وهو أمر متوفر الآن في ظل تصريحات قيس سعيّد التي تحث على مقاومة الفساد بقوة، وفي ظل الدعم الشعبي القوي لأي إجراء ضد الأحزاب والكتل السياسية التي كان لها دور في الأزمة الحادة التي تعيشها البلاد.

ويعتقد مراقبون أنّ فتح ملف الاحتجاج أمام البرلمان ومحاولة اقتحامه من قبل أنصار النهضة فيه رسالة قوية للغنوشي الذي كان حاضراً أثناء الاعتصام ولوّح بتوظيف الشارع لاستعادة "الشرعية"، لافتين، كما قالت صحيفة "العرب"، إلى أنّ القضاء يضع نفسه في مستوى التغييرات التي تجري في البلاد، وهو ما يعني أنّ المرحلة القادمة ستعامل الجميع على قدم المساواة سواء أكانوا سياسيين من الدرجة الأولى أم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم هجوم منسق على القرارات الأخيرة للرئيس سعيّد واستهداف داعميه بحملات تحريض.

ومن شأن تصريحات، بل تحريضات الغنوشي الأخيرة أن تقوده إلى المحاكمة، فهو فاقد الآن للحصانة البرلمانية، ومن حق القضاء التونسي محاسبته عن هذه التصريحات الخطيرة التي تعد في قاموس الإخوان ومحازبيهم وأنصارهم دعوة إلى العنف المسلح الذي لا يكتفي بإشعال تونس، وإنما بإغراق أوروبا بالمهاجرين، وفي وقت قصير. وحدد الغنوشي نصف مليون مهاجر، كأنّ في عقله مخططاً واضحاً وجد منبراً من أجل الإفصاح عنه.

ولا يستبعد مراقبون أن تكون "النهضة" والميليشيات الإرهابية التابعة لها قد أعدت العدة من أجل ما تنفيذ ما زعمه الغنوشي: "لا يمكننا ضمان ما سيحدث في تونس"، مضيفاً "لا شرعية لحكومة لا تمرّ بالبرلمان".

هل نرى الغنوشي وراء القضبان؟

فإذا لم تكن هذه دعوة صريحة إلى العنف واللجوء إلى الطرق الإرهابية وحمل السلاح في وجه الدول التونسية، فماذا تكون؟

القضاء التونسي، وهذا السيناريو القريب المحتمل، عليه أن يواجه هذا التهديد وفق أحكام القانون، فلا أحد يمكنه أن يبقى طليقاً وهو يصبّ الزيت في النار، ويؤجج التحريض ضد أوروبا وكأنه قائد عسكري منشق يقود أتباعه (القابضين على الزناد والمنتظرين لحظة الصفر) إلى المواجهة متعددة المحاور.

عبد الباري عطوان: هل سيفقد الإسلام السياسي آخر قلاعه. هل ينفذ الشيخ الغنوشي تهديداته ويدفع بأنصاره الى الشارع لحماية الديمقراطية وكسر أغلال البرلمان؟

الغنوشي ليس صبياً غرّاً في السياسة، وفهو سياسي محنك وحزبي له باع طويل في العمل النقابي. وهو أيضا زعيم له أتباعه. ولهذا فإنّ تصريحاته الأخيرة تبعث رسائل واضحة إلى الحكم في تونس، وإذا لم يكن هناك رد رادع وحاسم وسريع، فإنّ الأوضاع سوف تتدحرج إلى ما لا يحمد عقباه.

المعلق السياسي، الصحفي عبد الباري عطوان، رئيس تحرير موقع "رأي اليوم" وصف ما جرى في تونس الأحد الماضي، بأنه حركة تصحيحية ستبدأ بتفعيل المادة 163 التي ستفضح التمويلات الخارجية للأحزاب والنواب.

وتساءل عطوان عبر قنانه على "اليوتيوب" أمس، لماذا انحاز الجيش التونسي هذه المرة للرئيس سعيّد؟ وهل سيفقد الإسلام السياسي آخر قلاعه؟

كما تساءل أيضاً: هل ينفذ الشيخ الغنوشي تهديداته ويدفع بأنصاره الى الشارع لحماية الديمقراطية وكسر أغلال البرلمان؟ معتبراً أنّ تصريحات الغنوشي خطيرة جداً وتهدد السلم المدني في تونس، مشدداً على أنّ الإخوان وحركة الإسلام السياسي التي حكمت في دول عربية أخفقت، وأنّ الناس في مصر وتونس "كفرت" بهذا المشروع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية