الراحل عزت العلايلي.. حكاية مواطن مصري عشق الأرض بالاختيار

الراحل عزت العلايلي.. حكاية مواطن مصري عشق الأرض بالاختيار


06/02/2021

لم يكن لعزت العلايلي، الذي رحل الجمعة، أن يعشق أدوار "الخواجات"، فهو مصري أسمر معجون بطمي النيل وعشق الدلتا، لذلك اختار، كما قال، أن يقدم آلام البسطاء وآلامهم عبر عديد من أعماله السينمائية التي قربته من قلوب الناس، فأحبوه في "الأرض" و"المواطن مصري" و"السقا مات" وغيرها من كلاسيكيات السينما المصرية.

ولد الفنان الراحل في 15  من سبتمبر 1934، بحي باب الشعرية، أحد أحياء القاهرة القديمة، حيث الطفل المدلل بين ثلاث شقيقات، قبل أن يجتاز منعطقات كثيرة قادته في النهاية إلى اختيار حرفة الفن.

"بركة الفيل".. وحب الفقراء

وأبان الحرب العالمية الثانية سكن العلايلي مع عائلته في منطقة "بركة الفيل" التي كانت تفصل حي السيدة زينب الشعبي عن أرستقراطية حي "الحلمية الجديدة"،  ما جعله يدرك بعمق معنى الفوارق الطبقية ونظرة الأغنياء إلى الفقراء، وتأثيرات التفاوت المادي على العلاقات بين الناس.

وفي مدرسة الحي "قذلار" الابتدائية، حيث تميز بقدرته على حفظ الأناشيد والأغاني أكثر من حبه للدراسة، برزت موهبته في تقليد المعلمين وفناني المنولوج الغنائي مثل شكوكو، بعدها انتقل إلى مدرسة الشيخ صالح، وفيها التحق بقسم التمثيل ليحول قدرته على تقليد شخصيات حية إلى تجسيد أخرى خيالية مستمدة في الغالب من الواقع المصري، لكن هذه المرة أمام الكاميرا.

بعدها انطلقت مشاركاته في مجموعة من الأعمال السينمائية المؤثرة مثل "بين القصرين" و"رسالة من امرأة مجهولة" و"الجاسوس" و"الرجل المجهول" و"معسكر البنات" و"قنديل أم هاشم"، إلى جانب امتهانه الكتابة الدرامية، إذ كتب العديد من الأعمال المسرحية والإذاعية مثل مسرحية "ثورة القرية" المأخوة عن قصة للكاتب محمد التابع.

عن الحب والموت

في العام 1969 حدثت نقلة نوعية في حياة النجم الأسمر، بعد أن اختاره المخرج الكبير يوسف شاهين لبطولة "فيلم الأرض" الذي صُنف ضمن أفضل مئة في تاريخ السينما المصرية في القرن الماضي، وبالتالي أصبح العلايلي يميل أكثر إلى السينما الواقعية التي تحاكي هموم الناس وتعرض التفاصيل الموجعة في الحب والحياة والموت.

وبحسب الناقد، محمد قناوي، جاء فيلم "الاختيار" ليؤكد لعزت العلايلي أن الفن الصعب هو الذي يعيش ويستمر ويحصد الجوائز، وذلك بعد أن حصد ذلك الفيلم الجائزة الذهبية في مهرجان قرطاج السينمائي بتونس، وأصبح بعده يرفض الكثير من الأفلام لأنها لم تكن ترتقي لذوقه الفني الجاد. كان يقول: "حتى لو يكن في بيتي مليم واحد، فلن أعمل في أفلام "زغزغيني يا ليمونة"، في إشارى إلى أفلام المقاولات والفن الهابط.

واستطاع بطل" الأرض" لاحقا أن يقدم العديد من الأعمال المميزة التي تركت بصمة كبيرة لدى عشاق الفن السابع في مصر والعالم العربي، لعل أبرزها "السقا مات" و "إسكندرية ليه" و"المواطن مصري" و" أهل القمة". وبفضل تلك الاختيارات كتب العلايلي اسمه  في أكبر موسوعة للسينما في العالم، والتي أرخت لأعظم الأفلام منذ عام 1896 وحتى 2002، ولم يذكر فيها من أسماء الأفلام العربية إلا ثلاثة فقط هي: "الاختيار، السقا مات، باب الحديد" والأول والثاني من بطولته.

"كفاح شعب"

وبالمجمل قدم النجم الراحل 74 فيلما، بعضها كان بإنتاج عربي مثل "بيروت ويا بيروت" و"القادسية" و"طاحونة السيد فابر"، و"ذئاب لا تأكل اللحم" الذي منع من العرض على شاشات التلفزيون بسبب التصنفيات المحافظة الذي سمته "فيلما إباحيا".

وكذلك كان للشاشة الفضية نصيب من نجاح العلايلي، فبرز في "الحسن البصري" و"قال البحر" و"بوابة الحلواني" و"الطبري" وغيرها الأعمال الدرامية التي لا تزال محفظوظة في ذاكرة عشاق مسلسلات ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

وعلى خشبة المسرح، كانت قضايا وطنه وعالمه العربي بارزة، ليتألق في "وطني عكا" و" الإنسان الطيب"، وقبل ذلك "كفاح شعب" التي قدمها عندما كان طالبا في المعهد العالي للفنون بالاشتراك مع النجم الراحل حمدي غيث.

عن "الحرة"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية