العالم في 2021.. آفاق وتحديات

العالم في 2021.. آفاق وتحديات


31/12/2020

يوسف الحداد

لا شك في أن 2020 كان العام الأصعب الذي يواجه البشرية منذ عقود، ففيه عانى العالم من أسوأ أزمة صحية على الإطلاق، وهي جائحة وباء كورونا، التي أحدثت تحولات جوهرية في كافة المجالات، وأظهرت بشكل واضح غياب إرادة التعاون الدولي في مواجهة الأزمات والتحديات.
وفي الوقت الذي سادت فيه حالة من التفاؤل بقرب انتهاء هذه الجائحة، مع توصل العديد من شركات الأدوية للقاحات فاعلة ضد هذا الفيروس، وانطلاق حملات التطعيم بهذه اللقاحات في العديد من دول العالم، إلا أن ظهور سلالات جديدة من فيروس كورونا أكثر عدوى وانتشاراً خلال الأيام الماضية أثار حالة من القلق والخوف حول العالم، ما اضطر معه العديد من الدول إلى العودة إلى سياسات الإغلاق الكامل والجزئي لمواجهة الموجة الجديدة من كورونا، ما يعني معه استمرار هذه الجائحة والتحديات المرتبطة بها في العام 2021.
لقد ألقت جائحة كوفيد- 19 بظلالها على طبيعة التحديات والمخاطر التي واجهت العالم خلال 2020، والتي تمحورت حول الصراع بين القوى الكبرى، وخاصة من جانب روسيا والصين، على إعادة تشكيل النظام الدولي، ليعكس مكانتهما ونفوذهما في عالم ما بعد كورونا، واستمرار الحرب التجارية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين، وتصاعد مخاطر الهجمات السيبرانية التي تستهدف البنية الأساسية والمعلوماتية للدول.
كما شكلت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة الناجمة عن تداعيات كوونا، وخاصة في مناطق الأزمات والصراعات، فرصة للتنظيمات المتطرفة والإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها واستئناف أنشطتها الإرهابية، مستغلة في ذلك تركيز الحكومات في هذه المناطق على مواجهة كورونا.

وهذه التحديات والمخاطر من المرجح أن تستمر في العام 2021، فوباء كورونا، وكما هو واضح من تطورات الأيام الماضية، بات ينتشر بمعدلات متسارعة في العديد من دول العالم في ظل سلالاته الجديدة الأكثر تحوراً وتعقيداً، فرغم وجود العديد من اللقاحات الفاعلة وبدء عمليات التطعيم في العديد من دول العالم، فإنه سيكون من الصعب توفيرها لجميع شعوب العالم خلال العام 2021، ما يعني معه استمرار هذه الجائحة، وتداعياتها السلبية على الصعد كافة، فاقتصادياً تشير العديد من التوقعات الصادرة عن مؤسسات أممية ودولية إلى أن الكثير من دول العالم ستواجه العديد من الأزمات خلال العام 2021، خاصة مع تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي، واحتمالات تفاقم بعض المشكلات المرتبطة بالجائحة كأزمة الأمن الغذائي العالمي، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في العديد من دول العالم.
وفي ظل هذه الأوضاع، ربما تظل حالة الجمود في العديد من الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية في العام 2021، لانشغال المجتمع الدولي بمواجهة الجائحة من ناحية، واستمرار حالة الغموض بشأن كيفية التعامل مع هذه الأزمات من ناحية ثانية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد حالة من السيولة والضبابية نتيجة السياسات العدائية والممارسات غير المسؤولة من جانب بعض القوى الإقليمية التي تواصل التمدد والتدخل في شؤون العديد من دول المنطقة وانتهاك سيادتها وزعزعة أمنها واستقرارها. هذا في الوقت الذي تشير فيه التوقعات أيضاً إلى أن الحروب التجارية والاقتصادية والهجمات السيبرانية ستكون محور الصراعات بين القوى الكبرى في العام 2021.

ورغم أن معظم السيناريوهات المستقبلية تشير إلى أن 2021 لن يختلف كثيراً عن العام 2020، سواء من حيث المخاطر والتحديات، إلا أن هناك بعض التوقعات التي تتنبأ بأن العام الجديد قد يحمل معه بعض الفرص الإيجابية، خاصة مع تولي الرئيس المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة في يناير 2021، حيث تتضمن هذه الفرص العودة إلى نهج التعددية في إدارة الأزمات والصراعات الدولية، وتفعيل دور المنظمات الأممية والدولية، وتخفيف حدة التوتر بين الولايات المتحدة وكل من روسيا والصين، وعودة الولايات المتحدة إلى قيادة الشراكة الموسعة عبر المحيط الهادئ، والتعاون الدولي في إنتاج لقاحات مشتركة ضد فيروس كورونا، وهي كلها توقعات إيجابية للعام 2021، ليس فقط لأنها تشير إلى احتمالات عودة التعاون بين الولايات المتحدة والقوى الدولية الأخرى في مواجهة الأزمات، وإنما أيضاً لأنها تعني أن العالم ربما استفاد من أخطاء إدارته لأزمة جائحة كورونا في العام 2020، وبات أكثر قناعة بأن التعاون الدولي هو المدخل الأمثل لمواجهة هذه النوعية من الأزمات والتحديات العابرة للحدود من ناحية ثانية، لأنه مهما كانت قدرة أي دولة، فإنها تظل عاجزة بمفردها عن التعامل مع هذه النوعية من التحديات التي تتسم بالتعقيد والتشابك وارتفاع درجة المخاطر.
مع نهاية عام 2020 تتزايد الآمال أن يسود الأمن والسلام والاستقرار أرجاء العالم في العام الجديد 2021، وأن تختفي فيه الصراعات والحروب بين الدول، وتعلو مشاعر الأخوة الإنسانية التي تضمن لجميع شعوب العالم التعايش المشترك بعيداً عن نزعات التعصب والتطرف والكراهية والأنانية، والتي تعد من أخطر الفيروسات التي لا تقل في تأثيراتها عن فيروس كورونا.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية