الذراع القومية لتركيا في العراق... من هي الجبهة التركمانية؟ ولماذا طالب أردوغان بتغيير قيادتها؟

الذراع القومية لتركيا في العراق... من هي الجبهة التركمانية؟ ولماذا طالب أردوغان بتغيير قيادتها؟

الذراع القومية لتركيا في العراق... من هي الجبهة التركمانية؟ ولماذا طالب أردوغان بتغيير قيادتها؟


12/09/2023

منذ نشوء العملية السياسية العراقية في نيسان (أبريل) 2003، والجبهة التركمانية تحاول أن تجد لها موضع قدم في معادلة الحكم الطائفي والإثني في العراق. ودائماً ما يكون صوت الجبهة عالياً في استلاب حقوق المكون العراقي الثالث، أثناء تحاصص المناصب الرئاسية والوزارية بين المكونات الـ (3) الحاكمة: الشيعة، السنّة، الكرد.

تستند الجبهة التركمانية في العراق إلى أكبر قوى إقليمية مؤثرة في العراق، بعد إيران، وهي تركيا. حيث تحظى الجبهة بوصفها الذراع القومية لتركيا، بدعم سياسي ومالي على مدار (3) عقود منذ تأسيسها في نهاية التسعينيات الماضية. إلّا أنّ الجبهة فشلت في أكثر من موسم انتخابي في توحيد الصوت التركماني وتمثيله أمام القوى الطائفية والقومية الأخرى، وهو ما يؤشر إلى افتقار الجبهة التركمانية إلى الهيمنة على القرار السياسي للمكوّن القومي الثالث في العراق.

يقدّر عدد التركمان الذين يعيشون في العراق بنحو (3) ملايين نسمة، ممّا يجعلهم ثالث أكبر مكوّن إثني في العراق بعد العرب والكرد

وتُعتبر الجبهة التركمانية من أكبر الأحزاب التركمانية العراقية، وقد تم تأسيسها في أربيل عام 1997 من أجل توحيد الصوت التركماني، وكانت مكوّنة من عدة أحزاب تركمانية مدعومة تركيّاً. ولكن بعد عام 2003 انتقل المقر العام للجبهة إلى محافظة كركوك، وأصبحت ممثلاً للتركمان السنّة في محافظة كركوك حصراً.

وتشغل الجبهة على المستوى النيابي (3) مقاعد في البرلمان العراقي فقط (من أصل 329)، ومقعداً واحداً في برلمان إقليم كردستان (من أصل 111).

ويقدّر عدد التركمان الذين يعيشون في العراق بنحو (3) ملايين نسمة، ممّا يجعلهم ثالث أكبر مكوّن إثني في العراق بعد العرب والكرد. وفي إقليم كردستان هم ثاني أكبر مكوّن بعد الكرد. أمّا من حيث المذهب، فنحو نصف التركمان العراقيين من الشيعة والنصف الآخر من السنّة.

تدخلات أردوغان

تعيش الجبهة التركمانية حالة من الانشقاق السياسي المبطن، بعد تنحي رئيسها أرشد الصالحي عن الأمانة العامة للجبهة لصالح حسن توران، وهو ما يجعل التكتل التركماني يفتقر إلى التماسك الداخلي الذي كان عليه سابقاً.

أرشد الصالحي الرئيس السابق للجبهة التركمانية في العراق

وخلال الأعوام الماضية طالبت السلطات التركية، بما فيها قادة أحزاب المعارضة، الحكومة الاتحادية العراقية بأن يكون لتركمان العراق دور في الحياة السياسية والتشكيلات الحكومية عبر "الجبهة التركمانية".

مصادر سياسية أشارت إلى أنّ التغيير الداخلي الذي طرأ على الجبهة التي كان يرأسها أرشد الصالحي منذ العام 2011، جاء بعد مطالبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بضرورة إجراء تغييرات هيكيلية، واختيار قيادة جديدة مقرّبة من إقليم كردستان.

وتؤكد المصادر أنّ "هناك ضغوطاً مارستها السلطات التركية على الصالحي لتقديم استقالته من منصبه، لجلب شخصية تتوافق مع إدارة بارزاني في شمال العراق".

التغيير الداخلي الذي طرأ على الجبهة التي كان يرأسها أرشد الصالحي منذ العام 2011، جاء بعد مطالبة الرئيس التركي  أردوغان بضرورة إجراء تغييرات هيكيلية، واختيار قيادة جديدة تتوافق مع بارزاني

وأشارت إلى أنّ أنقرة أبدت انزعاجها من الخلافات بين الصالحي وبارزاني في العراق، كما أنّ زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي تحفظ على الزيارة التي أجراها الصالحي لرئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، والذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري التركي المعارض.

ويمثل الرئيس الجديد للجبهة التركمانية حسن توران الجناح الإسلامي في الجبهة، ويمثل أرشد الصالحي "الكمالية التركية".

امتيازات  تركية

ومنذ تصاعد العنف في العراق اضطر العديد من العراقيين إلى الهجرة خارج بلادهم، ولا سيّما إلى دول الجوار، بما فيها تركيا التي يحتل العراقيون فيها الدرجة الثانية بين الجاليات العربية المستثمرة في البلاد التركية.

وعلى الرغم من التبادل التجاري الذي يصل إلى (7) مليارات دولار، بين بغداد وأنقرة، إلّا أنّ العراقيين يعانون من تجديد الإقامة لهم في تركيا، فضلاً عن صعوبة الحصول على فيزا الدخول إلى البلاد. ويستثنى من الإجراءات الأمنية والإدارية المعقدة في تركيا من ينتمي للمكوّن التركماني، وتحديداً إلى الجبهة التركمانية التي تتعاطى مع حزب العدالة والتنمية التركي لتسهيل إجراءات الدخول لأبناء المكوّن من العراقيين.

وبحسب تقرير لمعهد الإحصاء التركي (تويك) نشره في وقت سابق، فإنّ عدد العراقيين بتركيا يبلغ (93) ألفاً و(700) نسمة، من أصل (650) ألفاً و(300) أجنبي يقيمون في البلاد، بخلاف السوريين البالغ تعدادهم (3) ملايين نسمة.

أردوغان طالب الجبهة بإبعاد أرشد الصالحي عن رئاستها

وتتوزع النسبة الكبرى من اللاجئين على محافظات شمال ووسط الأناضول، مثل سامسون وتشوروم والعاصمة أنقرة وإسكي شهير، وتتواجد تجمعات كبيرة في الولايات المحاذية لبحر مرمرة، خاصة في بورصة وكوجالي وصولاً إلى إسطنبول في الشمال الغربي.

ويسعى الساسة التركمان العراقيون الموالون للسلطات التركية لتسويق فكرة أنّ تركيا هي الأم التي لا تتخلى عن أبنائها، في خطوة لتعزيز الشعور القومي، وتقوية الانتماء لمن يمثل الهوية الاثنية على مستوى دول الإقليم المجاور للعراق.

الافتقار لفصيل مسلح

ليس للجبهة التركمانية العراقية فصيل مسلح ينضوي في القوات الأمنية العراقية، على الرغم من أنّ محافظة كركوك، التي اجتاحها تنظيم (داعش) الإرهابي عام 2014، هي المعقل الرئيس للجبهة، ولأبناء المكوّن التركماني في العراق.

يسعى الساسة التركمان لتسويق فكرة أنّ تركيا هي الأم التي لا تتخلى عن أبنائها، في خطوة لتعزيز الشعور القومي، وتقوية الانتماء لمن يمثل الهوية الاثنية على مستوى دول الإقليم المجاور للعراق

وفيما ينخرط تركمان آخرون ينتمون للطائفة الشيعية بفصائل الحشد الشعبي للدفاع عن مناطق التواجد الشيعي التركماني في المحافظة الشمالية من العراق، إلّا أنّ الجبهة التركمانية دعمت تواجد قوات تركية في محافظة نينوى، وإقامة معسكر تركي على الأراضي العراقية، وهو ما يُعدّ خرقاً علنياً لسيادة البلاد.

وتتلخص مكاسب الجبهة التركمانية بعضوية في مجلس النواب الاتحادي، وأخرى في برلمان إقليم كردستان، فضلاً عن حضور جيد في المجلس المحلي لمحافظة كركوك، حيث تدخل الجبهة في تحالف مع المكوّن العربي، من أجل مجابهة الهيمنة الكردية على المدينة الساخنة في العراق.

ولطالما طالبت الجبهة بمنصب نائب رئيس الجمهورية، أو حضور وزاري في الحكومة الاتحادية، إلّا أنّ مقاعدها القليلة تجعلها ضعيفة الحضور على المستوى الرئاسي والحكومي بشكلٍ عام.

مواضيع ذات صلة:

الحزام التركماني.. "أبارتايد" أردوغاني بحق أكراد سوريا

من بوابة تركمان العراق .. خطط أردوغان لابتلاع نفط كركوك




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية